الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: قلت لرجل من ولد بشر بن داود: إن اباك كان سيف السلطان. قال: وظانا جعبته. قلت: فكان ينيك وانت تناك. قال: اقضي دينه. قال ابو هفان لابي العيناء: هذا اشد حراً من مكانك في لظى. فقال: بردهل بشعرك! وقال احمد بن ابي طاهر في ابي العيناء:
سجع ابي العيناء من رجعه
…
فلعنه الله على سجعه
كأن من يسمع الفاظه
…
يقذف صم الصخر سمعه
قد طبع الله على قلبه
…
فالكفر مستول على طبعه
لا تكثروا فيه فلابد لي
…
أساء أو احسن من صفعه
وكتب ابو العيناء، ألى ابن مكرم: قد اصبت لك غلاما من بني ناعط، ثم: من بني ناشرة، ثم: من بني نهد. فكت اليه ابن مكرم: " فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين ". قال لابن مكرم: ألست عفيفاً؟ قال: بلى إنك عفيف الفرج زاني الحرم. قال انما صار ذلك منذ تزوجت بأمك. وقال الجماز في ابي العيناء:
كذبوا ليس ابي العيناء في الكفر دعياً
ظلموا البائس ما زا
…
ل من الله برياً
وبذا نعرفه مذ
…
كان لا كان طبياً
فأخبروه تجدوه
…
بالذي قلت ملياً
وما اخبار ًالمبرد
قال الصولي: هو ابو العباس محمد بن يزيد بن عبد الاكبر بن عمير بن حسان بن سليمان بن سعد بن عبد الله بن زيد بن مالك بن الحارث بن عامر بن عبد الله بن بلال بن عوف بن اسلم - وهو ثمالة - بن احجن بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الازد بن الغوث. وكان سبب تلقيبه بالمبرد ان اب حاتم سهل بن محمد جعله في غلاف مزملة فارغ، حين طلبه صاحب الشرطة لمنادمة الامير. فدخل بيته وفتشه فلم يجده. فلما خرج جعل ابو حاتم يصفق وينادي: المبرد المبرد! وتسامع الناس فلهجوا بذلك ولقبوه به. ولد في سنة ست ومائتين. قال المبرد: النحو عبارة الاشياء. وحلي الالسن وجلاء الاسماع.
وقال: حضرت يوماً مجلس المتوكل، وبين يديه البحتري وهو ينشد قصيدة يمدح لها المتوكل، وبالقرب من البحتري ابو العنبس الصميري، فأنشد البحتري قصيدته:
يا باني المجد الذي
…
قد كان قوض فأنهدم
اسلم لدين محمد
…
فإذا سلمت فقد سلم
نلنا الهدى بعد العمى
…
بك والغنى بعد العدم
فلما اتمها مشى القهقري للانصراف، فوثب أبو العنبس الصميري فقال: يا أمير المؤمنين، إن رأيت ان ترده؟ فرد! فقال له ابو العنبس: قد عارضتكفي قصيدتك وكنيتك بحضرة امير المؤمنين. ثم اندفع ينشد يوقول:
في أي سلح ترتطم
…
و [أي كف تلتقم
أدخلت رأس البحتري
…
ابي عبادة في الرحم
فضحك المتوكل وقال: ادفعوا إلى ابي العنبس عشرة الاف درهم! فقال الفتح: فالبحتري الذي هجي واسمع المركوه ينصرف خائباً؟ فقال: ويدفع اليه عشرة الاف درهم.
قال ابن المعتز: جائني المبرد، فجرى ذكر أبي تمام الطائي، فلم يوفه حقه، فقال له رجل من الكتاب كان في المجلس ما رأيت احداً أحفظ لعر ابي تمام منه: يا ابا العباس، ايحسن احد ان يقول مثل ما قال ابو تمام لابي المغيث موسى بت ابراهيم الرافقي يعتذر اليه:
لعمري لقد اقوت مغانيكم بعدي
…
ومحت كما محت وشائع من برد
وانجدتكم من بعد إتهام داركم
…
فيا دمع انجدني على ساكني نجد
ثم قال في الاعتذار:
اتاني مع الركبان ظن ظنته
…
لففت له رأسي حياء من المجد
اسربل هجر القول من لو هجرته
…
اذا لهجاني عنه معروف عندي
كريم متى امدحه امدحه والورى
…
معي ومتى ما لمته وحدي
فقال ابو العباس: ما سمعت احسن من هذا قط.
وقال: ما اهتظم الرجل حقه إلا احد رجلين: أما جاهل بعلم الشعر ومعرفة الكلام واما عالم لم يتبخر هـ ولم يسمعه. وكتب البحتري الى المبرد يسأله ان يصير اليه.
