الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَصِحَّ؛ لِأَنَّ دَرَاهِمَ زَيْدٍ لَا يَكُونُ عِوَضُهَا لِعَمْرٍو. فَإِنْ اشْتَرَى الطَّعَامَ بِعَيْنِهَا، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، فَهُوَ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ عَلَى مَا تَبَيَّنَ.
وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَا طَعَامًا، ثُمَّ أَقْبِضْهُ لِنَفْسِك، فَفَعَلَ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لِنَفْسِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ. وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك فَفَعَلَ، جَازَ. نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى نَظِيرِ ذَلِكَ، وَهَكَذَا جَمِيعُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، إذَا حَصَلَ الطَّعَامُ فِي يَدِ عَمْرٍو لِزَيْدٍ، فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَابِضًا لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، وَيَقْبِضَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا، جَازَ أَنْ يَقْبَلَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَقْبِضَ مِنْهَا، فَكَذَا هَاهُنَا.
[فَصْلٌ اشْتَرَى اثْنَانِ طَعَامًا فَقَبَضَاهُ ثُمَّ بَاعَ أَحَدهمَا لِلْآخَرِ نَصِيبه قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ]
(2959)
فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ طَعَامًا، فَقَبَضَاهُ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخِرِ نَصِيبَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، كَرِهَا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ مِنْ شَرِيكِهِ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ مُنْفَرِدًا، فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ.
وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ لَهُمَا، يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَجْنَبِيٍّ، فَجَازَ بَيْعُهُ لِشَرِيكِهِ، كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ. فَإِنْ تَقَاسَمَاهُ، وَتَفَرَّقَا، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ الَّذِي كَالَهُ، لَمْ يَجُزْ. كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا، فَاكْتَالَهُ، وَتَفَرَّقَا، ثُمَّ بَاعَهُ إيَّاهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ. وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا، خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَقَدَّمَتَا.
[مَسْأَلَةٌ مَا يَحْتَاج إلَى الْقَبْض لَا تَجُوز الشَّرِكَةُ فِيهِ وَلَا تَوَلَّيْته وَلَا الْحَوَالَة بِهِ قَبْلَ قَبَضَهُ]
(2960)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْحَوَالَةُ بِهِ كَالْبَيْعِ) . وَجُمْلَتُهُ، أَنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِيهِ، وَلَا تَوْلِيَتُهُ، وَلَا الْحَوَالَةُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ هَذَا كُلُّهُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، الْأَوَّلِ، فَجَازَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَالْإِقَالَةِ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ أَنْوَاعُ بَيْعٍ، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ بَيْعُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَالتَّوْلِيَةَ بَيْعُ جَمِيعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ. وَلِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ. وَفَارَقَ الْإِقَالَةَ، فَإِنَّهَا فَسْخٌ لِلْبَيْعِ، فَأَشْبَهَتْ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ. وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَا رَهْنُهُ وَلَا دَفْعُهُ أُجْرَةً، وَلَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُفْتَقِرَةِ إلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُوضٍ، فَلَا سَبِيلَ إلَى إقْبَاضِهِ.
(2961)
فَصْلٌ: وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَجَائِزَانِ؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّا بِأَسْمَاءٍ، كَمَا اخْتَصَّ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ بِأَسْمَاءٍ. فَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِي نِصْفِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. فَقَالَ: أَشْرَكْتُك. صَحَّ، وَصَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ قَالَ: وَلِّنِي مَا اشْتَرَيْته بِالثَّمَنِ فَقَالَ: وَلَّيْتُك. صَحَّ، إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا لَهُمَا. فَإِنْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِالرَّقْمِ.
وَلَوْ قَالَ: أَشْرِكْنِي فِيهِ. أَوْ قَالَ: الشَّرِكَةُ فِيهِ. فَقَالَ: أَشْرَكْتُك. أَوْ قَالَ: وَلِّنِي مَا اشْتَرَيْت. وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ، صَحَّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي ابْتِيَاعَ جُزْءٍ مِنْهُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَالتَّوْلِيَةُ ابْتِيَاعُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فَإِذَا أُطْلِقْ اسْمُهُ انْصَرَفَ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَقِلْنِي. فَقَالَ: أَقَلْتُك. وَفِي حَدِيثٍ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إلَى السُّوقِ، فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: أَشْرِكْنَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لَك بِالْبَرَكَةِ. فَيُشْرِكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إلَى الْمَنْزِلِ.» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فَأَشْرَكَهُ انْصَرَفَ إلَى نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهَا بِإِطْلَاقِهَا تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ. فَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدًا فَاشْتَرَكَا فِيهِ، فَقَالَ لَهُمَا رَجُلٌ: أَشْرِكَانِي فِيهِ. فَقَالَا: أَشْرَكْنَاك. احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاكِهِمَا لَوْ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا كَانَ لَهُ النِّصْفُ، فَكَذَلِكَ حَالَ الِاجْتِمَاعِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ يُفِيدُ التَّسَاوِي، وَلَا يَحْصُلُ التَّسَاوِي إلَّا بِجَعْلِهِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا. وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ إشْرَاكَ الْوَاحِدِ إنَّمَا اقْتَضَى النِّصْفَ؛ لِحُصُولِ التَّسْوِيَةِ بِهِ.
وَإِنْ شَرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، كَانَ لَهُ النِّصْفُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ. وَإِنْ قَالَ: أَشْرِكَانِي فِيهِ. فَشَرَكَهُ أَحَدُهُمَا، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ حِصَّةِ الَّذِي شَرَكَهُ وَهُوَ الرُّبْعُ، وَعَلَى الْآخَرِ لَهُ السُّدُسُ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّرِكَةِ مِنْهُمَا يَقْتَضِي طَلَبَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِيَكُونَ مُسَاوِيًا لَهُمَا. فَإِذَا أَجَابَهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ. وَإِنْ قَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: أَشْرَكْنَاك. انْبَنَى عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ. فَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ صَاحِبِهِ. فَأَجَازَهُ، فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي نِصْفِهِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ
وَلَوْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: أَشْرِكْنِي فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَأَشْرَكَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَجَازَهُ. فَلَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَلَهُمَا نِصْفُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ نِصْفُ حِصَّةِ الَّذِي شَرَكَهُ. وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَلَقِيَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الْعَبْدِ. فَقَالَ: قَدْ أَشْرَكَتْك. فَلَهُ نِصْفُهُ. فَإِنْ لَقِيَهُ آخَرُ فَقَالَ: أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الْعَبْدِ. وَكَانَ عَالِمًا بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ، فَلَهُ رُبْعُ الْعَبْدِ، وَهُوَ نِصْفُ حِصَّةِ الَّذِي شَرَكَهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِلْإِشْرَاكِ رَجَعَ إلَى مَا مَلَكَهُ الْمُشَارِكُ. وَهُوَ النِّصْفُ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ طَالِبٌ لِنِصْفِ الْعَبْدِ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ لِهَذَا الَّذِي طَلَبَ مِنْهُ الْمُشَارَكَةَ. فَإِذَا قَالَ لَهُ: أَشْرَكْتُكَ فِيهِ. احْتَمَلَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: