المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أحمد مفتاح: ومن ذوي الشهرة في كتابه الرسائل في هذه الحقبة - نشأة النثر الحديث وتطوره

[عمر الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌المحتويات:

- ‌تمهيد:

- ‌البعث

- ‌مدخل

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌في العراق والشام

- ‌السيد محمود الألوس أبو الثناء

- ‌نصايف اليازجي

- ‌بطرس البستاني:

- ‌أثر الصحافة في تطور الأسلوب:

- ‌الوقائع المصرية:

- ‌مدرسة جمال الدين الأفغاني، وأدب المقالة:

- ‌محمد عبده:

- ‌أديب إسحق

- ‌إبراهيم اللقاني:

- ‌عبد الله نديم:

- ‌أدباء الشام:

- ‌إبراهيم اليازجي:

- ‌نجيب حداد:

- ‌تنوع المقالة:

- ‌أدب الرسائل:

- ‌عبد الله فكري:

- ‌محمد عبده:

- ‌حمزة فتح الله:

- ‌عبد الكريم سلمان:

- ‌أحمد مفتاح:

- ‌عبد العزيز جاويش:

- ‌حفني ناصف:

- ‌إبراهيم اليازجي:

- ‌الكتب الأدبية:

- ‌أسواق الذهب لأحمد شوقي:

- ‌حديث عيسى بن هشام للمويلحي:

- ‌ليالى سطيح لحافظ إبراهيم:

- ‌صهاريج اللؤلؤ للبكري:

- ‌تطور المقال الأدبي

- ‌مدخل

- ‌مصطفى لطفي المنفلوطي

- ‌مدخل

- ‌الاشتراكية عند المنفلوطي:

- ‌اللغة العربية عند المنفلوطي:

- ‌المراثي عند المنفلوطي:

- ‌مقالاته الأدبية:

- ‌رسائله:

- ‌البيان في رأي المنفلوطي:

- ‌أسلوب المنفلوطي:

- ‌منزلة المنفلوطي في موكب الأدب العربي:

- ‌أثر الثقافة الأجنبية في تطور المقال الأدبي:

الفصل: ‌ ‌أحمد مفتاح: ومن ذوي الشهرة في كتابه الرسائل في هذه الحقبة

‌أحمد مفتاح:

ومن ذوي الشهرة في كتابه الرسائل في هذه الحقبة الشيخ أحمد مفتاح، وقد تخرج في دار العلوم سنة 1885، واشتغل بالصحافة والكتابة فيها زمنا، ثم اتصلت أسبابه بالسيد توفيق البكري، فصار معلمًا له، ثم صار مدرسًا للإنشاء بدار العلوم، وأقام بها سنتين وقد ترك عدة مؤلفات كلها تدل على تمكنه في اللغة، وعنايته بالكتابة وله وسائل عدة في مختلف الأغراض تنم كلها عن ذوق أدبي طيب، وعن قوة في الأداء، واهتمام بالصياغة والموسيقى: وكثيرًا ما تتضمن جملًا متتابعة خالية من السجع، كما كان يكثر من الإشارات التاريخية على طريقة ابن زيدون.

وهاكم رسالة في التعارف قبل اللقاء، وقد أوردتها لنتبين الفرق بينها، وبين رسالة الشيخ عبد الكريم سلمان في الغرض نفسه، يقول الشيخ مفتاح:

"لم أكن فيما أكتبه إليك إلا ساريًا في ليل التعارف على ضياء خلالك، والتي أملاها على لسان المدح، الذي شرق وغرب وطبق الأرض صبيته، وإني وإن لم

أكن أسعدت من قبل باجتلاء طلعتك الزاهرة، واجتناء مفاكهتك الغضة، فقد دلني على الليث زئيره، وعلى البحر خريره، وعلى العقل أثره، ولئن لم تجمعنا

لحمة النسب، فقد جمتنا حرفة الأدب، أو لم يضمنا قبل مصيف ومرتبع، فالطيور على أشكالها تقع، وشبه الشيء منجذب إليه، وأخو الفضائل هو المعول عليه.

