الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عباس: إذا خفت غرقاً فاكتب: بسم الله الرحمان الرحيم، ما شاء الله، لاقوة إلا بالله، وآية الكرسي، (وإنَّ ربَّكمُ اللهُ) في سورة الأعراف، (وَقُلْنا يانارُ كُوني بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إبراهيم) اكتب: اسكن! سكنت بالذي سكن له ما في الليل والنهار وهو السميع العليم، بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء، بسم الله لايُعاز الله شيء، الله أعزُّ من كلّ شيء.
وقال ابن عبَّاس: كان مجتمع الناس حين خرجوا من السفينة ببابل، فنزلوا سوق ثمانين بالجزيرة، فابتنى كلُّ رجلٍ منهم بيتاً، وكانوا ثمانين رجلاً فسميَّ سوق ثمانين. ثمّ ضاقت بهم حتى خرجوا، فنزلوا موضع بابل اثني عشر فرسخاً في اثني عشر فرسخاً، وكان سورها عند الفرات وبابها عند موضع دوران، فمكثوا بها حتى كثروا، وملكهم يومئذٍ نمرود بن كنعان بن حام ابن نوح. فلمَّا كفروا بلبل الله ألسنتهم، فتفرقوا على اثنين وسبعين لساناً، وفهم الله العربية عمليق وأميم وطسم بن لوذ بن سام وعاداً وعبيل ابني عُوص ابن إرم بن سام وثمود وجديس ابني جاثر بن إرم بن سام بن نوح وبني يقطن ابن عابر بن شالخ بن أفخشد بن سام. فخرجت عادٌ وعبيل، فنزلت عاد حولها ونزلت عبيل يثرب، وأقبلت العماليق وأميم فنزلت العماليق صنعاء وما حولها ونزلت أميم أُبار - وهو أُبار بن أميم - ومضى بعضهم مع عادٍ، ومضت طَسْمٌ وجديس فنزلت اليمامة، ونزلت ثمودٌ الحجر وما ولاه. فهلكت عادٌ والعماليق بصنعاء، وتحوّلت العماليق فنزلوا بمكة، ثمّ مضى بعضهم إلى يثرب - وهو يثرب بن نابتة بن مهلائيل بن رام بن عوص بن إرم وبه سُميت - فأقبلت العماليق فاجترّت عبيل من يثرب فأنزلوهم موضع الجحفة، فجاءهم سيلٌ فاجتحفهم، فسُميت الجُحفة. فذلك قولُ رجل منهم " من الخفيف ":
عَيْنُ جودي على عبيلَ وهل يُر
…
جع ما فات فيضها بالسجام
عمرّوا يثرباً وليس بها شُفْرٌ ولا صارخٌ ولا ذو سنامِ
غرسوا لينها بمجرى معين
…
ثُمَّ حَفَّوا النخيلَ بالآجامِ
وعن ابن عبَّاس قال: لمَّا هاجر بنو جحش إلى المدينة عبد الله وعبيد الله وعبدٌ - وهو أبو أحمد بن جحش - وثب أبو سفيان على دورهم فباعها وحلف بني جحش إلى حرب بن أمية، فشكا ذلك أبو أحمد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قل شعراً يشيعُ في العرب غدره! فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده " من الكامل ":
أبلغ أبا سفيان قو
…
لاً في عواقبه ندامه
دارَ ابن عمك بعتها
…
تقضي بها عنك الغرامه
وحليفكم بالله
…
عند البيت مجتهدُ القسامهْ
اذهبْ بها اذهب بها
…
طُوّقتها طوق الحمامه
قال ابن الكلبي: هذه رُخصةٌ من النبي صلى الله عليه وسلم في أنه أمر بقول الشعر في عتاب وهجاء.
مات محمد بن السائب الكلبي سنة ستٍ - وقيل ثمان - وأربعين ومائة.
64 - ومن أخبار أبي الحكم الكلبيّ
هو أبو الحكم عوانة بن الحكم بن عياض بن وزر بن عبد الحارث الكلبيّ، الضرير من علماء الكوفة بالأخبار خاصة والفتوح مع علمٍ بالشعر.
مات أبو الحكم سنة سبع وأربعين ومائة - قال يحيى بن معين: مات هو وأبو جعفر المنصور في ساعة واحدة طسنة ثمان وخمسين ومائة " - وهو والأعمش في شهر واحد رحمهم الله تعالى.
65 - ومن أخبار أبي جنابٍ الكلبيّ
واسمه يحيى بن أبي حية. قال: أتيتُ كربلاء فقلتُ لرجلٍ من أشراف العرب بها: بلغنا أنكم تسمعون نوح الجنّ على الحسين بن علي. قال: ما تلقَى حُراً ولاعبداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك. قلتُ: فأخبرني ما سمعت أنت! قال: سمعتهم يقولون " من الكامل ": 3مسحَ النبيُّ جبينهُ فلهُ بريقٌ في الخدودِ
أبواه من عليا قريشٍ
…
جده خير الجدودِ
الجنُّ تنعي كهلهم
…
لابن السعيدة والسعيدِ
وقال عمر بن الخطاب: ابنةُ عشر لذة للناظرين، ابنة عشرين لذّةٌ للعانقين، ابنة ثلاثين تَسمن وتلين، ابنة أربعين أم بنات وبنين، ابنة خمسين عجوزٌ في الغابرين.
مات أبو جناب في السنة التي مات فيها الأعمش رحمهما الله تعالى.
66 - ومن أخبار ابن عياش المنتوف
هو أبو الجراح عبد الله بن عيَّاش الهمداني المنتوف، وهو من الرواة النسَّابين، وكان عالماً بالمثالب شاعراً هجاء يتُقى لسانه. وقال المرزباني: هذا وهمٌ لأن ابن عياش هذا لم يرو له بيتٌ واحدٌ فيما أعلم، وإنما الشاعر سلمة بن عياش.
قال أبو جعفر المنصور للربيع: قُل لأبن عياش: إنْ كففت عن نتف لحيتك وصلتك. فقال ابن عيَّاش للربيع: قل له: لو ةوجدت لذَّة ذلك لعلمت أنه ألذ من الخلافة، فكيف أدعه من أجل صلتك؟! - قال: أراد محمد بن عليّ أن يتزوج ريطة بنت عبد الله الحارثية، فمنعه من ذلك الوليد ابن عبد الملك ثمّ سليمان بن عبد الملك لما كانوا يرونه من زوال الأمر عنهم على يد رجلٍ من بني العباس يقال له ابن الحارثية. فلمَّا ولي عمر بن عبد العزيز شكا إليه ذلك واستأذنه، فقال له: تزوج بمن أحببت! فتزوجها فولدت أبا العبَّاس السفاح.
ودخل معن بن زائدة - وكان دهرياً - على ابن عيَّاش يعوده، فلمَّا خرج من عنده رأى عجوزاً في ناحية الدار وبين يديها قدرٌ صغيرةٌ توقد تحتها، فقال معن متمثلاً طمن الطويل ":
وقدرٌ ككفِ القرد لامستعيرها
…
يُعارُ ولا من ذاقها يتدسَّمُ
فسمعها ابن عيَّاش فقال: ياأبا الوليد، إنها من حلال وإن أهلها موحدون.
وقال ابن عياَّش: قال لنا المنصور: أخبروني عن خليفة جبَّار اوّل اسمه عينٌ قتل ثلاثة جبابرة أول أسمائهم عينٌ! قال: فقلتُ له: عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمان بن محمد ابن الأشعث. قال: فخليفة أول اسمه عين فعل ذلك بثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين! فقلت: أنت، ياأمير المؤمنين، عبد الله بن محمد، قتلت أبا مسلم واسمه عبد الرحمان وقتلت عبد الجبار وسقط على عمك عبد الله بن عليّ البيت! فضحك وقال: ويلك فما ذنبي إذا سقط البيت عليه؟! - وإنما أراد ابن عيَّاش أنك قتلت عمك، بنيت له بيتاً في أساس ملح فسقط عليه. فلم يُصرح ولكن عرض به لأن عمه كان خرج عليه.
وحضر بباب المنصور جماعة من أهل الكوفة فيهم ابن عيَّاش يطعنون على عاملهم ويتظلمون من أميرهم، فقال للربيع: أخرج وقُل لهم: إنّ أمير المؤمنين يقول لكم: إن اجتمع اثنان منكم في موضع لأحلقنَّ رؤسهما ولحاهما ولأضربن ظهورهما، فالزموا منازلكم وابقوا على أنفسكم! فخرج إليهم الربيع بهذه الرسالة، فقال له ابن عيَّاش: يا شبيه عيسى بن مريم، أبلغ أمير المؤمنين عنَّا كما أبلغتنا عنه وقل له: واللهِ مالنا بالضرب طاقةٌ فأما حلق اللحى فإذا شئت! وكان ابن عيَّاش منتوفاً، فأبلغه، فضحك وقال: قاتله الله ما أدهاه! - وكان يطعن على الربيع الحاجب في نسبه فيخدعه بقوله: فيك شبه من عيسى بن مريم! يعني ليس له أبٌ.
قال المنصور لابن عياش: لو تركت لحيتك فطالت، أما ترى عبد الله بن الربيع ما أحسنه! فقال: أنا أحسنُ منه! وحلف على ذلك. فقال ابن الربيع: انظر، ياأمير المؤمنين، إلى هذا الشيخ ما أجرأه على الله! فقال ابن عيَّاش: احلق لحيته وأجلسه إلى جنبي وانظر أينا أحسن! وقال ابن عيَّاش: حدثتث المنصور أنه كان بالكوفة رجلٌ يحدثُ عن بني إسرائيل وكان يتهم بالكذب، فقال له الحجَّاج بن خيثمة يوماً: ما اسم بقرة بني إسارئيل؟ فقال: خيثمة. فأسكته. وقال له رجلٌ من ولد أبي موسى الأشعري: في أي الكُتُب وجدت هذا؟ فقال: في كتاب عمرو بن العاص الذي خدع به أبا موسى. فأسكته أيضاً.
خطب المنصور بمكة وقد أمل الناس عطاءه، فقال: ياأيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده، وخازنه في فيئه أعمل فيه بمشيئته وأقسمه بإرادته، وقد جعلني الله قفلاً عليه، إذا شاء أن يفتحني فتحني، وإذا شاء أن يقفلني أقفلني، فارغبوا إلى الله، أيها الناس، في هذا اليوم الذي عرفكم من فضله ما أنزل به كتابه فقال جل اسمه (اليومَ أكملتُ لكُمْ دينَكمْ وأتممتُ عَلْيكم نِعْمتي ورضيتُ لَكُمُ الإسلامُ ديناً) ، وأسألم الله أن يوفقني للصواب ويسددني للرشاد ويلهمني الرأفة بكم والإحسان إليكم ويفتحني لأعطياتكم وقسم أرزاقكم، إنه قريبٌ مجيب. - فقال ابن عياش: أحال أمير المؤمنين على ربه عز وجل.
وقيل له: كان ألحنف بن قيس سيداً، قال: لاولكن كان شريفاً، وإنما السيد الباذل للمال. - قال رجلٌ لابن عيَّاش: لي إليك حاجةٌ صغيرة. فقال: اطلب لها صغيراً مثلها.