الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنفردة، فهو قيمة المنفعة.
والثاني: يقوم العبد بمنفعته على الموصى له، لأن عبداً لا نفع فيه لا قيمة له. وإن وصى لرجل بنفعه، ولآخر برقبته، اعتبر خروج العبد بمنفعته من الثلث وجهاً واحداً. وإن وصى له بثمرة شجرة أبداً، ففي التقويم الوجهان لما ذكرناه.
[باب الموصى له]
إذا أوصى لجيرانه، صرف إلى أربعين داراً من كل جانب، لما روى أبو هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الجار لأربعون داراً، هكذا، وهكذا، وهكذا، وهكذا» .
وإن أوصى للعلماء، فهو للعلماء بالشرع دون غيرهم، لأنه لا يطلق هذا الاسم على غيرهم، ولا يستحق من يسمع الحديث ولا معرفة له به، لأن مجرد سماعه ليس بعلم.
فصل:
وإن أوصى للأيتام، فهو لمن لا أب له غير بالغ، لأن اليتم فقد الأب من الصغر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يتم بعد احتلام» رواه أبو داود. ويدخل فيه الغني والفقير، لشمول الاسم لهم. والأرامل: النساء غير ذوات الأزواج. لأن الاسم لا يطلق في العرف على غيرهن، وتستحق منه الغنية والفقيرة لذلك، فإن قيل: فقد قال الشاعر:
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها
…
فمن لحاجة هذه الأرامل الذكر؟
فسمى الذكر أرملاً. قلنا: هذا البيت حجة لنا، فإنه لم يدخل الذكور في لفظ الأرامل، إذ لو دخلوا لكان الضمير ضمير الذكور، فإنه متى اجتمع ضمير المذكر والمؤنث غلب ضمير التذكير، وإنما سمى نفسه أرملاً، تجوزاً، وكذلك وصفه بكونه ذكراً. والعزاب: من لا أزواج لهم من الرجال والنساء، يقال: رجل عزب. وامرأة عزبة، والأيامى مثل العزاب سواء. قال الشاعر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي
…
وإن كنت أفتى منكم أتأيم
ويحتمل أن يختص العزاب بالرجال، والأيامى بالنساء، لأن الاسم في العرف لهم دون غيرهم، ولأنه لو كان الأيم مشتركاً بينهما لاحتيج إلى الفرق بهاء التأنيث، كقائم وقائمة، فلما أطلق على المؤنث بغيرها، دل على اختصاصها به، كطالق وحائض وشبههما.
فصل:
والغلمان والصبيان: الذكور ممن بلغ، لأن الاسم في العرف لهم دون غيرهم. والفتيان والشبان: اسم للبالغين إلى الثلاثين. والكهول: من جاوز ذلك إلى الخمسين. وقيل في قَوْله تَعَالَى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا} [آل عمران: 46] هو ابن ثلاثين. والشيوخ: من جاوز الخمسين إلى آخر العمر. والعانس من الرجال والنساء: من كبر ولم يتزوج، قال قيس بن رفاعة الواقفي:
فينا الذي ما عدا أن طر شاربه
…
والعانسون وفينا المرد والشيب
فصل:
ومن وصى لصنف من أصناف الزكاة، صرف إلى من يستحق الزكاة من ذلك الصنف، ويعطى من الوصية والوقف حسب ما يعطى من الزكاة، إلا الفقراء والمساكين، فإنه إذا وصى لأحد الصنفين، دخل الآخر في الوصية، لأنهما صنفان في الزكاة، وصنف في سائر الأحكام، لشمول الاسم للقسمين وإن وصى لأقاربه، أو أهل قريته، لم يدخل الكافر في الوصية إذا كان الموصي مسلماً، لأنهم لم يدخلوا في وصية الله تعالى للأولاد بالميراث. وإن كان الموصي كافراً. لم يدخل المسلم في وصيته في أحد الوجهين لذلك، ويدخل في الآخر لعموم اللفظ فيه، وكونه أحق بالوصية له من الكافر.
فصل:
فإن وصى لحمل امرأة فولدت ذكراً وأنثى، فهما سواء، لأنه عطية فاستوى فيها الذكر والأنثى، كالهبة. وإن قال: إن ولدت ذكراً، فله ألف. وإن ولدت أنثى، فلها مائة، فولدت ذكراً وأنثى، فلكل واحد منهما ما عين له. وإن ولدت خنثى، فله مائة لأنه اليقين، ويوقف الباقي حتى يتبين. وإن ولدت ذكرين وأنثيين، شرك بين الذكرين في الألف، وبين الأنثيين في المائة، لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر. ولو قال: إن كان ما في بطنك ذكر، فله ألف، وإن كان أنثى، فله مائة، فولدت ذكراً وأنثى، فلا شيء لواحد منهما. لأنه شرط أن يكون جميع ما في البطن على هذه الصفة ولم توجد.
فصل:
ومتى كانت الوصية لجمع يمكن استيعابهم، لزم استيعابهم والتسوية بينهم، لأن اللفظ يقتضي التسوية، فأشبه ما لو أقر لهم، وإن لم يمكن استيعابهم، صحت الوصية لهم، وجاز الاقتصار على واحد، لأنه لما أوصى لهم عالماً بتعذر استيعابهم، علم أنه لم يرد ذلك، إنما أراد أن لا يتجاوزهم بالوصية، ويحصل ذلك بالدفع إلى واحد منهم، ويحتمل أن لا يجزئ الدفع إلى أقل من ثلاثة، بناء على قولنا في الزكاة: ويجوز تفضيل بعضهم على بعض، لأن من جاز حرمانه جاز تفضيل غيره عليه، سواء كانت الوصية لقبيلة، أو أهل بلدة، أو الموصوفين بصفة، كالمساكين.
فصل:
وإن وصى لزيد والمساكين، فلزيد النصف، وللمساكين النصف، لأنه جعلها لجهتين، فوجب قسمها نصفين، كما لو وصى لزيد وعمرو، وإن وصى لزيد والفقراء والمساكين، فلزيد الثلث لذلك. وإن وصى لزيد بدينار، وللفقراء بثلاثة وزيد فقير، لم يعط غير الدينار، لأنه قطع الاجتهاد في الدفع إليه بتقدير حقه بدينار.
فصل:
وإن قال له: ضع ثلثي حيث يريك الله، لم يملك أخذه لنفسه، لأنه تمليك ملكه بالإذن، فلم يملك صرفه إلى نفسه، كالبيع، ولا إلى ولده، ولا إلى والده، لأنه بمنزلته، ولهذا منع من قبول شهادته له، ويحتمل جواز ذلك لعموم لفظ الموصي فيهم، وله وضعها حيث أراه الله، والمستحب صرفها إلى فقراء أقارب الميت ممن لا يرثه، لأنهم أولى الناس بوصية الميت وصدقته، ونقل المروذي عن أحمد رضي الله عنه فيمن وصى بثلثه في أبواب البر: يجزئ ثلاثة أجزاء في الجهاد، وجزء يتصدق به في قرابته، وجزء في الحج. ويحتمل أن يصرف في أبواب البر كلها، وهي كل ما فيه قربة، لأن