الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذمة واحدة، وللشريك القابض مطالبته بنصيبه منه لذلك، وله مطالبة الغريم؛ لأنه لم يبرأ من حقه بتسليمه إلى غيره بغير إذنه، ومن أيهما أخذ، لم يرجع على الآخر؛ لأن حقه ثبت في أحد المحلين.
فإذا اختار أحدهما، سقط حقه من الآخر، وإن هلك المقبوض في يد القابض تعين حقه فيه، ولم يضمنه للغريم؛ لأنه قدر حقه فما تعدى بالقبض، وإنما كان لشريكه مشاركته لثبوته مشتركاً، وإن أبرأ أحدهما الغريم، برئ من نصيبه، ولم يرجع عليه الآخر بشيء؛ لأنه كتلفه، وإن أبرأه من نصف حقه ثم قبضا شيئاً، اقتسماه أثلاثاً، وإن أخر أحدهما حقه، جاز؛ لأنه يملك إسقاطه فتأخيره أولى، وإن اشترى بنصيبه شيئاً، فهو كما لو اشترى بعين مال مشترك بينهما، وإن كان الحق ثابتاً بسببين، كعقدين، أو إتلافين، فلا شركة بينهما، ولكل واحد استيفاء حقه مفرداً، فلا يشاركه الآخر فيه.
فصل:
إذا ملكا عبداً، فباعه أحدهما بأمر الآخر، فادعى المشتري أنه قبض ثمنه، فأنكر البائع وصدقه الآخر، برئ من نصف ثمنه لاعتراف صاحبه بقبض وكيله له، والقول قول البائع مع يمينه في أنه لم يقبض؛ لأن الأصل عدمه، ولا تقبل شهادة شريكه عليه؛ لأن له فيها نفعاً، فإذا حلف، قبض نصيبه من المشتري، ولم يشاركه شريكه فيه؛ لأنه يدعي أنه يأخذه ظلماً، وإن كان البائع ادعى أن شريكه قبض الثمن كله فأنكر، لم تبرأ ذمة المشتري؛ لأنه لم يوكله في القبض، وليس للبائع مطالبة المشتري بأكثر من نصيبه، لاعترافه بأن ذمته برئت من نصيب صاحبه.
فإذا قبض نصيبه، فلصاحبه مشاركته فيه؛ لأن دينهما واحد.
فإذا رجع عليه، لم يكن للمقبوض منه مطالبة المشتري بشيء آخر، لاعترافه بقبضه لجميع حقه، وأن ما يأخذه صاحبه منه ظلم، ويحتمل أنه ليس لصاحبه مشاركته؛ لأنه ملك لاثنين، وعقد الواحد مع الاثنين كعقدين.
[باب العبد المأذون]
لا يجوز للعبد التجارة بغير إذن مولاه؛ لأن منافعه مملوكة له، فلا يملك التصرف فيها بغير إذنه، فإن رآه يتجر فسكت، لم يصر مأذوناً له؛ لأنه بيع يفتقر إلى الإذن، فلم يكن السكوت إذناً فيه كبيع مال الأجنبي، وإن اشترى في ذمته، لم يصح؛ لأنه عقد معاوضة، فأشبه النكاح.
فإن قبض المبيع فتلف في يده، تعلقت برقبته، كجنايته؛ لأنه تلف، في يده على وجه يلزمه ضمانه فأشبه ما لو أتلفه.
فصل:
وإذا أذن له المولى، جاز؛ لأن الحجر لحقه فملك إزالته، ولا يملك التجارة إلا
فيما أذن فيه؛ لأن تصرفه بالإذن فلم يملك إلا ما دخل فيه، كالوكيل.
فإن عين له نوعاً أو قدراً، لم يملك التجارة في غيره، وإن أذن له في التجارة مطلقاً، جاز ولم يكن له أن يؤجر نفسه ولا يتوكل؛ لأنه عقد على نفسه فلم يملكه، كبيع نفسه وتزوجه، ولا ينصرف إلا على النظر والاحتياط كالمضارب؛ لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف، وهو ما قلناه، ولا يبطل الإذن الإباق؛ لأنه لا يمنع ابتداء الإذن فلا يقطع استدامته كما لو غصبه غاصب.
فصل:
ولا يجوز تبرع المأذون له بالدراهم والكسوة؛ لأنه ليس بتجارة ولا من توابعها، فلم يدخل في الإذن فيها، وتجوز هديته المأكول، واتخاذ الدعوة وإعارة دابته ما لم يسرف لما «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب دعوة المملوك» ولأن العادة جارية به بين التجار، فجاز، كصدقة المرأة بالكسرة من بيت زوجها.
فصل:
وما كسب العبد من المباح، أو وهب له فقبله، ملكه مولاه؛ لأنه كسب ماله فملكه، كصيد فهده، وإن ملكه سيده مالاً، ملكه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من باع وله مال، فماله للبائع» ولأنه يملك البضع فملك المال، كالحر، وعنه: لا يملك؛ لأنه مال فلم يملك المال كالبهيمة.
فإن ملكه سيده جارية لم يملك وطأها قبل الإذن فيه؛ لأن ملكه غير تام، فإن أذن له فيه، ملكه.
قال أبو بكر: على كلتا الروايتين؛ لأنه يملك الاستمتاع بالنكاح، فملكه بالشراء كالحر، وقال القاضي: بل هذا بناء على الرواية التي يملك المال، ولا يملك ذلك على الأخرى؛ لقول الله تعالى:{إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وإن لزمته كفارة، فكفارته الصيام لا غير إن لم يأذن له سيده في التكفير بالمال، وإن أذن له فيه، انبنى على الروايتين في ملكه.
فإن قلنا: لا يملك، لم يكفر بغير الصيام، وإن قلنا: يملك، فله التكفير بالإطعام والكسوة، وفي العتق وجهان: أحدهما: يملكه، قياساً على الإطعام والكسوة.
والثاني، لا يملكه؛ لأنه يتضمن الولاء، والعبد ليس من أهله.
فعلى الأول إن أذن له في التكفير بإعتاق نفسه فهل يجزئه؟ على وجهين، والله تعالى أعلم.