المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌63 - ومن أخبار ابن السائب الكلبي - نور القبس

[اليغموري]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيموبه أستعين

- ‌في الحث على تعلم العلم وتقويم اللسان

- ‌ابتدآءُ امر النَحْو ومن تكلم فيه

- ‌من اخبار العلماء والنحاة والرواة من اهل البصرة

- ‌1 - من أخبار أبي الأسْوَد

- ‌2 - ومن أخبار يحيى بن يعمر العدواني

- ‌3 - ومن أخبار نصر بن عاصم الليثي

- ‌4 - ومن أخبار سعد الرابية

- ‌5 - ومن أخبار عنبسة بن معدان الفيل

- ‌6 - ومن أخبار عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي

- ‌7 - ومن أخبار أبي عمرو بن العلاء

- ‌8 - ومن أخبار سلمة بن عياش العامري

- ‌9 - ومن أخبار مسلمة النحوي

- ‌10 - ومن أخبار يزيد بن أبي سعيد النحوي

- ‌11 - ومن أخبار أبي بكر الهذلي

- ‌12 - ومن أخبار عيسى بن عمر الثقفي

- ‌13 - ومن أخبار أبي الخطاب الأخفش

- ‌14 - ومن أخبار حماد بن سلمة

- ‌15 - ومن أخبار يونس بن حبيب النحوي

- ‌16 - ومن أخبار أبي عبد الرحمان الخليل بن أحمد الفراهيدي

- ‌17 - ومن أخبار أبي محرز خلف بن حيان الأحمر

- ‌18 - ومن أخبار أبي محمد اليزيدي

- ‌19 - ومن أخبار أبي عبد الله محمد بن أبي محمد اليزيدي

- ‌20 - ومن أخبار أبي إسحاق إبراهيم بن أبي محمد اليزيديّ

- ‌21 - ومن أخبار أبي عليّ اسماعيل بن أبي محمد اليزيدي

- ‌22 - ومن أخبار أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي محمد اليزيدي

- ‌23 - ومن أخبار أبي العباس الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي

- ‌24 - أخبار رجلٍ من اليزيديين لم يسمَّ

- ‌25 - ومن أخبار سيبويه وهو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر

- ‌26 - ومن أخبار أبي الحسن الأخفش وهو سعيد بن مسعدة

- ‌27 - ومن أخبار النضر بن شُميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم المازنيّ

