الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن سار سارت لاتفارق رأسه
…
فقال لهم: هذا النبي محمَّدُ
حليم رحيمٌ لينُ متواضعٌ
…
سَحيّق حييٌّ عابدٌ متزهدُ
وكان رسول الله فوق صفانتا
…
يُقصرُ فيه من يقولُ فيجهدُ
قال يعقوب بن السكيت: كتبت عن قطرب قمطرا، ثمّ تبينت أنه يكذب في اللغة، فلستُ أذكرُ عنه شيئاً. - وقال أبو زيد: قطرب وأبوه معتزليَّان.
ومات قُطرب في سنة ست ومائتين.
33 - ومن أخبار يعقوب الحَضْرميّ
هو أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي المُقرئ، ولد سنة عشرين ومائة. - قال محمد بن سعد: يعقوب بن إسحاق الحضرمي ليس عندهم بذاك الثبت، يذكرون أنه حدث عن رجال لقيهم وهو صغير لم يدرك. وأخوه أبو إسحاق أحمد بن إسحاق ثقةٌ أكبر من أخيه يعقوب.
قال يعقوب: مات حميد الطويل في جمادي الأولى سنة أربعين ومائة، ومات أبان بن أبي عياش في أول رجب سنة ثمان وثلاثين ومائة، ومات الحسن في رجب سنة عشر ومائة.
توفي يعقوب الحضرمي وأبو عامر العقدي يوم الأحد في جمادي الأولى سنة خمس ومائتين.
34 - ومن أخبار كيسان المحوي
هو أبو سليمان بن المعرَّف كيسان الهُجيميُّ. قال أبو زيد: كان ثقة. وقال أبو عبيدة: العلمُ يمسخُ على لسان كيسان أربع مرات: يسمع معنا غير مانسمع، ويكتب في ألواحه خلاف مايسمع، وينقل إلى الدفة خلاف مايكتب في لوحه، ويقرأ من الدفتر خلاف مافيه.
وقام أبو زيد يوماً من مجلسه وقال: كانت العرب تقول: ليس لحاقن رأيُ. قال كيسان: ولالمنعظ. فقال: ماسمعناه ولكن اكتبوه فإنه حقٌ.
وقرأ عليه صبيُّ شعراً مرَّ فيه ببيت فيه ذكر العيس، فقال له: ما العيس؟ فقال: الإبل البيض التي تخلط بياضها حمرة. قال: وما الإبل؟ قال: الجمال. قال: وما الجمال؟ فقام على أربعة ورغا في المسجد.
35 - ومن أخبار خلاد بن يزيد الباهليّ
الأرقط كنيته أبو عمرو - وقيل: أبو مخلد - ولقب بالأرقط لجدريّ كان به. قال خلادٌ: كنّا على باب أبي عمرو بن العلاء ومعنا التيميُّ، فتذاكرنا كتاب الحجاج إلى قتيبة بن مسلم: إني وإياك لدةٌ وإن امرأً سار خمسين حجة إلى منهل لقمن أن يرده. فقلنا: نصنع في هذا المعنى بيتاً. قال: فارتفع بيننا هذا البيت " من الطويل ":
وإن امرأً قد سار خمسين حجَّةً
…
إلى منهلٍ من ورده لقريبُ
فاستلبه التيمي فأدخله في شعره. قال خلاد: وسار فانفردت أنا ببيت وهو " من الطويل ":
ومن كان في الدنيا على حال قلعة
…
وإن طال فيها عمره لغريب
وقال خلادٌ: حضرنا يزيد بن عمر بن هبيرة في يوم مهرجان وهو أمير العراق، فأسندت له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أُتي أحدكم بهدية فجلساؤه شركاؤه فيها! وكان بين يديه صنوفُ مما أهدي إليه من الذهب والفضة والجوهر، فقام خلف بن خليفة الأقطع فقال " من المتقارب ":
كأنا شماميسُ في بيعةٍ
…
تسبحُ في بعض عيداتها
وقد حضرت رسلُ المهرجان
…
وصفوا كريمَ هداياتها
علوتُ برأسي فوق الرؤوس
…
فأشخصته فوق هاماتها
لأثكسبَ صاحبتي صحفةً
…
تغيظُ بها بعض جاراتها
فأمر له بجام ذهبٍ فيه صورة شجرة كرم، فقال " من الرمل ":
أصبحتُ صحفة أهلي من ذهب
…
وصحافُ الناس حولي من خشب
وإذا سببُ لي خيرُ أتى
…
إنَّ للصنع وجوهاً وسبب
فأصبنا صحفة منقوشةً
…
نقشت فيها تصاويرُ العتب
زين الجام فلما نلته
…
زيَّن الشيطان لي مافي الجُربُ
إنَّ شيطاني مريدٌ فاتكٌ
…
لو أماليه عليها لوثب
قال: فأمر له بجراب ثياب، فقال: حسبي أيها الأمير، قد غنيتني! وأقبل يعطيه شيئاً بعد شيء وهو يقول " من الطويل ":
إذا الله سنى أمر شيءٍ تيسرا
ثمّ أقبل علينا ابن هبيرة يحدثنا، فقال: إن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ورد على يزيد بن معاوية، فقال له: كم كان أمير المؤمنين يعطيك؟ قال: كان رحمه الله يعطيني ألف ألف. فقال يزيد: قد زدناك لترحمك عليه ألف ألف. قال: بأبي أنت،امي. قال: ولهذه ألف ألف. قال: أما أني لاأقولها لأحد بعدك. قال: ولهذه ألف ألف. قال: مايمنعني من الأطناب في وصفك إلا الإشفاق عليك من جودك. قال: ولهذه ألف ألف. وحمل المال معه، فقيل ليزيد: فرَّغت بيت مال المسلمين على رجلٍ واحدٍ. قال: إنما دفعته إلى أهل المدينة أجمعين. ثمّ وكل به من يعرفه خبره من حيث لايعلم، فلما دخل المدينة فرق المال فيها حتى أحتاج بعد شهرٍ الى القرض. قال: وأقبل ابن هبيرة يفرق الهدايا وينشد شعر الخثعمي " من البسيط ":
لاتبخلن بدنيا وهي مقبلةٌ
…
فليس يقصها التبذيرُ والسرف
فإن توَّلت فأحرى أن تجود بها
…
فالشكر منها إذا ماأدبرت خلف
وحدّث خلاد بإسناد له عن عروة بن الزبير أنه قال لعائشة: يأماه - أو: ياخالاه - نظرتُ في أمرك، فعجبت من أشياء ولم أعجب من أشياء، رأيتك من أفقه الناس! - فقلت: مايمنعها وهي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيتك من أعلم الناس بالشعر! - فقلت: مايمنعها وهي ابنة أبو بكر الصديق - ورأيتك من أعلم الناس بالطب! قال: فأخذت بثوبي وجرَّتني إليها وقالت: ياأبا عُرَّية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مسقاما، فكان أطباء العرب وأطباء العجم ينعتوتن له، فكنا نعالجه.
36 -
…
ومن أخبار أبي الحسن المدائني
وهو علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف القرشي، مولى عبد الرحمان بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف. قال أبو خيثمة: هو صدوق ثقة. وقال يحيى بن معين: هو صدوق إذا حدث عن الثقات، فأحاديثه مستقيمة. وقال يحيى بن معين: من أراد اخبار الجاهلية فعليه بكتب أبي عبيدة، ومن أراد أخبار الإسلام فعليه بكتب المدائني.
وحدث المدائني بإسناد له عن معاذ بن جبل قال: مات ابن لي، فكتب إليَّ النبي صلى الله علسه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى معاذ بن جبل، أما بعد فعظم الله لك الأجر، وألهمك الصبر، ورزقنا وإياك الشكر، ثمّ إن أنفسنا وأموالنا وأهلينا من مواهب الله الهنيئة، وعواريه المستودعة، يمتع بها إلى أجل معدود، ويقبضها لوقتٍ معلوم، جعل عليه الشكر إذا أعطى، والصبر إذا ابتلى، وقد كان ابنك من مواهب الله الهنيئة، وعواريه المستودعة، متعك به في غبطة وسرور، وقبضه منك بأجرٍ كثير، إن صبرت واحتسبت! فلا يجتمعن عليك، يامعاذ، أن يحبط جزعك أجرك فتندم غدا على ثواب مصيبة، علمت أن المصيبة قد قصرت عنك، وأعلم أنَّ الجزع لايرد ميتا ولايدفع حزنا، فليذهب أسفك ماهو نازلٌ، فكأن قد.
وبإسناده عن أنس قال: وضع النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم في حجره وهو يجود بنفسه، وقال: لولا أنه موعدٌ صادقٌ ووعدٌ جامع وأنّ الماضيَ فرطُ الباقي وأنّ الآخر لاحقُ الأول، لجزعنا عليك، ياإبراهيم! ثمّ دمعت عينهُ صلى الله عليه وسلم، فقال: تدمعُ العينُ ويحزنُ القلبُ، ولا نقول إلا مايرضي الرّبَّ وإنَّا بك، ياإبراهيمُ، لمحزونون! - وبه عنه صلى الله عليه وسلم: سُرعة المشي تذهب ببهاء المسلم.
وقال المدائني: ليست الفُتَّوةُ الفسقَ والفُجور إنما الفتوةُ طعامٌ موضوعٌ ونائلٌ مبذولٌ وعفافٌ معروفٌ وأذى مكفوف.