الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها في يوم الجمعة بعد الصلاة، صبيحة عيد الأضحى قبض على أعوان القاضي الرفيع الجيلي الظلمة، وكان كبيرهم الموفق حسين بن عمر بن عبد الجبار الواسطي (1)، ثم بعد أيام قبض عليه، وصارت (2) أعوانه في العذاب والعصير والمصادرات الى سنة اثنتين وأربعين، الى أن خنق الرفيع وسيأتي ذكر ذلك في مكانه.
وفيها في ثاني شوال يوم الأحد زلزلت الأرض ثلاث مرات ببغداد (3)، فنظموا الشعر في ذلك كثير، فمن شعر الأمير ركن الدين ابن قراطاي قوله:[الطويل]
أيا حامي الإسلام والمالك الذي
…
محبته فينا من الواجب الفرض
هنيئا لك الجيش الذي رمت عرضه
…
فزلزلت الدنيا به ليلة العرض
وكنت ترى في كورة الأرض رعبه
…
وقد زلزلت من خوفه كرة الأرض
وفيها في يوم عيد النحر ولي السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب القاضي أفضل الدين الخونجي (4) الحكم بمصر والوجه القبلي، وذلك بعد عزل القاضي صدر الدين موهوب الجزري (5).
ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وستمائة
وفيها كانت الوقعة العظيمة بين الخوارزمية والفرنج، وذلك لما نزل الخوارزمية غزة، (57 ب) بعث اليهم الصالح أيوب الأموال والخلع والخيل والقماش والعساكر، وأمرهم بالنزول على دمشق. فاتفق الصالح اسماعيل والناصر داوود والمنصور صاحب حمص مع
(1) المعروف بابن الرواس في ذيل الروضتين ص 137.
(2)
كذا في الأصل والصواب وصار.
(3)
ولم تهدم موضعا ولا أذت مخلوقا، في الحوادث الجامعة ص 187، وانظر أيضا ما قيل من الشعر في هذه المناسبة في المصدر ذاته. وانظر أيضا مثل هذا الخبر في العسجد المسبوك ص 518.
(4)
هو قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن نامور بن عبد الملك والنسبة الى خونج أو خونا وهي بلدة من أعمال أذربيجان بين مراغة وزنجان في طريق الري. انظر معجم البلدان 2/ 500. وسوف ترد لاحقا ترجمته في سياق أحداث سنة 646 هـ. وحول توليته القضاء انظر السلوك ج 1 ق 2 ص 315.
(5)
هو القاضي صدر الدين موهوب بن عمر الجزري. ولد بالجزيرة 590 هـ / 1193 م وتوفي في مصر سنة 665 هـ / 1266 م. راجع الشذرات 5/ 320 - 321.
الفرنج على الخوارزمية وعسكر مصر. وكان الصالح اسماعيل قد أعطى للفرنج الشقيف (1) من بلاد المسلمين وصفد وكانت خرابا، فخرج اسماعيل من دمشق ونزل الشقيف [وسلمه إليهم بنفسه](2) وجهّز الناصر داوود عساكره من نابلس مع الظهير بن سنقر الحلبي والوزيري.
قال أبو المظفر (3): وكنت يومئذ بالقدس [والناصر بالكرك](4) واجتمعوا بأسرهم على يافا والخوارزمية وعسكر مصر على غزة. وصار (5) عسكر دمشق تحت أعلام الفرنج، وعلى رؤوسهم الصلبان والقسوس في الاطلاب يصلّبون على المسلمين وبأيديهم كاسات الخمر [يسقونهم](6). وساقوا الخوارزمية وعسكر مصر والتقوا على مكان يقال له أريحا (7) بين عسقلان (8) وغزة، وكانت الفرنج في الميمنة وعسكر الملك الناصر في الميسرة وابن صاحب حمص في القلب، وكان يوما عظيما لم يجر في الإسلام مثله، فأول ما كسرت الميسرة وهرب الوزيري و [أسر](9) الظهير بن سنقر الحلبي وجرح في عينه، وأخذ جميع ما له وأصبح فقيرا، وانهزم ابن صاحب حمص ومالت الميمنة بالفرنج فرأوا القلب والميسرة قد انكسروا وأحاطت بهم الخوارزمية. وكان عسكر مصر قد انهزموا الى قريب العريش ورموا كوساتهم (10) وأثقالهم وثبتت الخوارزمية وحصدوا الفرنج حصدا وأسروا (58 أ) منهم ثمان مائة أسير ووصلوا الأسارى الى مصر والظهير معهم وعلقت الرؤوس على أبواب القاهرة وامتلأت الحبوس من الأسرى (11).
(1) هي شقيف أرنون مر معنا ذكرها سابقا وعلقنا عليها في سياق أحداث سنة 638 هـ.
(2)
التكملة من مرآة الزمان 8/ 745.
(3)
قارن في المصدر السابق ص 746.
(4)
التكملة من المصدر السابق.
(5)
وساق صاحب حمص وعسكر دمشق تحت أعلام الفرنج، في المصدر السابق.
(6)
التكملة من المصدر السابق.
(7)
فرما، في مرآة الزمان 8/ 746، أما في مفرج الكروب 5/ 338 والسلوك ج 1 ق 2 ص 317 بظاهر غزة دون تحديد دقيق للمكان.
(8)
عسقلان: هي مدينة من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزة وبيت جبرين. معجم البلدان 3/ 673.
(9)
التكملة من مرآلآ الزمان 8/ 746.
(10)
الكوسات: هي صنوجات من نحاس شبه الترس الصغير يدق بأحدها على الآخر بإيقاع مخصوص. أنظر صبح الأعشى 4/ 9.
(11)
حول هذه الواقعة، أنظر: مفرج الكروب 5/ 338 - 339، المختصر في أخبار البشر 3/ 172، النجوم الزاهرة 6/ 323، السلوك ج 1 ق 2 ص 317.
وجهز الصالح أيوب معين الدين بن الشيخ (1) لحصار دمشق وأقامه مقام نفسه، وأمره أن يقعد على رأس السماط وفي الركوب، وأن يقف الطواشي شهاب الدين رشيد في خدمته استادار، وأن يقف أمير جاندار (2) والحجاب في خدمته على السماط وفي الركوب. وكتب الى ملوك الخوارزمية أن يسيروا جميعا في خدمته (3)، فسارت العساكر الى دمشق وحاصروها حصار شديد (4)، ثم أنّ الصلح وقع على أنّ يسلموا مدينة دمشق والقلعة للصاحب معين الدين على شرط أن يمكنهم من الخروج ولا يتعرض أحد اليهم ولا لشيء من أموالهم، وأن يكون للملك الصالح اسماعيل ما كان له أولا وهي: بعلبك وأعمالها وبصرى وأعمالها [وبلاد السواد جميعه وللملك المنصور مملكته وهي حمص](5)، وتدمر وأعمالها والرحبة وأعمالها (6).
فوقع الاتفاق على ذلك وحلف الصاحب معين الدين ابن الشيخ، ومنعوا الخوارزمية من العبور الى دمشق، وتوجه الصالح والمنصور كل منهم إلى أعماله.
وفيها ولي وزارة العراق، بعد ابن الناقد (7)، الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي (8) الرافضي.
وفيها جاء ابن الجوزي (9) ومعه خلعة للسلطان نجم الدين أيوب، وهي عمامة سوداء وفرجية (10) مذهّبة، وثوبان ذهب وسيف مسقط بذهب وعلمان [حرير](11)، وحصان وترس ذهبية (12).
(1) معين الدين أبي محمد الحسن بن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حموية، في مفرج الكروب 5/ 341.
(2)
أمير جاندار: وموضوعها أن صاحبها يستأذن على دخول الأمراء للخدمة ويدخل أمامهم الى الديوان. صبح الأعشى 4/ 20.
(3)
تشابه في الإيراد مع ابن العميد، قارن في:
B .E .O،T .XV،p .155
وانظر ما يشبه هذا الوصف في السلوك ج 1 ق 2 ص 318 - 319، ومفرج الكروب 5/ 341.
(4)
كذا في الأصل والصواب حصارا شديدا.
(5)
التكملة من ابن العميد في المصدر السابق.
(6)
في السلوك وعند ابن العميد في المصدرين السابقين تدمر الرحبة دون ذكر كلمة أعمالها.
(7)
هو نصير الدين ابن الأزهر أحمد بن محمد بن علي بن الناقد سوف ترد ترجمته لاحقا في سياق أحداث هذه السنة أي 642 هـ.
(8)
حول خبر توليه ابن العلقمي أنظر: السلوك ج 1 ق 2 ص 320 والبداية والنهاية 13/ 164.
(9)
هو محيي الدين ابن الجوزي، أنظر السلوك ج 1 ق 2، ص 319.
(10)
الفرجية: رداء يلبس فوق الثياب. محيط المحيط ص 681.
