الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي من قرية من قرا (1) أنصنا يقال لها: جقن أهداها وأختها ريحانة للنبيّ صلى الله عليه وسلم المقوقس ملك مصر (2).
وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال: «من سرّه أن ينظر إلى بحبوحة الجنّة فلينظر إلى مصر في زمن الربيع إذا أحدقت بنباتها وزهورها» (3).
والأحاديث في ذلك كثيرة، وإنّما اختصرنا (لأن)(4) لا يفوت الغرض.
[نسبة مصر من الدنيا]
وأمّا نسبة مصر من الدنيا، فقد أخبر أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل الكعبيّ، حدّثني حرملة بن عمران (5) التجيبي (6)، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: خلقت الدنيا على خمس صور، على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه، فالرأس:
مكة، والمدينة، واليمن. والصدر: الشام، ومصر. والجناح الأيمن: العراق.
وخلف العراق أمّة يقال لها: «واق» ، وخلف واق أمّة يقال لها:«واق واق» ، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلاّ الله عز وجل. والجناح الأيسر: السند، وخلف السند الهند، وخلف الهند أمّة يقال لها:«تاسك» (7)، وخلف تاسك (7) أمّة يقال لها:«منسك» ، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلاّ الله عز وجل. والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس. «وأشرّ ما في الطير الذنب» (8). فهذه نسبة مصر.
[خصائص مصر وملوكها]
وأمّا خصائصها، وملوكها، وخيراتها فكثير.
فمن ذلك أنّ ملكها أكبر الملوك قدرا، وأعظمهم منزلة، وجميع ملوك البرّ
(1) الصواب: «قرى» .
(2)
سيأتي الحديث عنهما.
(3)
رواه الترمذي في جامعه، باب الفتن (7)، وأحمد في مسنده 1/ 26 وهو في النجوم الزاهرة 1/ 29، وحسن المحاضرة 1/ 7، وانظر نحو ذلك في: فتوح مصر 55.
(4)
عن هامش المخطوط.
(5)
(6)
في الأصل: «النجيبي» .
(7)
هكذا في الأصل، وفي فتوح مصر 49، والنجوم الزاهرة 1/ 32 «باسك» ، وفي المواعظ والاعتبار:«ما شك، ومنشك» .
(8)
فتوح مصر 49، المواعظ والاعتبار 1/ 25، النجوم الزاهرة 1/ 31، 32، حسن المحاضرة 1/ 7.
والبحر يخافونه، ويهادوه (1)، ويهادنونه، لحسن جيشه وقوّتهم وخيولهم وعددهم وعددهم، ولا سيما في زماننا هذا (2)، فإنهم أحسن أجناد الدنيا، وعسكره وموكبه أفخر العساكر والمواكب وأحشمهم، وفيهم الصلحاء، والرجال، وفرسان الخيل، ومن مرّت به التجارب، وحضر الحصارات والمصافّات، وقد أيّده الله تعالى بالنصر.
وقد ورد عن عمرو بن العاص، عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فتح الله عليكم بمصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض» . فقال له أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه: ولم يا رسول الله؟ قال:
«لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة» (3).
ولو أراد ملك مصر أن يجمع جيوشا لم يسعها سهل ولا وعر خارجا عن جيوشه الشاميّة لجمع، فإنّه لا يوجد في سائر البلاد والأقاليم خلقا مجتمعة (4) كما اجتمع في وادي مصر، عمّرها الله تعالى ببقاء مالكها. وأدلّ الدلايل على ذلك أنّ السّحرة الذين آمنوا مع نبيّ الله تعالى موسى بن عمران عليه السلام، كما حدّثنا علي، حدّثنا عبد الرحمن، والخولانيّ، ويزيد بن حبيب المالكيّ، وغيرهم، وابن لهيعة، قالوا: إنّ السّحرة الذين آمنوا جميعا في ساعة واحدة كانوا اثني عشر ساحرا رؤساء، تحت يد كل واحد منهم عشرون عريفا سحرة، تحت يد كل عريف منهم ألف ساحر.
