المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب الشفعة] وهي استحقاق انتزاع الإنسان صحة شريكه من مشتريها مثل - الكافي في فقه الإمام أحمد - جـ ٢

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب البيع]

- ‌[باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز]

- ‌[باب بيع النجش والتلقي وبيع الحاضر لباد وبيعه على بيع غيره والعينة]

- ‌[باب تفريق الصفقة]

- ‌[باب الثنيا في البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار في البيع]

- ‌[باب الربا]

- ‌[باب بيع الأصول]

- ‌[باب بيع الثمار]

- ‌[باب بيع المصراة]

- ‌[باب الرد بالعيب]

- ‌[باب بيع المرابحة والمواضعة والتولية والإقالة]

- ‌[باب اختلاف المتبايعين]

- ‌[كتاب السلم]

- ‌[فصل في السلم في الحيوان]

- ‌[ما يجوز فيه السلم وما لا يجوز]

- ‌[باب القرض]

- ‌[فصل فيما يصح قرضه]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[الرهن بمال الكتابة]

- ‌[باب ما يصح رهنه وما لا يصح]

- ‌[باب ما يدخل في الرهن وما يملكه الراهن وما يلزمه]

- ‌[باب جناية الرهن والجناية عليه]

- ‌[باب الشروط في الرهن]

- ‌[باب اختلاف المتراهنين]

- ‌[كتاب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[تصرفات الولي في مال المحجور عليه]

- ‌[فصل في اختلاف الولي والحجور عليه]

- ‌[فصل فيما ينفك به الحجر]

- ‌[فصل في تعريف الرشد وما يعرف به]

- ‌[فصل في تصرفات المحجور عليه]

- ‌[كتاب الصلح]

- ‌[فصل في صلح المكاتب والمأذون له من العبيد والصبيان]

- ‌[فصل في الصلح عن المجهول]

- ‌[باب الصلح فيما ليس بمال]

- ‌[فصل حقوق الارتفاق والجوار]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[فصل في آثار الحوالة]

- ‌[كتاب الضمان]

- ‌[فصل فيمن يصح منه الضمان]

- ‌[فصل فيما يصح ضمانه]

- ‌[فصل في اختلاف الضامن والمضمون عنه]

- ‌[باب الكفالة]

- ‌[تعليق الكفالة على شرط أو إضافتها لوقت]

- ‌[فصل في الكفالة بالبدن]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المضاربة]

- ‌[باب العبد المأذون]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب ما يجوز فسخ الإجارة وما يوجبه]

- ‌[باب ما يلزم المتكاريين وما لهما فعله]

- ‌[باب تضمين الأجير واختلاف المتكاريين]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب المسابقة]

- ‌[باب المناضلة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب أحكام المياه]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[كتاب الوصايا]

- ‌[باب من تصح وصيته والوصية له ومن لا تصح]

- ‌[باب ما تجوز الوصية به]

- ‌[باب ما يعتبر من الثلث]

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء]

- ‌[باب جامع الوصايا]

- ‌[باب الرجوع في الوصية]

- ‌[باب الأوصياء]

- ‌[فصل في عزل الوصي]

- ‌[كتاب الفرائض]

- ‌[فصل في أسباب التوارث]

- ‌[باب أصحاب الفروض]

- ‌[باب من يسقط من ذوي الفروض]

- ‌[باب أصول سهام الفرائض]

- ‌[باب تصحيح المسائل]

- ‌[باب الرد في الميراث]

- ‌[باب ميراث العصبة من القرابة]

- ‌[باب المناسخات في الميراث]

- ‌[باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم]

- ‌[باب ميراث ذوي الأرحام]

- ‌[باب ميراث الخنثى]

- ‌[باب ميراث الحمل]

- ‌[باب ما يمنع الميراث]

- ‌[باب ذكر الطلاق الذي لا يمنع الميراث]

- ‌[باب الإقرار بمشارك في الميراث]

- ‌[باب ميراث المفقود]

- ‌[باب الولاء]

- ‌[باب الميراث بالولاء]

- ‌[كتاب العتق]

- ‌[باب تعليق العتق بالصفة]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب ما يملكه المكاتب وما لا يملكه]

- ‌[باب الأداء والعجز في الكتابة]

- ‌[باب الكتابة الفاسدة]

- ‌[باب جامع الكتابة]

- ‌[باب اختلاف السيد ومكاتبه]

- ‌[باب حكم أمهات الأولاد]

الفصل: ‌ ‌[كتاب الشفعة] وهي استحقاق انتزاع الإنسان صحة شريكه من مشتريها مثل

[كتاب الشفعة]

وهي استحقاق انتزاع الإنسان صحة شريكه من مشتريها مثل ثمنها، وهي ثابتة بالسنة والإجماع؛ أما السنة فما روى جابر قال:«قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم، ربعة، أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، فإن شاء، أخذ. وإن شاء ترك، فإن باع ولم يستأذنه، فهو أحق به» رواه مسلم. وأجمع المسلمون على ثبوت الشفعة في الجملة، ولا تثبت إلا بشروط سبعة.

