الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناقب الشَّافِعِي: باب (ما جاء في قدوم الشَّافِعِي رضي الله عنه العراق أيام
المأمون للتدريس والتعليم وانتفاع المسلمين بعلمه) :
أخبرنا أبو عبد اللَّه (محمد بن عبد الله) قال: أخبرني محمد بن يوسف
الدَقيقي قال: حدثنا علي بن الحسين بن عثمان الورَّاق، قال: حدثنا محمد بن علي العمري، قال: حدثنا أبو بكر بن الجُنيد، قال: سمعت أبا ثور (إبراهيم بن خالد) يقول: لولا أن اللَّه عز وجل، مَنَّ عليَّ بالشَّافِعِي للقيت اللَّه وأنا ضال. . . ثم يقول رحمه الله: قلت - للشافعي - رحمك الله، وما الخاص الذي يريد - اللَّه - به العام؟
وما العام الذي يريد به الخاص؟ -
وكنا لا نعرف الخاص من العام، ولا العام من الخاص -
فقال ببيانه قوله جل وعلا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) الآية.
إنما أراد به أبا سفيان.
* * *
قال الله عز وجل: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)
الأم: كتاب (الزكاة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأبان اللَّه عز وجل أنه فرض عليهم أن يعبدوه مخلصين له الدين، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة.
وقال اللَّه عز وجل: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الآية.
وقال عز ذكره: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الآية.
فأبان اللَّه عز وجل في هاتين الآيتين، فرض الزكاة؛ لأنه إنما عاقب
على منع ما أوجب، وأبان أن في الذهب والفضة: الزكاة.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قول اللَّه عز وجل: (وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الآية.
يعني - واللَّه تعالى أعلم - في سبيله الذي فرض من زكاة وغيرها.
وأما دفن المال فضَربٌ من إحرازه، وإذا حل إحرازه بشيء، حل بالدفن
وغيره، وقد جاءت السنة بما يدل على ذلك، ثم لا أعلم فيه مخالفاً، ثم الآثار.
أخبرنا الربيع بن سليمان، قال:
أخبرنا الشَّافِعِي قال: أخبرنا سفيان قال: أخبرنا جامع بن أبي راشد.
وعبد الملك بن أعين، سمعا أبا وائل يخبر، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله، إلا مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع، يفرُّ منه، وهو يتبعه حتى يطوقه في عنقه " الحديث.
ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الحديث.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن أبي
صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "من كان له
مال لم يود زكاته، مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع، له زبيبنان، يطلبه حتى يمكنه، يقول: أنا كنزك" الحديث.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي قال: أخبرنا سفيان، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال: "كل مال يؤدى زكاته، فليس بكنز، وإن كان
مدفوناً، وكل مال لا يؤدى زكاته فهو كنز، وإن لم يكن مدفوناً" الحديث.
الأم (أيضاً) : باب (غلول الصدقة) :
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: فرض اللَّه عز وجل الصدقات، وكان حبسها حراماً، ثم أكد تحريم حبسها فقال عز وعلا:(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) الآية، ثم ذكر ما ورد في الفقرة سابقاً.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي قال: أخبرنا مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، قال: سمعت
عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما وهو يُسأل عن الكنز؟ فقال:
(هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة) الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهذا كما قال ابن عمر - إن شاء اللَّه تعالى -.
لأنهم إنما عُذِّبوا على منع الحق، فأما على دفن أموالهم وحبسها فذلك غير محرم عليهم، وكذلك إحرازها، والدفن ضرب من الإحراز، ولولا إباحة حبسها ما وجبت فيها الزكاة في حول، لأنها لا تجب حتى تحبس حولاً.