الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدل على أن لا تسلم إليهم قبل الرشد، وقوله:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] . ولأن إطلاقهم في التصرف يفضي إلى ضياع أموالهم، وفيه ضرر عليهم. ويتولى الأب مال الصبي والمجنون؛ لأنها ولاية على الصغير، فقدم فيها الأب، كولاية النكاح. ثم وصيه بعده؛ لأنه نائبه. فأشبه وكيله في الحياة، ثم الحاكم؛ لأن الولاية من جهة القرابة قد سقطت، فثبت للسلطان، كولاية النكاح. ولا تثبت لغيرهم؛ لأن المال محل الخيانة، ومن سواهم قاصر الشفقة، غير مأمون على المال، فلم يله كالأجنبي. ومن شرط ثبوت الولاية العدالة بلا خلاف؛ لأن في تفويضها إلى الفاسق تضييعاً لماله، فلم يجز، كتفويضها إلى سفيه.
[تصرفات الولي في مال المحجور عليه]
فصل
وليس لوليه التصرف في ماله بما لا حظ له فيه، كالعتق والهبة والتبرعات والمحاباة، لقول الله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وقوله عليه السلام: «لا ضرر ولا ضرار» من المسند. وفي هذه إضرار، فلا يملكه ولا يأكل من ماله إن كان غنياً؛ لقوله سبحانه:{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6] . ومن كان فقيراً جاز لقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وليس له إلا أقل الأمرين من أجرته، أو قدر كفايته؛ لأنه لا يستحقه بالعمل والحاجة معاً، فلم يملك إلا ما وجدا فيه. ثم إن كان أباً، فلا شيء عليه؛ لأن له أن يأخذ من مال ولده، وإن كان غيره ففيه روايتان:
إحداهما: يضمن عوض ما أكله إذا أيسر؛ لأنه استباحة للحاجة، فلزمه عوضه كالمضطر.
والثانية: لا شيء عليه؛ لأن الله تعالى أمر بالأكل ولم يذكر عوضاً، ولأنه أجيز له الأكل بحق الولاية، فلم يضمنه، كرزق الإمام من بيت المال. وإذا كان خلط مال اليتيم بماله أرفق له، مثل أن يكون ألين في الخبز، وأمكن في الأدم، خلطه. وإن كان إفراده خيراً له أفرده؛ لقول الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] .
فصل
وله أن يتجر بماله؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ولي يتيماً فليتجر بماله، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة» رواه الترمذي. ولأنه أحظ لليتيم؛ لتكون نفقته من ربحه، كما يفعل البالغ في ماله، ولا يتجر إلا في المواضع الآمنة. لئلا يغرر بماله، والربح كله لليتيم؛ لأن المضارب إنما يستحق بعقد، وليس له أن يعقد مع نفسه لنفسه. فإن أعطاه لمن يضارب له به، جاز؛ لأن العلاء بن عبد الرحمن روى عن أبيه عن جده: أن عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة. ولأن ذلك يفعله الإنسان في مال نفسه طلباً للحظ، وللمضارب من الربح ما وافقه الولي عليه؛ لأن الولي نائبه فيما فيه مصلحته، وهذا من مصلحته، فجاز كفعله له في ماله.
فصل
ويجوز أن يشتري له العقار؛ لأن الحظ فيه يحصل منه الفضل ويبقى الأصل، فهو أحظ من التجارة، وأقل غرراً، وله أن يبنيه؛ لأنه في معنى الشراء، قال أصحابنا: ويبنيه بالآجر والطين، ليسلم الآجر عند انهدامه. والصحيح أنه يبنيه بما جرت عادة أهل بلده؛ لأنه أحظ وأقل ضرراً. ولا يجوز تحمل ضرر عاجل، لتوهم نفع عند الهدم فالظاهر أنه لا ينهدم إلا بعد زوال ملكه عنه. ولا يجوز بيع عقاره لغير حاجة، لما فيه من تفويت الحظ الحاصل به، ويجوز للحاجة. قال أصحابنا: لا يجوز إلا لحاجة إلى نفقة، أو قضاء دين، أو غبطة لزيادة كثيرة في ثمنه، كالثلث فما فوقه، والمنصوص: أن للوصي بيعه إذا كان نظراً لهم من غير تقييد بهذين. وقد يكون الحظ في بيعه لغير هذا، لكونه في مكان لا غلة له، أو له غلة يسيرة، فيبيعه ويشتري بثمنه ما يكثر عليه، أو يكون له عقاران، يعمر أحدهما بثمن الآخر، فلا وجه لتقييده بهذين.
فصل
ولا يجوز أن يودع ماله إلا لحاجة، ولا يقرضه إلا لحظه، مثل أن يخاف هلاكه، أو نقصانه ببقائه، فيقرضه ليستوفيه كاملاً، لا يقرضه إلا لمليء يأمن جحده، أو مطله. ويأخذ بالعوض رهنا استيثاقاً له، وإن لم يأخذ، جاز في ظاهر كلامه، وإن أراد الولي السفر لم يكن له المسافرة بماله؛ لأنه يخاطر به، لكنه يقرضه، أو يودعه أميناً، والقرض أولى؛ لأنه مضمون بخلاف الوديعة.
فصل
وله كتابة رقيقه وعتقه على مال، للحظ فيه، مثل أن يكاتبه، أو يعتقه بمثلي قيمته؛ لأنها معاوضة فتجوز للحظ فيها كالبيع، ولا يجوز ذلك بمثل قيمته؛ لأنه لا حظ