المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الرد بالعيب] - الكافي في فقه الإمام أحمد - جـ ٢

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب البيع]

- ‌[باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز]

- ‌[باب بيع النجش والتلقي وبيع الحاضر لباد وبيعه على بيع غيره والعينة]

- ‌[باب تفريق الصفقة]

- ‌[باب الثنيا في البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار في البيع]

- ‌[باب الربا]

- ‌[باب بيع الأصول]

- ‌[باب بيع الثمار]

- ‌[باب بيع المصراة]

- ‌[باب الرد بالعيب]

- ‌[باب بيع المرابحة والمواضعة والتولية والإقالة]

- ‌[باب اختلاف المتبايعين]

- ‌[كتاب السلم]

- ‌[فصل في السلم في الحيوان]

- ‌[ما يجوز فيه السلم وما لا يجوز]

- ‌[باب القرض]

- ‌[فصل فيما يصح قرضه]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[الرهن بمال الكتابة]

- ‌[باب ما يصح رهنه وما لا يصح]

- ‌[باب ما يدخل في الرهن وما يملكه الراهن وما يلزمه]

- ‌[باب جناية الرهن والجناية عليه]

- ‌[باب الشروط في الرهن]

- ‌[باب اختلاف المتراهنين]

- ‌[كتاب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[تصرفات الولي في مال المحجور عليه]

- ‌[فصل في اختلاف الولي والحجور عليه]

- ‌[فصل فيما ينفك به الحجر]

- ‌[فصل في تعريف الرشد وما يعرف به]

- ‌[فصل في تصرفات المحجور عليه]

- ‌[كتاب الصلح]

- ‌[فصل في صلح المكاتب والمأذون له من العبيد والصبيان]

- ‌[فصل في الصلح عن المجهول]

- ‌[باب الصلح فيما ليس بمال]

- ‌[فصل حقوق الارتفاق والجوار]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[فصل في آثار الحوالة]

- ‌[كتاب الضمان]

- ‌[فصل فيمن يصح منه الضمان]

- ‌[فصل فيما يصح ضمانه]

- ‌[فصل في اختلاف الضامن والمضمون عنه]

- ‌[باب الكفالة]

- ‌[تعليق الكفالة على شرط أو إضافتها لوقت]

- ‌[فصل في الكفالة بالبدن]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المضاربة]

- ‌[باب العبد المأذون]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب ما يجوز فسخ الإجارة وما يوجبه]

- ‌[باب ما يلزم المتكاريين وما لهما فعله]

- ‌[باب تضمين الأجير واختلاف المتكاريين]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب المسابقة]

- ‌[باب المناضلة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب أحكام المياه]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[كتاب الوصايا]

- ‌[باب من تصح وصيته والوصية له ومن لا تصح]

- ‌[باب ما تجوز الوصية به]

- ‌[باب ما يعتبر من الثلث]

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء]

- ‌[باب جامع الوصايا]

- ‌[باب الرجوع في الوصية]

- ‌[باب الأوصياء]

- ‌[فصل في عزل الوصي]

- ‌[كتاب الفرائض]

- ‌[فصل في أسباب التوارث]

- ‌[باب أصحاب الفروض]

- ‌[باب من يسقط من ذوي الفروض]

- ‌[باب أصول سهام الفرائض]

- ‌[باب تصحيح المسائل]

- ‌[باب الرد في الميراث]

- ‌[باب ميراث العصبة من القرابة]

- ‌[باب المناسخات في الميراث]

- ‌[باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم]

- ‌[باب ميراث ذوي الأرحام]

- ‌[باب ميراث الخنثى]

- ‌[باب ميراث الحمل]

- ‌[باب ما يمنع الميراث]

- ‌[باب ذكر الطلاق الذي لا يمنع الميراث]

- ‌[باب الإقرار بمشارك في الميراث]

- ‌[باب ميراث المفقود]

- ‌[باب الولاء]

- ‌[باب الميراث بالولاء]

- ‌[كتاب العتق]

- ‌[باب تعليق العتق بالصفة]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب ما يملكه المكاتب وما لا يملكه]

- ‌[باب الأداء والعجز في الكتابة]

- ‌[باب الكتابة الفاسدة]

- ‌[باب جامع الكتابة]

- ‌[باب اختلاف السيد ومكاتبه]

- ‌[باب حكم أمهات الأولاد]

الفصل: ‌[باب الرد بالعيب]

ردها بعيب، فلا شيء عليه، لأن اللبن حدث في ملكه، وإن كان فيها لبن يسير لا يخلو الضرع من مثله، فلا شيء فيه، لأن مثل هذا لا عبرة به. وإن كان كثيراً فعليه مثله، لأن الأصل ضمان اللبن بمثله، فلا يبطل بمخالفته في لبن التصرية، وإن كان باقياً انبنى على رد لبن التصرية، لما ذكرنا، فإن قلنا: لا يرده فبقاؤه كتلفه. وهل له رد المبيع؟ يخرج على الروايتين فيمن اشترى ثوباً فقطعه، ثم علم عيبه.

فصل

:

فإن كانت المصراة أمة، أو أتاناً، ففيه وجهان:

أحدهما: لا رد له، لأن لبنها لا عوض له، ولا يقصد قصد لبن الأنعام.

والثاني: له الرد، لأن الثمن يختلف بذلك، لأن لبن الأمة يحسن ثدييها، ويرغب فيها ظئراً، ولبن الأتان يراد لولدها، فإن حلبها فلا شيء عليه للبنها، لأنه لا قيمة له.

فصل

:

وكل تدليس بما يختلف به الثمن يثبت خيار الرد قياساً على التصرية، كتجعيد شعر الجارية، وتسويده وتحمير وجهها، وجمع الماء على الرحى وقت عرضها وعلى المشتري. فإن حصل ذلك بغير قصد، كاجتماع اللبن في الضرع بغير تصرية واحمرار وجه الجارية لخجل، أو تعب فهو كالتدليس، لأن الخيار ثبت لدفع الضرر عن المشتري، فلم يختلف بالقصد وعدمه، كالعيب. وإن رضي المشتري بالمدلس، فلا أرش له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير بين إمساك المصراة بغير شيء، وردها مع التمر.

فصل

:

وإن دلس بما لا يختلف به الثمن، كتبييض الشعر، وتسبيطه، فلا خيار للمشتري، لأنه لا ضرر في ذلك. وإن علف شاة فظنها المشتري حاملاً، أو سود أنامل العبد ليظنه كاتباً، أو حداداً، أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة، فظنها كثيرة اللبن فلا خيار له، لأن ذلك لا ينحصر فيما ظنه المشتري، فإن سواد الأنامل قد يكون لولع، أو خدمة كاتب، أو حداد، أو شروعه في ذلك، وانتفاخ البطن قد يكون للأكل، فظن المشتري غير ذلك طمع لا يثبت له خياراً.

[باب الرد بالعيب]

من علم بسلعته عيباً لم يحل له بيعها حتى يبينه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بينه له» رواه ابن ماجة. فإن باع ولم يبين فالبيع صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صحح بيع المصراة مع نهيه عنه. وحكي

ص: 48

عن أبي بكر: أن البيع باطل لظاهر النهي، ومن اشترى معيباً أو مصراة أو مدلساً يعلم حاله، فلا خيار له، لأنه بذل الثمن فيه راضياً به عوضاً، فأشبه ما لا عيب فيه. وإن لم يعلم فله الخيار بين رده وأخذ الثمن، لأنه بذل الثمن ليسلم له مبيع سليم ولم يسلم له، فثبت له الرجوع بالثمن، كما في المصراة - وبين إمساكه المعيب وأخذ أرشه، لأن الجزء الفائت بالعيب يقابله جزء من الثمن. فإذا لم يسلم له كان له ما يقابله. كما لو تلف في يده. ومعنى الأرش: أن ينظر بين قيمته سليماً ومعيباً فيؤخذ قدره من الثمن. فإذا نقصه العيب عشر قيمته فأرشه عشر ثمنه لأن ذلك هو المقابل للجزء الفائت.

فصل

فإن نما المبيع المعيب نماء متصلاً كالسمن والكبر، والتعلم والحمل والثمرة قبل الظهور، وأراد الرد، رده بزيادته، لأنها لا تنفرد عن الأصل في الملك فلم يجز رده دونها. وإن كانت منفصلة، كالكسب واللبن وما يوهب له، والولد المنفصل، والثمرة الظاهرة رد الأصل وأمسك النماء. وعنه: ليس له رده دون نمائه، والأول المذهب لما روت عائشة:«أن رجلاً ابتاع غلاماً فاستغله ما شاء الله ثم وجد به عيباً فرده. فقال يا رسول الله: إنه استغل غلامي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان» رواه أبو داود. إلا أن الولد إن كان لآدمية لم يملك ردها دونه، لأن فيه تفريقاً بينهما، وذكر الشريف: أن له ردها، لأنه موضع حاجة، أشبه من ولدت حراً فباعها دونه، والأول أولى، لأن الجمع ممكن بأخذ الأرش أو ردهما معاً. فإن كان المبيع حاملاً فولدت عند المشتري، ثم ردها رد الولد معها، لأنه من جملة المبيع، والولادة نماء متصل.

فصل

وإن تعيب المبيع عند المشتري ففيه روايتان:

إحداهما: له أرش العيب وليس له رده، لأن في رده ضرراً، فلا يزال الضرر بالضرر.

والثانية: يرده، وأرش العيب الحادث عنده، ويأخذ الثمن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برد المصراة بعد أخذ لبنها، ورد عوضه، ولأن جواز الرد كان ثابتاً، فلا يزول إلا بدليل، ولا نص في منع الرد، ولا قياس فيبقى بحاله. فإن دلس البائع العيب فتعيب عند المشتري، أو تلف بفعله أو غيره، فالمنصوص أنه يرجع بالثمن ولا شيء عليه، لأنه مغرور، والقياس يقتضي التسوية بين المدلس وغيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب على مشتري المصراة عوض لبنها مع التدليس، وجعل الخراج بالضمان، ولم يفرق بين مدلس وغيره.

ص: 49

وعن أحمد: في المبيع إذا كان صانعاً، أو كاتباً فنسي عند المشتري يرده بالعيب، ولا شيء معه. وهذا يحتمل أن يكون فيمن دلس العيب دون غيره، لأن الصناعة والكتابة متقومة تضمن في الغصب. وعلله القاضي: أنه ليس بنقص في العين، ويمكن تذكره فيعود.

فصل

وما تعيَّب قبل قبضه، وهو مما يدخل في ضمان المشتري، فهو كالعيب الحادث في يده. وإن كان مما ضمانه على البائع، فهو كالعيب القديم، لأن من ضمن جملة المبيع ضمن أجزاءه.

فصل

وإن وطئ المشتري الأمة ففيه روايتان:

إحداهما: ليس له ردها وله الأرش، لأن الوطء يجري مجرى الجناية، لا يخلو من عقر أو عقوبة.

والثانية: له ردها إن كانت ثيباً ولا شيء معها، لأنها معنى لا ينقص عينها، ولا قيمتها، ولا يتضمن الرضاء بالعيب، فأشبه الاستخدام. وإن كانت بكراً فهو كتعيبها عنده، فإن ردها رد أرش نقصها كما لو عابت عنده.

فصل

فإن لم يعلم بالعيب حتى هلك المبيع بقتل أو غيره أو أعتقه أو وقفه، أو أبق أو باعه، أو وهبه فله الأرش، لأنه تعذر عليه الرد. وإن فعل ذلك مع علمه بالعيب فلا أرش له، لرضاه به معيباً. ذكره القاضي. وقال أبو الخطاب في المبيع والهبة: رواية أخرى: له الأرش، ولم يعتبر علمه، وهو قياس المذهب، لأننا جوزنا له إمساكه بالأرش، وتصرفه فيه كإمساكه. وإن باعه قبل العلم، ثم رجع إليه ببيع أو غيره فله رده أو أرشه، لأن ذلك امتنع عليه، لخروجه من ملكه، وبرجوعه إليه عاد الإمكان.

فصل

وإن باع بعضه أو وهبه فله أرش الباقي، فأما أرش ما باع فينبني على ما قلنا في بيع الجميع وفي جواز رد الباقي بحصته من الثمن روايتان:

إحداهما: يجوز. ذكره الخرقي، لأن رده ممكن.

والأخرى: لا يجوز. لأن فيه تبعيض الصفقة على البائع فلم يجز. كما لو كان المبيع عينين ينقصهما التفريق. ولو اشترى شيئين فوجد بأحدهما عيباً، فله ردهما معاً أو

ص: 50

إمساكهما، وأخذ الأرش، فإن أراد رد المعيب وحده ففيه الروايتان، إلا أن يكونا مما ينقصهما التفريق، كمصراعي باب، وزوجي خف، أو ممن لا يحل التفريق بينهما، كالأخوين فليس له إلا ردهما أو إمساكهما مع الأرش، لأن في رد أحدهما تفريقاً محرماً، أو إضراراً بالبائع، لنقصان قيمة المردود بالتفريق. وإن تلف أحد المبيعين ووجد بالآخر عيباً، فعلى الروايتين. وإن اختلفا في قيمة التالف فالقول قول المشتري، لأنه كالغارم، فهو كالمستعير والغاصب، وإن كانا معيبين باقيين، فأراد رد أحدهما وحده، فهي كالتي قبلها. وقال القاضي: ليس له رد أحدهما، لأنه أمكنه ردهما معاً. ولو كان المبيع عيناً واحدة فأراد رد بعضها، لم يملك ذلك وجهاً واحداً، لأن فيه تشقيص المبيع على البائع، وإلحاقاً لضرر الشركة به.

فصل

وإن اشترى اثنان شيئاً فوجداه معيباً فرضيه أحدهما، ففيها روايتان:

إحداهما: للآخر رده نصيبه، لأنه جميع ما ملكه بالعقد فملك رده بذلك، كما لو انفرد.

والأخرى: ليس له رد، لأن المبيع خرج عن ملك البائع كاملاً فلم يملك المشتري رده مشقصاً. كما لو اشترى العين كلها ثم رد بعضها. ولو ورث اثنان خيار عيب في سلعة، فرضي أحدهما سقط رد الآخر، لأن العقد عليها واحد، بخلاف شراء الاثنين، فإنه عقدان. وإن اشترى واحد من اثنين شيئاً، فوجده معيباً، فله رد نصيب أحدهما عليه منفرداً، لأنه يرد عليه جميع ما باعه.

فصل

ومن اشترى معيباً فزال عيبه قبل رده، مثل أن يشتري أمة مزوجة فطلقها الزوج، فلا خيار له، نص عليه أحمد، لأن الضرر زال. ولو اشترى مصراة فصار لبنها عادة، فلا خيار له. وإن قال البائع: أنا أزيل العيب، مثل أن يشتري أرضاً فيها حجارة تضرها، فقال البائع: أنا أقلعها في مدة لا [أجرة] لها، أو اشترى أرضاً فيها بذر للبائع، فقال: أنا أحوله سقط الرد، لأن الضرر يزول من غير ضرر.

فصل

ذكر القاضي ما يدل على أن في خيار العيب روايتين:

إحداهما: هو على التراخي، لأنه خيار لدفع الضرر المتحقق، فكان على التراخي، كخيار القصاص. فعلى هذا هو على خيار ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى من التصرف على ما ذكرنا في باب الخيار.

ص: 51

والثانية: هو على الفور، لأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال فأشبه خيار الشفعة. ولو حلب لبنها الحادث أو ركبها ليردها أو ليختبرها لم يكن رضى، لأنه حق له إلى أن يرد، فلم يمنع منه.

فصل

وله الرد من غير رضى صاحبه ولا حضوره، لأنه رفع عقد جعل إليه فلم يعتبر ذلك فيه، كالطلاق. ويجوز من غير حكم حاكم، لأنه مجمع عليه، فلم يحتج إلى حاكم، كفسخ المعتقة للنكاح.

فصل

والعيوب هي النقائص المعدودة عيباً، فما خفي منها رجع إلى أهل الخبرة به. فمن العيوب في الخلقة المرض، والجنون والجذام والبرص والعمى والعور، والعرج والعفل والقرع، والصمم والخرس، والأصبع الزائدة والناقصة، والحول والخوص والسبل، وهو زيادة في الأجفان والبخر والخصا والتخنيث، وكونه خنثى والحمق البات، والتزوج في الرقيق. فأما عدم الختان فليس بعيب في الصغير، لأنه لم يفت وقته، ولا في الكبير المجلوب، لأن ذلك عادتهم، وهو عيب في الكبير المولود في الإسلام، لأن عادتهم الختان والكبير يخاف عليه، فأما العيوب المنسوبة إلى فعله كالسرقة والإباق والبول في الفراش، فإن كانت من مميز جاوز العشر فهي عيب، لأنه يذهب بمال سيده أو يفسد فراشه، وليس عيباً في الصغير، لأنه لا يكون لضعف بنيته أو عقله والزنا عيب. لأنه يوجب الحدود وكذلك شرب المسكر، والحمل عيب في الأمة، لأنه يخاف منه عليها، وليس بعيب في غيرها، لعدم ذلك. والثيوبة وكون الأمة لا تحيض ليس بعيب، لأن الإطلاق لا يقتضي وجود ذلك ولا عدمه، وكذلك كونها محرمة على المشتري بنسب أو رضاع أو إحرام أو عدة، لأن ما يختص بالمشتري لا ينقص ثمنها، وسائر ذلك يزول عن قرب. ومعرفة الغناء والحجامة ليس بعيب، لأن النقص فعل ذلك لا العلم به. والكفر وكونه ولد زنا ليس بعيب، لأن الأصل في الرقيق الكفر، ولا يقصد فيهم النسب، وكون الجارية لا تحسن الطبخ والخبز ليس بعيب، لأن هذه صناعة، والجهل به كالجهل بسائر الصنائع.

ص: 52

فصل

وإن شرط في المبيع صفة مقصودة، مثل أن شرط الأمة بكراً أو جعدة أو العبد كاتباً أو ذا صناعة أو فحلاً، أو خصياً أو مسلماً، أو الدابة هملاجة، أو الفهد صيوداً، أو الشاة لبوناً، فبان خلاف ذلك فله الرد، لأنه لم يسلم له ما بذل الثمن فيه، فملك الرد، كما لو وجده معيباً. وإن شرط الأمة سبطة أو جاهلة، فبانت جعدة أو عالمة فلا خيار له، لأنها زيادة، وإن شرطها ثيباً فبانت بكراً فكذلك، ويحتمل أن له الخيار، لأنه قد يشترط الثيوبة لعجزه عن البكر، وإن شرطها كافرة فبانت مسلمة، ففيه وجهان:

أحدهما: لا خيار له، لأنها زيادة.

والثاني: له الخيار، لأنه يتعلق به غرض صحيح، وهو صلاحها للمسلم والكافر، وإن شرطها حاملاً صح.

وقال القاضي: قياس المذهب أنه لا يصح، لأن الحمل لا حكم له، والصحيح الأول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم «حكم في الدية بأربعين خلفة في بطونها أولادها» . ولأن الحمل يثبت الرد في المعيبة، ويوجب النفقة للمبتوتة، ويمنع كون الدم فيه حيضاً، والطلاق فيه بدعة، ويجوز الفطر في رمضان للخوف عليه، ويمنع إقامة الحد والقصاص. وإن شرط في الطير أنه مصوت، أو في الديك أنه يصيح في وقت من الليل صح، لأن ذلك عادة له، فجرى مجرى الصيد في الفهد، وقال بعض أصحابنا: لا يصح، لأنه يجوز أن يوجد وأن لا يوجد. وإن شرط أن يجيء من مسافة ذكرها صح، لأن ذلك عادة، وفيه قصد صحيح لتبليغ الأخبار، فهو كالصيد في الفهد.

وقال القاضي: لا يصح، لأنه تعذيب للحيوان. وإن شرط الغناء في الأمة، وفي الكبش أنه مناطح، وفي الديك أنه مقاتل لم يصح لأنه منهي عنه، فهو كالزنا في الأمة.

فصل

وإذا اشترى ما مأكوله في جوفه فوجده معيباً فله الرد. وعنه: لا شيء له، لأنه لا تدليس من البائع، ولا يمكنه معرفة باطنه، والأول: أصح، لأن عقد البيع اقتضى السلامة، فإذا بان معيباً ملك رده كالعبد. وإن كان مما لا قيمة له، كبيض الدجاج، والجوز الخرب، والرمان الفاسد رجع بالثمن كله، لأن هذا ليس بمال فبيعه فاسد، كالحشرات. وإن كان الفساد في بعضه رجع بقسطه. وإن كان مما لمكسوره قيمة، كجوز الهند وبيض النعام، فقال الخرقي: يرجع بالثمن وعليه أرش الكسر، كما لو كان المبيع ثوباً فقطعه، واختار القاضي: أنه إن كان الكسر لا يزيد على ما يحصل به استعلام

ص: 53