(11)
التكملة من السلوك، ص 319.
(12)
بعض المصادر الايوبية تشير الى هذا الخبر في سياق أحداث سنة 643 هـ خلافا لما أورده ابن دقماق والمقريزي في هذه السنة أي 642 هـ أنظر: مفرج الكروب 5/ 351، مرآة الزمان 8/ 755 والنجوم الزاهرة 6/ 325.
وفيها عزل القاضي الرفيع [الجيلي](1) عن مدارسه، وكان ذلك (58 ب) في أواخر السنة الماضية، وسبب عزله وقتله، الوزير السامري (2)، فإن الرفيع كتب الى الصالح اسماعيل:«قد حملت الى خزانتك ألف ألف دينار من أموال الناس» ، فقال السلطان «ولا ألف ألف درهم» ، وأوقف السامري على ورقة الرفيع، وكان الله تعالى قد سخر الصالح اسماعيل للسامري فلو قال له مت لقال لداعي الموت أهلا ومرحبا ليكون سببا لهلاكه ودماره، فأنكر السامري، فقال الرفيع أنا أقابله، فقال السامري للصالح اسماعيل هذا الرفيع قد أكل البلاد وأقام علينا الشناعات والمصلحة عزله ليتحقق الناس أنك ما أمرته بهذه الأشياء، فعزل عن القضاء أول السنة، وأخذت مدارسه وفوّض أمرها الى الشيخ تقي الدين ابن الصلاح (3) وأعطى العادلية للقاضي كمال الدين عمر ابن بندار التفليسي (4) صهر الخوئي، والشامية [البرانيّة](5) للشيخ تقي الدين ابن زين الدين الحموي، والعذراوية لمحيي الدين ابن الزكي، والأمينية (6) لابن عبد الكافي، وغيّب الرفيع فلا يدري ما فعله به، واستقل محي الدين ابن الزكي بالقضاء واستناب الصدر بن سني الدولة (7)، وحكم محيي الدين بإسقاط شهادات أصحاب الرفيع، العز ابن القطان والزين ابن الحموي والجمال ابن سيدة والموفق الواسطي [والنصير ابن قاضي بعلبك](8) وسالم المقدسي وابنه محمد، لما فعلوه بالمسلمين وأكلهم أموال الناس بالباطل. قال (9): وكانت المحنة الكبرى والطامة العظمى بالواسطي (10)
(1) الاضافة لزيادة الايضاح.
(2)
هو الوزير أمين الدولة أبو الحسن، كان سامريا ببعلبك فأسلم في الظاهر. راجع الشذرات 5/ 241.
(3)
هو الشيخ الفقيه الإمام مفتي الشام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح، توفي بدمشق بدار الحديث الأشرفية سنة 643 هـ. راجع ذيل الروضتين ص 175 - 176.
(4)
هو كمال الدين التفليسي أبو الفتح عمر بن بندار بن عمر الشافعي أبو حفص. ولد بتفليس وجالس أبا عمر بن الصلاح ولي القضاء بدمشق نيابة وكان محمود السيرة وكان مدرس العادلية. توفي بالقاهرة 672 هـ. راجع الشذرات 5/ 337 - 338.
(5)
التكملة من البداية والنهاية 13/ 162 وهي المدرسة التي أنشأتها الخاتون ست الشام أخت الملك الناصر صلاح الدين ودفنت فيها سنة 616 هـ، أنظر النعيمي، الدارس 1/ 277.
(6)
الأمينية: نسبة الى أمين الدولة كمشتكين المتوفي سنة 541 هـ وهو نائب قلعة بصرى وقلعة صرخد وموقع هذه المدرسة قبلي باب الزيادة من أبواب الجامع الأموي المسمى قديما بباب الساعات. أنظر النعيمي، الدارس 1/ 177.
(7)
هو قاضي القضاة صدر الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن الدمشقي الشافعي ابن سني الدولة. توفي ببعلبك سنة 658 هـ. راجع الوافي 8/ 250 والشذرات 5/ 291.
(8)
التكملة من مرآة الزمان 8/ 745.
(9)
القول هنا لأبي المظفر ابن الجوزي الذي نقل عنه ابن دقماق الخبر، قارن ذلك في مرآة لزمان 8/ 744 - 745، وانظر ما يشبه ذلك في مفرج الكروب 5/ 341 - 342.
(10)
في الأصل: والموفق الواسطي، التصويب من مرآة الزمان 8/ 745. وهو حسين بن عمر بن عبد الجبار الواسطي المعروف =