الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها رحل الصالح اسماعيل ومعه عساكر الفرنج لقصد الديار المصرية، فجرد السلطان الملك الصالح العساكر والتقاهم، فلما وقعت العين على العين ساقوا العساكر الشامية الى عند العساكر المصرية وعادوا يدا واحدة على الفرنج، فكسروهم ونصر الله المسلمين، وأسر من الفرنج خلق لا يحصون، فكان عمارة المدرسة التي أنشأها الملك الصالح نجم الدين بين القصرين وقلعة الروضة على رقاب أسراء الفرنج.
[الوفيات]
وفيها مات القاضي نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد خلف بن راجح المقدسي الشافعي المعروف بابن الحنبلي (1) بدمشق في يوم الجمعة سادس شوال، ودفن بقاسيون.
وكان شيخا فاضلا (50 أ) دينا، بارعا في علم الخلاف والفقه، حافظا للجمع بين الصحيحين [للحميدي](2) وكانت له رحلة لطلب العلم الى خراسان والعراق، وكان متواضعا حسن الأخلاق. وتولى قضاء دمشق نيابة عن يونس ابن بدران (3) المصري، الملقب جمال الدين وعن القاضي شمس الدين الخويّي (4) وعماد الدين ابن الحرستاني (5) وشمس الدين ابن سني الدولة (6) والرفيع (7) الى أن مات، ودرس بالعذراوية (8) والصارمية (9) والحسامية (10)
(1) راجع ترجمته في: مرآة الزمان 8/ 735، ذيل الروضتين ص 171، العبر 5/ 189، الوافي 8/ 25، البداية والنهاية 13/ 156، الشذرات 5/ 189.
(2)
الزيادة من ذيل الروضتين.
(3)
هو يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد، الملقب بالجمال المصري، قاضي القضاة بالشام توفي سنة 623 هـ / 1239 م. راجع ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى 5/ 153، ذيل مرآة الزمان 1/ 34.
(4)
هو شمس الدين أحمد ابن الخليل بن سعادة بن جعفر الخويّي نسبة الى خوي مدينة بأذربيجان، قاضي قضاة الشام، توفي في سنة 637 هـ / 1239 م ودفن بجبل قاسيون بالشام. راجع ذيل الروضتين ص 169.
(5)
هو العماد بن الحرستاني أبو الفضائل عبد الكريم بن القاضي جمال الدين عبد الصمد بن محمد الأنصاري الدمشقي. ولي القضاء في الشام بعد أبيه قليلا ثم عزل ودرس بالغزالية مدة وخطب بدمشق وكان من جلة العلماء، توفي في سنة 662 هـ / 1263 م. راجع الشذرات 5/ 307.
(6)
هو يحيى بن هبة الله بن سني الدولة. راجع ترجمته في ذيل الروضتين ص 171 وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 150.
(7)
هو رفيع الدين عبد العزيز الجيلي الشافعي. تولى قضاء الشام مدة وكان قاضي بعلبك قبل ذلك ولكن ظهر منه سوء سيرة وعسف وفسق وجدروا مصادره في الأموال الى أن قتل في سنة 642 هـ / 1244 م وسوف يرد ذكر ذلك في ترجمته لاحقا في حوادث سنة 642 هـ.
(8)
نسبة الى الست عذراء بنت أخي صلاح الدين يوسف أيوب، أنظر عنها النعيمي، الدارس 1/ 373.
(9)
المدرسة الصارمية: أنشأها صارم الدين أزبك مملوك قايماز النجمي بدمشق في سنة 622 هـ، كما هو مسجل على كتابه الوقف، وموقعها داخل باب النصر والجابية قبلي العذراوية. أنظر النعيمي الدارس ص 326.
(10)
المدرسة الحسامية: ربما هي المدرسة الشبلية الحسامية التي ذكرها النعيمي بدمشق بسفج جبل قاسيون بالقرب من جسر ثورى التي أنشأها الطواشي شبل الدولة الحسامي في سنة 626 هـ. أنظر النعيمي 1/ 530.
والصالحية (1) رحمه الله تعالى.
