المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أصحاب الفروض] - الكافي في فقه الإمام أحمد - جـ ٢

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب البيع]

- ‌[باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز]

- ‌[باب بيع النجش والتلقي وبيع الحاضر لباد وبيعه على بيع غيره والعينة]

- ‌[باب تفريق الصفقة]

- ‌[باب الثنيا في البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار في البيع]

- ‌[باب الربا]

- ‌[باب بيع الأصول]

- ‌[باب بيع الثمار]

- ‌[باب بيع المصراة]

- ‌[باب الرد بالعيب]

- ‌[باب بيع المرابحة والمواضعة والتولية والإقالة]

- ‌[باب اختلاف المتبايعين]

- ‌[كتاب السلم]

- ‌[فصل في السلم في الحيوان]

- ‌[ما يجوز فيه السلم وما لا يجوز]

- ‌[باب القرض]

- ‌[فصل فيما يصح قرضه]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[الرهن بمال الكتابة]

- ‌[باب ما يصح رهنه وما لا يصح]

- ‌[باب ما يدخل في الرهن وما يملكه الراهن وما يلزمه]

- ‌[باب جناية الرهن والجناية عليه]

- ‌[باب الشروط في الرهن]

- ‌[باب اختلاف المتراهنين]

- ‌[كتاب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[تصرفات الولي في مال المحجور عليه]

- ‌[فصل في اختلاف الولي والحجور عليه]

- ‌[فصل فيما ينفك به الحجر]

- ‌[فصل في تعريف الرشد وما يعرف به]

- ‌[فصل في تصرفات المحجور عليه]

- ‌[كتاب الصلح]

- ‌[فصل في صلح المكاتب والمأذون له من العبيد والصبيان]

- ‌[فصل في الصلح عن المجهول]

- ‌[باب الصلح فيما ليس بمال]

- ‌[فصل حقوق الارتفاق والجوار]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[فصل في آثار الحوالة]

- ‌[كتاب الضمان]

- ‌[فصل فيمن يصح منه الضمان]

- ‌[فصل فيما يصح ضمانه]

- ‌[فصل في اختلاف الضامن والمضمون عنه]

- ‌[باب الكفالة]

- ‌[تعليق الكفالة على شرط أو إضافتها لوقت]

- ‌[فصل في الكفالة بالبدن]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المضاربة]

- ‌[باب العبد المأذون]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب ما يجوز فسخ الإجارة وما يوجبه]

- ‌[باب ما يلزم المتكاريين وما لهما فعله]

- ‌[باب تضمين الأجير واختلاف المتكاريين]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب المسابقة]

- ‌[باب المناضلة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب أحكام المياه]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[كتاب الوصايا]

- ‌[باب من تصح وصيته والوصية له ومن لا تصح]

- ‌[باب ما تجوز الوصية به]

- ‌[باب ما يعتبر من الثلث]

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء]

- ‌[باب جامع الوصايا]

- ‌[باب الرجوع في الوصية]

- ‌[باب الأوصياء]

- ‌[فصل في عزل الوصي]

- ‌[كتاب الفرائض]

- ‌[فصل في أسباب التوارث]

- ‌[باب أصحاب الفروض]

- ‌[باب من يسقط من ذوي الفروض]

- ‌[باب أصول سهام الفرائض]

- ‌[باب تصحيح المسائل]

- ‌[باب الرد في الميراث]

- ‌[باب ميراث العصبة من القرابة]

- ‌[باب المناسخات في الميراث]

- ‌[باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم]

- ‌[باب ميراث ذوي الأرحام]

- ‌[باب ميراث الخنثى]

- ‌[باب ميراث الحمل]

- ‌[باب ما يمنع الميراث]

- ‌[باب ذكر الطلاق الذي لا يمنع الميراث]

- ‌[باب الإقرار بمشارك في الميراث]

- ‌[باب ميراث المفقود]

- ‌[باب الولاء]

- ‌[باب الميراث بالولاء]

- ‌[كتاب العتق]

- ‌[باب تعليق العتق بالصفة]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب ما يملكه المكاتب وما لا يملكه]

- ‌[باب الأداء والعجز في الكتابة]

- ‌[باب الكتابة الفاسدة]

- ‌[باب جامع الكتابة]

- ‌[باب اختلاف السيد ومكاتبه]

- ‌[باب حكم أمهات الأولاد]

الفصل: ‌[باب أصحاب الفروض]

فصل:

والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة: الابن، وابنه وإن نزل، والأب، وأبوه وإن علا، والأخ من كل جهة، وابن الأخ إلا من الأم، والعم، وابنه كذلك، والزوج، ومولى النعمة. ومن النساء سبع: الأم، والجدة، والبنت، وبنت الابن، والأخت والزوجة، ومولاة النعمة. والمختلف في توريثهم أحد عشر صنفاً: ولد البنات، وولد الأخوات، وبنات الإخوة، وبنو الإخوة من الأم، والعمات، والعم من الأم، والأخوال، والخالات، وأبو الأم، وكل جدة أدلت بأب بين أمين، أو بأب أعلى من الجد، فهؤلاء ومن أدلى بهم يسمون ذوي الأرحام، ويرثون عند عدم المجمع على توريثهم، على ما سنذكره إن شاء الله في بابه.

فصل:

وينقسم الوراث إلى ذوي فرض، وعصبة، وذوي رحم، فالرجال من المجمع عليهم، كلهم عصبة إلا الزوج، والأخ من الأم، والأب، والجد مع الابن، والنساء المنفردات عن إخوتهن، ذوات فرض، إلا مولاة النعمة، والأخوات من البنات، والفرض جزء مقدر، والعصبة يرث المال كله إذا انفرد، فإن كان معه ذو فرض، بدئ به، والباقي للعصبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر» متفق عليه.

وإن استغرقت الفروض المال، سقط. فلو خلفت المرأة زوجاً، وأماً، وإخوة لأم، وإخوة لأبوين أو لأب، كان للزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة للأم الثلث، وسقط الباقون، لأن الله فرض هذه الفروض لأهلها، فوجب دفعها إليهم، وجعل للعصبة الباقي، ولم يبق شيء. وهذه المسألة تسمى: المشركة إذا كان الإخوة لأبوين، لأن عمر شرك بين ولد الأم وولد الأبوين في الثلث، وتسمى: الحمارية، لأن بعض الصحابة قال: هب أباهم كان حماراً فما زادهم ذلك إلا قرباً. ويقال: إن بعض ولد الأبوين قال ذلك لعمر وقد أسقطهم، فشرك بينهم. ومذهب علي رضي الله عنه على ما قلناه.

[باب أصحاب الفروض]

باب ذوي الفروض وهم عشرة: الزوجان، والأبوان، والجد، والجدة، والبنت، وبنت الابن، والأخت من كل جهة، والأخ من الأم. فأما الزوج، فله النصف إذا لم يكن للميتة ولد ولا ولد ابن، والربع إذا كان معه أحدهما، وللزوجة والزوجات الربع مع عدم الولد وولد الابن، والثمن مع أحدهما، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ

ص: 295

الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] وولد الابن، ولد، بدليل قَوْله تَعَالَى:{يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] و {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] والأربع من النساء كالواحدة، لعموم اللفظ فيهن.

فصل:

فأما الأم، فلها ثلاثة فروض: الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن، أو اثنان من الإخوة والأخوات، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] وقسنا الأخوين على الإخوة، لأن كل فرض تعين بعدد. كان الاثنان فيه بمنزلة الجماعة، كفرض البنات والأخوات.

الفرض الثالث: لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجين، في زوج وأبوين، وامرأة وأبوين، لأن عمر قضى بهذه القضية، فاتبعه عثمان وابن مسعود، وزيد، وتسمى هاتان المسألتان: العمريتان، لقضاء عمر فيهما، ولأن الفريضة جمعت الأبوين مع ذي فرض واحد، فكان للأم ثلث الباقي، كما لو كان معها بنت.

فصل:

وللأم حال رابع، وهو: إذا لاعنها زوجها ونفى ولدها وتم اللعان بينهما، انتفى عنه، وانقطع تعصيبه منه، ولم يرثه هو ولا أحد من عصباته، وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم، والباقي لعصبته، وفيه روايتان:

إحداهما: أن عصبته عصبة أمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر» وأولى الرجال به، أقارب أمه. وعن علي أنه لما رجم المرأة، دعا أولياءها فقال: هذا ابنكم ترثونه ولا يرثكم. حكاه أحمد.

والرواية الثانية: أن أمه عصبته، وإن لم تكن فعصبتها عصبته، لما روى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«تحوز المرأة ثلاثة مواريث، عتيقها، ولقيطها، وولدها الذي لاعنت عليه» قال الترمذي: هذا حديث حسن، ولأنها قامت مقام أبيه في انتسابه إليها، فقامت مقامه في حيازة ميراثه، فعلى هذه الرواية، لو مات ابن ابن الملاعنة،

ص: 296

وخلف أمه وجدته الملاعنة، لكان لأمه الثلث والباقي لجدته. ويعايا بها، فيقال: جدة ورثت مع أم أكثر منها. وإن خلف ابن الملاعنة أمه وأخاه وخاله، فلأمه الثلث، ولأخيه السدس، وباقيه له، لأنه عصبة أمه في إحدى الروايتين، والأخرى: الباقي للأم. وإن لم يكن أخ، فالباقي للخال على إحدى الروايتين.

فصل:

وللأب ثلاثة أحوال.

حال: يرث فيها بالفرض المجرد، وهي مع الابن أو ابنه يرث السدس، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] .

وحال: يرث فيها بالتعصيب المجرد، وهي مع عدم الولد، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] . أضاف الميراث إليهما، ثم خص الأم منه بالثلث، دل على أن باقيه للأب.

والحال الثالث: يجتمع له الأمران، السدس بالفرض، للآية. والباقي بالتعصيب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر» وهي مع إناث الولد.

فصل:

وللجد أحوال الأب الثلاثة، وإن اجتمع مع الأم أحد الزوجين، فللأم الثلث كاملاً. وله حال رابع، وهي مع الإخوة من الأبوين، أو من الأب، فإنه لم يسقطهم، لأنهم يدلون بالأب فلم يسقطهم، كأم الأب، ولكنه يقاسمهم، كأخ، ما لم تنقصه المقاسمة من الثلث، فإن نقصته منه، بأن زاد الإخوة على اثنين، أو الأخوات على أربعة، فله الثلث، والباقي لهم. فإن كان معهم ذو فرض، أخذ فرضه، وجعل للجد الأحظ من ثلاثة أشياء، المقاسمة، كأخ، أو ثلث الباقي، لأن الفرض كالمستحق، فصار الباقي كجميع المال، أو سدس جميع المال، لأن ولد الصلب لا يمنعونه السدس، فولد الأب أولى، ولا يفرض للأخوات مع الجد، لأننا جعلناه كالأخ فيعصب الأخت، كالأخ. ولا تعول مسائله إلا في مسألة واحدة، تسمى: الأكدرية، لتكديرها أصول زيد، حيث أعال مسائل الجد. وفرض للأخت معه، وهي زوج وأم وأخت وجد، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس. ثم يفرض للأخت النصف، لأنه لم يبق لها شيء، ولا مسقط لها ها هنا، ثم يجمع سدس الجد ونصف الأخت، فيقسم بينهما على ثلاثة، لئلا تفضل الأخت الجد، فتضرب الثلاثة في مسألة وعولها، وهي تسعة،

ص: 297

صارت من سبعة وعشرين، للأم ستة، وللزوج تسعة، وللجد ثمانية، وللأخت أربعة. ولو كانت أم وأخت وجد، فللأم الثلث، والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة أسهم، وتسمى: الخرقاء، لكثرة اختلاف الصحابة فيها. ولو كان مكان الأخت أخ، كان المال بينهم أثلاثاً.

فصل في المعادة: ولد الأب إذا انفردوا يقومون مقام ولد الأبوين في مقاسمة الجد، فإن اجتمعوا، فإن ولد الأبوين يعادون الجد بولد الأب، لأن من حجب بولد الأبوين وولد الأب إذا انفردوا، حجب بهما إذا اجتمعا، كالأم، وما حصل لولد الأب، أخذه منهم ولد الأبوين، لأنهم أولى بالإرث منهم، ولا شيء لولد الأب إلا أن يكون ولد الأبوين أختاً واحدة، فيردون عليها قدر فرضها، والباقي لهم. ولا يتفق هذا في مسألة فيها فرض إلا أن يكون الفرض السدس. فإن اجتمع أخوان في الجهتين، وجد، اقتسموا أثلاثاً، ثم أخذ الأخ للأبوين ما حصل لأخيه، فإن كان مكان الأخوين أختان، اقتسموا أرباعاً، ثم أخذت الأخت للأبوين ما حصل لأختها، لتستكمل النصف. فإن كان مع التي من قبل الأب، أخوها، اقتسموا أسداساً، ثم أخذت منهما تمام فرضها، يبقى لهما السدس على ثلاثة، وتصح في ثمانية عشر. فإن كان معهم أم، فلها السدس، وتفعل فيما بقي كما فعلت في أصل المال، فتصح في مائة وثمانية. وإن شئت فرضت للجد ثلث الباقي بعد السدس، ولا ثلث له، فتضرب ثلاثة في ستة، تكن ثمانية عشر، للأم ثلاثة، وللجد خمسة، وللأخت النصف تسعة، يبقى سهم بين الأخ وأخته على ثلاثة تضربها في ثمانية عشر، تكن أربعة وخمسين، وتسمى: مختصرة زيد، لاختصارها من مائة وثمانين إلى أربعة وخمسين. ولو كانت: أم، وجد، وأخت لأبوين، وأخوان، وأخت لأب، لصحت في تسعين وتسمى: تسعينية زيد، لصحتها من تسعين على مذهبه.

فصل:

وللجدة السدس - وإن كثرن، لم يزدن على السدس شيئاً - فرضاً، لما روى قبيصة بن ذؤيب قال:«جاءت الجدة إلى أبي بكر تطلب ميراثها، فقال: ما لك من كتاب الله شيء، وما أعلم لك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، ولكن ارجعي حتى أسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فشهد له محمد بن مسلمة، فأمضاه لها أبو بكر، فلما كان عمر جاءت الجدة الأخرى، فقال عمر: ما لك في كتاب الله شيء، وما كان القضاء الذي قضى به إلا في غيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئاً، ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما، فهو لكما، وأيكما خلت به، فهو لها.» قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

ص: 298

ولا يرث من الجدات أكثر من ثلاث: أم الأم، وأم الأب، وأم الجد، ومن كان من أمهاتهن وإن علت درجتهن، فلهن السدس إذا تحاذين في الدرجة، لما روى سعيد بإسناده، عن إبراهيم «أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث ثلاث جدات، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم.» قال إبراهيم: كانوا يورثون من الجدات ثلاثاً، وهذا يدل على أنه لا يرث أكثر من ثلاث، وأجمع أهل العلم على أن أم أبي الأم لا ترث، وكذلك كل جدة أدلت بأب بين أمين، لأنها تدلي بغير وارث. قال الشعبي: إنما طرحت أم أبي الأم، لأن أبا الأم لا يرث، ولا ترث جدة تدلي بأب أعلى من الجد، لأنها خارجة عن الثلاث اللاتي ورثهن النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل كلام الخرقي توريثها، لأنها تدلي بوارث. وإن كان بعض الجدات أقرب من بعض، فالميراث لأقربهن، لأن الجدات أمهات يرثن ميراث الأم، وكذلك سقطن بها. فإذا اقترب بعضهن، أسقطت البعدى، كما لو كانت القربى من جهة الأم.

