الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الله عز وجل: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)
الأم: باب (الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات) :
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرني ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب.
عن المقبري، عن عبد الرحمن - بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب يهُويِ من الليل حتى
كفينا، وذلك قول اللَّه عز وجل:(وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً فأمره، فأقام الظهر فصلاها، فأحسن صلاتها، كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام العصر فصلاها كذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضاً.
قال: وذلك قبل أن ينزل الله تعالى في صلاة الخوف: (فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا)
الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وبهذا كله نأخذ، وفيه دلالة على أن كل من جمع
بين صلاتين، في وقت الأولى منهما، أقام لكل واحدة منهما، وأذَّن للأولى، وفي الآخرة يقيم بلا أذان، وكذلك كل صلاة صلاها في غير وقتها كما وصفت.
الأم (أيضاً) : باب (الحالين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: الحالان اللذان يجوز فيهما استقبال غير
القبلة، قال اللَّه عز وجل:(وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ) إلى قوله: (فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) الآية.
قال: فأمرهم اللَّه خائفين محروسين بالصلاة، فدل ذلك على أنه أمرهم بالصلاة للجهة التي وجههم لها من القبلة.
وقال الله عز وجل: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) إلى: (رُكبَانًا)
الآيتان، فدل إرخاصه في أن يصلوا رجالاً وركباناً، على أن الحال التي أذن لهم فيها بأن يصلوا رجالاً وركباناً من الخوف؛ غير الحال الأولى التي أمرهم فيها أن يحرس بعضهم بعضاً، فعلمنا أنَّ الخوفين مختلفان. ..
ودلَّت على ذلك السنَّة: أخبرنا مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة ثم قصّ
الحديث، وقال ابن عمر رضي الله عنهما في الحديث: فإن كان خوف أشد من ذلك، صلوا رجالاً وركباناً، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
قال مالك: قال عن نافع: ما أرى عبد اللَّه ذكر ذلك إلا عن رسول اللَّه
صلى الله عليه وسلم الحديث.
وأخبرنا عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولا يجوز في صلاة مكتوبة، استقبال غير القبلة إلا
عند إطلال العدو على المسلمين، وذلك عند المسايفة وما أشبهها، ودنو
الزحف من الزحف، فيجوز أن يصفوا الصلاة في ذلك الوقت رجالاً أو ركباناً، فإن قدروا على استقبال القبلة، وإلا صلّوا مستقبلي - القبلة - حيث يقدرون.
وإن لم يقدروا على ركوع ولا سجود أومؤوا إيماء. . . ولا يجوز لهم في واحد من الحالين، أن يصفوا على غير وضوء ولا تيمم، ولا ينقصون من عدد الصلاة شيئاً. . . وسواء أيُّ عدو أطل عليهم كفار، أم لصوص، أم أهل بغي، أم سباع، أم فحول إبل، لأن كل ذلك يخاف إتلافه.
الأم (أيضاً) : باب (ما ينوب الإمام في صلاة الخوف) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأذن اللَّه تبارك وتعالى في صلاة الخوف بوجهين
أحدهما:
أحدهما: الخوف الأدنى وهو قول اللَّه عز وجل: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ) .
والثاني: الخوف الذي أشذ منه وهو قول اللَّه تبارك وتعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآية، فلما فرّق بينهما، ودلت السنة على افتراقهما، لم يجز إلا التفريق بينهما - واللَّه تعالى أعلم -، لأن اللَّه فرّق بينهما لا فتراق الحالين فيهما.
الأم (أيضاً) : الوجه الثاني من صلاة الخوف:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآيتان، فكان بيناً في كتاب الله عز وجل:(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآية، أنَّ الحال التي أذن لهم فيها أن يصلوا رجالاً أو ركباناً، غير الحال التي أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم يصلِّي بطائفة.
ثم بطائفة، فكان بيّنا لأنَّه: لا يؤذن لهم بأن يصلّوا رجالاً أو ركباناً إلا في خوف أشد من الخوف الذي أمرهم فيه بأن يصلِّي بطائفة ثم بطائفة.
مختصر المزني: باب (استقبال القبلة ولا فرض إلا الخمس) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولا يجوز لأحد صلاة فريضة، ولا نافلة، ولا
سجود قرآن، ولا جنازة، إلا متوجهاً إلى البيت الحرام، ما كان يقدر على رؤيته، إلا في حالتين:
إحداهما: النافلة في السفر راكباً، وطويل السفر وقصيره سواء، ورُوي عن
ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر، أينما توجهت به، وأنَّه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير، وأنّ علياً رضي الله عنه -كان يوتر على
الراحلة.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي هذا دلالة على أن الوتر ليس بفرض، ولا
فرض إلا الخمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين قال: هل عليَّ غيرها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا أن تطوع".
الحالة الثانية: شدة الخوف لقول اللَّه عز وجل: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآية.