المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة وفيها استقر معين الدين ابن - نزهة الأنام فى تاريخ الإسلام

[ابن دقماق، صارم الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولابن دقماق ونزهة الأنام

- ‌التعريف بالمؤلف

- ‌نشأته:

- ‌ثقافته:

- ‌أخلاقه:

- ‌حياته العملية:

- ‌مكانته بين علماء عصره:

- ‌«الانتصار لواسطة عقد الامصار»

- ‌مؤلفاته:

- ‌ ترجمان الزمان في تراجم الأعيان:

- ‌ الجوهر الثمين في سير الملوك والسلاطين:

- ‌ الدرّة المنضّدة في وفيات أمة محمد:

- ‌ الدرة المضية في فضل مصر والاسكندرية:

- ‌ عقد الجواهر في سيرة الملك الظاهر:

- ‌ فرائد الفوائد:

- ‌ الكنوز المخفية في تراجم الصوفية:

- ‌ نظم الجمان في طبقات أصحاب إمامنا النعمان:

- ‌ ينبوع المزاهر في سيرة الملك الظاهر:

- ‌ نزهة الأنام في تاريخ الإسلام:

- ‌أجزاء المخطوطة وأماكن وجودها:

- ‌النسخة التي اعتمدنا عليها للتحقيق:

- ‌وصف المخطوطة:

- ‌أسلوب المؤلف في الكتابة والنقد التأريخي:

- ‌النقد التأريخي:

- ‌أ - في إيراده الخبر مسبقا:

- ‌ب - إيراده الخبر متأخرا:

- ‌النقد التحليلي للمخطوط:

- ‌الخطة التي اعتمدتها في التحقيق:

- ‌الرموز المستعملة في التحقيق:

- ‌الفصل الثانيدراسة المصادر التاريخية للمرحلة الواقعة بين 628 - 659 هـ / 1230 - 1261 م

- ‌دراسة تحليلية للمصادر التي أخذ عنها ابن دقماق في نزهة الأنام

- ‌أولا: المصادر الأيوبية المعاصرة:

- ‌ثانيا: المصادر الأيوبية غير المعاصرة التي أخذ عنها ابن دقماق في نزهة الأنام

- ‌دراسة للمصادر التي لم يشر إليها ابن دقماق في نزهة الأنام والتي استفدنا منها فيعملنا في التحقيق

- ‌أولا: كتب التاريخ العام:

- ‌ثانيا: كتب الطبقات:

- ‌ثالثا: كتب الخطط والآثار:

- ‌الفصل الثالثالحياة العلمية والأدبية في عصر ابن دقماق

- ‌تمهيد

- ‌ إنشاء المدارس

- ‌المدرسة الظاهرية:

- ‌المدرسة المنصورية:

- ‌المدرسة الصاحبية البهائية:

- ‌جامع عمرو:

- ‌جامع ابن طولون:

- ‌الجامع الأزهر:

- ‌رصد الأوقاف على المدارس:

- ‌ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين وستمائة للهجرة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌[الوفيات]

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة أربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ست وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة سبع وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة خمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وستمائة

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة خمس وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ست وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة سبع وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وستمائة

- ‌[الوفيات]

- ‌ثم دخلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌مصادر التحقيق

- ‌المصادر الأولية

- ‌المخطوطات

- ‌الموسوعات والمعاجم

- ‌المجلات

- ‌المراجع العربية

- ‌المراجع الأجنبية

الفصل: ‌ ‌ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة وفيها استقر معين الدين ابن

‌ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة

وفيها استقر معين الدين ابن الشيخ على دمشق وأعمالها وحصونها وبلادها، ودبرها أحسن تدبير (1)، وأقطع ملوك الخوارزمية في بلاد دمشق والساحل بمناشيره. فلما بلغ هذا السلطان الملك الصالح [نجم الدين أيوب](2)، وأيضا خروج الصالح اسماعيل الى بعلبك، أرسل ينكر على الصاحب معين الدين (62 ب) وعلى الطواشي شهاب الدين رشيد الكبير وعلى الأمراء المصريين. فلما وصلت كتب السلطان الى الأمراء، كتبوا له الجواب: إننا نحن في خدمة من قدّمه مولانا السلطان وأمرنا بامتثال أمره، وأنّه حلف على الشروط، وأرسلوا الكتب للسلطان، فرجع الجواب من السلطان، أن الصاحب معين الدين حلف وأنتم ما حلفتم، فلو مسكتموه ما كان عليكم فيه إثم. و [أمر](3) أن يجهّز اليه الى مصر تحت الحوطة الركن الهيجاوي وأمين الدولة (4) وزير صاحب بعلبك، فسيروهم كما رسم فأعتقلهم بالقلعة.

وفيها نزل الأمير سيف الدين علي بن قليج من قلعة عجلون، وسلمها الى نواب السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر، ورحل المذكور الى دمشق وأقام بها.

[الوفيات]

وفيها مات الصاحب معين (5) ابن الشيخ بدمشق ليلة الأحد ثاني عشري رمضان، وصلي عليه بجامع دمشق ودفن بقاسيون. وكان مرضه بالإسهال والدم، ومولده في المحرم سنة ست وثمانين وخمسمائة وقيل سنة ثمان وثمانين. ودفن الى جانب أخيه عماد الدين، وكان بين بلوغ أمنيته وحلول منيته أربعة أشهر وخمسة عشر يوما. وكان جوادا كريما دينا صالحا.

وفيها أفرج السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب عن الأمير فخر الدين ابن

(1) تشابه في الإيراد مع ابن العميد في:

B .E .O،T .XV،P .156

وانظر خبر ذلك في: مرآة الزمان 8/ 753 ومفرج الكروب 5/ 348، السلوك ج 1 ق 2 ص 321.

(2)

التكملة لزيادة الإيضاح.

(3)

التكملة من السلوك ص 321.

(4)

هو أمين الدولة أبو الحسن السامري مر ذكره سابقا.

(5)

أنظر خبر وفاته في مرآة الزمان 8/ 755 - 756، وعند ابن العميد في المصدر السابق.

ص: 161

الشيخ، وكان قد اعتقله أول ما تملك لأمر بلغه عنه (1).

وفيها بلغ السلطان الملك الصالح عماد الدين اسماعيل صاحب بعلبك (63 أ) ما ورد على الأمراء من الإنكار بسببه، كونهم مكّنوه من الخروج من دمشق ولم لا مسكوه (2). فلما بلغه ذلك وتحققه، خاف على نفسه وكاتب الأمير عز الدين صاحب صرخد والى ملوك الخوارزمية، وأوعدهم وأعطاهم واتفقوا جميعا على قصد دمشق ورحلوا إليها وحاصروها حصارا شديدا، وشنوا الغارات في الأعمال وأخربوها، وقطعوا الميرة عن مدينة دمشق، فغلت بها الأسعار، وبلغت كل غرارة قمح ألف وستمائة درهم، واستمر ذلك مدة ثلاثة شهور، ورحلوا عنها ولم ينالوا منها غرضا (3).

وفيها ماتت ربيعة خاتون (4) بنت أيوب أخت السلطان صلاح الدين والعادل. تزوجها أولا سعد الدين مسعود بن معين الدين [أنر](5) ثم مات سعد الدين، فزوّجها العادل (6) لمظفر الدين صاحب إربل، فأقامت بإربل، ثم قدمت دمشق وخدمتها أمة اللطيف العالمة، إبنة الناصح بن الحنبلي، فحصل لها منها أموال جمّة. وبنت للحنابلة بقاسيون مدرسة (7).

وتوفيت بدمشق بدار العقيقي، ودفنت بقاسيون وقد جاوزت ثمانين (8) سنة لأن أباها أيوب مات في سنة ثمان وستين وخمسمائة. وكان لها أموال جمة، وأما العالمة (9) فإنها قاست بعد موت ربيعة خاتون شدائد عظيمة من الحبس والمصادرة وأخذ المال، وأقامت محبوسة ثلاث سنين بقلعة دمشق.

