المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - ومن أخبار أبي محرز خلف بن حيان الأحمر - نور القبس

[اليغموري]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيموبه أستعين

- ‌في الحث على تعلم العلم وتقويم اللسان

- ‌ابتدآءُ امر النَحْو ومن تكلم فيه

- ‌من اخبار العلماء والنحاة والرواة من اهل البصرة

- ‌1 - من أخبار أبي الأسْوَد

- ‌2 - ومن أخبار يحيى بن يعمر العدواني

- ‌3 - ومن أخبار نصر بن عاصم الليثي

- ‌4 - ومن أخبار سعد الرابية

- ‌5 - ومن أخبار عنبسة بن معدان الفيل

- ‌6 - ومن أخبار عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي

- ‌7 - ومن أخبار أبي عمرو بن العلاء

- ‌8 - ومن أخبار سلمة بن عياش العامري

- ‌9 - ومن أخبار مسلمة النحوي

- ‌10 - ومن أخبار يزيد بن أبي سعيد النحوي

- ‌11 - ومن أخبار أبي بكر الهذلي

- ‌12 - ومن أخبار عيسى بن عمر الثقفي

- ‌13 - ومن أخبار أبي الخطاب الأخفش

- ‌14 - ومن أخبار حماد بن سلمة

- ‌15 - ومن أخبار يونس بن حبيب النحوي

- ‌16 - ومن أخبار أبي عبد الرحمان الخليل بن أحمد الفراهيدي

- ‌17 - ومن أخبار أبي محرز خلف بن حيان الأحمر

- ‌18 - ومن أخبار أبي محمد اليزيدي

- ‌19 - ومن أخبار أبي عبد الله محمد بن أبي محمد اليزيدي

- ‌20 - ومن أخبار أبي إسحاق إبراهيم بن أبي محمد اليزيديّ

- ‌21 - ومن أخبار أبي عليّ اسماعيل بن أبي محمد اليزيدي

- ‌22 - ومن أخبار أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي محمد اليزيدي

- ‌23 - ومن أخبار أبي العباس الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي

- ‌24 - أخبار رجلٍ من اليزيديين لم يسمَّ

- ‌25 - ومن أخبار سيبويه وهو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر

- ‌26 - ومن أخبار أبي الحسن الأخفش وهو سعيد بن مسعدة

- ‌27 - ومن أخبار النضر بن شُميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم المازنيّ

