الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الله عز وجل: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)
أحكام القرآن: ما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - في التفسير (في آيات متفرقة سوى ما مضى) :
قال البيهقي رحمه الله:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: في قوله عز وجل (عَلَيكُم أَنفُسَكم) الآية.
قال: هذا مثل قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) الآية.
ومثل قوله عز وجل: (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) الآية.
ومثل هذا في القرآن على ألفاظ.
* * *
قال الله عز وجل: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: قال الله تبارك وتعالى: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) الآية.
وقال اللَّه تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وذكر اللَّه البيع في غير موضع من كتابه، بما يدل
على إباحته، فاحتمل إحلال اللَّه عز وجل البيع، معنيين:
أحدهما: أن يكون أحلّ كلّ بيع تبايعه المتبايعان، جائزي الأمر فيما
تبايعاه عن تراض منهما، وهذا أظهر معانيه.
والثاني: أن يكون اللَّه عز وجل أحل البيع إذا كان مما لم ينه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المبيَِّن عن اللَّه عز وجل معنى ما أراد، فيكون هذا من الجمل التي أحكم اللَّه فرضها بكتابه، وبيَّن كيف هي على لسان نبيه، أو من العام الذي أراد به الخاص، فبيَّن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما أريد بإحلاله منه وما حرّم، أو يكون داخلاً فيهما، أو من العام
الذي أباحه إلاّ ما حرُم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم منه، وما في معناه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين.
الجائزي الأمر فيما تبايعا إلا ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم محرّم بإذنه، داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق
ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب اللَّه.
الأم (أيضاً) : باب في: (بيع العروض) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية.
وقال: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) .
فكلُّ بيع كان عن تراضٍ من المتبايعين جائز من الزيادة.
في جميع البيوع، إلا بيعاً حرُّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الذهب والوَرقِ يداً بيد، والمأكول، والمشروب في معنى المأكول، فكل ما أكل الآدميون وشربوا، فلا يجوز أن يباع منه شيء من صنفه إلا مثلاً بمثل، إن كان وزناً فوزن، وإن كان كيلاً
فكيل، يداً بيد، وسواء في ذلك الذهب والوَرقِ وجميع المأكول، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع بينهما.
الأم (أيضاً) : باب (الشهادة في البيوع) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن الذي يشبه - والله أعلم وإياه أسال التوفيق
- أن يكون دلالة، لا حتماً، يخرج من ترْكِ الإشْهَاد، فإن قال: ما دلَّ على ما وصفت؟
قيل: قال اللَّه عز وجل: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية، فذكر أن
البيع حلال، ولم يذكر معه بينة.
الأم (أيضاً) : (الغصب) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية، فلم أعلم أحداً من المسلمين، خالف
في لأنَّه لا يكون على أحد أن يملك شيئاً إلَّا أن يشاء أن يملكه إلا الميراث، فإن اللَّه عز وجل نقل مِلْكَ الأحياء، إذا ماتوا إلى أمن، ورُّثهم إياه، شاؤوا أو أبوا، ألا ترى أن الرجل لو أوصيَ له، أو وُهبَ له، أو تصدق عليه، أو ملك شيئاً، لم يكن عليه أن يملكه إلا أن يشاء، ولم أعلم أحداً من المسلمين اختلفوا، في ألَّا
يخرج ملك المالك المسلم من يديه إلا بإخراجه إياه هو نفسه، ببيع، أو هبة، أو غير ذلك، أو عتق، أو دين لزمه، فيباع في ماله، وكل هذا فعله لا فعل غيره.
الأم (أيضاً) : كراء الأرض البيضاء:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولو تكارى الأرض بالثمرة دون الأرض والشجر.
فإن كانت الثمرة قد حل بيعها، جاز الكراء بها، وإن كانت لم يحل بيعها، ل
يحل الكراء بها، قال اللَّه تبارك وتعالى:(لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) الآية.
وقال عز وجل: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية، فكانت الآيتان مطلقتين على إحلال البيع كله، إلا أن تكون دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو
في إجماع المسلمين، الذين لا يمكن أن يجهلوا معنى ما أراد اللَّه، تخص تحريم بيع دون بيع، فنصير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه؛ لأنه المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد الله خاصَاً وعاماً، ووجدنا الدلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم شيئين:
أحدهما: التفاضل في النفد.
والآخر: النسيئة كلها.