قال أبو المظفر (10)، ودخلت مع نواب الصالح في قضيتها وبالغت في أمرها (63 ب)

(1) راجع ما يشبه هذا الخبر في مرآة الزمان 8/ 755 وابن العميد في. B .E .O،T .XV،P .156:

(2)

كذا في الأصل.

(3)

انظر تفاصيل حصار دمشق وما جرى بها من أهوال في: مفرج الكروب 5/ 353، مرآة الزمان 8/ 753، السلوك ج 1 ق 2 ص 322.

(4)

قارن خبر وفاتها في مرآة الزمان 8/ 756 - 757، النجوم الزاهرة 6/ 353، البداية والنهاية 13/ 170.

(5)

التكملة من النجوم الزاهرة.

(6)

فزوجها صلاح الدين، في مرآة الزمان والبداية والنهاية.

(7)

هي المدرسة الصاحبية بسفح جبل قاسيون من الشرق، انظر النعيمي، الدارس 2/ 79.

(8)

في الأصل: ثمانون.

(9)

وأما أمة اللطيف المدعوة لطيفة، في مرآة الزمان 8/ 756.

(10)

قارن في مرآة الزمان 8/ 756.

ص: 162

حتى أطلقت من الحبس وتزوجت بابن صاحب حمص (1) الملك الأشرف، وسافر بها الى الرحبة وتلّ باشر، فتوفيت هناك سنة ثلاث وخمسين وستمائة. وظهر لها بدمشق من المال والذخائر والجواهر واليواقيت وغير ذلك ما يساوي ستمائة ألف درهم غير الأملاك والأوقاف، ومع هذا كانت فاضلة صالحة دينة عفيفة. لها تصانيف ومجاميع وتواليف وغير ذلك رحمها الله تعالى.

وفيها مات الشيخ الإمام العالم العلاّمة، تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن ابن عثمان ابن الصلاح (2)، الفقيه المحدث المفتي. كان مقيما بالقدس الشريف ثم قدم دمشق لما خرب القدس، وأقام بدمشق، ودرس بها وسمع الحديث وأسمعه. وولاه الأشرف دار الحديث الأشرفية، وكان يفتي ويناظر. وله التصانيف الكثيرة من جملتها «علوم الحديث» و «أشكال الوسيط» (3) وغيره. مولده سنة سبع وسبعين وخمسمائة هجرية بشهرزور. ومات ليلة الأربعاء خامس عشري ربيع الآخر وصلي عليه بجامع دمشق، ودفن بمقابر الصوفية.

وكان قد سافر البلاد، فسمع بنيسابور، منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد ابن أبي الفضل الفراوي، وكان ابن الصلاح يقول للفراوي ثلاث كنى: أبو الفتح وأبو القاسم وأبو بكر. وسمع أيضا المؤيد ابن محمد بن علي الطواسي، وأبي بكر القاسم ابن الإمام أبي سعد عبد الله بن أحمد بن (64 أ) عمر الصفّار ومحمد وأبا المظفر عبد الرحيم ابن أبي سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني وعمر بن طبرزد وغيرهم.

قال أبو المظفر (4) وزارني يوما بتربة حسن (5)، على نهر ثورا في أيام المعظم (6)، وقال إسأله أن يعطيني مدرسة، قال وكان المعظم يكرهه، فما زلت حتى استصلحته له، وأنشدني في ذلك اليوم لغيره. [مجزوء الكامل]

(1) هو الملك الأشرف مظفر الدين موسى الثاني بن الملك المنصور ناصر الدين إبراهيم بن شيركوه الثاني، توفي في سنة 662 هـ. أنظر معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ص 153.

(2)

قارن الشبه في الإيراد في ترجمته في مرآة الزمان 8/ 757 ووفيات الأعيان 3/ 243 - 245، وراجع ترجمته أيضا في: طبقات الشافعية الكبرى 5/ 137، ذيل الروضتين ص 175، العبر 5/ 177، البداية والنهاية 13/ 168، دول الإسلام للذهبي 2/ 149.

(3)

وله إشكالات على كتاب الوسيط في الفقه، في وفيات الأعيان.

(4)

قارن في مرآة الزمان 8/ 758.

(5)

حسين، في المصدر السابق.

(6)

هو الملك المعظم شرف الدين عيسى. تولى الحكم بدمشق سنة 615 هـ وحتى سنة 624 هـ. أنظر ذيل الروضتين ص 152.

ص: 163

احذر من الواوات أر

بعة فهنّ من الحتوف

واو الوصية والوكا

لة والوديعة والوقوف

وكان أوحد عصره في التفسير والفقه وأسماء الرجال، وما يتعلق بعلم الحديث، ونقل اللغة، وكان له مشاركة في فنون عديدة. قرأ الفقه على والده، وكان من جلّة المشايخ الأكراد المشار اليهم، ثم نقله والده الى الموصل واشتغل بها، وتولى الإعادة عند الشيخ أبي حامد ابن يونس بالموصل، ثم سافر الى خراسان وأقام بها زمانا، وحصّل علم الحديث هناك، ثم رجع الى الشام وتولى التدريس بالمدرسة الرواحية التي أنشأها الزكي هبة الله بن رواحة (1) الحموي. وكان من العلم والدين على قدر عظيم. وكانت وفاته يوم الأربعاء وقت الصبح، وصلي عيه بعد الظهر خامس عشري ربيع الآخر بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر. ومولده سنة سبع وسبعين وخمسمائة بشرخان، وشرخان قرية من قرى إربل قريبة من شهرزور، رحمه الله.

(64 ب) وفيها مات أبو العباس، أحمد بن سيد الفضلاء والوزراء، القاضي الفاضل مجير الدين عبد الرحيم، وزير الملك الناصر صلاح الدين الملقب بها الدين المعروف بالقاضي الأشرف (2). رسل به للديوان العزيز ببغداد مرارا، وكان الإمام المستنصر والناصر يحترمانه إذا قدم لذاته ووالده وبيته. عرض عليه الكامل الوزارة مرارا فلم يفعل، وتوفر على الرسلية والمشورة والاقتداء برأيه. وكانت وفاته بمصر سابع ربيع الآخر من هذه السنة ومولده في المحرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة بتربتهم. وكان صالحا نزها عفيفا. سمع الحديث واسمعه ورواه وروى عنه. وله نظم فمنه ما أنشده الوزير ابن الناقد، قوله:

[الكامل]

يا أيها المولى الوزير ومن له

منن حللن من الزمان وثاقي

من شاكر عني نداك فإنني

من عظم ما أوليت ضاق نطاقي

منن تخفّ على يديك وإنما

ثقلت مؤونتها على الأعناق

(1) هو زكي الدين أبو القاسم هبة الله المعروف بابن رواحة من أكابر العدول والتجار أولي الثروة. بنى بحلب مدرسة الشافعية وبدمشق مثلها داخل باب الفراديس هي الرواحية ووقف عليهما أوقافا حسنة، وقنع بعد ذلك باليسير. توفي في سنة 623 في دمشق. راجع ذيل الروضتين ص 149.

(2)

راجع ترجمته في الوافي 7/ 57، وفيات الأعيان 3/ 163، العبر 5/ 175، الشذرات 5/ 218.

ص: 164

وفيها مات الشيخ الإمام العالم الورع المقرئ المفتي، علم الدين أبو الحسن، علي بن محمد بن عبد الصمد المصري السّخاوي (1). قرأ القرآن بالروايات على الشاطبي، وشرح قصيدته، وشرح «المفصل» للزمخشري، وله تصانيف وقصائد (2) في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. وكان إماما فاضلا زاهدا عابدا ورعا مقتنعا من الدنيا باليسير. وكانت له حلقة بجامع دمشق يقرأ عليه فيها (65 أ) القرآن العظيم والعربية والحديث، فإذا خرج من الجامع الى قاسيون، ركب حمارا والطلبة يقرأون عليه [القرآن](3) في الطريق، وانتفع به خلق كثير. وكانت وفاته ليلة الأحد ثاني عشر جمادى الآخرة بدمشق، ودفن بقاسيون. سمع الحافظ السلفي وأبا القاسم هبة الله ابن البوصيري وأبي (4) الطاهر بن عوف وأبا الفضل محمد ابن يوسف الغزنوي وغيرهم. وله نظم كثير وتصانيف مفيدة ومدائح نبوية. ملكت ديوانا من مدائحه النبوية وقد أثبت له الشيخ شمس الدين ابن خلكان (5) قطعة من شعره، فمنه ما أنشده حين حضرته الوفاة:[السريع]

قالوا غدا نأتي ديار الحمى

وينزل الركب بمغناهم

وكل من كان مطيعا لهم

أصبح مسرورا بلقياهم

قلت فلي ذنب فما حيلتي

بأيّ وجه أتلقّاهم

قالوا أليس العفو من شأنهم

لا سيما ممن (6) ترجّاهم

وكانوا يقرأون عليه ثلاثة أنفس في دفعة واحدة، كل واحد في ميعاده وهو يرد على كل منهم إذا غلط. وله كتاب لطيف في مشتبه القراءات (7) سماه «السخاوية» رحمه الله.

وفيها مات الحافظ، ضياء الدين محمد (8) بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن

(1) راجع ترجمته في مرآة الزمان 8/ 758، ذيل الروضتين ص 177، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 126، وفيات الأعيان 3/ 340، العبر 5/ 178، الشذرات 5/ 222، دول الإسلام للذهبي 2/ 149.

(2)

أورد ابن الجوزي بعضا من هذه القصائد، أنظر مرآة الزمان ص 758.

(3)

التكملة من المصدر السابق 759.

(4)

كذا في الأصل والصواب أبا.

(5)

قارن في وفيات الأعيان 3/ 341.

(6)

عمن، في المصدر السابق.

(7)

في الأصل: القرآت.

(8)

راجع ترجمته مستوفاة في شذرات الذهب 5/ 224 - 226 وانظر العبر 5/ 179 ودول الإسلام للذهبي 2/ 149.

ص: 165

الحنبلي، المقدسي الذي عمّر دار الحديث بقاسيون عند الجامع المظفري. كان إماما فاضلا، زاهدا عابدا، ورعا. كانت (65 ب) وفاته في جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون. سمع الكثير من الحديث وأسمعه.

وفيها مات الفلك المسيري (1)، وزير العادل بمصر يوم الجمعة تاسع رجب، وكانت له عنده المنزلة العالية. وكان صدرا كبيرا محتشما، وافر الحرمة ظاهر الحشمة، كثير التيه والصلف، رسم الملك الأشرف عليه واحتاط على موجوده في سنة أربع وثلاثين وستمائة لكونه نقل إليه عنه أنّه يكاتب أخاه الكامل (2). وكان له عنده حظ وافر مع أنه كان يستجهله وفيه يقول القائل:

صعب القيادة يا فلك

تنقاد لك

أيش هو فلك وأيش هي مسير

حتى يجي منها وزير

والله ولا راعي حمير

كنت أجعلك

ترضي غلامك بالنهار

مرات وباليل ذا مرار

بالصاحب أزعق لي جهار

قع طز في جوف لحيتك

اسمك مقار ما تعر به

والمال بالقول تحسبه

والسرج بالصاد تكتبه

ما أجهلك

(66 أ) لو كان في الدنيا خبير

كان ركبك فوق الحمير

والبوق خلفك والنفير

وأنا انذلك

خلي القيادة والفضول

كم ذا تخاصم كم تصول

وتدعي أنك رسول

من أرسلك

لو كنت أملك يا قبق

أمرك جعلتك في الحلق

عريان وفي عنقك حلق

وأنا أنطلك

وفيها مات عبد الله بن نصر بن علي التنوخي، أبو محمد الدمشقي الصوفي نزيل الفيوم

(1) هو الصاحب الوزير فلك الدين عبد الرحمن بن هبة الله المسيري وزير الملك العادل. قارن ترجمته في الوافي ج 18، الورقة (111 ظ) والذي يبدو أن ابن دقماق أخذ عنه الترجمة حرفيا. وانظر الشذرات 5/ 221.

(2)

في الأصل: العادل، التصويب من الوافي ج 18 الورقة (111 ظ).

ص: 166