وفيها مات الشيخ العالم العارف المحقق، محيي الدين أبو عبد الله محمد بن علي العربي الحاتمي الطائي المعروف بابن العربي (2) الأندلسي. مولده ليلة الاثنين تاسع عشر رمضان سنة ستين وخمسمائة بمرسية من بلاد الأندلس، ونشأ بها وانتقل الى أشبيلية في سن ثمان وسبعين (3) ثم دخل بلاد الشرق وطاف بلاد الشام ودخل بلاد الروم. وكان قد صحب الصوفية وأرباب القلوب وسلك طريق الفقر وحج وجاور، وصنف الكتب الكثيرة في علم القوم وأخبار مشايخ المغرب وزهّادها، قالوا ولما صنف كتاب الفتوحات المكية كان يكتب في كل يوم كرّاسين وثلاثة من غير كتب عنده ولا مسودات. وكان له القبول من الناس حيث كان من البلاد، وحصل له بدمشق الفتوحات والدنيا المتسعة، ومع ذلك فما كان يدخر منها شيئا، وذكر أنّ صاحب حمص رتب له في كل يوم مائة درهم، فكان يتصدق بها، (50 ب) ورتب له محيي الدين ابن الزكي ثلاثين درهما في كل يوم فكان ينفقها عليه. وأشغل الناس بمصنفاته خصوصا أهل اليمن، ولها عندهم الصيت العظيم والشهرة الكبيرة ولعل أكثر اشتغالهم بها فيما ذكروا، وكذلك أهل الروم، وينذرون له النذور، وكان من عجائب الزمان وغرائبه. وله نظم كثير فمن ذلك قوله:
[مجزوء الرجز]
حقيقتي همت بها
…
وما رآها بصري
ولو رآها لغدا
…
قتيل ذاك الحور
فعندما أبصرتها
…
صرت بحكم النظر
فبتّ مسحورا بها
…
أهيم حتى السحر
يا حذري من حذري
…
لو كان يغني حذري (4)
والله ما هيّمني
…
جمال ذاك الخفر
يا حسنها من ظبيبة
…
ترمي بذات الجمر
(1) المدرسة الصالحية: نسبة الى الملك الصالح اسماعيل بن الملك والعادل وموقعها بتربة ام الصالح غربي الطيبة الجوهرية الحنفية وقبلي الشامية الجوانية. انظر المصدر السابق ص 316.
(2)
أنظر ترجمته في: مرآة الزمان 8/ 736، ذيل الروضتين ص 170، تاريخ الإسلام للذهبي، الطبقة الرابعة والستون: 353 (رقم 549)، العبر 5/ 158، الوافي 4/ 173، الفوات 3/ 435، البداية والنهاية 13/ 156، مرآة الجنان 4/ 100، الشذرات 5/ 190، وله ترجمته مستفاضة في نفح الطيب 2/ 361 - 384.
(3)
في الأصل: ثمان وتسعين، التصويب من الشذرات
(4)
في الأصل: حذر، التصويب من نفح الطيب 2/ 366.
إذا رنت أو عطفت
…
تسبي عقول البشر
كأنما أنفاسها
…
أعراف مسك عطر
كأنها (1) شمس الضحى
…
في النور أو كالقمر
إن سفرت (2) أبرزها
…
نور صباح مسفر
أو (3) سدلت غيّبها
…
سواد ذاك الشعر
(51 أ) يا قمري تحت دجى (4)
…
خذي فؤادي أو ذري
عيني لكي أبصركم
…
ان كان حظي نظري
وقال أيضا: [الطويل]
علقت بمن أهواه عشرين حجة
…
ولم أدر من أهوى ولم أبصر الصبرا
وما نظرت عيني الى حسن وجهها
…
ولا سمعت أذناي قطّ لها ذكرا
الى أن ترآاء البرق من جانب الحمى
…
فنعّمني يوما وعذّبني شهرا
وقال أيضا: [البحر الطويل]
علقت من أهواه من حيث لا أدري
…
ولم أدر من هذا الذي ظلّ لا يدري
فبينا أنا من بعد عشرين حجة
…
أترجم عن حبّ تعاسة (5) سرّي
ولم أدر من أهوى ولم أعرف اسمه
…
ولا أدر من هذا الذي ضمّه صدري
الى أن بدا لي وجهها وجمالها
…
كمثل سحاب الليل أسفر عن بدر
فقلت لهم من هذه قيل هذه
…
بثينة عين القلب بنت أخي الصّدر
فكبّرت إجلالا لها ولأصلها
…
فليلي بها أربي على ليلة القدر
ومن لطائف ما حكى عنه الشيخ كمال الدين ابن العديم رحمه الله، قال: أخبرني أبو عبد الله بن العربي، وذكر نسبه، قال: كنت أطوف بالليل فطاف قلبي وهو في حال كنت أعرفه فخرجت من البلاط لأجل الناس، وطفت على الرمل وذلك في الليل، فحضرتني أبيات فأنشدتها أسمع بها نفسي ومن يليني لو كان هناك أحد (51 ب):[مجزوء الرمل]
(1) في الأصل: كأنما، التصويب من المصدر السابق.
