الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الديار. قال: فرجع موسى. فلما سمعت حسّه قالت: موسى. قال: موسى. قالت:
وما ردّك؟ قال: أمرت أن أحمل عظام يوسف. قالت (1): وما كنتم لتعبروا إلاّ وأنا معكم. قال: فدلّيني على عظام يوسف. قالت: لا أفعل إلاّ أن تعطيني ما سألتك.
قال: فلك ما سألت. قالت: فخذ بيدي. فأخذ بيدها، فانتهت به إلى عمود على شاطئ النيل في أصله سكّة من حديد مؤتدة فيها سلسلة، وقالت: إنّا كنّا قد دفنّاه من ذلك الجانب فأخصب، وأجدب ذلك الجانب، فلما رأينا ذلك جمعنا عظامه فجعلناها في صندوق من حديد، وألقيناه في وسط النيل، فأخصب الجانبان جميعا. قال:
فحمل الصندوق على رقبته وأخذ بيدها وألحقها بالعسكر، وقال لها: سل (2) ما شئت. قالت: فإني أسأل أن أكون أنا وأنت في درجة واحدة في الجنّة، ويردّ الله عليّ بصري وشبابي حتى أكون شابّة كما كنت. قال: فلك ذلك» (3).
[موسى بن عمران]
وأمّا موسى بن عمران فإنه ابن (4) عمران بن قاهث. وبالعبرانية: قوهث. واسم أمّه يوخافلظ (5).
وقاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
فلما هلك فرعون بقوا دهرا طويلا بلا ملك، حتى اتفقوا أن أملكوا (6) عليهم امرأة يقال لها دلوكة بنت زبّاء، وهي امرأة كبيرة عمرها ماية وستّون سنة، وهي صاحبة الحائطين الذي (7) آثارهما بالصعيد من الشرق والغرب إلى الآن (8).
وكان سبب عمارتها للحائطين أنها كانت تخشى من الأعداء، فعملتها على مصر حصنا من الأعداء، من أسوان إلى البحر. وكانت قد عملت فيهما أبراجا، وعملت من البروج إلى البرج أجراسا، وعليها حرّاسا (9)، فمن أيّ جهة دهمها العدوّ حرّكوا (10) الأجراس الحرّاس، فتعلم به وهي في منف، فتركب في جيشها وتلاقيه.
(1) في الأصل: «قال» .
(2)
الصواب: «سلي» .
(3)
المنتظم 1/ 347، 348، مرآة الزمان 1/ 413، صبح الأعشى 13/ 260، حسن المحاضرة 1/ 19، 20.
(4)
في الأصل: «فإنه بن» .
(5)
كتب على الهامش بحذائها: «اسم أم موسى يوخافلظ» . انظر: مرآة الزمان 1/ 390.
(6)
الصواب: «ملّكوا» .
(7)
الصواب: «اللّذين» .
(8)
نهاية الأرب 1/ 392 و 15/ 138، مسالك الأبصار، 1/ 239.
(9)
الصواب: «وعليها حرّاس» .
(10)
الصواب: «حرّك» .
وكان في زمانها عجوز ساحرة من بنات السحرة تسمّى تذورة (1)، فقالت لها دلوكة الملكة: إعملي لنا بربا (2) تمنع عنّا الأعداء. فقالت: نعم، على شرط أنكن تتزوّجن بعبيدكنّ وأجرائكن (3). ولا تقطعوا النسل، فقطعن ذلك على شرط أن لا يفعلوا شيئا إلاّ بمؤامرتهنّ في ذلك. وبقيت سنّة في القبط إلى يوم القيامة، فعند ذلك عملت (4) لهم بربا بمنف، وصوّرت فيها جميع أصناف الناس إن جاؤوا على خيل أو على جمال أو دوابّ أو رجّالة أو في مراكب من أيّ جهة كان (5)، وجعلت عليها حرّاسا ينظرون إلى الصّور بالنّوبة، فإذا قصد مصر عدوّ على صفة من هذه الصفات تحرّكت الصور التي تشبه العدوّ، فيعمدوا إليها يقطعوا رؤوسهم (6) وأيديهم وأرجلهم بالسيوف، ويفقّوا (7) أعينهم بالرماح، فيصيب ذلك بالعدوّ وهو في مكانه.
فاستمرّت مصر ممتنعة بتدبير العجوز تدوره أربع ماية سنة (8).
فملكتهم دلوكة بنت زبّا عشرين سنة وهلكت (9).
فبلغ صبيّ من أبناء القبط الأكابر يقال له دركون بن بلطوبس (10) فملّكوه عليهم. ثم مات (11).
فاستخلف ولده توذش (12)، ثم هلك (13).
(1) في حسن المحاضرة 1/ 20 «يذورة» . وفي فتوح مصر، ومعجم البلدان:«تدورة» .
(2)
في حسن المحاضرة 1/ 20 «رباء من حجارة» . والبرابي: جمع بربي، كلمة قبطية تعني موضع العبادة أو البناء المحكم أو موضع السحر. قال ابن فضل الله العمري إنها تشتمل على جميع أشكال الفلك. وانظر: صبح الأعشى 3/ 323.
(3)
في الأصل: «وأجراكن» .
(4)
في الأصل: «عمل» .
(5)
الصواب: «كانت» .
(6)
في الأصل: «روسهم» .
(7)
الصواب: «ويفقأوا» .
(8)
حسن المحاضرة 1/ 21.
(9)
فتوح مصر 88 - 90، حسن المحاضرة 1/ 20، 21.
(10)
في فتوح مصر 90، وحسن المحاضرة 1/ 59 «دركوس بن بلطيوس» وفي المواعظ والاعتبار:«دركوس بن بلوطس» ، ومثله في: نهاية الأرب:15/ 139، وفي صبح الأعشى 3/ 416 «دركون بن بطلوس» .
(11)
فتوح مصر 90، مروج الذهب 1/ 364، نهاية الأرب 15/ 139، صبح الأعشى 3/ 416، النجوم الزاهرة 1/ 59، حسن المحاضرة 1/ 21.
(12)
في فتوح مصر: «بورس» ، وفي نهاية الأرب:«بورش» ، وفي صبح الأعشى:«تودس» .
(13)
فتوح مصر 90، مروج الذهب 1/ 364، نهاية الأرب 15/ 139، صبح الأعشى 3/ 416، النجوم الزاهرة 1/ 59، حسن المحاضرة 1/ 21.
فملك بعده أخوه لقاش (1) مدّة ثلاثين سنة، ومات (2).
فملك بعده أخوه مرينا (3) ومات (4).
فملك بعده ولده استماذس (5)، وطغا (6) وتكبّر، وأظهر الفاحشة، فقتلوه بعد خلعه (7).
وتملّك بعده رجل يقال له بلوطس ابن ميكائيل (8) أربعين سنة، ومات (9).
فملك بعده ولده مالوس (10)،
ثم أخوه مناكيل زمانا طويلا، ومات (11).
فاستخلف ولده بوله (12)، فملك ماية وعشرين سنة، وهو الأعرج الذي سبا (13) ملك بيت المقدس وقدم به مصر (14).
وكان بوله (15) قد تمكّن في البلاد وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممن كان قبله من
(1) في فتوح مصر: «لقاس» ، وفي مروج الذهب:«فغامس» ، وفي نهاية الأرب:«بغاش» ، وفي المواعظ والاعتبار:«لقاس» .
(2)
فتوح مصر 90، مروج الذهب 1/ 364، نهاية الأرب 15/ 139، حسن المحاضرة 1/ 21.
(3)
فتوح مصر 1/ 90، مروج الذهب 1/ 364 وفيه:«دنيا بن بورس» ، ونهاية الأرب 15/ 139 وفيه «دنيا بن بورش» ، والمواعظ والاعتبار، كما هو أعلاه.
(4)
حسن المحاضرة 1/ 21.
(5)
في تاريخ اليعقوبي، طبعة دار صادر، بيروت 1379 هـ. / 1960 م. - ج 1/ 186. «نمادس بن مرينا».
(6)
الصواب: «وطغى» .
(7)
فتوح مصر 1/ 90، 91، وفيه:«استمارس» مروج الذهب:1/ 364 وفيه «نماريس» ، تاريخ اليعقوبي 1/ 90، حسن المحاضرة 1/ 21.
(8)
في تاريخ اليعقوبي، وفتوح مصر، والمواعظ والاعتبار، وحسن المحاضرة:«مناكيل» ، وفي مروج الذهب:«ميناكيل» ، وفي نهاية الأرب «متناكيل» وفي صبح الأعشى:«مياكيل» .
(9)
تاريخ اليعقوبي 1/ 186، فتوح مصر 1/ 91، مروج الذهب 1/ 364، نهاية الأرب 15/ 139، صبح الأعشى 3/ 416، المواعظ والاعتبار 1/ 58، حسن المحاضرة 1/ 21.
(10)
فتوح مصر 1/ 91، تاريخ اليعقوبي 1/ 186 وفيه «ما ليس» ، نهاية الأرب 15/ 139، صبح الأعشى 3/ 416، المواعظ والاعتبار 1/ 58، حسن المحاضرة 1/ 21.
(11)
فتوح مصر 1/ 91، النجوم الزاهرة 1/ 59 وفيه «مماكيل» حسن المحاضرة 1/ 21.
(12)
في تاريخ اليعقوبي: «نوله» ، وفي مروج الذهب:«بلونا» ، وفي نهاية الأرب «بوليه» ، وفي النجوم الزاهرة:«بلونه» .
(13)
الصواب: «سبى» .
(14)
فتوح مصر 1/ 91، تاريخ اليعقوبي 1/ 186، مروج الذهب 1/ 364، نهاية لأرب 15/ 140، النجوم الزاهرة 1/ 59.
(15)
في الأصل: «يوله» .
الملوك بعد فرعون - لعنه الله - فلما طغى قتله الله تعالى، صرعته دابّته دقّت عنقه فمات (1).
وممّا جرى له ما أخبر عنه عليّ، عن عبد الرحمن، عن أسد بن موسى يرفعه إلى كعب في كتاب:«فتوح مصر وإفريقية» (2) أنه قال: لما مات سليمان بن داود عليهما السلام ملك بعده مرحب عمّ سليمان، فسار إليه بوله (3) ملك مصر فقاتله وأصاب الأترسة الذهب التي عملها سليمان عليه السلام (4)(ببيت (5) المقدس) (6)، فذهب بها (إلى مصر)(7).
وأخبر عبد الرحمن (8) أيضا أنّ المخلوع الذي خلعه أهل مصر إنما هو بوله (9)، وذلك أنه لما دعا بوله (10) للوزراء ومن كانت الملوك من قبله أجرت عليهم الأرزاق والجوائز، وكأنّه استكثر ذلك، فقال لهم إنّي أريد أن أسألكم (11) عن أشياء، فإنّ أخبرتموني بها زدت في أرزاقكم ورفعت أقداركم، وإن لم تخبروني بها ضربت أعناقكم، فقالوا له: سل عمّا شئت. فقال لهم: أخبروني ما يفعل الله تبارك وتعالى في كل يوم؟ وكم عدد نجوم السماء؟ وكم مقدار ما تستحق الشمس على ابن آدم في كل يوم؟ فاستأجلوه فأجّلهم في ذلك شهرا.
وكانوا يخرجون في كل يوم إلى خارج المدينة، مدينة منف، فيقفون في ظلّ قبر موسى يتباثّون ما هم فيه ثم يرجعون، والقرموس ينظر إليهم. فقال يوما فسألهم عن أمرهم، فأخبروه بحالهم. فقال: عندي علم ما تريدون إلاّ أنّ لي قرموس ولا أستطيع أن أعطّله، فليقعد رجل منكم مكاني يعمل فيه، وأعطوني دابّة من دوابّكم، وألبسوني من ثيابكم، ففعلوا له ما أراد.
وكان في المدينة ولد لبعض ملوكهم قد ساءت حالته، فأتاه القرموسيّ وسأله عن القيام بملك ابنه. فقال: وكيف ذلك؟ وهذا الرجل الملك لم يخرج من مدينة منف! فقال القرموسي: أنا أخرجه لك. فجمع له مالا.
ثم ولّى القرموسيّ حتى دخل على بوله: إنّ عنده علم ما سأل عنه. فقال له:
أخبرني كم عدد نجوم السماء؟ فأخرج له القرموسي جرابا فيه رمل كان معه، فنثره بين
(1) فتوح مصر 1/ 91، تاريخ اليعقوبي 1/ 186، حسن المحاضرة 1/ 21.
(2)
ج 1/ 91.
(3)
في الأصل: «يوله» .
(4)
حتى هنا في حسن المحاضرة 1/ 21.
(5)
في الأصل: «بيت» .
(6)
ما بين القوسين لم يرد في فتوح مصر.
(7)
ما بين القوسين ليس في فتوح مصر.
(8)
في فتوح مصر 1/ 91.
(9)
في الأصل: «يوله» .
(10)
في الأصل: «يوله» .
(11)
في الأصل: «اسالكم» .