الرسالة: ما أبان الله لخدقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحى إليه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله ومنهم من قال -: لم يُسن سُنةُّ قط إلَّا ولها أصل
في الكتاب، كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة وعملها، على أصل جملة فرض الصلاة، وكذلك ما سنَّ من البيوع وغيرها من الشرائع؛ لأن الله قال:
(لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) الآية.
وقال: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية، فما أحل وحَرم فإنَّما بَين فيه عن الله، كما بيَّن الصلاة.
ومنهم من قال: بل جاءته به رسالة اللَّه، فأثبتت سنته بفرض الله.
ومنهم من قال: ألقي في رُوعه كل ما سَن، وسنته الحكمة: الذي ألقي
في رُوعه عن اللَّه، فكان ما ألقي في رُوعه سُنته.
الرسالة (أيضاً) : ابتداء الناسخ والمنسوخ:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قال قائل: هل تنسخ السنة بالقرآن؟
قيل: لو نسخت السنة بالقرآن، كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة، تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة، حتى تقوم الحجة على الناس، بأن الشيء يُنسخ بمثله.
فإن قال قائل: ما الدليل على ما تقول؟
قلت: فما وصفت من موضعه
من الإبانة عن اللَّه معنى ما أراد بفرائضه، خاصاً وعاماً، مما وصفت في كتابي
هذا.
وأنه لا يقول أبداً بشيء إلا بحكم اللَّه، ولو نسخ اللَّه مما قال حكماً لَسَن
رسول اللَّه فيما نسخه سُنة، ولو جاز أن يقال: قد سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسَخ - اللَّه - سنته بالقرآن، ولا يؤثر عن رسول اللَّه السنة الناسخة، جاز أن يقال فيما حَرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيوع كلها؛ قد يحتمل أن يكون حرَّمها قبل أن ينزل
عليه: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية.
الرسالة (أيضاً) : الفرض المنصوص الذي دلَّت السنة على أئه إنَّما أراد به
الخاصن:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيوع تراضى بها المتبايعان فحُرِّمت، مثل الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثلِ، ومثل الذهب بالوَرِق، وأحدهما نقد، والآخر نسيئة، وما كان في معنى هذا، مما ليس في التبايع به مخاطرةْ، ولا أمر يجهله البائع ولا المشتري.
فدلَّت السنة على أنَّ اللَّه جل ثناؤه أراد بإحلال البيع ما لم يُحَرِّم منه، دونَ
ما حَرم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
ثم كانت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في البيوع سوى هذا سنناً، منها: العبد يباع وقد دلس البائعُ المشتري بعيب، فللمشتري رده، وله الخراج بضمانه.
ومنها: أن من باع عبداً وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط البتاع.
ومنها: من باع نخلاً قد أُبِّرت، فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، لزم
الناسَ الأخذ بها، بما ألزمهم اللَّه من الانتهاء إلى أمره.
الرسالة (أيضاً) : باب (العلل في الأحاديث) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وذكرتُ له قول اللَّه تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية، وقوله:(لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) الآية، ثم حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوعاً، منها:
الدنانير بالدراهم إلى أجل وغيرها، فحرَّمها المسلمون بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فليس هذا ولا غيره خلافاً لكتاب اللَّه.
قال: فَحُذَ لي معنى هذا بأجمع منه وأخصر.
فقلت له: لا كان في كتاب اللَّه دلالة على أن اللَّه قد وضع رسوله موضع
الإبانة عنه، وفرض على خلقه اتباع أمره فقال:(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية، فإنَّما يعني: أحل اللَّه البيع إذا كان على غير ما نهى الله عنه في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقال الشَّافِعِي رحمه الله: وأن يقال في البيوع التي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنما حرمها قبل التنزيل فلما أنزلت: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الآية.
كانت حلالاً.
والربا: أن يكون للرجل على الرجل الدَّين فَيَحِل فيقول: أتقضي أم تربي؟
فيؤخرُ عنه ويزيده في ماله، وأشباهٌ لهذا كثيرة.
فمن قال هذا، كان مُعطلاً لعامة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا القول جهل ممن قاله. قال: أجل.
مناقب الشَّافِعِي: باب (ما يستدل به على معرفة الشَّافِعِي رحمه الله بتفسير
القرآن ومعانيه، وسبب نزوله) :
أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ قال: حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال: أنبأنا
الربيع بن سليمان قال:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: في قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)
الآية، فإنما يعني: أحل اللَّه البيع إذا كان على غير ما نهى الله عنه في كتاَبه، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.