يوم سبت وعندنا ما كفى الحر
…
طلابا والورد منا قريب
ولنا مجلس على النهر فيا
…
ح فسيح ترتاح فيه القلوب
وروام المادم يدنيك ممن
…
كنت تهوى وإن جفاك الحبيب
فأتنا يا محمد بن يزيد
…
في استتار كيلا يراك الرقيب
نطرد الهم باصطباح ثلاث
…
مترعات تنفي بهن الكروب
إن في الراح راحة من جوى الحب
…
وقلبي إلى الاديب طروب
لا يرعك المشيب مني فأني
…
ما ثناني عن التصابي المشيب
وكتب اليه ابو العباس في يوم مطير، فكتب اليه البحتري:
ان التزاور فيما بيننا خطر
…
والارض من وطاة البرذون تنخسف
إذا اجتمعنا على يوم الشتاء فلي
…
هم بما لاق حين انصرف
ومدحه ابن الرومي وهجاه. ولابي حاتم السجستاني في المبرد:
ماذا لقيت اليوم من
…
متمجن خنث الكلام
وقف الجمال بوجهه
…
فسمت له حزق الانام
وكأنما وجناته
…
غرض تكلل بالسهام
كالبدر إلا انه
…
يختال في زي الغلام
فأرحم اخاك فإنه
…
نزر الكرى بادي السقام
وأنله من دون الحرا
…
م فليس يقصد للحرام
وقال المبرد: كتب الي احمد بن علي المادرائي الكاتب:
كم ذا القعود مع المدابر
…
والعرض في هي الدفاتر
لو شئت قمت الى العقا
…
ر وطيب اصوات المزاهر
ثم اقترحت على الفتى
…
قف بالديار وقوف زائر
هذاك احرى بأختيا
…
لا مسامر للدهر خابر
وقال ابو الحسن بن كيسان التحوي: انصرفت من عند ابي العباس أحمد بن يحيى ثعلب إلى المبرد، فقال لي: اين كنت؟ فقلت: عند افضل اهل زمانه. فقال: تعني احمد بن يحيى؟ قلت: نعم. فأنشأ يقول:
اقسم بالمبتسم العذب
…
ومشتكى الصب الى الصب
لو كتب النحو عن الرب
…
ما زاده إلا عمى قلب
فحفظتهما وعدت الى تغلب، فقال لي: لم رجعت؟ فقلت: طنت عند المبرد. فقال: كني به وقد ثلبني. فقلت: قد صانك الله منه! فأقسم علي والح، فذكرت له الابيات، فأمسك ساعة ثم انشدني:
شاتمني كلب بني مسمع
…
فصنت عنه النفس
ولم اجبه لاحتقاري له
…
من ذا يعض الكلب اذا عضا
ودخل عليه رجل، فأراد القيام له، فقال: انشدك الله، ابا العباس، إن قمت! فقال: فلمن أخبأ قيامي؟ وانشد:
اذا ما بصرنا به مقبلا
…
حللنا الحبى وابتدرنا القياما
فلا تنكرن قيامي له
…
فإن الكريم يحل الكراما
وله:
اتعجب ان اقوم إذا بدا لي
…
لاكرمه واعظمه هشام
فلا تعجب لاسراعي اليه
…
فإن لمثله ذخر القيام
وفي مثله:
لئن قمت في ذاك منها غضاضة
…
علي وأني للكريم مذلل
على انها مني لغيرك هجنة
…
ولكنها بيني وبينك تحل
وقال المبرد:
هي المقادير تجري في أعنتها
…
فأصبر فليس لها صبر على حال
يوم تريش خسيس الحال ترفعه
…
نحو السماء ويوم تخفض العالي
وقال: لله درك من ذي نعمة كملت موصولة بجميل الجد واللعب
للدين منه نصيب لا يخل به
…
وحظه وافر في اللهو والطرب
وقف أحمد بن الطيب يوماً على المبرد مسلماً، فقال له المبرد: انت والله كما قال البحتري:
ففعلك إن سئلت لنا مطيع
…
وقولك إن سألت لنا مطاع
خصال النبل في أهل المعاني
…
مفرقة وانت لها جماع
وكان يباكر الغداء ثم يخرج الى احابه ويقول:
اذا تغديت وطابت نفسيه
…
فليس في الحي غلام مثليه
الا غلام قد تغدى قبليه ثم يقول هاتوا ما معكم! قال له الجاحظ يوماً: اتعرف مثل قول إسماعيل بن القاسم:
ولا خير فيمن لا يوطن نفسه
…
على النائبات الدهر حين تنوب
فقال: نعم، قول كثير عزة: فقلت لها: يا عو، كل مصيبة إذا وطنت يوماً لها النفس ذلت قال رجل للمبرد: تأخرت عنك لان برذوني اعتل. فأنشد:
اذا اعتل برذون الفتى وهو واحد
…
فصاحبه حتى يصح عليل
قال الصولي: كنا عند المبرد، فجاءه رجل فسلم عليه واستجفى نفسه في لقائه، فأنشد المبرد:
ان الزمان وإن شطت مشاهده
…
مني ومنك فأن القلب مقترب
لن ينقص النأي ودي ما حييت لكم
…
ولا يميل به جد ولا لعب
ذكر المعتصم عند المبرد، فقال: هو كما قال الاخطل:
تسمو العيون إلى امام عادل
…
معطى المهابة نافع ضرار
وترى عليه إذا العيون رمقنه
…
سمة الحليم وهيبة الجبار
اشترى المبرد نبقاً وجعله بين يديه مخافة ان يبعث به الى النساء فيؤكل، ابنه فجلس الى جنبه كأنه يسمع ما يمر في المجلس وجعل يتناول من النبق ويلقيه الى فيه، فألتفت ابو العباس فرآه فأنشد:
الناس في غفلاتهم
…
ورحى المنية تطحن
فخجل ابنه فقام ودخل وانشد يرد قول سعيد بن جميد في صديق له يستنجزه وعدا:
سبقت الى عدة بالنوال
…
جعلت الوفاء بها لي ضمينا
فلا تعذرن فإن الحلال
…
يجلك عن خلق الغادرينا
تعلمت بعدي طول المطال
…
وعلمتني ذلة الصابرينا
فما اسمج الغدر بعد الوفاء
…
وما اقبح البخل بالقادرينا
وقال: دخلت يوماً الى موضع المجانين فمررت برجل تلوح صلعته وتبرق جبهته وهو جالس على حصير نظيف وهو متوجه الى القبلة كأنه يصلي، فجاوزته إلى غيره، فناداني: سبحان الله! اين السلام؟ من المجنون، انا ام انت؟! فأستحييت منه فقلت: السلام عليكم! فقال: لو كنت ابتدأت لاوجبت علينا حسن الرد عليك على انا نصرف سوء ادبك الى احسن الجهاتمن العذر لانه يقال: إن للداخل على القوم دهشة. اجلس، اعزك الله عندنا! وأومى إلى حصير وجعل ينفضه كأنه يوسع لي، فعزمت على الدنو منه، فناداني ابن ابي حميضة القيم: عليهم إياك إياك! فأحجمت في ذلك ووقفت ناحية أستجلب مخاطبته، فقال لي وقد رأى معي محبرة: يا هذا، ارى معك آلة رجلين ارجو ان لا تكون احدهما، أتجالس اصحاب الحديث الاغثاثاام الادباء اهل النحو والشعر؟ قلت: الادباء! قال: اتعرف ابا عثمان المازني؟ قلت نعم. قال: أفتعرف الذي يقول فيه:
وفتى من مازن ساد اهل البصرة
…
أمه معرفة وابوه نكرة
قلت: لا قال: افتعرف غلاماً له قد نبغ في هذا العصر له ذهن وحفظ يعرف بالمبرد؟ قلت: انا والله عين الخبير له! قال: فهل انشدك شيئاً من مخبثات اشعاره؟ قلت: لا احسبه يحسن قول الشعر. قال: سبحان الله، اليس هو الذي يقول:
حبذا ماء العناقيد بريق الغانيات
…
بهما ينبت لحمي ودمي أي انبات
ايها الطالب اشهى من لذيذ الشهواتكل بماء المزن تفاح خدود الناعمات
قلت: قد سمعته ينشد هزله مجلس انس. قال: سبحان الله، اوستحي ان ينشد مثل هذا حول الكعبة؟! أما سمعت ما يقول الناس في نسبه؟! قلت يقولون هو من ازد شنوة ثم من ثمالة. قال: قاتله الله، ما ابعد غوره، اتعرف من قال:
سألنا عن ثمالة كل حي
…
فقال القائلون ومن ثمالة
فقلت: محمد بن يزيد منهم
…
فقالوا: زدتنا بهم جهالة
فقال لي المبرد: خل قومي
…
فقومي معشر فيهم نذالة
قلت: اعرف هذه الابيات لعبد الصمد بن المعذل. قال: كذب من ادعاها غير المبرد، هذا كلام رجل لا نسب له! يريد ان يثبت بهذا الشعر له نسباً. قلت: انت اعلم! قال: يا هذا، قد غلبت بخفة روحك على قلبي وتمكنت بفصاحتك من استحساني، وقد ارت ما كان يجب ان اقدمه، ما الكنية؟ اصلحك الله! قلت: ابو العباس. قال: فما الاسم؟ قلت: محمد. قال: فألاب؟ قلت: يزيد. قال: قبحك الله، احوجتني الى الاعتذار اليك مما قدمت ذكره! ثم وثب باسطاً يديه لمصافحتي، فرأيت القيد في رجله قد شد إلى خشبة في الارض؟، فأمنت عند ذلك غائلته، فقال لي: يا ابا العباس، صن نفسك عن الدخول الى هذه المواضع! فقبلت قوله ولم اعاود الدخول الى مخيس. وقال بعض اصحاب ثعلب:
اسم المبرد من معناه مسترق
…
حقا كما اقتد داجي الليل من نسبه
وقلما ابصرت عيناك ذا لقب
…
إلا ومعناه إن فتشت في لقبه