(2)
أسفرت، في المصدر السابق.
(3)
أن، في المصدر السابق.
(4)
في الأصل: الدجى، التصويب من المصدر السابق.
(5)
كذا في الأصل، ولم نقع على المعنى المقصود.
ليت شعري هل دروا
…
أيّ قلب ملكوا
وفؤادي لو درى
…
أيّ شعب سلكوا
أتراهم سلموا
…
أم تراهم هلكوا
حار أرباب الهوى
…
في الهوى وارتبكوا
فلم أشعر إلا وضربة بين كتفي بكف ألين من الحرير، فالتفت، فإذا أنا بجارية من بنات الروم لم أر وجها أحسن منها ولا أعذب منطقا ولا أرق حاشية، ولا ألطف معنى، ولا أرق إشارة، ولا ألطف محاورة منها، قد فاقت أهل زمانها ظرفا وأدبا وجمالا ومعرفة، فقالت: يا سيدي كيف قلت؟ فقلت:
ليت شعري هل دروا
…
أي قلب ملكوا
فقالت: عجبا منك وأنت عارف زمانك تقول مثل هذا، أليس كل مملوك معروف (1). وهل يصبح الملك إلا بعد المعرفة، وتمني السعود يؤذن بصدمها، والطريق لسان صدق، فكيف تتجاوز مثلك، قل يا سيدي ماذا بعده، فقلت:
وفؤادي لو درى
…
أي شعب سلكوا
فقالت: يا سيدي، الشعب الذي بين الشغاف والفؤاد وهو المانع له من المعرفة، فكيف يتمنى مثلك ما لم يتمكن أو يمكن الوصول إليه، والطريق لسان صدق. قل ما بعده يا سيدي فقلت:
أتراهم سلموا
…
أم تراهم هلكوا
(52 أ) قالت: أما هم فسلموا ولكن عنك ينبغي أن تسل نفسك، هل سلمت أو هلكت؟ فما قلت بعده، فقلت:
حار أرباب الهوى
…
في الهوى وارتبكوا
(1) كذا في الأصل والصواب معروفا.
فصاحت، وقالت: واعجبا، كيف يبقى للمعشوق (1) فضلة يحار بها واللهو شأنه التنغيم يخدّر الحواس ويذهب العقول ويدهش الخواطر ويذهب بصاحبه في الذاهبين، فأين الحيرة هنا والطريق لسان صدق، والتجوز من مثلك غير لائق، قلت: يا ابنة الخالة ما اسمك؟ قالت قرة العين، فقلت:[سلمت](2) لي ثم سلمت وانصرفت، قال: ثم أني عرفتها بعد ذلك وعاشرتها، فرأيت لها من لطائف المعارف ما لا يصفه واصف.
وكان الشيخ محيي الدين من محاسن الزمان، ومن تصانيفه:«الفتوحات المكية» ، عشرون مجلدة، و «التدبيرات الإلهية» و «فصوص الحكم» و «الإسراء الى المقام الأسرى» ، و «خلع النعلين» والاجوبة المسكتة [عن سؤالات الحكيم الترمذي](3). و «منزل المنازل [الفهوانية]» (4) و «تاج الرسائل ومناهج (5) الوسائل» و «كتاب العظمة» ، و «كتاب السبعة» (6) و «كتاب التجليات» و «مفاتيح الغيب» و «العبادات» و «الخلوة» و «كتاب الشأن» و «كتاب مقام القربة» و «كتاب الحق» و «كتاب الأزل» ، و «كتاب الجلالة» و «كتاب النقباء» و «كتاب حضرة الحضرات» ، و «كتاب علوم الوهب» ، وكتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام»، وكتاب القرآن في عالم الانسان: وكتاب عنقاء مغرب [في ختم الأولياء وشمس المغرب](7) و «كتاب الهو» . وغير ذلك، وقد عظمه الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني (8) في مصنفه الذي عمله في الكلام (9). ومن شعره أيضا:
إذا حلّ ذكركم خاطري
…
فرشت خدودي مكان التراب
واقعدني الذل في بابكم
…
قعود الأساري لضرب الرقاب
(1) في الأصل: المعشوق.
(2)
في الأصل: الكلمة ساقطة.
(3)
التكملة من الوافي:4/ 176.
(4)
التكملة من المصدر السابق.
(5)
في الأصل: منهج، التصويب من المصدر السابق.
(6)
وهو كتاب الشأن في المصدر السابق.
(7)
في الأصل: الباء، التصويب من الوافي 4/ 176 والفوات 3/ 437. (7) التكملة من الوافي.
(8)
هو أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الأنصاري الملقب كمال الدين المعروف بابن خطيب زملكا، كان فاضلا إماما في علم المعاني والبيان والأدب. توفي سنة 651 هـ، والزملكاني هي نسبة الى زملكان قرية بغوطة دمشق. راجع ترجمته في طبقات الشافعية للاسنوي 2/ 12، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 133، الشذرات 5/ 254.
(9)
هو التبيان في علم البيان. أنظر حاجي خليفة في كشف الظنون 1/ 341.
(52 ب) وكانت وفاته بدمشق في الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ودفن بقاسيون رحمه الله تعالى.
وفيها مات الملك المظفر تقي الدين عمر، ابن الملك الامجد صاحب بعلبك، بأرض نوى، وحمل الى دمشق ودفن بترتبته (1).
وفيها مات أبو العز يوسف (2) ابن أبي الفضل ابن أبي السعود الإربلي، المعروف بشيطان الشام، بالموصل في سادس [عشر](3) رمضان، ومولده بإربل سنة ست وثمانين وخمسمائة، ومن شعره ما رثى به أبو (4) البركات الإربلي (5):[الوافر]
أبا (6) البركات لو درت المنايا
…
بأنك فرد عصرك لم تصبكا
كفى الإسلام رزأ فقد شخص
…
عليه بأعين الثقلين يبكى
وفيها في ليلة الثاني من جمادي الأول، مات بمصر القاضي الفقيه الأديب، الفاضل برهان الدين أبو اسحاق إبراهيم (7)، ابن القاضي زكي الدين أبي الفتح نصر بن ظافر بن هلال الشافعي الحموي الأصل، المصري الدار والمولد. مولده سنة إحدى أو اثنين وسبعين وخمسمائة. أجاز له الحافظ ابن الجوزي البغدادي وغيره من الشاميين، وله الترسل الحسن، والشعر الجيد. ولي ديوان الأحباس مرة وغيره من الولايات، وكان متصلا هو ووالده بالملك الكامل، وأخذ الكامل جارية من جواري والده واستولدها الملك العادل، فلأجل ذلك مسكه الملك الصالح واعتقله وسلمه لشمايل، وكان (53 أ) لقب شمايل هذا علم الدين، وكان بينهما عداوة فسقاه الملح وغيره الى أن مات، فعظم قتله على الصالح. وله شعر فمنه في الهدية:[الكامل]
(1) ودفن بتربة والده وجده بالشرف الشمالي بدمشق. ذيل الروضتين ص 170.
(2)
راجع ترجمته في وفيات الأعيان 4/ 151.
(3)
التكملة من وفيات الأعيان.
(4)
كذا في الأصل والصواب: أبا.
(5)
سبق ذكره ترجمته في أحداث سنة 637 هـ.
(6)
في الأصل: أبو.
(7)
راجع ترجمته في: الوافي 6/ 153 وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 49 حيث ورد اسمه ابراهيم بن نصر بن طاقة المصري، الحموي الأصل برهان الدين.