وهذه الرقعة، إذا وصفت لك بعض ما أنا مطوي عليه من التهافت على رؤتيك، والميل إلى صداقتك، فقلما تنوب عن المشافهة، أو تقضي حاجات في النفس طالما تردد صداها، وفي ظني أن -سيدي- يود ما أوده وعما قليل يسفر الصبح عن اللقاء، ونتجاذب أهداب المعرفة، وأرى من سيدي فوق ما توسمنه، ويرى مني ما يرضيه والسلام".

وهنا كما ترى فرق في التعبير، ففي حين نرى الشيخ عبد الكريم يعبر عن عدم اللقاء الشخصي حتى آونة الكتابة بقوله:"وهذه أول رسالة أكتبها إلى من تكن لي به جامعة جسمية، ولم تضمني وإياه حفلة تعارف شخصية"، يقول الشيخ مفتاح:"وإني وإن لم أكن أسعدت من قبل باجتلاء طلعتك الزاهرة، واجتناء مفاكهتك الغضة"، وبينما يفصل الأول في مزايا من يكتب إليه بأنه له "أثارًا شهدناها، فاستفدناها، ومآثر سمعناها فرويناها، أو تناقلناها" يعمد الثاني إلى التعميم عن طريق الخيال والمجاز فيقول: "قد دلني على الليث زئيره وعلى البحر خريره، وعلى العقل أثره

إلخ" ولا شك أن الثاني أقوى، وهكذا لو رحت توازن بين القطعتين لوجدت أن الشيخ مفتاح كان يكتب بقلم أديب متمكن في صنعته، وذواقة مرهف الحس لموضع الكلام، وأما الشيخ سلمان فتلمح في رسالته سمة العلماء على الرغم من قوة أدائه، وحسن تأدبه.

ص: 108

ومن رسائل الشيخ مفتاح في غرض آخر قوله، وقد أهدى أحد كتبه إلى بعض الأدباء:"الهداية "غمرك الله بالمعروف" تبسط يد المودة، وتدربها أخلاف القرب، وتغرس بين المتحابين من الائتلاف بقدر ما تقطع بينهما من شجر الخلاف، وما أنا فيما أهديه إليك إلا: كمستبضع تمرًا إلى أرض خيبر، أو كالواهب الماء للبحر، والضوء للبدر، والملك لسليمان، والمال لقارون، والحلم لأحنف، والذكاء لإياس، والتفسير لابن عباس، وما ذاك إلا كتاب كما تراه ضرب في الإحكام بسهم، ووعي من الأحكام ما خلت منه مفعمات الأسفار، وموجزات الرسائل، فهو كما قيل: "كل الصيد في جوف الفرا".

تزين معانيه ألفاظه

وألفاظه زائنات المعاني

على أني وإن تطفلت عليك، وسقت لك هذا الكتاب مزدلفًا إلى جنابك الرحب، ومقامك الأسنى -فقد أصبت كبد الصواب، ووضعته حيث يعرفه أهله، ويتقبله من باذله عالموه، علمًا بأن عماد العلوم وأساس الفضائل، لا تغادر شاردة إلا وعيتها، ولا نادرة إلا رويتها، وإلا.

لو كان يهدي على قدري وقدركم

لكنت أهدي لك الدنيا وما فيها

ولعلك لاحظت ما تضمنه من الإشارات التاريخية، وحسن التأني في عرض الهدية، وقلة ما ورد فيه من الفقر المسجوعة، وأنه كان يعتمد على الازدواج، والترادف الصوتي أكثر مما يعتمد على السجع.

ولا يسعنا أن نسترسل في إيارد الرسائل لمن اشتهروا بها في هذه الحقبة، فعددهم كثير، وكل له طابعه وأسلوبه، وطريقته في التأنق والصياغة وسأكتفي بذكر اثنين منهم أولهما زعيم من زعماء الوطنية، ومن ذوي الأقلام القوية، واشتغل بالسياسة والصحافة، ولكن كانت تغلب عليه ثقافته اللغوية، والأدبية ويسعفه محفوظه من جيد الكلام نثره وشعره، وبخاصة حين يدبج رسالة إلى صديق يضاهيه في أدبه وفضله، أو إلى حبيب يعتب عليه جفاءه، ويستجدي رضاءه.

ص: 109