أحدها: أن يكون المبيع أرضًا للخبر، ولأن الضرر في العقار يتأبد من جهة الشريك، بخلاف غيره، فأما غير الأرض فنوعان:

أحدهما: البناء والغراس. فإذا بيعا مع الأرض، ثبتت الشفعة فيه؛ لأنه يدخل في قوله حائط، وهو البستان المحوط، ولأنه يراد للتأبيد، فهو كالأرض، وإن بيع منفردًا، فلا شفعة فيه؛ لأنه ينقل ويحول، وعن أحمد رضي الله عنه أن فيه شفعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الشفعة فيما لم يقسم» ولأن في الأخذ بها رفع ضرر الشركة، فأشبه الأرض، والمذهب الأول؛ لأن هذا مما لا يتباقى ضرره، فأشبه المكيل. وفي سياق الخبر ما يدل على أنه أراد الأرض؛ لقوله: فإذا طرقت الطرق، فلا شفعة.

النوع الثاني: الزرع والثمرة الظاهرة، والحيوان وسائر المبيعات، فلا شفعة فيه تبعًا ولا أصلًا؛ لأنها لا تدخل في البيع تبعًا، فلا تدخل في الشفعة تبعًا، وعن أحمد رضي الله عنه أن الشفعة في كل ما لا ينقسم، كالحجر والسيف والحيوان وما في معناه، ووجه الروايتين ما ذكرناه.

ص: 232

فصل:

الشرط الثاني: أن يكون المبيع مشاعًا؛ لما روى جابر قال: «قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فلا شفعة» رواه البخاري. ولأن الشفعة، ثبتت لدفع الضرر الداخل عليه بالقسمة من نقص قيمة الملك، وما يحتاج إلى إحداثه من المرافق، ولا يوجد هذا في المقسوم.

فصل:

الشرط الثالث: أن يكون مما تجب قسمته عند الطلب، فأما ما لا تجب قسمته كالرحى والبئر الصغيرة والدار الصغيرة، فلا شفعة فيه؛ لما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: لا شفعة في بئر ولا نخل، ولأن إثبات الشفعة إنما كان لدفع الضرر الذي يلحق بالمقاسمة، وهذا لا يوجد فيما لا يقسم، وعن أحمد رضي الله عنه: أن الشفعة تثبت فيه؛ لعموم الخبر، ولأنه عقار مشترك، فثبتت فيه الشفعة، كالذي يمكن قسمته. والمذهب الأول. فأما الطريق في درب مملوك. فإن لم يكن للدار طريق سواها، فلا شفعة فيها؛ لأنه يضر بالمشتري لكون داره تبقى بلا طريق. وإن كان لها غيرها، ويمكن قسمتها بحيث يحصل لكل واحد منهم طريق، ففيها الشفعة؛ لوجود المقتضي لها، وعدم الضرر في الأخذ بها، وإن لم يمكن قسمتها، خرج فيها روايتان كغيرها.

فصل:

الشرط الرابع: أن يكون الشقص منتقلًا بعوض، فأما الموهوب والموصى به فلا شفعة فيه؛ لأنه انتقل بغير بدل، أشبه الموروث، والمنتقل بعوض نوعان:

أحدهما: ما عوضه المال كالمبيع، ففيه الشفعة بالإجماع، والخبر ورد فيه.

الثاني: ما عوضه غير المال: كالصداق، وعوض الخلع، والصلح عن دم العمد، وما اشتراه الذمي بخمر، أو خنزير، فلا شفعة فيه في ظاهر المذهب؛ لأنه انتقل بغير مال، أشبه الموهوب، ولأنه لا يمكن الأخذ بمثل العوض، أشبه الموروث. وقال ابن حامد: فيه الشفعة؛ لأنه عقد معاوضة، أشبه البيع، فعلى قوله يأخذ الشقص بقيمته، لأن أخذه بمهر المثل يفضي إلى تقويم البضع في حق الأجانب، ذكره القاضي. وقال الشريف: يأخذه بمهر المثل؛ لأنه ملكه ببدل لا مثل له، فيجب الرجوع إلى قيمته، كما لو اشتراه بعوض، ولا تجب الشفعة بالرد بالعيب. والفسخ بالخيار أو الاختلاف؛ لأنه فسخ للعقد وليس بعقد، ولا برجوع الزوج في الصداق، أو نصفه قبل الدخول لذلك، ولا بالإقالة إذا قلنا: هي فسخ لذلك.

ص: 233

فصل:

الشرط الخامس: الطلب بها على الفور ساعة العلم، فإن أخرها مع إمكانها سقطت الشفعة. قال أحمد: الشفعة بالمواثبة ساعة يعلم؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشفعة كحل العقال» رواه ابن ماجه. ولأن إثباتها على التراخي يضر بالمشتري، لكونه لا يستقر ملكه على المبيع، ولا يتصرف فيه بعمارة، خوفًا من أخذ المبيع وضياع عمله. وقال ابن حامد: تتقدر بالمجلس وإن طال؛ لأنه كله في حكم حالة العقد، بدليل صحة العقد بوجود القبض؛ لما يشترط قبضه فيه. وعن أحمد: أنه على التراخي، ما لم توجد منه دلالة على الرضا، كقوله: بعني أو صالحني على مال أو قاسمني؛ لأنه حق لا ضرر في تأخيره، أشبه القصاص. والمذهب الأول، لكن إن أخره لعذر، مثل أن يعلم ليلًا فيؤخره إلى الصباح، أو لحاجته إلى أكل أو شرب، أو طهارة، أو إغلاق باب، أو خروج من الحمام، أو خروج لصلاة أو نحو هذا، لم تبطل شفعته؛ لأن العادة البداءة بهذه الأشياء، إلا أن يكون حاضرًا عنده فيترك المطالبة، فتبطل شفعته؛ لأنه لا ضرر عليه في الطلب بها، وإن لقيه الشفيع فبدأه بالسلام، لم تبطل شفعته؛ لأن البداءة بالسلام سنة، وكذلك إن دعا له فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك؛ لاحتمال أن يكون دعا له في صفقته؛ لأنها أوصلته إلى شفعته. وإن أخر الطلب لمرض، أو حبس، أو غيبة، لم يمكنه فيه التوكيل ولا الإشهاد، فهو على شفعته؛ لأنه تركه لعذر. وإن قدر على إشهاد من تقبل شهادته، فلم يفعل، ولم يسر في طلبها من غير عذر، بطلت شفعته؛ لأنه قد يترك الطلب زهدًا، أو للعذر، فإذا أمكنه تبيين ذلك بالإشهاد، فلم يفعل، بطلت شفعته، كترك الطلب في حضوره، وإن لم يشهد وسار عقيب علمه؛ ففيه وجهان:

أحدهما: تبطل؛ لأن السير قد يكون لطلبها أو لغيره، فوجب بيان ذلك بالإشهاد، كما لو لم يسر.

والثاني: لا تبطل؛ لأن سيره عقيب علمه ظاهر في طلبها، فاكتفي به، كالذي في البلد، وإن أشهد ثم أخر القدوم لم تبطل شفعته؛ لأن عليه في العجلة ضررًا؛ لانقطاع حوائجه. وقال القاضي: تبطل إن تركه مع الإمكان، وإن كان له عذر، فقدر التوكيل فلم يفعل، ففيه وجهان:

أحدهما: تبطل شفعته؛ لأنه تارك للطلب مع إمكانه، فأشبه الحاضر.

والثاني: لا تبطل؛ لأنه إن كان بجعل، ففيه غرم، وإن كان بغيره ففيه منة، وقد لا يثق به. وإن أخر المطالبة بعد قدومه وإشهاده، ففيه وجهان. بناء على تأخير السير لطلبها.

ص: 234

فصل:

فإن ترك الطلب لعدم علمه بالبيع، أو لكون المخبر لا يقبل خبره، أو لإظهار المشتري أن الثمن أكثر مما هو، أو أنه اشترى البعض، أو اشترى بغير النقد الذي اشترى به، أو أنه اشتراه لغيره، أو أنه اشتراه لنفسه، وكان كاذبًا فهو على شفعته، ولو عفا عن الشفعة لذلك لم تسقط؛ لأنه قد لا يرضاه بالثمن الذي أظهره، أو لأنه لا يقدر على النقد، وقد يرضى مشاركة من نسب إليه البيع، دون من هو له في الحقيقة، فلم يكن ذلك رضا منه بالبيع الواقع، وإن أظهر الثمن قليلًا فترك الشفعة، وكان كثيرًا، سقطت؛ لأنه من لا يرضى بالقليل، ولا يرضى بأكثر منه. فإن ادعى أنه لم يصدق المخبر، وهو ممن يقبل خبره الديني، سقطت شفعته، رجلًا كان أو امرأة، إذا كان يعرف حاله؛ لأن هذا من باب الإخبار، وقد أخبره من يجب تصديقه، وإن لم يكن المخبر كذلك، فالقول قوله.

