الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له في تلك الحال، فلم يضمنه. وقال القاضي: والرواية الأولى أصح على المذهب، ويكون الواجب لأمه إن كانت في الكتابة، لأنه بدل ولدها. وقال أبو بكر: إن وضعته بعد التقويم، فلا شيء على الواطئ، لأنها وضعته في ملكه، وإن كان قبله، غرم نصف قيمته.
فصل:
فإن وطئها الثاني بعد وطء الأول، وكانت باقية على الكتابة، فعليه المهر لها. وإن كانت قد عجزت وقومت على الأول، فالمهر له. وإن لم تقوم على الأول، فمهرها بينهما، فإن أولدها الثاني بعد الحكم بأنها أم ولد الأول، لم تصر أم ولد للثاني، وحكم ولدها حكمها، كما لو ولدت من أجنبي، وإن كان قبل الحكم بأنها أم ولد للأول، صار نصفها أم ولد للثاني، ونصفها أم ولد للأول.
فصل:
ويجب على السيدة إيتاء المكاتب من المال قدر ربع الكتابة، لقول الله تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وروى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: «يحط به الربع» أخرجه أبو بكر. وهذا نص. وروي موقوفاً على علي.
ويخير السيد بين وضعه عنه، وبين دفعه إليه، لأن الله تعالى نص على الدفع إليه، فنبه به على الوضع، لكونه أنفع من الدفع، لتحقق النفع به في الكتابة، فإن اختار الدفع، جاز به العقد، للآية. ووقت الوجوب بعد العتق، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فإذا آتى ما عليه، عتق. وقال علي: الكتابة على نجمين، والإيتاء من الثاني، ويجب الإيتاء من جنس مال الكتابة، للآية. فإن اتفقا على غير ذلك، جاز، لأن الحق لهما، فجاز باتفاقهما. وإن مات السيد بعد العتق وقبل الإيتاء، فذلك دين في تركته يحاص به غرماؤه، لأنه حق لآدمي فلم يسقط بالموت، كسائر حقوقه.
[باب الأداء والعجز في الكتابة]
باب الأداء والعجز لا يعتق المكاتب حتى يبرأ من مال الكتابة، بالأداء أو الإبراء، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم» رواه أبو داود. وقال أصحابنا: إذا أدى ثلاث أرباع كتابته وعجز عن الربع، عتق،
لأنه حق له، فلا تتوقف حريته على أدائه، كأرش جناية سيده عليه. وإن أبرأه سيده، عتق لأنه لم يبق عليه شيء.
فصل:
وإن عجلت الكتابة قبل محلها وفي قبضها ضرر، لم يلزمه قبضه قبل محله، كالسلم. وإن لم يكن في قبضه ضرر، لزمه قبضه وعتق العبد، لأن الأجل حق لمن عليه الدين. فإذا رضي بإسقاط حقه، يجب أن يسقط كسائر الحقوق.
وعنه: لا يلزمه قبضه، لأن بقاء المكاتب في هذه المدة في ملكه حق له، ولم يرض بزواله، فلم يزل، كما لو علق عتقه بمضي تلك المدة.
وعنه: أنه يعتق إذا ملك ما يؤدي، لما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. فعلى هذا إن امتنع من الأداء، أجبره الحاكم عليه.
فصل
وإذا حل نجم فعجز عن أدائه، فللسيد الفسخ، لأنه تعذر العوض في عقد معاوضة، ووجد عين ماله، فكان له الرجوع، كما لو باع سلعة فأفلس المشتري قبل تقديمها.
وعنه: لا يعجز حتى يحل نجمان، لأن ما بينهما محل الأداء الأول، فلا يتحقق عجزه حتى يحل الثاني.
وعنه: لا يعجز حتى يقول: قد عجزت، وللسيد الفسخ بغير حاكم، لأنه مجمع عليه، أشبه الرد بالعيب. وإن امتنع العبد من الأداء مع إمكانه، فظاهر كلام الخرقي: أن للسيد الفسخ، وهو قول جماعة من أصحابنا، لأن التعذر حاصل بالامتناع، كحصوله بالعجز. وقال أبو بكر: ليس له الفسخ، لأنه أمكن الاستيفاء بإجباره على ذلك، وتعذر البعض كتعذر الجميع.
فصل:
وإن كان معه متاع يريد بيعه فاستنظره لبيعه، لزمه إنظاره، لأنه أمكن الاستيفاء من غير ضرر. ولا يلزمه إنظاره أكثر من ثلاث، لأنها قريبة، وإن كان له مال غائب، يرجو قدومه فيما دون مسافة القصر، فكذلك، وإن كان أبعد، لم يلزمه إنظاره، لأن فيه ضرراً. وإن كان له دين حال على مليء، أو في يد مودع، فهو كالغائب القريب. وإن كان على معسر، أو مؤجلاً، فهو كالبعيد. وإن حل النجم والمكاتب غائب بغير
إذن سيده، فله الفسخ. وإن كان بإذنه، لم يفسخ، ويرفع الأمر إلى الحاكم ليكتب كتاباً إلى حاكم ذلك البلد، ليأمره بالأداء، أو يثبت عجزه عنده، فيفسخ حينئذ، وإن حل والمكاتب مجنون معه مال، فسلمه إلى المولى، عتق، لأنه قبض ما يستحقه، فبرئت به ذمة الغريم، فإن لم يكن معه شيء، فلسيده الفسخ. وإن فسخ ثم ظهر له مال، نقض الحكم بالفسخ، لأننا حكمنا بالعجز في الظاهر، وقد بان خلافه، فنقض، كما لو حكم الحاكم، ثم وجد النص بخلافه، وإن كان قد أنفق عليه بعد الفسخ، رجع بما أنفق، لأنه لم يتبرع به، بل أنفق على أنه عبده. وإن أفاق بعد الفسخ فأقام بينة أنه كان قد أدى، نقض الحكم بالفسخ، ولم يرجع السيد بالنفقة، لأنه تبرع بإنفاقه عليه، مع علمه بحريته.
فصل:
وإن أحضر المكاتب المال، فقال السيد: هذا حرام، وأنكر المكاتب ولا بينة، فالقول قول المكاتب مع يمينه، لأنه في يده، فالظاهر أنه له. فإذا حلف، خير المولى بين أخذه أو إبرائه من مال الكتابة. فإن لم يفعل قبضه الحاكم، لأنه حق تدخله النيابة. فإذا امتنع منه، قام الحاكم مقامه، وكذلك إن عجلت الكاتبة قبل محلها - وقلنا: يلزمه أخذه - فامتنع، قام الحاكم مقامه، وروي أن رجلاً أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين إني كاتبت على كذا وكذا، وإني أيسرت بالمال، فأتيته بالمال، فزعم أنه لا يأخذه إلا نجوماً، فقال عمر: يا برفأ خذ هذا المال فاجعله في بيت المال، وأد إليه نجوماً في كل عام، وقد عتق هذا. رواه الأثرم.
فصل:
فإذا أدى المكاتب ظاهراً فبان مستحقاً، تبينا أنه لم يعتق، لأن العتق بالأداء، وما أدى. وإن علم بعد الموت، فتركته لمولاه أو ورثته، لأنه مات على الرق. وإن ظهر به عيب، فللسيد الرد والمطالبة بالأرش. فإن رضي به معيباً، استقر العتق. وإن طلب الأرش فأدى إليه، استقر العتق. وإن لم يؤد إليه بطل العتق، لأن ذمته لم تتم براءتها من المال. وإن رد المعيب بطل العتق، إلا أن يعطيه بدله. وقال أبو الخطاب: لا يرتفع العتق، وله قيمة المعيب أو أرشه إن أمسكه. وإن كاتب على خدمة شهر فمرض فيه، لم يقع العتق، لعدم العوض.
فصل:
وإن باع ما في ذمة المكاتب، لم يصح، لأنه بيع دين، لا سيما وهو غير مستقر، فإن قبضه المشتري، لم يعتق المكاتب، لأنه لم يقبضه السيد، ولا وكيله وإنما قبضه