الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثامنا: خلط ابن دقماق بين الروايات: مثالا على ذلك خلطه بين ثورة الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحي بصعيد مصر وبين ثورة العربان بقيادة حصن الدين بن ثعلب (1).
وكذلك نسب خطأ الى زين الدين ابن الزبير تولي الوزراة بعد مقتل الوزير شرف الدين الفائزي (2).
النقد التحليلي للمخطوط:
إن المتفحص المدقق لما تحتوي عليه مخطوطة نزهة الأنام من مواضيع، ليجد أن مضمونها يقسم الى ثلاثة مواضيع رئيسية تتلخص بما يلي:
أولا - وجود تراجم كثيرة لأعلام من ملوك وسلاطين وأمراء وأعيان وفقهاء وعلماء وأدباء وشعراء، ترجم لها المؤلف ضمن سياق التأريخ الحولي حسب سنة الوفاة. ومن الملاحظ من خلال الكثير من هذه التراجم أن فيها مادة شعرية غزيرة دوّنها المؤلف في مخطوطته بعد ما استقاها من المصادر التي أخذ عنها هذه التراجم أو من دواوين أشعارهم التي يذكر أنه ملكها وأخذ عنها تلك الأبيات الشعرية.
ثانيا - ذكر للأحداث السياسية الهامة التي تناولها ذلك العصر من سنة 628 هـ / 1230 م الى سنة 659 هـ / 1260 م، وما تخللها من صراعات وحروب بين ملوك وأمراء الدولة الأيوبية في مصر والشام وما واجهته من أخطار خارجية تمثلت بمواجهة الخطر الصليبي الزاحف نحو بلاد المشرق الإسلامي، وغزو التتار لبلاد المسلمين وتدميرهم مركز الخلافة الإسلامية في بغداد وتخريبهم بلاد الشام، وما واجهته أيضا من خطر داهم كان وبالا على الدولة الأيوبية وعجّل في سقوطها، ألا وهو بروز عنصر جديد تمثل بظهور المماليك في مصر وقتلهم للسلطان الأيوبي تورنشاه واستيلائم على الحكم في مصر ومن ثم تهديدهم لبقايا الدولة الأيوبية في بلاد الشام.
ومن الملاحظ أن ابن دقماق تناول ذكر كل هذه الأحداث سنة بعد سنة كأخبار وحوادث متفرقة، ليس فيها عامل الربط التاريخي لوحدة الموضوع، وهو ما يعد من مساوئ التأريخ الحولي إن جاز التعبير، حيث إن هذا النمط من التأريخ يفكك من وحدة الخبر ويضيّعه بين
(1) أنظر المخطوط الورقة (98 ب).
(2)
أنظر المخطوط الورقة (103 ب).
ثنايا لأحداث الكثيرة والمتراكمة ضمن أحداث السنة الواحدة.
ثالثا - ذكر أخبار الطرائف والعجائب والكوارث الطبيعية والأوبئة. ومن أمثلة أخبار الطرائف والعجائب ما ذكره ابن دقماق في سياق سنة 634 هـ / 1236 م عن قصد جماعة في بغداد لزيارة صديق لهم مريض ليعودوه على سطح داره، وكانوا سبعة أشخاص فوقع السقف الذي هم عليه وماتوا جميعا ما خلا المريض (1). وأيضا ذكره لخبر امرأة ولدت في بغداد أربعة أولاد في بطن واحد، توفي واحد منهم وأحضر الثلاثة الباقون الى دار الخلافة فاستعجبوا لها واعطيت ما قيمته الف دينار (2). وكذلك ما ذكره عن وصول شخص صغير الخلقة جدا الى بغداد، يقال له أبو منصور الأصبهاني، طوله ثلاثة أشبار ولحيته طويلة، وعمره إذ ذاك خمس وأربعون سنة، فأحضر الى الخليفة، فأنعم عليه وأجري له راتب (3).
ومن الملفت للنظر أن جميع هذه الطرائف والعجائب قد وقعت في بغداد، وأن ابن دقماق ربما يكون قد استقاها من مصادر بغدادية مباشرة أو نقلها عن نقلتها من مصادرها الأصلية البغدادية. (راجع ما علقنا عليه في الحواشي عندما تعرضنا لتحقيق هذه الطرائف والعجائب في أماكنها من المخطوط).
ومن أمثلة الكوارث الطبيعيّة ذكره للزلزال الذي وقع في بغداد ثلاث مرات في سياق أحداث سنة 641 هـ / 1243 م، فنظم الشعراء بهذه المناسبة أشعارا كثيرة (4). وأيضا ذكره لظهور النار بأرض عدن في سياق سنة 652 هـ / 1254 م في بعض جبالها يطير منها شرار في البحر في الليل ويصعد منها دخان بالنهار (5). وذكره في سياق سنة 654 هـ / 1256 م الغرق العظيم ببغداد الذي هلك فيه خلق عظيم تحت الردم وبقيت المراكب تمشي في أزقة البلد (6).
ومن أمثلة الأوبئة ما ذكره ابن دقماق في سياق سنة 633 هـ / 1235 م، حصول وباء عظيم بمصر والقاهرة مات فيه خلق كثير واستمر ثلاثة شهور (7). وأيضا ما ذكره في سياق سنة
(1) أنظر المخطوط الورقة (21 ب).
(2)
أنظر المخطوط الورقة (76 أ).
(3)
أنظر المخطوط الورقة (78 ب).
(4)
أنظر المخطوط الورقة (57 أ).
(5)
أنظر المخطوط الورقة (96 أ).
(6)
أنظر المخطوط الورقة (101 أ).
(7)
أنظر المخطوط الورقة (19 ب).