وعنه: أن القربى من جهة الأم تسقط البعدى من جهة الأب، والقربى من جهة الأب لا تسقط البعدى من جهة الأم، لأنها تدلي بمن لا يسقطها، وهو الأب، فأولى أن لا تكون هي مسقطة لها. وترث الجدة وابنها حي، سواء كان أباً أو جداً، لما روى سعيد بن منصور بإسناده عن ابن مسعود: أن أول جدة أطعمت السدس أم أب مع ابنها. ورواه الترمذي، ولفظه قال:«أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس الجدة مع ابنها، وابنها حي.»

وعنه: لا ترث، لأنها تدلي به، فلا ترث معه، كالجد. والجدات المتحاذيات: أم أم أم، وأم أم أب، وأم أبي أب، السدس بينهن أثلاثاً. فإن أدلت جدة بقرابتين، وأخرى بقرابة واحدة، فلذات القرابتين ثلثا السدس في قياس قول أحمد، وللأخرى ثلثه، لأنها شخص ذو قرابتين تورث كل واحدة منهما منفردة، فإذا اجتمعا، ولم يرجح بهما ورث بهما، كابن العم إذا كان أخاً لأم، أو زوجاً.

فصل:

فأما البنات، فلهن الثلثان وإن كثرن، وللواحدة إذا انفردت النصف، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] . وحكم البنتين حكم ما زاد عليهما، لما روى جابر بن عبد الله قال: «جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما

ص: 299

معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالاً، ولا ينكحان إلا ولهما مال. قال: يقضي الله في ذلك. فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال: أعط ابنتي سعيد الثلثين وأعط أمهما الثمن، فما بقي فهو لك» رواه أبو داود.

فصل:

وبنات الابن كبنات الصلب سواء. إن لم يكن للميت ولد من صلبه، للواحدة النصف، وللثنتين فصاعداً الثلثان، لأنهن بنات، لأن كل موضع سمى الله فيه الولد دخل فيه ولد الابن. وإن كان من ولد الصلب بنت واحدة، فلها النصف، ولبنات الابن - واحدة كانت أو أكثر - السدس تكملة الثلثين، لأن الله تعالى لم يفرض للبنات إلا الثلثين، وهؤلاء بنات، وقد سبقت بنت الصلب فأخذت النصف، لأنها أعلى درجة منهن، فكان الباقي لهن السدس، ولهذا يسميه الفقهاء تكملة الثلثين. وقد روى الهزيل قال:«سئل أبو موسى عن بنت، وبنت ابن، وأخت، فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود. فسئل ابن مسعود - وأخبر بقول أبي موسى - فقال: لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين. أقضي فيها ما قضى رسول الله: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. فأتينا أبا موسى، فأخبرناه بقول ابن مسعود. فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم» ، رواه أحمد والبخاري.

فصل:

وللأخت للأبوين النصف، وللبنتين فصاعداً الثلثان، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] .

وحكم الأخوات من الأب إذا انفردن حكم الأخوات من الأبوين سواء، لدخولهن في لفظ الآية.

وإن اجتمع الأخوات من الجهتين، فحكم ولد الأب مع ولد الأبوين، حكم بنات الابن مع بنات الصلب سواء، لأنهن في معناهن.

وإن اجتمع الأخوات مع البنات، صار الأخوات عصبة، لهن ما فضل، وليس لهن معهن فريضة مسماة، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فشرط في فرضها عدم الولد، فاقتضى ألا يفرض لها مع وجوده، ولما ذكرنا من حديث الهزيل.

ص: 300