الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أضلَّ الصباحُ المستنيرُ طريقهُ
…
أم الدَهْرُ ليلٌ كُلُه ليس يبرحُ
أُظنُّ الدجى طالت وما طالت الدجى
…
ولكن أطال الليلَ هَمٌّ مُبرحُ
وكان ابن الأعرابي يستملح هذين البيتين وقال: هذا وإن لم يكن من جيد الشعر ولا في طريقته فقد ذهب به صاحبه مذهباً مليحاً! وهو في خلال روايته يستملحه " من السريع ":
تحرَّك الهجرُ فقال الهوى
…
ما هذه الضوضاء في عسكري
فجيءَ بالهجر يُجرونه
…
فلم يزل يصفعُ حتى خري
قال: وأحسن ما قيل في الخمر قولُ أبي نواس " من المنسرح ":
لاينزلُ الليلُ حيثُ حلَّتْ
…
فدهرُ شرابها نهارُ
فهيَ إذا استودعتْ سراراً
…
لم يخف في ضوئها السرار
وقوله " من الطويل ":
إذا ما حساها شاربُ القومِ خلته
…
يُقبلُ في داجٍ من الليلِ كوكباً
وقال: أنشدوني بيتاً لأبي نواس أوله أكثم بن صيفي في أصالة الرأي وآخره ابن ماسويه في الطب! قالوا: مانعرفه. قال: قوله " من البسيط ":
دَعْ عنك لومي فإن اللوم إغراءُ
…
ودواني بالتي كانت هي الداءُ
ولكن هذا معنى قول الأعشى " من المتقارب ":
وكأسٍ شربتُ على لذةٍ
…
وأُخرى تداويتُ منها بها
قيل: إن السبب في طعن ابن الأعرابيّ على الأصمعي وقدحه ونسبته إلى الكذب أن الأصمعي دخل على سعيد بن سلم وابن الأعرابي يؤدب ولده، فقال لبعضهم: أنشد أبا سعيد! فأنشد لرجلٍ من بني كلاب شعراً رواه إياه ابن الأعرابي وهو " من الطويل ":
رأت نضو أسفارٍ أميمةُ قاعداًس
…
على نضوٍ أسفارٍ فجُنَّ جُنونها
فقالت: من أي الناس أنت ومن تكن
…
فإنك راعي صرمة لاتزينها
فقلت لها: ليس الشحوب على الفتى
…
بعارٍ ولا خيرُ الرجال سمينها
عليك براعي ثلَّةٍ مسلحبةٍ
…
يروح عليه محضها وحقينها
سمينُ الضواحي لم تؤرقه ليلةٌ
…
وأنْعَمَ أبكارُ الهمومِ وعونها
ورفع " ليلة " فقال له الأصمعي: من روّاك هذا؟ قال: مؤدبي. وأحضره واستنشده البيت، فأنشده ورفع " ليلة "، فأخذ ذلك عليه وفسر البيت فقال: إنما أراد: " لم تؤرقه ليلةً أبكارُ الهُموم وعُونها " - جمع عوانٍ، " وأنعم " أي زاد على هذه الصفة، " سمين الضواحي " يريد: ماظهر منها وبدا سمينٌ، " ليلةً " ينصب على الظرف، " وانعم " أي بولغ له في ذلك كما جاء في الحديث: زإنّ أبا بكر وعمر منهم وأنعما! أي زادا وبولغ في ذلك لهما، من قولهم: دققتُ الشيء دقاً نعماً ودقاً ناعماً. ثمَ قال الأصمعي لابن سلمٍ: من لم يحسن هذا المقدار فليس موضعاً لتأديب ولدك، فنحه! وقدم عليه قادمٌ من سُرَّ من رأى، فأخبره بنكبة سليمان بن وهب وأحمد ابن الخصيب في أيام الواثق فأنشده " من الرمل ":
رُبَّ قومٍ رفعوا في نعمةٍ
…
زمناً والعيشُ ريَّانُ غدقْ
سكتَ الدهرُ زماناً عنهمُ
…
ثمَّ أبكاهم دماً حين نطقْ
وقال لابن الربعة الكلبي دليل آل المُهلَّب حيث هربوا من الحجَّاج إلى الشأم إلى سليمان بن عبد الملك " من الطويل ":
وقمٌ هُمْ كانوا الملوك هديتهم
…
بظلماء لايسري بها ضوءُ كوكبِ
ولا قَمرٌ إلا صغيراً كأنه
…
سوارٌ حناه صانعُ السور مذهبِ
نفرُّ فرار الشمس ممَّنْ وراءنا
…
وننجو بجلباب من الليل غيهبِ
فإلَاّ تُصبحْ بعد خمس ركابُنا
…
سليمان من بعد الملا تتأوبِ
قوله " نفر فرار الشمس " يقول: نذهب إلى المغرب حيث تغيب الشمس.
آخر أخبار الكوفيين، الحمد لله وحده وصواته على محمد وآله وصحبه
في ابتداء أمر مدينة السلام واختطاط أبي جعفر المنصور إياها ونزولها
وابتنائها