الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آلته، قال أحمد رضي الله عنه: لا ينتفع به صاحب السفل حتى يؤدي القيمة، فيحتمل أن ليس له السكنى؛ لأن فائدة الحيطان أكثرها للسكنى، ويحتمل أنه ليس له طرح الخشب، ونصب الوتد ونحوه دون السكنى؛ لأن ذلك هو الانتفاع بالحائط مباشرة ولبانيه نقضه لأنه ملكه، ولا يجبر على إبقائه بالقيمة؛ لأنه لا يجبر على ابتدائه.
فصل
فإن كان بينهما دولاب، أو ناعورة يحتاج إلى عمارة، فذلك كالحائط المنهدم سواء. وإن كان بينهما قناة أو عين، ففي إجبار الممتنع من عمارتها روايتان. فإن بناها أحدهما، لم يملك منع صاحبه من نصيبه؛ لأنه ليس له فيها إلا أثر الفعل.
فصل
ليس للمالك التصرف في ملكه بما يضر جاره، نحو أن يبنيه حماماً بين الدور، أو مخبزاً بين العطارين، أو يجعله دار قصارة تهز الحيطان، أو يحفر بئراً تجتذب ماء بئر جاره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا ضرر ولا ضرار» رواه ابن ماجه والدارقطني بنحوه، ولأنه تصرف يضر بجيرانه، فمنع منه، كالدق الذي يهز الحيطان.
وليس له سقي أرضه بما يهدم حيطانهم، وإن كان له سطح أعلى من سطح جاره، فعلى الأعلى بناء سترة بين ملكيهما، ليدفع عنه ضرر نظره إذا صعد سطحه.
[باب الحوالة]
وهو نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه. وهي عقد إرفاق منفرد بنفسه ليست بيعاً، بدليل جوازها في الدين بالدين وجواز التفرق قبل القبض، واختصاصها بالجنس الواحد واسم خاص، فلا يدخلها خيار؛ لأنها ليست بيعاً ولا في معناه؛ لكونها لم تبن على المغابنة. والأصل فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم:«مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع» متفق عليه. ولا تصح إلا بشروط أربعة:
أحدها: أن يحيل على دين مستقر؛ لأن مقتضاها إلزام المحال عليه الدين مطلقاً، ولا يثبت ذلك فيما هو بعرض السقوط، ولا يعتبر استقرار المحال به، لجواز أداء غير المستقر. فلا تجوز الحوالة بدين السلم ولا عليه؛ لأنه لا تجوز المعاوضة عنه به، ولا عنه. ولو أحال الزوج زوجته قبل الدخول بصداقها، صح، وإن أحالت المرأة به عليه، لم يصح؛ لأنه غير مستقر. وإن أحال المشتري البائع بثمن المبيع في مدة الخيار، صح، وإن أحال البائع به عليه، لم يصح لذلك. وإن أحال الكاتب سيده بنجم، فدخل عليه، صح، وإن أحال سيده به عليه، لم يصح لذلك. وإن أحيل على المكاتب بدين
غير مال الكتابة، صح؛ لأن حكمه حكم الأحرار في المداينات. وإن أحال من عليه دين على من لا دين عليه. فهو توكيل في الاقتراض، وإن أحال على من له عليه دين، فهو كتوكيل في الاستيفاء، وإن أحال من عليه دين على من لا عليه دين، فهو ملتمس إيفاء دينه وليس شيء من ذلك حوالة؛ إذ الحوالة تحول الحق وانتقاله، ولا حق هاهنا يتحول، وإنما جاز التوكيل بلفظ الحوالة لاشتراكهما في معنى، وهو تحول المطالبة من الموكل إلى الوكيل، كتحولها من المحيل إلى المحتال.
فصل
الشرط الثاني: تماثل الحقين؛ لأنها تحويل الحق، فيعتبر تحوله على صفته، ويعتبر التماثل في ثلاثة أشياء: الجنس، فلو أحال من عليه أحد النقدين بالآخر، لم يصح. والصفة، فلو أحال عن المصرية بأميرية، أو عن المكسرة بصحاح، لم يصح. والحلول والتأجيل، فإن كان أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً، أو أجل أحدهما مخالفاً لأجل الآخر، لم يصح. وإن صحت الحوالة، فتراضيا على خير مما أحيل به، أو دونه أو تعجيله، تأخيره، أو الاعتياض عنه، جاز؛ لأنه دين ثابت، فجاز فيه ذلك كغير المحال به.
فصل
الشرط الثالث: أن يكون بمال معلوم على مال معلوم؛ لأنه يعتبر فيهما التسليم والتماثل والجهالة تمنعها. ولا يصح فيما لا يصح السلم فيه؛ لأنه لا يثبت في الذمة، وإنما تجب قيمته بالإتلاف. ويصح في كل ما يثبت مثله في الذمة بالإتلاف، من الأثمان والحبوب والأدهان، وفيما يصح السلم فيه غير ذلك، كالمذروع والمعدود وجهان:
أحدهما: لا تصح الحوالة به؛ لأن المثل لا يتحرر فيه، ولهذا لا يضمن بمثله.
والثاني: يصح؛ لأنه يثبت في الذمة، ويحتمل أن يبنى الحكم فيه على القرض، إن قلنا: يقضى في هذا بمثله، صحت الحوالة به؛ لأنه يثبت في الذمة بغير السلم، وإلا فلا؛ لأنه لا يثبت في الذمة إلا بالسلم، ولا تصح الحوالة في السلم. وإن كان عليه إبل من قرض وله مثل ذلك على آخر، صحت الحوالة بها؛ لأنه إن ثبت في الذمة مثلها صحت الحوالة، وإن ثبت قيمتها فالحوالة بها صحيحة. وإن كان له إبل من دية، فأحال بها على من له عليه مثلها، من دية أخرى، صح ويلزمه إعطاؤه أدنى ما يتناوله الاسم. وقال أبو الخطاب: فيه وجه آخر، أنه لا يصح. وإن كان عليه إبل من الدية، وله مثلها قرضاً، فأحال بها، ففيه وجهان: