الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهدي لمجلسه المكرّم دائما
…
أهدي له ما حزت من نعمائه
كالبحر تمطره السحاب وما له
…
فضل عليه لأنه من مائه
وله: [المجتث]
لا تحسبن أنّ غيظي
…
يذكيه شين وحقد
فالله أخبر عني
…
بأنّ ناري برد
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وستمائة
شرع الملك الصالح نجم الدين أيوب في عمارة المدارس (1) التي بين القصرين بالقاهرة، والمكان الذي عمّرها فيه من جملة القصر.
وفيها بلغ القمح الأردبّ (2) بدينارين ونصف.
وفيها في يوم الأحد تاسع عشري (3) ربيع الأول، قريب العصر، كسفت (4) الشمس في جميع جرمها، وأظلم الجو، وظهرت الكواكب، وأوقد السرج [في النهار](5).
وفيها في ثالث عشري ذو القعدة تولى القضاء بالقاهرة والوجه البحري، القاضي بدر الدين السنجاري (6)، وذلك بعد وفاة القاضي شرف الدين ابن عين الدولة.
وفيها قدم الشيخ عز الدين ابن عبد السلام الشافعي الى الديار المصرية وحصل له من
(1) يقصد بها المدارس الصالحية التي أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب بين القصر الكبير الشرقي الذي يعرف بالقصر المعزي نسبه الى المعز لدين الله الخليفة الفاطمي الذي أمر بعمارته، والقصر الصغير الغربي ويعرف بقصر البحر الذي بناه العزيز بالله نزار بن المعز. انظر الخطط 2/ 212 و 334 وأيضا النجوم الزاهرة 6/ 341 فيها ذكر مفصل لهذه المدارس حاشية رقم (1).
(2)
الأردب: هو نوع من الموازين المتعارف عليها بمصر وهو يعادل ستة وتسعين قدحا صغيرا تقدير الواحد منها بالوزن من الحب المعتدل مائتان واثنان وثلاثون درهما. انظر صبح الأعشى 3/ 441.
(3)
كذا في الأصل والصواب التاسع والعشرين من ربيع الأول.
(4)
في الأصل: كشفت، التصويب من السلوك ج 1 ق 2 ص 308.
(5)
التكملة من المصدر السابق.
(6)
هو القاضي بدر الدين يوسف بن الحسن الزرزاري المعروف بقاضي سنجار، سبق ذكره خلال أحداث سنة 635 هـ خلال حصار سنجار من قبل بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل.
الصالح أيوب القبول العظيم، لأن الصالح اسماعيل قد نفاه من دمشق.
(53 ب) فلما قدم على الصالح نجم الدين أيوب ولاّه الخطابة (1) بمصر والقضاء بها بالوجه القبلي. وكانت ولايته يوم عرفة ثم عزل نفسه مرتين وانقطع في بيته حتى مات (2).
وفيها أصرف قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة عن القضاء بمصر والوجه القبلي، وذلك في يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر، كتب الملك الصالح اليه كتابا من جملته:
«إن القاهرة المحروسة لما كانت دار الملك وأمراء الدولة وأجنادها مقيمون بها، وحاكمها مختص بحضور دار العدل، تقدمنا أن يتوفر القاضي على القاهرة وعملها لا غير» (3). وفوّض السلطان قضاء القضاة بمصر والوجه القبلي للقاضي بدر الدين أبي المحاسن يوسف السنجاري، قاضي سنجار (4)، ثم مرض القاضي شرف الدين المذكور في أثر ذلك ومات في هذه السنة، وهو شرف الدين أبو المكارم محمد (5) بن عين الدولة أبي الحسن عبد الله بن القاضي الرشيد أبو المجد الحسن بن علي بن صدقة بن حفص، الصفراوي الأصل الشافعي المذهب الإسكندراني المولد، المصري الدار. كانت وفاته يوم الخميس تاسع ذي القعدة، ودفن من يومه بسفح المقطّم، ومولده يوم السبت مستهل جمادي الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. كان فاضلا، عالما، ذا أدب وكيس ونوادر، وذو (6) يد مطبوعة، وكان مع ذلك ما يحكم إلا بما يقتضيه الشرع الشريف، ولا يراعي أحدا في الحق، حتى كان السلطان الملك الكامل وأكابر الأمراء يشفعوا (7) عنده ويسألوه (8) في أمور لا تسوغ (54 أ) فما يوافقهم وينهرهم ومتى غصبوه بأمر يخرج عن الشرع الشريف يعزل نفسه حتى يسألوه على الولاية ويطلبوا رضاه بكل وجه. وله نظم يدل على قوة فهمه وغزارة فضله فمن ذلك وقد سأله
(1) ولاه خطابة جامع عمرو بن العاص بمصر. في السلوك ج 1 ق 2 ص 308، وفي طبقات الشافعية الكبرى 5/ 81.