- ‌28 - ومن أخبار أبي فيد مؤرِّج بن عمرو السَدُوسيّ

- ‌29 - ومن أخبار أبي زيد الأنصاري

- ‌30 - ومن أخبار أي عبيدة معمر بن المثنى

- ‌31 - ومن أخبار الأصمعي

- ‌في أبتداء أمر البصرة ونزول المسلمين فيها

- ‌32 - ومن أخبار قُطرُب النحوي

- ‌33 - ومن أخبار يعقوب الحَضْرميّ

- ‌34 - ومن أخبار كيسان المحوي

- ‌35 - ومن أخبار خلاد بن يزيد الباهليّ

- ‌37 - ومن أخبار ابن سلام الجُمحي

- ‌38 - ومن أخبار أبي عبد الرحمن العٌتْبِيّ

- ‌39 - ومن أخبار العائشي التيميّ

- ‌40 - ومن أخبار عبيد الله بن معمر التيميّ

- ‌41 - ومن أخبار محمد بن حفصٍ

- ‌42 - ومن أخبار عبد الرحمان بن عبيد الله

- ‌43 - ومن أخبار أبي عليّ الحسن بن عليّ الحِرْمازيّ

- ‌44 - ومن أخبار أبي العالية الشاميّ

- ‌45 - ومن أخبار أبي محلَّم السَعْديّ

- ‌46 - ومن أخبار أبي قلابة الجَرْميّ

- ‌47 - ومن أخبار أبي عمر الجَرْميّ

- ‌48 - ومن أخبار أبي الحسن عليّ بن المغيرة الأثْرم

- ‌49 - ومن أخبار أبي محمد عبد الله بن محمد التوزّيّ

- ‌50 - ومن أخبار أبي عَدْنانَ السُلَميّ

- ‌51 - ومن أخبار الزياديّ أبي إسحاق

- ‌52 - ومن أخبار أبي عمرو قَعْنَبِ بن المُحْرِز الباهليّ البصريّ

- ‌53 - ومن أخبار أبي عثمان المازنيّ

- ‌54 - ومن أخبار دماذ غُلام ابي عبيدة

- ‌55 - ومن أخبار أبي عمران موسى بن سلمة النحويّ

- ‌56 - ومن أخبار أبي حاتم السجستانيّ

- ‌57 - ومن أخبار أبي الفَضْل الرياشيّ

- ‌58 - ومن أخبار الجاحظ

- ‌59 - ومن أخبار عُمر بن شَبَّة

- ‌في ابتداء أمر الكوفة ونزول المسلمين فيها

- ‌أسامي من تضمنهم هذا الكتاب من رواة الكوفة وعلمائها وقرائها

- ‌60 - من أخبار قبيصة بن جابرٍ الأسدي

- ‌61 - ومن أخبار الشعبيّ

- ‌62 - ومن أخبار سليمان بن مهران الأعمْش

- ‌63 - ومن أخبار ابن السائب الكَلْبيّ

- ‌64 - ومن أخبار أبي الحكم الكلبيّ

- ‌65 - ومن أخبار أبي جنابٍ الكلبيّ

- ‌66 - ومن أخبار ابن عياش المنتوف

- ‌67 - ومن أخبار حُمران بن أعْيَنَ

- ‌68 - ومن أخبار زهير القُرقبيّ

- ‌69 - ومن أخبار حمزة بن حبيبٍ الزّيات

- ‌70 - ومن أخبار حماد الراوية

- ‌71 - ومن أخبار جَنّاد بن واصل

- ‌72 - ومن اخبار ابن الجصاص

- ‌73 - ومن أخبار المفُضَّل الضَبيّ

- ‌74 - ومن أخبار الشرْقيّ بن القطاميّ

- ‌75 - ومن أخبار معاذٍ الهَرّاءِ

- ‌76 - ومن أخبار أبي عمرو الشيبانيّ

- ‌77 - ومن أخبار بُزُرخ العَروُضيّ

- ‌78 - ومن أخبار أبي جعفر الرؤاسيّ

- ‌79 - ومن أخبار القاسم بن مَعْن

- ‌80 - ومن أخبار أبي بكر بن عيَّاشٍ

- ‌81 - ومن أخبار الكسائيّ

- ‌ومن اخبار ابي هلال المحاربي

- ‌83 - ومن اخبار ابي المنذر هشام بن محمد الكلبي

- ‌84 - ومن اخبار الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الطائي

- ‌85 - ومن أخبار ابن كناسةً

- ‌86 - ومن أخبار الأحْمر غُلام الكسائي

- ‌87 - ومن أخبار أبي زكرياء الفرّاء

- ‌88 - ومن أخبار هشام النحويّ

- ‌89 - ومن أخبار ابن الأعرابيّ

- ‌في ابتداء أمر مدينة السلام واختطاط أبي جعفر المنصور إياها ونزولها

- ‌ومن أخبار العلماء والنحاة والرواة من أهل بغداد ومن طرأ عليها من

- ‌90 - محمّد بن إسحاق بن يسارٍ

- ‌91 - ومن أخبار ابن دَأبٍ

- ‌92 - ومن أخبار الواقديّ

- ‌93 - ومن أخبار أبي البَخْتَريّ القاضي

- ‌94 - ومن أخبار أبي المُنذرِ العَروضيّ

- ‌95 - ومن أخبار أبي مِسْحَلٍ الأعرابيّ

- ‌96 - ومن أخبار ابن قادمٍكان يؤدب أولاد سعيد بن سلم بن قتيبة، وكان

- ‌97 - ومن أخبار أبي عُبيد القاسم بن سَلاّم

- ‌98 - ومن أخبار النضر بن حديد

- ‌99 - ومن أخبار أبي محمّد إسحاق بن إبراهيم الموصليّ

- ‌100 - ومن أخبار مُصْعب الزُبيريّ

- ‌101 - ومن أخبار أبي جعفر الجُرجاني محمّد بن عمر

- ‌102 - ومن أخبار ابن السكِّيت

- ‌103 - ومن أخبار أبي محمد سلمة بن عاصم النحوي

- ‌104 - ومن اخبار الزبير بن بكار

- ‌105 - ومن اخبار حماد بن اسحاق بن ابراهيم الموصلي

- ‌106 - ومن اخبار ابي العيناء

- ‌وما اخبار ًالمبرد

- ‌108 - ومن اخبار ثعلب

- ‌109 - ومن أخبار أبي العباس محمّد بن الحسن الأحْوَل

- ‌110 - ومن أخبار ابن عُليَل العَنَزيّ

- ‌111 - ومن أخبار ابن مَهْديّ الكِسْرَويّ

- ‌112 - ومن أخبار المُفضَّل بن سَلَمَة بن عاصم

- ‌113 - ومن أخبار يحيىَ بن عليّ المُنجِّم

- ‌114 - ومن أخبار أبي الحسن أحمد بن سعيد الدمشقيّ

- ‌115 - ومن أخبار أبي الحسن عليّ بن سليمان بن الفضْل الأخْفش

- ‌116 - ومن أخبار أبي إسحاق إبراهيم بن السّريّ الزَجّاج

- ‌117 - ومن أخبار أبي بكر محمّد بن السَريّ السَرّاج

- ‌118 - ومن أخبار أبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزْديّ

- ‌119 - ومن أخبار ابن عَرَفة المُهلَّبيّ

- ‌120 - ومن أخبار أبي بكر محمّد بن القاسم بن محمّد الأنباريّ

- ‌121 - ومن أخبار الصُوليّ

- ‌ذكر النسابين

- ‌122 - منهم دَغْفل بن حَنْظَلةَ

- ‌123 - ومن النسلبين أبو ضَنْضَم البَكْري

- ‌124 - ومنهم النخّار العُذْريّ

- ‌125 - ومن أخبار وَهْب بن مُنَبِّهٍ

الفصل: ‌17 - ومن أخبار أبي محرز خلف بن حيان الأحمر

والحرص من شر أداة الفتى

لاخير في الحرص على حال

من بات محتاجاً إلى أهله

هان على ابن العم والخال

ما وقع الواقع في ورطة

أزرى به من رقة الحال

وقال " من البسيط ":

رزقت جوداً ولم أرزق مرؤته

وما المروءةُ إلا كثرة المال

إذا أردت مساماة تقاعدني

عما ينوه باسمي رقة الحال

وقال " من الوافر ":

وهذا المال يرزقه رجال

مناديل إذا اختبروا فسول

ورزق الخلق مجلوب إليهم

مقادير يقدرها الجليل

كما تسقى سباخ الأرض ريا

وتصرف عن كرائمها السيول

فلا ذو المال يرزقه بعقل

ولا بالمال تقتسم العقول

وقال في تفضيل شكر الشاكر على إنعام المنعم " من الطويل ":

وما بلغ الإنعام في النفع غايةً

من الفضل إلا مبلغ الشكر أفضل

وما بلغت أيدي المنيلين بسطة

من الطول إلا بسطة الشكر أطول

ولا رجحت بالمرء يوماً صنيعة

على المرء إلا وهي بالشكر أثقل

وقال " من المجتث ":

إن لم يكن لك لحم

كفاك خلُّ وزيت

أو لم يكن ذا وهذا

فكسرة وبييتُ

تظل فيه وتأوى

حتى يجيئك موتُ

هذا عفاف وأمن

فلا يغرك ليت

وقال يصف قصر عيسى بن جعفر بالخريبة " من البسيط ":

زر وادي القصر نعم القصر والوادي

لابدَّ من زورة من غير ميعاد

زره فليس له شبه يعادله

من منزل حاضرٍ إن شئت أو باد

ترفى قراقيره والعيس واقفة

والنون والضب والملاح والحادي

القراقير: ضرب من السفن، وترفى: أي توقف السفن بها، والمعنى أنه مجمع البر والبحر. وقال - وقيل: هي لأبي عيينة المهلبي " من المنسرح ":

يا جنة فاقت الجنان فما

تبلغها قيمةٌ ولا ثمن

ألفتها فاتخذتها وطناً

إن فؤادي لأهلها وطن

صاهر حيتانها الضباب بها

فهذه كنة وذا ختن

من سفن كالنعام مقبلةٍ

ومن نعامٍ كأنها سفن

سأل الأخفش الخليل: لم سميت الطويل طويلاً؟ قال: لأنه تمت أجزاؤه. قال: فالبسيط؟ قال: لأنه أنبسط عن مدى الطويل. قال: فالمديد؟ قال: لتمدد سباعيه حول خماسيه. قال: فالوافر؟ قال: لوفارة الأجزاء. وتدا بوتد. قال: فالكامل؟ قال: لأن فيه ثلاثين حركة لم يجتمع في غيره. قال: فالرجز؟ قال: لاضطرابه كاضطراب قوائم الناقة الرجزاء. قال: فالهزج؟ قال: لأنه يضطرب شبه هزج الصوت. قال: بعض. قال: لأنه يسرع على اللسان. قال: فالمنسرح؟ قال: لانسراحه وسهولته. قال: فالخفيف؟ قال: لأنه أخف السباعيات. قال: فالمقتضب؟ قال: لأنه اقتضب من الشعر لقلته. قال: فالمضارع؟ قال: لأنه ضارع المقتضب. قال: فالمجتث؟ قال: لأنه أجتث، أي قطع من طول دائرته. قال: فالمتقارب؟ قال: لتقارب أجزائه، وإنها خماسية كلها يشبه بعضها بعضاً.

وتردد إلى مجلس الخليل بعضهم فلم يحظ منه بطائل لقصور فهمه، فقال له الخليل " من الوافر ":

إذا لم تستطع أمراً فدعه

وجاوزه إلى ما تستطيع

وقال: أنا أول من سمى الأوعية ظروفاً، وإنما قيل للإنسان ظريف لأنه جعل ظرفاً لأدب ونظافة. - قالت امرأة الخليل له: لاأراك تجلس عندي كثيرا. قال: ما أصنع عندك؟ أنت تجلين عن دقيقي وأنا أدق عن جليلك! ومات الخليل سنة ستين ومائة. - قال عليّ بن نصر: رأيت الخليل في النوم فقلت في نفسي: لاأرى أحداً من أسلافنا في النوم أعقل من الخليل. فقلت ما صنع الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني! ثم قال لي: رأيت ماكنا فيه ما انتفعنا بشئ منه، وكله باطل، ولكن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ما رأينا انفع منهن!

‌17 - ومن أخبار أبي محرز خلف بن حيان الأحمر

ص: 26

مولى بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو من السغد الذين سباهم قتيبة بن مسلم الباهلي، فوهبهم سلم بن قتيبة لبلال بن أبي بردة. - أخذ النحو عن عيسى بن عمر واللغة عن أبي عمرو بن العلاء، ولم ير أحدٌ أعلم بالشعر والشعراء منه. ومما نسب من شعره إلى تأبط شراً " من المديد ":

إن بالشعب الذي دون سلع

لقتيلاً دمه ما يُطل

القصيدة. - ومر خلف باليزيدي، فقال له: يا أبا محرز، ما معنى قول الشاعر " من الكامل "؟

وإذا انتشيت فإنني

ربُّ الخورنق والسدير

وإذا صحوت فإنني

ربُّ الشويهة والبعير

فقال له خلف " من الكامل ":

وإذا انتشيت فإنني

ربُّ الحريبة والرميح

وإذا صحوت فإنني

ربُّ الدوية واللويح

يعرض باليزيدي أنه معلم. - قال الأصمعي: قرأت على خلف شعر جرير، فلما بلغت قوله " من الطويل ":

