الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحتلم» . رواه أبو داود.
والثاني: كمال خمسة عشر سنة؛ لما روى «ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني في القتال، وعرضت عليه وأنا ابن خمسة عشر فأجازني» متفق عليه.
والثالث: إنبات الشعر الخشن حول القبل؛ لما روى «عطية القرظي. قال: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة، فشكوا في فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينظر إلي هل أنبت؟ فنظروا فلم يجدوني أنبت، فخلوا عني وألحقوني بالذرية.» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال: حسن صحيح. ولأنه خارج يلازمه البلوغ غالبا يستوي فيه الذكر والأنثى، فكان بلوغاً كالاحتلام، وبلوغ الجارية بهذه الثلاث. وتزيد بشيئين: الحيض؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار.» رواه الترمذي. وقال: حديث حسن، ولأنه خارج يلازم البلوغ غالباً، أشبه المني. والثاني: الحمل؛ لأنه لا يكون إلا من المني. فإذا ولدت المرأة، حكمنا ببلوغها حين حكمنا بحملها. فإن كان خنثى مشكل، فحيضه علم على بلوغه، وكونه امرأة، وخروج المني من ذكره، علم على بلوغه، وكونه رجلاً؛ لأن الحيض من الرجل ومني الرجل من المرأة مستحيل، أو نادر. وقال القاضي: ليس ذلك بدليل، لجواز أن يكون من خلقة زائدة، لكن إن اجتمعا، فقد بلغ؛ لأنه إن كان رجلاً فقد أمنى، وإن كانت امرأة فقد حاضت.
فصل
ويستوي الذكر والأنثى في أنه ينفك عنه الحجر برشده وبلوغه، للآية؛ ولأن المرأة أحد نوعي الآدميين، فأشبهت الرجل. وعنه: لا يدفع إليها مالها حتى تلد، أو تتزوج ويمضي عليها حول في بيت الزوج؛ لأن ذلك يروى عن عمر رضي الله عنه، فإن لم تتزوج، فقال القاضي: عندي أن يدفع إليها مالها إذا عنست، وبرزت للرجال.
[فصل في تعريف الرشد وما يعرف به]
فصل
والرشد: الصلاح في المال؛ لأن ابن عباس قال في قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6]
قال: إصلاحاً في أموالهم، ولأن الحجر عليه، لحفظ ماله، فيزول بصلاحه، كالعدل. ولأن الفسق معنى، لو طرأ بعد الرشد، لم يوجب الحجر، فلم يمنع من الرشد، كالمرض. فإن كان فسقه يؤثر في تلف ماله، كشراء الخمر ودفعها في الغناء والقمار، فليس برشيد؛ لأنه مفسد لماله.
فصل
وإنما يعرف رشده باختباره؛ لقول الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] . يعني: اختبروهم. واختبارهم: تفويض التصرفات التي يتصرف فيها أمثالهم إليهم، من تجارة أو نيابة. ويفوض إلى المرأة ما يفوض إلى ربة البيت، من استئجار الغزالات، وتوكيلها في شراء الكتان، والاستيفاء عليهن. ووقت الاختيار قبل البلوغ في ظاهر المذهب؛ لقوله سبحانه:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] . ولأن تأخيره يؤدي إلى الحجر على البالغ الرشيد حتى يختبره، ولا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء، فإذا تصرف بإذن وليه، صح تصرفه؛ لأنه متصرف بأمر الله تعالى، فصح تصرفه كالرشيد. وفيه رواية أخرى لا يختبر إلا بعد البلوغ؛ لأنه قبله ليس بأهل للتصرف؛ لأنه لم يوجد البلوغ الذي هو مظنة العقل، فكان عقله بمنزلة المعدوم. وفي تصرف الصبي المميزة بإذن وليه روايتان. بناء على هذا. فأما غير المأذون، فلا يصح تصرفه إلا في الشيء اليسير؛ لأن أبا الدرداء اشترى من صبي عصفوراً فأرسله.
فصل
ومن لم يؤنس منه رشد، لم يدفع إليه ماله، ولم ينفك الحجر عنه، وإن صار شيخاً، للآية. ولأنه غير مصلح لماله، فلم يدفع إليه، كالمجنون. وإن فك الحجر عنه فعاود السفه، أعيد عله الحجر؛ لما روى عروة بن الزبير: أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعاً، فأتى الزبير فقال: إني قد ابتعت بيعاً، وإن علياً يريد أن يأتي أمير المؤمنين عثمان فيسأله الحجر علي، فقال الزبير: أنا شريكك في البيع، فأتى علي عثمان فقال: إن ابن جعفر قد ابتاع بيع كذا فاحجر عليه، فقال الزبير: أنا شريكه، فقال عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير؟ وهذه قصة يشتهر مثلها، ولم تنكر فتكون إجماعاً. ولأن السفه يقتضي الحجر لو قارن، فيقتضيه إذا طرأ، كالجنون. ولا يحجر عليه إلا الإمام، أو
نائبه؛ لأن علياً سأل عثمان الحجر على ابن جعفر، ولم يفعله بنفسه. ولأن معرفة التبذير تحتاج إلى نظر؛ لأن الغبن قد يكون تبذيراً، وقد يكون غير تبذير، فيحتاج إلى نائب الإمام، كالحجر للفلس، ولأنه مختلف فيه، أشبه الحجر للفلس، ولا يلي عليه إلا الإمام، أو نائبه؛ لأنه حجر ثبت به، فكان هو الولي، كحجر المفلس.
فصل
ويستحب الإشهاد عليه والجهار بالحجر، لتجتنب معاملته. فمن عامله ببيع، أو قرض، لم يصح، ولم يثبت به الملك. فإن وجد المعامل له مالاً، أخذه. وإن أتلفه السفيه، فهو من ضمان مالكه، علم أو لم يعلم؛ لأنه سلطه عليه برضاه. وإن غصب مالاً أو أتلفه، ضمنه؛ لأن صاحبه لم يرض ذلك، ولأن الحجر على الصبي والمجنون لا يسقط عنهما ضمان المتلف، فهذا أولى. وإن أودع مالاً فتلف، لم يضمنه، سواء فرط في الحفظ أو لم يفرط؛ لأنه تلف بتفريط صاحبه بتسليمه إليه. وإن أتلفه، ففيه وجهان:
أحدهما: يضمنه؛ لأن صاحبه لم يرض إتلافه، أشبه المغصوب.
والثاني: لا يضمنه؛ لأن صاحبه فرط في التسليم إليه. وإن أقر بمال، لم يلزمه حال حجره؛ لأنه حجر عليه لحظه، فلم يقبل إقراره بالمال، كالصبي والمجنون. ولأن قبول إقراره يبطل معنى الحجر؛ لأنه يداين الناس، ويقر لهم. قال أصحابنا: ويلزمه ما أقر به بعد فك الحجر عنه، كالمفلس. وفيه نظر؛ لأن الحجر عليه لعدم رشده، فهو كالصبي. ولأن ثبوت إقراره في ذمته لا يفيد الحجر معه إلا تأخير الضرر إلى أكمل حالتيه إلا أن يريدوا أن يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى: فإن ما كان ثابتاً في ذمته لا يسقط بالحجر عليه. وإن أقر بحد أو قصاص، لزمه؛ لأنه محجور عليه في ماله لا في نفسه. فإن عفا ولي القصاص إلى ماله، ففيه وجهان:
أحدهما: له ذلك؛ لأن من ثبت له القصاص ثبتت له الخبرة. كما لو ثبت ببينة.
والثاني: لا يصح، لئلا يواطئ من يقر له بالقصاص، ليعفو على مال يأخذه. وإن أقر بنسب قبل؛ لأنه ليس بمال، وينفق على الغلام من بيت المال؛ لأن إقرار السفيه بما يوجب المال غير مقبول. وإن طلق امرأته، صح؛ لأن الحجر يحفظ المال، والطلاق يوفره ولا يضيعه. فإن خالع، جاز؛ لأنه إذا جاز الطلاق بغير مال فبالمال أولى ولا تدفع المرأة إليه المال، فإن فعلت، لم يصح القبض، ولم تبرأ منه إلا بالدفع إلى وليه. وإن تلف، كان من ضمانها.