(2)
تذكر بعض المصادر التي ترجمت له خبر وفاته في سنة 660 هـ / 1261 م. وحول عزل نفسه مرتين عن القضاء لم نقع في تلك المصادر على ذلك، سوى عزله لنفسه مرة واحدة وذلك بسبب هدمه للبناء الذي شاده وزير الملك الصالح معين الدين بن شيخ الشيوخ على سطح أحد المساجد وجعل فيه طبلخانة. أنظر مفرج الكروب 5/ 303، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 81، فوات الوفيات 2/ 351، الشذرات 5/ 302.
(3)
تشابه في الإيراد مع المقريزي، قارن في السلوك ج 1 ق 2 ص 309.
(4)
ورد مثل هذا الخبر سابقا.
(5)
راجع ترجمته في الوافي 3/ 353، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 26 ومفرج الكروب 5/ 298.
(6)
كذا في الأصل، والصواب ذا.
(7)
كذا في الأصل والصواب يشفعون.
(8)
كذا في الأصل والصواب يسألونه.
السلطان الملك الكامل عن شيء فجاوبه بغيره لقلة سمعه، فقال له الصلاح الإربلي:
السلطان يقول لك كيت وكيت، وفهّمه الكلام، فأنشد هذه الأبيات:
[البسيط]
يا سائلي عن قوى جسمي وما فعلت
…
فيه السنون خذ التحقيق (1) تبيينا
ثاء (2) الثلاثون أدركت (3) الفتور (4) بها
…
فكيف حالي في ثاء الثمانينا
يا رب (5) لطفا (6) بشيخ مدنف (7) هرم
…
أسير ضعف أعنه رب آمينا
وركب يوما لتلقي السلطان الملك الكامل، فلما سلم عليه قال له السلطان: يا قاضي سلم على السلطان الملك الناصر، فسلم عليه وقال:[البسيط]
وكثره النور يغشى ناظر المقل
فأعجب به لسرعة اعتذاره ولطف جوابه. وأرسل اليه بعض الأمراء رسالة في حق شخص يسمى موسى بأن يسمع كلامه ويستشهده فقال: سلّم على الأمير وقل له هذا زمان محمد لا موسى ولا عيسى، وكان الملك الكامل اسمه محمد.
قال رحمه الله دخلت مصر في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وناب في الحكم عن قاضي القضاة ابن أبي عصرون وعن قاضي القضاة زين الدين علي بن يوسف الدمشقي وعن قاضي القضاة عماد الدين عبد الرحمن بن عبد العلي (8) الشافعي (54 ب) ثم استقل بالحكم بالقاهرة والوجه البحري في سنة ثلاث عشر وستمائة وفي سنة سبع عشرة تولى القضاء بجميع الديار المصرية وأضيف اليه أيضا بلاد من البلاد الشامية، وكان عارفا بالأحكام، مطّلعا على غوامضها، وكتب الخط الجيد، وله النظم والنشر ويحفظ من شعر المتقدمين والمتأخرين جملة.
(1) ألا فاعلمه، في الوافي 3/ 353.
(2)
في الأصل: ما، التصويب من المصدر السابق.
(3)
أحسست، في المصدر السابق.
(4)
في الأصل: القبور، التصويب من المصدر السابق.
(5)
في الأصل: يرب.
(6)
في الأصل: لطف.
(7)
المدنف: المريض الذي براه المرض حتى أشفى على الموت. لسن العرب 9/ 107 مادة دنف.
(8)
هو عبد الرحمن بن عبد العلي المصري، الشيخ عماد الدين ابن السكري قاضي القضاة بمصر. توفي سنة 624 هـ. راجع ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى 5/ 63.