الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأُوثِرك. وقوله عشر خصال: هي التسبيحات التي تتكرر عشراً عشراً ما عدا حالة القيام، فذكر الأعمَّ الأغلب. وخرَّج هذا الحديث ابن ماجة والترمذي من طريق أبي رافع أيضاً وفي سنده موسى بن عبيدة مختلف عليه، منهم من وثَّقه ومنهم من ضعَّفه، وجاء فيه «فصلِّ أربع ركعات تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا انقضت القراءة فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، خمس عشرة مرة قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشراً ثم ارفع رأسك فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً قبل أن تقوم، فتلك خمس وسبعون في كل ركعة، وهي ثلاثُمائة في أربع ركعات، فلو كانت ذنوبك مثل رملِ عالجٍ غفرها الله لك
…
» . وعالج: هو اسم موضع.
ك. صلاة الاستخارة
الاستخارة مصدر استخار بمعنى طلب الخِيرة، وهو هنا طلب الخِيرة في الأمر واستعلام ما عند الله سبحانه فيه. والاستخارة دعاء، ولكنه دعاء شُرع أن يُؤدَّى بصلاة مشروعة كالاستسقاء. وكما قلنا في بحث صلاة الاستسقاء (كما يكون بالصلاة المخصوصة، فإنه يكون بمجرد الدعاء دون صلاة خاصة به) ، فإنا نقول هنا إنه يجوز أن يستخير المسلم ربَّه مقتصراً في ذلك على الدعاء فحسب، ولا يصلِّي له صلاة خاصة، فيقول مثلاً: ربِّ خِرْ لي في مسألة كذا وكذا، أو اللهم إني أستخيرك في الموضوع الفلاني، ويكتفي بذلك، ولكنه إن أداه بصلاة خاصة به فهو أفضل وأرجى للاستجابة.
وصلاة الاستخارة مسنونة مندوبة، وهي ركعتان اثنتان، ويجوز أن تكون أكثر من ذلك، فلا بأس بأن يصلي المستخير ركعتين ثم ركعتين مثلاً قبل أن يدعو دعاء الاستخارة. ولا يُبنى دعاءُ الاستخارة على صلاة مفروضة ولا نافلة غير مقصودة منها الاستخارة، بل لا بد لها من صلاة خاصة بها حتى تكون صلاةَ استخارةٍ فعلاً.
أما صفة الاستخارة فكما يلي: تصلِّي لله سبحانه ركعتين بنية الاستخارة، وبعد التسليم تدعو بما يلي [اللهم إني أستخيرُك بعلمِك وأستقدرُك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علَاّم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر - وتذكره هنا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - ولك أن تقول بدل وعاقبة أمري: وعاجل أمري وآجله - فاقْدُرْه لي ويسِّره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويمكنك أن تذكره هنا مرة ثانية - شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - ولك أن تقول بدل وعاقبة أمري: وعاجل أمري وآجلِه - فاصرفه عني واصرفني عنه، واْقْدُرْ لي الخيرَ حيث كان ثم أرضني به] . فلو أراد مثلا أن يستخير ربه في اختيار فتاة اسمها فاطمة زوجةً له، فإنه يقول هكذا [اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فاطمة خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو يقول: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فاطمة خير لي في ديني ومعاشي وعاجل أمري وآجله - فاْقْدُرْهُ لي ويسِّرْه لي ثم باركْ لي فيه، وإن كنت تعلم أن زواجي من فاطمة شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو يقول: وإن كنت تعلم أن زواجي من فاطمة شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاجلِ أمري وآجلِه - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقْدُر لي الخيرَ حيث كان، ثم أرْضِني به] .
وبعد أن يصلي الركعتين ويدعو بهذا الدعاء يترك ميله السابق للأمر الذي استخار الله سبحانه فيه، وينتظر ما يُوقعه الله سبحانه في قلبه من ميل له أو ميل عنه، فإن هو لم يُحسَّ بهذا الميل من أول صلاة كرر الصلاة مرة ومرتين وثلاثاً و
…
حتى يحصل الميل، فيتصرف حسبه سلباً أو إيجاباً، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا همَّ أحدُكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علَاّم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجلِ أمري وآجلِه - فاقْدُرْهُ لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال في عاجل أمري وآجلِه - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقْدُرْ ليَ الخيرَ حيث كان ثم أَرضني به. قال، ويسمِّي حاجته» رواه البخاري وأحمد والترمذي. ورواه ابن ماجة وفيه «..اللهم إن كنت تعلم هذا الأمر - فيسمِّيه ما كان من شئ - خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري - أو خيراً لي في عاجل أمري وآجلِه - فاقدُره لي ويسِّره لي وبارك لي فيه، وإن كنت تعلم - يقول مثل ما قال في المرة الأولى - وإن كان شراً لي فاصرفه عني واصرفني عنه واقدُر لي الخير حيثما كان ثم رضِّني به» . وروى الحديث أبو يَعْلَى من طريق أبي سعيد رضي الله عنه وزاد في آخره «لا حول ولا قوة إلا بالله» . فمن أحب زيادتها فلا بأس. قوله أستقدرك: أي أطلب منك أن تجعل لي قدرةً عليه. وروى أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أُكْتُم الخِطبة، ثم توضأ فأحسن وضوءك، ثم صلِّ ما كتب الله لك، ثم احمد ربك ومجِّده ثم قل: اللهم إنك تقدر
ولا أقدِر، وتعلم ولا أعلم وأنت علَاّم الغيوب، فإن رأيت لي فلانة، تسميها باسمها، خيراً لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقْدُرْها لي، وإن كان غيرها خيراً لي منها في ديني ودنياي وآخرتي فاقض لي بها أو قال فاقْدُرْها لي» رواه الحاكم وأحمد. قوله ثم صلِّ ما كتب الله لك: يفيد جواز الزيادة على الركعتين. ويلاحظ في الحديثين أن ألفاظهما اختلفت، فهذا الاختلاف يدل على أن القصد من الدعاء هو المعنى وليس ذات اللفظ، وإن كان لفظ البخاري أفضل وأولى بالأخذ.
ولم يرد في النصوص ما يفيد تحديد سور القرآن وآياته عند قراءة ما تيسَّر منها في صلاة الاستخارة، فليقرأ المسلم ما شاء من سور القرآن وآياته.
وقد حث الشرع الحنيف على الاستخارة، وجعلها مشروعة في كل الأمور صغيرِها وكبيرِها، ففي رواية البخاري «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا الاستخارةَ في الأمور كلها» . فلا يستنكف المسلم عن استخارة الله سبحانه في أي أمر خفيَ عليه فيه وجهُ الحق والصواب كبيراً كان أو صغيراً، جليلاً كان أو حقيراً، وله في كل ذلك ثواب.
أما الأمور التي يظهر فيها الحق والصواب فلا تشرع فيها الاستخارة، فإقدامه على الجهاد، أو على الإنفاق على أهله، أو على أداء العمرة، أو على زرع الأرض، أو على نهيه فلاناً عن شرب الخمر، كل هذه الأمور وأمثالها لا استخارة فيها لظهور الحق فيها والصواب.
وبالاستخارة تُنال السعادة وبتركها يُنال الشقاء، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من سعادة ابن آدم استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شِقْوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شِقْوة ابن آدم سخطه بما قضاه الله عز وجل» رواه أحمد والحاكم والبزَّار والترمذي.