فصل:

فإن باع الشفيع حصته عالمًا بالبيع، بطلت شفعته لأنها ثبتت، لإزالة ضرر الشركة، وقد زال ببيعه، وإن باع قبل العلم فكذلك. عند القاضي: لذلك، ولأنه لم يبق له ملك يستحق به. وقال أبو الخطاب: لا تسقط؛ لأنها ثبتت بوجود ملكه حين البيع، وبيعه قبل العلم لا يدل على الرضا، فلا تسقط. وله أن يأخذ الشقص الذي باعه الشفيع من مشتريه، ولمشتريه أن يأخذ الشقص الذي باعه الشفيع من مشتريه؛ لأنه كان مالكًا حين البيع الثاني ملكًا صحيحًا، فثبتت له الشفعة. وعلى قول القاضي: للمشتري الأول أخذ الشقص من المشتري الثاني. وإن باع الشفيع البعض، احتمل سقوط الشفعة؛ لأنها استحقت بجميعه. وقد ذهب بعضه فسقط الكل، ويحتمل أن لا تسقط؛ لأنه قد بقي من نصيبه ما يستحق به الشفعة في جميع المبيع.

فصل:

الشرط السادس: أن يأخذ جميع المبيع، فإن عفا عن البعض، أو لم يطلبه سقطت شفعته؛ لأن في أخذ البعض تفريقًا لصفقة المشتري، وفيه إضرار به، وإنما ثبتت الشفعة على وجه يرجع المشتري بماله، من غير ضرر به، فمتى سقط بعضها، سقطت كلها كالقصاص، فإن كان المبيع شقصين من أرضين فله أخذ أحدهما؛ لأنه يستحق كل واحد منهما بسبب غير الآخر، فجرى مجرى الشريكين، ويحتمل ألا يملك ذلك؛ لأن فيه تفريق صفقة المشتري، أشبه الأرض الواحدة. وإن كان البائع، أو المشتري اثنين من أرض، أو أرضين، فله أخذ نصيب أحدهما؛ لأنه متى كان في أحد طرفي الصفقة اثنان، فهما عقدان، فكان له الأخذ بأحدهما، كما لو كانا متفرقين.

ص: 235

فصل:

فإن كان للشقص شفعاء، فالشفعة بينهم على قدر حصصهم في الملك، في ظاهر المذهب؛ لأنه حق يستحق بسبب الملك، فيسقط على قدره، كالإجارة والثمرة.

وعنه: أنها بينهم بالسوية، اختارها ابن عقيل؛ لأن كل واحد منهم يأخذ الكل لو انفرد، فإن اجتمعوا تساووا، كسراية العتق، فإن عفا بعضهم توفر نصيبه على شركائه، وليس لهم أخذ البعض؛ لأن فيه تفريق صفقة المشتري، وإن جعل بعضهم حصته لبعض شركائه، أو لأجنبي، لم يصح، وكانت لجميعهم؛ لأنه عفو وليس بهبة، وإن حضر بعض الشركاء وحده، فليس له إلا أخذ الجميع؛ لئلا تتبعض صفقة المشتري، فإن ترك الطلب انتظارًا لشركائه، ففيه وجهان:

أحدهما: تسقط شفعته، لتركه طلبها مع إمكانه.

والثاني: لا تسقط؛ لأن له عذرًا، وهو الضرر الذي يلزمه بأخذ صاحبيه منه، فإن أخذ الجميع، ثم حضره الثاني قاسمه، فإذا حضر الثالث قاسمهما، وما حدث من النماء المنفصل في يد الأول، فهو له؛ لأنه حدث في ملكه، وإن أراد الثاني الاقتصار على قدر حقه، فله ذلك؛ لأنه لا تتبعض الصفقة على المشتري، إنما هو تارك بعض حقه لشريكه، فإذا قدم الثالث فله أن يأخذ ثلث ما في يد الثاني، وهو التسع فيضمه إلى ما في يد الأول، وهو الثلثان تصير سبع أتساع، يقتسمانها نصفين، لكل واحد منهما ثلاثة أتساع ونصف تسع، وللثاني تسعان، ولو ورث اثنان دارًا، فمات أحدهما عن ابنين، فباع أحدهما نصيبه، فالشفعة بين أخيه وعمه؛ لأنهما شريكان للبائع، فاشتركا في شفعته، كما لو ملكا بسبب واحد.

فصل:

وإن كان المشتري شريكًا، فالشفعة بينه وبين الشريك الآخر؛ لأنهما تساويا في الشركة، فتساويا في الشفعة، كما لو كان الشريك أجنبيًا، فإن أسقط المشتري شفعته ليلزم شريكه أخذ الكل، لم يملك ذلك؛ لأن ملكه استقر على قدر حقه، فلم يسقط بإسقاطه، وإن كان المبيع شقصًا وسيفًا صفقة واحدة، فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن نص عليه. ويحتمل أن لا يجوز، لئلا تتشقص صفقة المشتري، والصحيح الأول؛ لأن المشتري أضر بنفسه، حيث جمع في العقدين فيما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه.

فصل:

الشرط السابع: أن يكون الشفيع قادرًا على الثمن؛ لأن أخذ المبيع من غير دفع الثمن إضرار بالمشتري، وإن عرض رهنًا، أو ضمينًا، أو عوضًا عن الثمن، لم يلزمه

ص: 236

قبوله؛ لأن في تأخير الحق ضررًا، وإن أخذ بالشفعة، لم يلزم تسليم الشقص حتى يتسلم الثمن، فإن تعذر تسليمه، قال أحمد: يصبر يومًا أو يومين، أو بقدر ما يرى الحاكم، فأما أكثر فلا، فعلى هذا إن أحضر الثمن، وإلا فسخ الحاكم الأخذ، ورده إلى المشتري، فإن أفلس بعد الأخذ، خير المشتري بين الشقص وبين أن يضرب مع الغرماء، كالبائع المختار.

فصل:

ويأخذه بالثمن الذي استقر العقد عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: «فهو أحق به بالثمن» رواه أبو إسحاق الجوزجاني. ولأنه استحقه بالبيع، فكان عليه الثمن كالمشتري. فإن كان الثمن مثليًا كالأثمان والحبوب والأدهان، وجب مثله، وإن كان غير ذلك، وجب قيمته، لما ذكرنا في الغصب، وتعتبر قيمته حين وجوب الشفعة، كما يأخذ بالثمن الذي وجب بالشفعة، فإن حط بعض الثمن عن المشتري، أو زيد عليه في مدة الخيار؛ لحق العقد، ويأخذه الشفيع بما استقر عليه العقد؛ لأن زمن الخيار كحال العقد. وما وجد بعد ذلك من حط أو زيادة، لم تلزم في حق الشفيع؛ لأنه ابتداء هبة، فأشبه غيره من الهبات، وإن كان الثمن مؤجلًا، أخذ به الشفيع إن كان مليًا، وإلا أقام ضمينًا مليًا وأخذ به؛ لأنه تابع للمشتري في قدر الثمن وصفته، والتأجيل من صفته.

وإن كان الثمن عبدًا، فأخذ الشفيع بقيمته، ثم وجد به البائع عيبًا فأخذ أرشه، وكان الشفيع أخذ بقيمته سليمًا، لم يرجع عليه بشيء؛ لأن الأرش دخل في القيمة، وإن أخذ بقيمته معيبًا، رجع عليه بالأرش الذي أخذه البائع من المشتري؛ لأن البيع استقر بعبد سليم، وإن رد البائع العبد قبل أخذ الشفيع، انفسخ العقد ولا شفعة؛ لزوال السبب قبل الأخذ، ولأن في الأخذ بالشفعة إسقاط حق البائع من استرجاع المبيع وفيه ضرر، ولا يزال الضرر بالضرر، وإن رده بعد أخذ الشفيع، رجع بقيمة الشقص، وقد أخذه الشفيع بقيمة العبد، فإن كانتا مختلفتين، رجع صاحب الأكثر على الآخر بتمام القيمة؛ لأن الشفيع يأخذ بما استقر عليه العقد، والذي استقر عليه العقد، قيمة الشقص، وإن أصدق امرأة شقصًا، وقلنا: تجب الشفعة فيه، فطلق الزوج قبل الدخول والأخذ بالشفعة، ففيه وجهان:

أحدهما: لا شفعة لما ذكرنا.

والثاني: يقدم حق الشفيع؛ لأنه حق أسبق؛ لأنه ثبت بالعقد، وحق الزوج بالطلاق بخلاف البائع، فإن حقه ثبت بالعيب القديم.

فصل:

فإن اختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه

ص: 237

العاقد، فهو أعلم بالثمن، ولأن المبيع ملكه، فلا ينزع منه بدعوى مختلف فيها إلا ببينة، وإن قال المشتري: لا أعلم قدر الثمن، فالقول قوله؛ لأنه أعلم بنفسه، فإن حلف، سقطت الشفعة؛ لأنه لا يمكن الأخذ بغير ثمن، ولا يمكن أن يدفع إليه مالًا يدعيه إلا أن يفعل ذلك تحيلًا على إسقاطها، فلا تسقط، ويؤخذ الشقص بقيمته؛ لأن الغالب بيعه بقيمته. وإن ادعى أنك فعلته تحيلًا فأنكر، فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه منكر. وإن كان الثمن عرضًا، فاختلفا في قيمته، رجع إلى أهل الخبرة إن كان موجودًا، وإن كان معدومًا، فالقول قول المشتري في قيمته. وإن اختلفا في الغراس والبناء في الشقص، فقال المشتري: أنا أحدثته، وقال الشفيع: كان قديمًا، فالقول قول المشتري مع يمينه. ولو قال: اشتريت نصيبك فلي فيه الشفعة، وأنكر ذلك، فقال: بل اتهبته، أو ورثته، فالقول قوله مع يمينه.

فصل:

فإن ادعى عليه الشراء، فقال: اشتريته لفلان سئل المقر له، فإن صدقه، فهو له، وإن كذبه، فهو للمشتري، ويؤخذ بالشفعة في الحالين. وإن كان المقر له غائبًا، أخذه الشفيع بإذن الحاكم والغائب على حجته إذا قدم؛ لأننا لو وقفنا الأمر لحضور المقر له، كان ذلك إسقاطًا للشفعة؛ لأن كل مشتر يدعي أنه لغائب. وإن قال: اشتريته لابني الطفل، فهو كالغائب في أحد الوجهين. وفي الآخر: لا تجب الشفعة؛ لأن الملك ثبت للطفل، ولا يثبت في ماله حق بإقرار وليه عليه. فأما إن ادعى عليه الشفعة في شقص فقال: هذا لفلان الغائب، أو الطفل، فلا شفعة فيه؛ لأنه قد ثبت لهما، فإقراره بذلك إقرار إلى غيره، فلا يقبل.

فصل:

إذا اختلف البائع والمشتري، فقال البائع: الثمن، ألفان، وقال المشتري: هو ألف، فأقام البائع بينة بدعواه، ثبتت، وللشفيع أخذه بألف؛ لأن المشتري يقر أنه لا يستحق أكثر منها، وأن البائع ظلمه، فلا يرجع بما ظلمه على غيره. فإن قال المشتري: غلطت والثمن ألفان، لم يقبل؛ لأنه رجوع عن إقراره فلم يقبل. كما لو أقر لأجنبي. وإن لم يكن بينة تحالفا، وليس للشفيع أخذه بما حلف عليه المشتري؛ لأن فيه إلزامًا للعقد في حق البائع، بخلاف ما حلف عليه. فإن بذل ما حلف عليه البائع، فله الأخذ؛ لأن البائع، مقر له بأنه يستحق الشفعة به، ولا ضرر على المشتري فيه.

فصل:

وإن أقر البائع بالبيع فأنكره المشتري، ففيه وجهان:

ص: 238

أحدهما: لا تثبت الشفعة؛ لأن الشراء لم يثبت، فلا تثبت الشفعة التابعة له، ولأن البائع إن أقر بقبض الثمن، لم يمكن الشفيع دفعه إلى أحد؛ لأنه لا مدعي له، ولا يمكن الأخذ بغير ثمن، وإن لم يقر البائع بقبضه، فعلى من يرجع الشفيع بالعهدة.

والثاني: تثبت الشفعة؛ لأن البائع مقر بحق للمشتري والشفيع، فإذا لم يقبل المشتري قبل الشفيع، وثبت حقه، ويأخذ الشقص من البائع، ويدفع إليه الثمن. وإن لم يكن أقر بقبضه، والعهدة عليه؛ لأن الأخذ منه. وإن أقر بقبض الثمن عرضناه على المشتري، فإن قبله دفع إليه، وإلا أقر في يد الشفيع في أحد الوجوه، وفي الآخر يؤخذ إلى بيت المال.

والثالث: يقال له: إما أن تقبض، وأما أن تبرئ، وأصل هذا إذا أقبر بمال في يده لرجل، فلم يعترف به.

فصل:

وإذا تصرف المشتري في الشقص قبل أخذ الشفيع، لم يخل من خمس أضرب:

أحدها: تصرف بالبيع، وما تستحق به الشفعة، فللشفيع الخيار بين أن يأخذ بالعقد الثاني، وبين فسخه، ويأخذ بالعقد الأول؛ لأنه شفيع في العقدين، فملك الأخذ بما شاء منهما، فإن أخذه بالثاني، دفع إلى المشتري الثاني مثل ثمنه، وإن أخذه بالأول، دفع إلى المشتري الأول مثل الذي اشتري به، وأخذ الشقص، ويرجع الثاني على الأول بما أعطاه ثمنًا، وإن كان ثم ثالث، رجع الثالث على الثاني.

الثاني: تصرف برد أو إقالة، فللشفيع فسخ الإقالة والرد، ويأخذ الشقص؛ لأن حقه أسبق منهما، ولا يمكنه الأخذ معهما.

الثالث: وهبه، أو وقفه، أو رهنه، أو أجره ونحوه، فعن أحمد رضي الله عنه: تسقط الشفعة؛ لأن في الأخذ بها إسقاط حق الموهوب الموقوف عليه بالكلية، وفيه ضرر، بخلاف البيع؛ لأنه يوجب رد العوض إلى غير المالك، وحرمان المالك، وقال أبو بكر: تجب الشفعة؛ لأن حق الشفيع أسبق، فلا يملك المشتري التصرف بما يسقط حقه، ولأنه ملك فسخ البيع مع إمكان الأخذ به، فلأن يملك فسخ عقد لا يمكنه الأخذ به أولى، فعلى هذا تفسخ هذه العقود، ويأخذ الشقص، ويدفع الثمن إلى المشتري.

الرابع: بناء أو غرس، ويتصور ذلك بأن يكون الشفيع غائبًا، فقاسم المشتري وكيله في القسمة أو رفع الأمر إلى الحاكم فقاسمه أو أظهر ثمنًا كثيرًا أو نحوه، فترك الشفيع الشفعة وقاسمه، فبنى وغرس، ثم أخذ الشفيع بالشفعة، فإن اختار المشتري أخذ

ص: 239

بنائه أو غراسه، لم يمنع منه؛ لأنه ملكه، فملك نقله، ولا يلزمه تسوية الحفر، ولا ضمان النقص؛ لأنه غير متعد، ويحتمل كلام الخرقي أنه يلزمه تسوية الحفر؛ لأنه فعله في ملك غيره لتخليص ملكه، فأشبه ما لو كسر محبرة إنسان لتخليص ديناره منها، وإن لم يقلعه، فللشفيع الخيار بين أن يدفع إليه قيمة الغراس والبناء فيملكه، وبين أن يقلعه، ويضمن نقصه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا ضرر ولا ضرار» من المسند، ورواه ابن ماجه، ولا يزول الضرر عنهما إلا بذلك.

الخامس: زرع الأرض، فالزرع يبقى لصاحبه حتى يستحصد؛ لأنه زرعه بحق، فوجب إبقاؤه له كما لو باع الأرض المزروعة.

فصل:

وإن نما المبيع نماء متصلًا، كغراس كبر، وطلع زاد قبل التأبير، أخذ الشفيع بزيادته؛ لأنها تتبع الأصل في الملك، كما تتبعه في الرد، وإن كان نماء منفصلًا كالغلة، والطلع المؤبر، والثمرة الظاهرة، فهي للمشتري؛ لأنها حدثت في ملكه، وليست تابعة للأصل، وتكون مبقاة إلى أوان الجذاذ؛ لأن أخذ الشفيع شراء ثان، فإن كان المشتري اشترى الأصل والثمرة الظاهرة معًا، أخذ الشفيع الأصل بحصته من الثمن، كالشقص والسيف.

فصل:

وإن تلف بعض المبيع، فهو من ضمان المشتري؛ لأنه ملكه تلف في يده، وللشفيع أن يأخذ الباقي بحصته من الثمن، ويأخذ أنقاضه؛ لأنه تعذر أخذ البعض، فجاز أخذ الباقي كما لو أتلفه الآدمي. وقال ابن حامد: إن تلف بفعل الله تعالى لم يملك الشفيع أخذ الباقي إلا بكل الثمن ويترك؛ لأن في أخذه بالبعض إضرارًا بالمشتري، فلم يملكه كما لو أخذ البعض مع بقاء الجميع.

فصل:

ويملك الشفيع الأخذ بغير الحاكم؛ لأنه حق ثبت بالإجماع، فلم يفتقر إلى الحكم، كالرد بالعيب، ويأخذه من المشتري، فإن كان في يد البائع، فامتنع المشتري من قبضه، أخذه من البائع؛ لأنه يملك أخذه فملكه، كما لو كان في يد المشتري. وقال القاضي: يجبر المشتري على القبض، ثم يأخذه الشفيع؛ لأن أخذه من البائع يفوت به التسليم المستحق، ولا يثبت للمشتري خيار؛ لأنه يؤخذ منه قهرًا، ولا للشفيع بعد التملك؛ لأنه يأخذه قهرًا، وذلك ينافي الاختيار، ويملك الرد بالعيب؛ لأنه مشتر ثان، فملك ذلك كالأول، وإن خرج مستحقًا، رجع بالعهدة على المشتري؛ لأنه أخذه منه على أنه ملكه،

ص: 240

فرجع عليه، كما لو اشتراه منه، ويرجع المشتري على البائع.

فصل:

وإذا أذن الشريك في البيع، لم تسقط شفعته؛ لأنه إسقاط حق قبل وجوبه، فلم يصح، كما لو أبرأه مما يجب له، وعن أحمد رضي الله عنه أنه قال: ما هو ببعيد أن لا تكون له شفعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإذا باع ولم يؤذنه، فهو أحق به» رواه مسلم. يفهم منه أنه إذا باعه بإذنه لا حق له، وإن دل في البيع، أو توكل، أو ضمن العهدة، أو جعل له الخيار، فاختار إمضاء البيع، فهو على شفعته.

فصل:

وإذا كان البيع محاباة، أخذ الشفيع بها؛ لأنه بيع صحيح، فلا يمنع الشفعة فيه كونه مسترخصًا. وإن كان البائع مريضًا، والمحاباة لأجنبي فيما دون الثلث، أخذ الشفيع بها؛ لأنها صحيحة نافذة، وسواء كان الشفيع وارثًا، أو لم يكن؛ لأن المحاباة إنما وقعت للأجنبي، فأشبه ما لو وصى لغريم وارثه، ويحتمل ألا يملك الوارث الشفعة هاهنا؛ لإفضائه إلى جعل سبيل للإنسان إلى إثبات حق لوارثه في المحاباة، وإن كانت محاباة المريض لوارثه، أو لأجنبي لزيادة على الثلث، بطلت كلها في حق الوارث، والزيادة على الثلث في حق الأجنبي، وصح البيع في الباقي، وثبت للمشتري الخيار لتفريق صفقته، وللشفيع الأخذ على ذلك الوجه.

فصل:

إذا مات الشفيع قبل الطلب، بطلت شفعته، نص عليه؛ لأنه حق فسخ لا لفوات جزء، فلم يورث، كرجوع الأب في هبته، ويتخرج أن يورث؛ لأنه خيار ثبت لدفع الضرر عن المال فيورث، كالرد بالعيب، فإن مات بعد الطلب، لم يسقط؛ لأنها تقررت بالطلب بحيث لم يسقط بتأخيره، بخلاف ما قبله، فإن ترك بعض الورثة حقه، توفر على شركائه في الميراث، كالشفعاء في الأصل.

فصل:

وإن كان بعض العقار وقفًا، وبعضه طلقًا، فبيع الطلق، فذكر القاضي أنه لا شفعة لصاحب الوقف؛ لأن ملكه غير تام، فلا يستفيد به ملكًا تامًا. وقال أبو الخطاب: هذا ينبني على الروايتين في ملك الوقف، إن قلنا: هو مملوك، فلصاحبه الشفعة؛ لأنه يلحقه الضرر من جهة الشريك، فأشبه الطلق، وإن قلنا: ليس بمملوك، فلا شفعة له، لعدم ملكه.

ص: 241

فصل:

ولا شفعة في بيع الخيار قبل انقضائه؛ لأن فيه إلزام البيع بغير رضا المتبايعين، وإسقاط حقهما من الخيار، وقيل: يؤخذ بالشفعة؛ لأن الملك انتقل، فإن كان الخيار للمشتري وحده، فللشفيع الأخذ؛ لأنه يملك الأخذ من المشتري قهرًا، ويحتمل أن لا يملكه؛ لأن فيه إلزام البيع في حق المشتري بغير رضاه.

فصل

وللصغير الشفعة، ولوليه الأخذ بها إن رأى الحظ فيها، فإذا أخذ فيها لم يملك الصغير إبطالها بعد بلوغه، كما لو اشترى له دارًا. وإن تركها مع الحظ فيها، لم تسقط، وملك الصغير الأخذ بها إذا بلغ، وإن تركها الولي للحظ في تركها، أو لإعسار الصبي، سقطت في قول ابن حامد؛ لأنه فعل ما تعين عليه فعله، فلم يجز نقضه، كالرد بالعيب.

وظاهر كلام الخرقي: أنها لا تسقط؛ لأن للشفيع الأخذ مع الحظ وعدمه، فملك طلبها عند إمكانه، كالغائب إذا قدم، والمجنون كالصبي؛ لأنه محجور عليه. وإن باع الولي لأحد الأيتام نصيبًا، فله الأخذ بها للآخر، وإن كان الولي شريكًا، لم يملك الأخذ بها إن كان وصيًا؛ لأنه متهم، وإن كان أبًا، فله الأخذ؛ لأن له أن يشتري لنفسه مال ولده، وهل لرب المال الشفعة على المضارب فيما يشتريه؟ على وجهين بناء على شرائه منه لنفسه.

فصل:

ولا شفعة لكافر على مسلم؛ لما روى أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شفعة لنصراني» رواه الطبراني في الصغير، ولأنه معنى يختص العقار، فلم يثبت للكافر على المسلم كالاستعلاء، وتثبت الشفعة للمسلم على الذمي، وللذمي على الذمي، للخبر والمعنى.

ص: 242