- ‌28 - ومن أخبار أبي فيد مؤرِّج بن عمرو السَدُوسيّ

- ‌29 - ومن أخبار أبي زيد الأنصاري

- ‌30 - ومن أخبار أي عبيدة معمر بن المثنى

- ‌31 - ومن أخبار الأصمعي

- ‌في أبتداء أمر البصرة ونزول المسلمين فيها

- ‌32 - ومن أخبار قُطرُب النحوي

- ‌33 - ومن أخبار يعقوب الحَضْرميّ

- ‌34 - ومن أخبار كيسان المحوي

- ‌35 - ومن أخبار خلاد بن يزيد الباهليّ

- ‌37 - ومن أخبار ابن سلام الجُمحي

- ‌38 - ومن أخبار أبي عبد الرحمن العٌتْبِيّ

- ‌39 - ومن أخبار العائشي التيميّ

- ‌40 - ومن أخبار عبيد الله بن معمر التيميّ

- ‌41 - ومن أخبار محمد بن حفصٍ

- ‌42 - ومن أخبار عبد الرحمان بن عبيد الله

- ‌43 - ومن أخبار أبي عليّ الحسن بن عليّ الحِرْمازيّ

- ‌44 - ومن أخبار أبي العالية الشاميّ

- ‌45 - ومن أخبار أبي محلَّم السَعْديّ

- ‌46 - ومن أخبار أبي قلابة الجَرْميّ

- ‌47 - ومن أخبار أبي عمر الجَرْميّ

- ‌48 - ومن أخبار أبي الحسن عليّ بن المغيرة الأثْرم

- ‌49 - ومن أخبار أبي محمد عبد الله بن محمد التوزّيّ

- ‌50 - ومن أخبار أبي عَدْنانَ السُلَميّ

- ‌51 - ومن أخبار الزياديّ أبي إسحاق

- ‌52 - ومن أخبار أبي عمرو قَعْنَبِ بن المُحْرِز الباهليّ البصريّ

- ‌53 - ومن أخبار أبي عثمان المازنيّ

- ‌54 - ومن أخبار دماذ غُلام ابي عبيدة

- ‌55 - ومن أخبار أبي عمران موسى بن سلمة النحويّ

- ‌56 - ومن أخبار أبي حاتم السجستانيّ

- ‌57 - ومن أخبار أبي الفَضْل الرياشيّ

- ‌58 - ومن أخبار الجاحظ

- ‌59 - ومن أخبار عُمر بن شَبَّة

- ‌في ابتداء أمر الكوفة ونزول المسلمين فيها

- ‌أسامي من تضمنهم هذا الكتاب من رواة الكوفة وعلمائها وقرائها

- ‌60 - من أخبار قبيصة بن جابرٍ الأسدي

- ‌61 - ومن أخبار الشعبيّ

- ‌62 - ومن أخبار سليمان بن مهران الأعمْش

- ‌63 - ومن أخبار ابن السائب الكَلْبيّ

- ‌64 - ومن أخبار أبي الحكم الكلبيّ

- ‌65 - ومن أخبار أبي جنابٍ الكلبيّ

- ‌66 - ومن أخبار ابن عياش المنتوف

- ‌67 - ومن أخبار حُمران بن أعْيَنَ

- ‌68 - ومن أخبار زهير القُرقبيّ

- ‌69 - ومن أخبار حمزة بن حبيبٍ الزّيات

- ‌70 - ومن أخبار حماد الراوية

- ‌71 - ومن أخبار جَنّاد بن واصل

- ‌72 - ومن اخبار ابن الجصاص

- ‌73 - ومن أخبار المفُضَّل الضَبيّ

- ‌74 - ومن أخبار الشرْقيّ بن القطاميّ

- ‌75 - ومن أخبار معاذٍ الهَرّاءِ

- ‌76 - ومن أخبار أبي عمرو الشيبانيّ

- ‌77 - ومن أخبار بُزُرخ العَروُضيّ

- ‌78 - ومن أخبار أبي جعفر الرؤاسيّ

- ‌79 - ومن أخبار القاسم بن مَعْن

- ‌80 - ومن أخبار أبي بكر بن عيَّاشٍ

- ‌81 - ومن أخبار الكسائيّ

- ‌ومن اخبار ابي هلال المحاربي

- ‌83 - ومن اخبار ابي المنذر هشام بن محمد الكلبي

- ‌84 - ومن اخبار الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الطائي

- ‌85 - ومن أخبار ابن كناسةً

- ‌86 - ومن أخبار الأحْمر غُلام الكسائي

- ‌87 - ومن أخبار أبي زكرياء الفرّاء

- ‌88 - ومن أخبار هشام النحويّ

- ‌89 - ومن أخبار ابن الأعرابيّ

- ‌في ابتداء أمر مدينة السلام واختطاط أبي جعفر المنصور إياها ونزولها

- ‌ومن أخبار العلماء والنحاة والرواة من أهل بغداد ومن طرأ عليها من

- ‌90 - محمّد بن إسحاق بن يسارٍ

- ‌91 - ومن أخبار ابن دَأبٍ

- ‌92 - ومن أخبار الواقديّ

- ‌93 - ومن أخبار أبي البَخْتَريّ القاضي

- ‌94 - ومن أخبار أبي المُنذرِ العَروضيّ

- ‌95 - ومن أخبار أبي مِسْحَلٍ الأعرابيّ

- ‌96 - ومن أخبار ابن قادمٍكان يؤدب أولاد سعيد بن سلم بن قتيبة، وكان

- ‌97 - ومن أخبار أبي عُبيد القاسم بن سَلاّم

- ‌98 - ومن أخبار النضر بن حديد

- ‌99 - ومن أخبار أبي محمّد إسحاق بن إبراهيم الموصليّ

- ‌100 - ومن أخبار مُصْعب الزُبيريّ

- ‌101 - ومن أخبار أبي جعفر الجُرجاني محمّد بن عمر

- ‌102 - ومن أخبار ابن السكِّيت

- ‌103 - ومن أخبار أبي محمد سلمة بن عاصم النحوي

- ‌104 - ومن اخبار الزبير بن بكار

- ‌105 - ومن اخبار حماد بن اسحاق بن ابراهيم الموصلي

- ‌106 - ومن اخبار ابي العيناء

- ‌وما اخبار ًالمبرد

- ‌108 - ومن اخبار ثعلب

- ‌109 - ومن أخبار أبي العباس محمّد بن الحسن الأحْوَل

- ‌110 - ومن أخبار ابن عُليَل العَنَزيّ

- ‌111 - ومن أخبار ابن مَهْديّ الكِسْرَويّ

- ‌112 - ومن أخبار المُفضَّل بن سَلَمَة بن عاصم

- ‌113 - ومن أخبار يحيىَ بن عليّ المُنجِّم

- ‌114 - ومن أخبار أبي الحسن أحمد بن سعيد الدمشقيّ

- ‌115 - ومن أخبار أبي الحسن عليّ بن سليمان بن الفضْل الأخْفش

- ‌116 - ومن أخبار أبي إسحاق إبراهيم بن السّريّ الزَجّاج

- ‌117 - ومن أخبار أبي بكر محمّد بن السَريّ السَرّاج

- ‌118 - ومن أخبار أبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزْديّ

- ‌119 - ومن أخبار ابن عَرَفة المُهلَّبيّ

- ‌120 - ومن أخبار أبي بكر محمّد بن القاسم بن محمّد الأنباريّ

- ‌121 - ومن أخبار الصُوليّ

- ‌ذكر النسابين

- ‌122 - منهم دَغْفل بن حَنْظَلةَ

- ‌123 - ومن النسلبين أبو ضَنْضَم البَكْري

- ‌124 - ومنهم النخّار العُذْريّ

- ‌125 - ومن أخبار وَهْب بن مُنَبِّهٍ

الفصل: ‌63 - ومن أخبار ابن السائب الكلبي

فطالت عليَّ تلك الليلة حتى أصبحت، فأتيتُ المسجد الذي وصف لي، فإذا شابٌ جميلٌ. فلمَّا رآني قال: يافتى، ماكساك فلان حُلَّته ولا حملك على بغلته إلا وأنت تحب الله ورسوله، حدثني في عليّ رضي الله عنه! قلت: حدثني أبي عن جدي عن أبيه قال: كُنَّا ذات يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي. فقال لها: يافاطمة، مايبكيك؟ قالت: عيَّرتني نساء قريش وقلن: إن زوجك مُعدم، لامال له. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: يافاطمة، لاتبكينَّ! فوالله ما زوَّجتك إياه حتى زوجك الله إياه من فوق العرش، وشهد ذلك أسرافيل وميكائيل وجبريل عليهم السلام، والله عز وجل اطلّع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق عليَّا، فزوجك إياه. فعليٌّ من أعلم الناس وأقدم الناس إسلاماً وأسمح الناس كفَّاً وأشجع قلباً، فإذا دعيتُ غداً في القيامة دُعي عليٌّ معي، فإذا حُييّت حُيّيَ عليٌّ معي، إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حُلتين وعليٌّ حُلتين، ولواءُ الحمد بيدي فأناوله عليَّاً لكرامته على الله عز وجل. يافاطمة، عليٌّ يعينني على حمل مفاتيح أبواب الجنة يوم القيامة.

فلَّما قلتُ ذلك للفتى قال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: عربيٌّ أم مولىً؟ قلتُ: بل، عربيُّ. فوهب لي عشرة ىلاف درهم وقال: يافتى، إذا كان غداً فأت مسجد بني فلان لعلك ترى أخي المبغض لعليّ.

فطالت عليَّ تلك الليلة، فلمَّا أصبحت أتيتُ المسجد، فقمتُ في الصفّ وإلى جنبي شابٌ معتمٌّ، فذهب ليركع، فسقطت العمامة عن رأسه فإذا رأسه رأس خنزير ويده يد خنزير، فوالله ما علمت ما أقول في صلاتي حتى سلّم اٌمام، فالتفت إليه فقلت: ويحك مالك وماحالك؟ قال: لعلك صاحب أخي؟ قلت: نعم. فأخذ بيدي فأتى بي باب داره وقال: ترى هذا الباب؟ ثم أدخلني دهليزه فإذا فيه دكان، فقال لي: ترى هذا الدكاَّن؟ قلت: نعم. قال: كنتُ مؤذناً في هذا المسجد منذ أربعين سنة، وكنتُ ألعنُ عليَّاً فيما بين الأذان والإقامة ألفي مرة، حتى إذا كان يوم الجمعة لعنتهُ أربعة آلاف مرة. فخرجت من المسجد فاتكأت على هذا الدكَّان، فذهب بي النوم فرأيت كأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد أقبل وعليٌّ عن يمينه والحسن عن يساره وأصحابه خلفه والحسين بين يديه معه كأسٌ وإبريقٌ، فإذا النبي عليه السلام يقول: ياحسين، اسقني! فسقاه، ثمّ قال: ياحسين، اسقِ عليَّا! فسقاه، ثم قال: اسق الجماعة! فسقاهم، ثمّ قال: اسق المتكئ على الدكَّان! فقال له الحسين: ياجداه! أتأمرني أن أسقيه وهو يلعن والدي منذ أربعين سنة فيما بين الأذان والإقامة ألفي مرة وقد لعن اليوم أربعة آلاف؟! قال: فرأيت النبيّ عليه السلام عقد بيده ثلاثاً وهو يقول: أتلعن عليَّاً وعليٌّ مني؟! عليك لعنة الله! ورأيته قائماً فركلني برجله وتفل في وجهي وقال: قُمْ، غيَّر الله مابك من نعمة! - فانتبهت من منامي ورأسي ويدي كما ترى.

قال: وقال أبو جعفر: هذا الحديثان، ياسليمان، كانا عندك؟ قلت: لا، ياأمير المؤمنين. قال: ثمّ قلت: ياأمير المؤمنين، الأمان! قال: لك الأمان! قلتُ: ماتقول فيمن قتل اولادهم؟ قال: في النار، ويلك ياسليمان، الملك عقيمٌ، اخرج فحدّث الناس بما شئت! فخرجتُ من عنده.

مات الأعمش سنة ثمان وأربعين ومائة وعمره سبعٌ وثمانون سنة، وافقه هشام بن عروة في السنة ولادةً ووفتةً، ووافقهما عمر بن عبد العزيز في سنة الولادة وهي سنة احدى وستيَّن، ووافق الأولين في سنة الوفاة وفاة جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

آخر الجزء الثالث من نور القبس في أخبار النحاة والحمد لله رب العالمين

‌63 - ومن أخبار ابن السائب الكَلْبيّ

قال هشام بن محمد: كان أبي أبو النضر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد العُزَّى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد وُدّ بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن كلب. وكان جده بشر بن عمرو وبنوه السائب وعبيد وعبد الرحمان شهدوا الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقتل السائب بن بشر مع مصعب بن الزبير.

ص: 94

وقال محمد بن السائب عن أبيه قال: إنما وضعت الشعوب والقبائل والعمائر والبطون واللإخاذ والفصائل والعشائر على خلق الإنسان، تُسمَّى شعوباً وهو الشعب لأن الجسد تشعَّب منه، ثمّ القبائل وهو رأسه من قبائل الرأس وهي الأطباق، ثمّ العمائر وهو الصدر فيه القلب، ثمّ البطون وهو البطن فيه استبطن الكبد والرئة والطحال والأمعاء فصار مسكنهن، ثمّ الأفخاذ فالفخذ أسفل من البطن، ثم الفصائل الركبة لأنها انفصلت من الفخذ، ثمّ العشائر الساقان والقدمان لأنها حملت ما فوقها بالحُبّ وحسن المعاشرة ولم يثقل عليها حمله. قال: وإنما سُميت العرب شعوباً لأنهم قيل لهم ذلك حين تفرقوا من ولد إسماعيل عليه السلام ومن ولد قحطان، وذلك حين تشعبَّوا قال الشاعر " من الوافر ":

فبادروا بعد أمتهم وكانوا

شُعُوباً أشعبتْ من بعد عادِ

الأمة النعمة والملك. ثم القبائل حين تقابلوا ونظر بعضهم إلى بعض في حلة واحدة وكانوا كقبائل الرأس، قال الله تعالى:(وجعْلناكُمْ شُعُوباً وقبائل لِتعارفوا إنَّ أكرمَكم عِنْد اللهِ أتقاكُمْ) . وقال صبح بن معبد ابن عدي بن أفلت الطائي للأجئيين " من الوافر ":

قبائلُ من شعوبٍ ليس منهم

كريمٌ قد يُعَدُّ ولا نجيبُ

وقال آخر " من البسيط ":