وكان الجميع مايتي ألف وأربعين ألف (5) ومايتي (6) واثنين وخمسين إنسانا (7)، وما كان فيهم من عمره دون الأربعين سنة، ولا فوق الستين سنة. وقد أخبر الله تعالى عنهم في القرآن الكريم:{إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ} (8) حكاية عن قول فرعون. فعند ذلك أمر فرعون بإحضار شاة وأمر بذبحها وقال: لا يفرغ من سلاخها حتى يجتمع إليّ خمسماية ألف خلاف القلب والمجنّبتين، فحضروا أسرع من طرفة العين، وغرّق الله الجميع، وكانوا ما فيهم من بلغ الأربعين سنة (9) ولا دون العشرين سنة، فلذلك قوله تعالى:{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ} (10). والذين كانوا في
(1) الصواب: «ويهادونه» .
(2)
أي سنة 717 هـ / 1317 م. في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون.
(3)
صبح الأعشى 3/ 279، النجوم الزاهرة 1/ 29 و 74، حسن المحاضرة 1/ 6.
(4)
الصواب: «مجتمعا» .
(5)
الصواب: «وأربعين ألفا» .
(6)
الصواب: «ومايتين» .
(7)
النجوم الزاهرة 1/ 42، حسن المحاضرة 1/ 35، 26، فتوح مصر 56.
(8)
سورة الشعراء، الآيتان 54، 55.
(9)
آثار الأول بترتيب الدول 360.
(10)
سورة الزخرف، الآية 54.
القلب والجنبتين (1) نيّف (2) عن ألف ألف وخمس ماية ألف إنسان، وغرّق الله الجميع وهم نيّف عن ألفي ألف إنسان، فهذا من أقوى الدلائل على كثرة أهل مصر.
والآن، فيها الناس أكثر لاجتماع الناس فيها من سائر أقطار الأرض.
وأمّا عجائبها وخيراتها ومن فيها من العوالم فرجالها أفصح الرجال، ونساها (3) أحسن نساء سائر الأقاليم، وأضرفهم (4)، وألطفهم، وأعذبهم منطقا، وأرقّهم حاشية، ولا سيما في زماننا هذا.
وأمّا خيلها فأحسن الخيول وأجود خيول الدنيا، تساق إلى خدمة صاحب مصر، ولا سيما مولانا السلطان الملك الناصر ابن المرحوم السلطان الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاون الصالحيّ، فإنه جمع من الخيول الأصايل المثمنة ما لا قدر عليه مثله (غيره)(5)، ممّن كان قبله من الملوك لخاصّه ولحاشيته ومماليكه. فأمّا خيوله وبغاله وجماله البخاتيّات وغيرها فما يحصر ذلك، فحول عربيّات، وحجورة منوّعات، وأكاديش، روميّات، وتتريّات، وسيس (6)، وغير ذلك من سائر الأصناف، وخيل القمر، ومن البغال كذلك، هذه الجملة لخاصّه. ولقد وقع داغه على آلاف خيول وبغال وجمال ما لا ملكه غيره له خاصّة. وأمّا خيول مماليكه وحاشيته وجيشه بالديار المصرية والشامية فما تحصر.
وأمّا بغال الديار المصرية فإنها أطرز البغال، وحميرها أكيس الحمير، وأنبلها، وأسرعها، وأكثرها ثمنا، فيبلغ ثمن الحمار الفاره مايتي دينار وأكثر.
وأبقارها فأجمل أبقار الدنيا، وأغنامها فأملح الأغنام، وأكبر (7) خلقة، وألدنهم (8) لحما، وأغلاهم (9) ثمنا، والماعز فيها أنبل المواعز، وأدرّهم لبنا، وأزيدهم ثمنا. وأجمالها (10) أصبر الجمال، وأثقلها أحمالا، وأدومها على ذلك.
وزرعها أخصب زرع الأرض وأنجبه.
(1) الصواب: «المجنّبتين» .
(2)
الصواب: نيّفا».
(3)
الصواب: «نساؤها» .
(4)
كذا، والصواب:«وأظرفهم» .
(5)
كتبت فوق السطر.
(6)
سيس: سيسية. أعظم مدن الثغور الشامية بين أنطاكية وطرسوس على عين زربة. (معجم البلدان 3/ 297).
(7)
الصواب: «وأكبرها» .
(8)
الصواب: «وألدنها» .
(9)
الصواب: «وأغلاها» .
(10)
الصواب: «وجمالها» .