ويومٍ كإبهام القطاة محبب

إليّ هواه غالبُ لي ماطله

رزقنا به الصيد الغرير ولم نكن

كمن نبله محرومة وحبائله

فيالك يوماً خيره قبل شره

تغيب واشيه وأقصر عاذله

فقال: ويله! وما ينفعه خير يؤول إلى شر؟ فقلت له: كذا قرأته على أبي عمرو، فقال لي: صدقت وكذا كان يجب أن يقول؟ قال: الأجود لو قال: " فيالك يوماً خيره دون شره "، فاروه هكذا! فقد كانت الرواة قديماً تصلح أشعار القدماء. فقلت: والله لاأرويه بعدها إلا هكذا. - وقال خلف: ما أحد بيَّن عن حقيقة الطيف إلا قيس بن الخطيم في قوله " من الكامل ":

ما تمنعي يقظي فقد تؤتينه

في النوم غير مكدر محسوب

كان المنى بلقائها فلقيتها

فلهوت من لهو امرئ مكذوب

ولا اتبعه حق الاتباع إلا ذو الرمة في قوله " من الطويل ":

إذا نحن عرسنا بأرض سرى لنا

هوى لبسته بالقلوب اللوابس

نأت دار ميٍ أن تزار وزورها

إذا مادجا الإظلام منَّا وساوس

وقرأ أبو نواس على خلف، وأمره أن يرثيه وهو حي، فرثاه أبو نواس، فلما سمعه خلف قال له: أنت أشعر الناس! وقال له مرة أخرى: يابني لشعرك فوق سنك. - وجاء رجلٌ إلى خلف فقال: إني قد قلت شعرا أحببت أن أعرضه عليك. قال: هات! فأنشده " من الكامل ":

رقد النوى حتى إذا انتبه الهوى

بعث النوى بالبين والترحال

ياللنوى جدُّ النوى قطع النوى

بالوصل بين ميامن وشمال

فقال له خلف: قولي، واحذر الشاة! فو الله لئن ظفرت بهذا الشعر لتجعله بعرا، على أني ما ظننت بك هذا كله.

وقال الأصمعي: حج قومٌ بالبصرة وقدموا، فأهدى إليهم خلف هدية فقصروا في ثوابه، فقال " من الوافر ":

سقى حجاجنا نوءُ الثريا

على ماكان من لؤم وبخل

همُ شدّوا القباب وأحرزوها

فلو زادوا لها باباً بقفل

وقد عدوا لنا شيئاً بشئٍ

مقايضة له مثلا بمثل

فإن أهديت فاكهة وكبشاً

وعشر دجائج بعثوا بنعل

ومسواكين طولهما ذراع

وعشرٍ من صغار المقل خشل

فإن أهديت ذاك ليحملوني

على نعل فدق الله رجلي

أناس مائهون لهم رواءٌ

تغيم سماؤهم من غير وبل

إذا نسبوا فحي من قريش

ولكنَّ الفعال فعال عُكْل

وقال ليحيى بن وردان وقد قدم من مكة فلم يهد إليه شيئاً " من البسيط ":

هلا أتيت بقمري أربيه

أو ساق حرٍ إذا ما شئت غناني

فليس للبر والتقوى حججت ولا

من خشية الله يايحيى بن وردان

كنت الخبيث إذا شدوا محاملهم

أيام مكة أنت الفاسق الزاني

قال حبيب القاضي: خرجنا بسحرة نريد بعض الفقهاء ومعنا عباد بن صهيب، فجاء كلب حتى تشممه، ثم بال عليه، فقال خلف: كان هذا الكلب من قافة بني مدلج، وضع البول في موضعه!

ص: 27

وقال خلف: كنت أسمع ببشار وما كنت رأيته، فذكروه لي يوماً وذكروا بيانه وسرعة جوابه وجودة شعره، وأنشدوني شعراً ليس بالمحمود عندي. فقلت: والله لآتينه ولأطأطئن منه! فأتيته وهو جالس على باب داره، فرأيت أعمى قبيح المنظر عظيم الجثة، فقلت: لعن الله من يبالي بهذا! فوقفت أتأمله طويلاً، فبينا أنا كذلك إذ جاءه رجل فقال: إن فلاناً سبعك عند الأمير محمد بن سليمان ووضع منك. فقال: أفعل؟ قال: نعم! فأطرق، وجلس الرجل عنده وجلست، وجاء قومٌ فسلموا عليه، فلم يردد عليهم السلام، فجلسوا ينظرون إليه، فندرت أوداجه فما نشب أن أنشدنا بأعلى صوته وأفخمه " من الكامل ":

نبئت راكب أمه يغتابني

عند الأمير وهل عليَّ أمير

ناري محرقة وسيبي واسع

للمعتفين ومجلسي مغمور

ولي المهابة في الأحبة والعدى

وكأنني أسد به تأمور

غرثت حليلته وأخطأ صيده

فله على لقم الطريق زئير

فارتعدت والله فرائصي وعظم في عيني جداً وقلت في نفسي: الحمد لله الذي أنقذني من شرك! وذكر عليّ بن هارون المنجم عن أبيه أن خلفاً قال قصيدة نحلها عباد بن الممزق، يذكر فيها أبا محمد اليزيدي ويرميه باللواط بأملح معان وأقرب لفظ، وهي " من الكامل ":

إني ومن وسج المطي له

حدب الذرى اقرابها رجف

يطرحن باليد السخال إذا

حث النجاء الركب وازدهفوا

وإذا قطعن مساف مهمهة

تأتي تعرض دونه شرف

والمحرمون لصوتهم زجل

بفناء كعبته إذا هتفوا

وافت بهم فرض مزممة

مثل القسي ضوامر شسف

مني إليه غير ذي كذبٍ

ما أن رأى قوم ولا عرفوا

في غبر الناس الذين بقوا

والفرط الماضيين إذ سلفوا

في معرك تلقى الكمي به

للوجه منبطحاً وينحرف

وإذا أكب القرن أتبعه

طعناً دوين صلاه ينخسف

لله درك أي ذي دلف

في الحرب أنت إذا هم وقفوا

لاتخطئ الوجعاء ألته

ولا تصد إذا هم زحفوا

وله جياد ليس تعوزها الاجلال والمضمار والعلف

جرد يهان لها السويق وألبان اللقاح كأنها ترف

مرد وأطفال تخالهم

دراً تطابق فوقه الصدف

ومتى يشا يجنب له جذع

نهد أسيل الخد مشترف

يمشي العرضنة تحت فارسه

عبل الشوى في مشيه قطف

ربذا إذا عرقت مغابنه

ذهب السكون وأقبل العنف

في حقوه عرد تقدمه

صلعاء في يافوخها قنف

جرداءُ تشحذ بالبصاق إذا

دعيت نزال وهبّ ترتدف

أقعت على قيد الذراع شديد الجلز في يافوخه جوف

خاط ممر متنه ضرم

لاخانه خور ولا قضف

لو أنّ قناصاً تأمله

نادى بحر الويل يلتهف

وإذا يمسحه لعادته

ودنا الطراد فمدعس قطف

وإذا أبس به رباً وثرا

حتى يكاد لعابه يكف

ياليتني أدري أمنجيتي

وجناء ناجية بها شدف

من أن تعلقني حبائله

أو أن يواري هامتي اللحف

ربما أقول لصاحبي خلف

إيها هديت تحرزن خلف

فلو أنّ بيتك في ذرى علم

من دون قلّة رأسه شعف

ذلق أعليه وأسفله

وعلا تنائف بينها قذف

لخشيت جزرك أن يبيتني

إن لم يكن لي عنك منصرف

وهجا رجلاً كوسجاً يقال له محرز " من الوافر ":

أمحرز ما نظرت إليك إلا

ذكرت من النساء عجوز لوط

أرى شعراً بخدك غير حلو

شبيهاً حين يمشط بالخيوط

فما شيء بأشبه من عجوز

إذا فكرت من شيخ سنوط

وقال يصف حية " من الوافر ":

يرون الموت دونك إن رأوني

وصل صفا لنابيه ذباب

من المتطويات بكهف طود

عرام لا يرام له جناب

ص: 28