قبيلةٌ من شعوبٍ ضلَّ سعيهمُ

لاخير فيهم سوى كُثْرٍ من العددِ

ثمّ العمائر حين سكنوا الأرض وعمروها، قال رجلٌ من بني عمرو بن عامر بن صعصعة يقال له فزارة " من الطويل ":

عمائرُ من دون القبيل أتوهمُ

نماهم إلينا عامرٌ ومساجمُ

ضممناهم ضمَّ الهبلِ بناته

فنحن لهم سلمٌ وإن لم يُسالموا

الهبلُّ الشيخ. ثمّ البطون حين استنبطوا الأودية ونزلوها وبنوا البيوت الشعر ودعموها، فقالت العربُ: بيتُ فلان وبقي من آل فلان بيتان، قال الأزدي " من الرجز ":

بُطونُ صدقٍ من ذرى العمائر

ملْ أزد فانضمَّت إلى بحائر

بحائر مُرادٌ. ثمّ الأفخاذ والفخذ أصغر من البطن، قال الأرحبيُّ " من البسيط ":

مِقْرى بني أرْحبٍ للضيفِ مُترعَةٌ

وكلُّ مقرى لكم يانهمث أفخاذُ

النهم قبيلة. ثم الفصائل وهي الفصيلة وهم الأحياء حين انفصلوا من الأفخاذ، قال الله عز وجل:(وَفصِيلتهِ التي تؤويه)، وقال الكنانيُّ " من الرجز ":

فصيلةُ بانت من الأفخاذ

فحالفوا جهلاً بني مُعاذِ

ثمّ العشائر حين انضمَّ كلُّ بني أبٍ إلى أبيهم دون عمهم، فحسن تعاشرهم، قال نهيك بن قعنب الطائي لبني ثعلبة بن لأمٍ " من الوافر ":

وكنتُ لكم عشيراً من أبيكم

بلا صفدٍ ولا قولٌ جميلُ

فصرتُ لكم عدواً ما بقيتم

بني المقناب ما جنح الأصيل

القنب الغلاف الذي فيه جردان البعير، وليس بعد العشيرة شيءٌ ينسب إليه. فالشعب مثل ربيعة ومضر وإياد وحمير وأنمار وقضاعة والأزد وهمدان وبجيلة وخثعم وكندة ولخم وجذام وعاملة وحضرموت. ثمّ القبائل دون الشعوب مثل قيس عيلان وطابخة ومدركة. ثمّ العمائر دون القبائل مثل كنانة وأسد وهذيل وتميم وضبة والرباب ومزينة. ثمّ البطون مثل فهر بن مالك قريش، ومثل بني بكر بن عبد مناة بن كنانة وبتي الحارث بن عبد مناة وبني عامر بن عبد مناة وبني مدلج بن مرة بن عبد مناة كلُّهم من كنانة. ثمّ الأفخاذ مثل لؤي بن غالب وتيم الأدْرم بن غالب ومحارب والحارص بن فهر. ثمّ الفصائل مثل قُصي بن كلابٍ وزهرة بن كلاب وبني مخزوم وبني تمبم وجمح وسهم وعدي بن كعب. ثمّ العشائر مثل عبد مناف وعلى عبد مناف اقتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 95

وقال: إن العرب العاربة عاد وعبيل ابنا عوص بن إرم بن سام بن نوح، وثمود وجديس ابنا جاثر بن إرم، وطسم وعمليق وجاسم وأميم بنو بلعم بن عابر بن اسليحا بن لوذ بن سام بن نوح، وحضرموت والسلف والموذ بنو يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وجرهم بن سبأ بن يقطن بن عابر. والعرب كلهم بنو إسماعيل بن الخليل عليهما السلام إلا أربعُ قبائل: السلف والأوزاع وحضرموت وثقيف. - وقال: الحمس قريش يدخلون بيت مدرٍ ولا وبرٍ ولايلبسون إلا ثوباً حرمياً أيام الحج. - قال: وكان كلامُ إسماعيل وإسحاق مثل كلام أبيهما عبرانية. وأول من تكلم بالعربية بعد إبراهيم يعرب بن الهميسع بن بنت إسماعيل.

ومرّ به رجل من همدان فقال: كيف تقرأ هذه الآية: (عِظَاماً ناخرة) أو (نخرة) ؟ قال: من جعلها ناخرة جعل الريح تنخر فيها وفيها بقيَّة، ومن قرأها نخرة فهي البالية. قال: أخبرني عن قوله تعالى (إنَّا لَمَرْدُودوُن في الحافِرِة) ! قال: الخلقُ الأول، والعرب تقول: رجع فلان على حافرته، يعني على طريقته الأولى.

وقال هشام: قال أبي: كنتُ بالحيرة فوثب إليّ رجلٌ فقال: أنت الكلبيُّ المفسر؟ قلت: نعم! قال: أخبرني عن قول الله تعالى: (وإذا قَرَأت القُرآنَ جَعَلْنا بَيْنَك وَبَيْن الَّذين لايُؤمنون بالآخرةِ حجاباً مَسُورا) ، ماذلك القرآن الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قرأه حُجب عن عدوه من الجن والإنس؟! قال: قلتُ: لاأدري. قال: فتُفسر القرآن ولاتعلمه؟! قلت: فأخبرني! قال آيةً في الكهف: (ومن أظْلَمُ مِمَّنْ ذُكر بآيات رَبِه)، وآيةً في النحل:(أولئك الَّذين طبع اللهُ عَلَى قُلُوبهم)، وآية في الجاثية:(أفرَأيْتَ من أتَّخذ إلهه هَواهُ) . قال: فالتفت فلم أره، فكأن الأرض ابتلعته.

وقال: إن أسماء كنائن نوح إذا كتبن في زوايا برج حمام تمت الفراخ وسلمت من الآفات. قال هشام: وقد جربته فصح، اسم امرأة سام بن نوح مجلت محوّ، واسم امرأة حام بن نوح ادنو نشا، اسم امرأة يافث بن نوح زوقت نيب. - وقال: كلّ نبيّ ذُكر في القرآن فهو من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وهود وصالح. ولم يكن في العرب من الأنبياء إلا هودٌ وصالح وإسماعيل بن ذي مهرم ومحمد صلى الله عليهم اجمعين.

وقال ابن عبَّاس: لمَّا هرب إبراهيم من كوثي وخرج من النار عبر الفرات ولسانه يومئذ سُريانيٌّ، فلمَّا عبر الفرات من حرّان غُيّر لسانه، فقيل عبرانيٌّ حين عبر الفرات، ثمّ بعث نمرود في أثره فقال: لاتدعوا أحداً يتكلَّم بالسريانية إلا جئتموني به! فلقوا إبراهيم فتلكَّم بالعبرانية فتركوه ولم يعرفوا لغته.

وقال: كانت العُزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة. فلمَّا افتتح النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد فقال: ايت بطن نخلة! فإنك تجد ثلاث سمراتٍ، فاعضد الأولى! فأتاها فعضدها، فلمَّا جاء إليه قال: هل رأيت شيئاً؟ قال: لا! قال: فاعضد الثانية! فأتاها فعضدها، فلمَّا جاء إليه قال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا! قال: فاعضد الثالثة! فأتاها فإذا هو بحبشية نافشة شعرها واضعة يديها على عاتقيها تصرفُ بأنيابها، وخلفها دُبَيَّةُ السُلمي وكان سادنها، فلمَّا نظر إلى خالد قال " من الطويل ":

عُزيَّةُ شُدي شدةً لاتكذبي

على خالد ألقي الحمار وشمري

فإنك إلا تقتلي اليومَ خالدا

تبوءي بذُلٍ عاجلاً وتنُصري

فقال خالد " من الرجز ":

ياعزَّ كفرانك لاسبحانك

إني رأيت الله قد أهانكِ

ثمّ ضربها ففلق راسها، فإذا هي حممةٌ، ثمّ عضد الشجرة وقتل دُبَيَّةَ السادن. ثمّ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: تلك العزى ولا عُزَّى بعدها للعرب، أما إنها لن تعبد اليوم! - فقال ابو خراش الهذلي في دُبَيَّةَ يرثيه " من البسيط ":

ما لدبَيَّةَ منذ اليوم لم أرهُ

وَسْط الشروب ولم يُلْملم ولم يطف

لو كان حيَّاً لغاداهم بمترعةٍ

من الدواريق من شيزى بني الهطف

ضخم الرماد عظيم القدر جفنته

حين الشتاء كحوض المنهل اللقف

الهطف بطن من بني عمرو بن أسد، واللقف الحوض المنكسر الذي يضرب أصله الماءُ فيتثلم، يقال: قد لقفَّ الحوض.

ص: 96