المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم صلاة الجماعة وفضلها - الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة - جـ ٣

[محمود عبد اللطيف عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الحادي عشرصلاة التطوُّع أو صلاة النّفْل

- ‌فضل صلاة التطوع وأصنافها

- ‌أ. السُّنَنُ الراتبة المؤكدة

- ‌ب. السُّنن الملحقة بالسنن الراتبة المؤكَّدة

- ‌قضاءُ السنن الراتبة والسنن الملحقة بها

- ‌صلاة الرواتب في السفر

- ‌ج. تحيَّة المسجد

- ‌د. الوتر

- ‌القنوت في الوتر وفي الصلاة المكتوبة

- ‌هـ. صلاة التراويح

- ‌و. قيام الليل

- ‌ز. صلاة الضُّحى

- ‌ح. صلاة الكسوف

- ‌ط. صلاة الاستسقاء

- ‌ي. صلاة التسابيح

- ‌ك. صلاة الاستخارة

- ‌ل. سجدة التلاوة

- ‌م. سجدة الشكر وصلاة الشكر

- ‌ن. الصلاة بعد الفراغ من الطواف عند المقام

- ‌س. الصلاةُ عَقِبَ الأذان

- ‌ع. الصلاةُ عَقِبَ الوضوء

- ‌الأوقاتُ المنهيُّ عن الصلاة فيها

- ‌أحكامٌ عامة لصلاة التطوُّع

- ‌1- في صلاة الفريضة لا يجوز الجلوس ولا الاضطجاع إلا من ضرورة

- ‌2 - إذا كان المسلم في المسجد فأقيمت الصلاة المفروضة

- ‌3 - الصلاة المكتوبة الأصل فيها أن تُؤدَّى في المساجد جماعة

- ‌4 - وكما يجوز أن تصلَّى النافلةُ انفرادياً فإنه يجوز أن تصلَّى جماعةً

- ‌الفصل الثاني عشرصلاة الجماعة

- ‌حكم صلاة الجماعة وفضلها

- ‌صلاة النساء

- ‌الإمام يصلي صلاة خفيفة

- ‌متابعة المأموم للإمام

- ‌تنعقد الجماعة بإمام ومأموم واحد

- ‌مفارقةُ الإمام

- ‌الصلاةُ جماعةً في المسجد مرتين

- ‌المسبوق يدخل في الصلاة على الحال التي عليها الإمام

- ‌خروج المُحْدِث من الصلاة

- ‌أ. صفة الأئمَّةالأحقُّ بالإمامة

- ‌إِمامة الأعمى

- ‌إمامة الصبي

- ‌إمامة المرأة

- ‌اقتداء المقيم بالمسافر وبالعكس

- ‌اقتداء المفترض بالمتنفل وبالعكس

- ‌الإمام يصلي جالساً

- ‌صلاة الإمام المخلّ بشروط الصلاة

- ‌الإمام يستخلف في صلاته

- ‌الإمام يكرهه المصلون

- ‌موقف الصبيان والنساء

- ‌صلاة الرجل وحده خلف الصفوف

- ‌أين يقف الإمام من المأمومين

الفصل: ‌حكم صلاة الجماعة وفضلها

‌4 - وكما يجوز أن تصلَّى النافلةُ انفرادياً فإنه يجوز أن تصلَّى جماعةً

، لا فرق بين نافلة وأخرى، فعن عِتْبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال «كنت أُصلِّي لقومي ببني سالم، وكان يحول بيني وبينهم وادٍ إذا جاءت الأمطار، فيشق عليَّ اجتيازه قِبَلَ مسجدهم، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أنكرت بصري، وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشقُّ عليَّ اجتيازه، فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكاناً أتخذه مُصلَّى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل، فغدا عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه بعدما اشتد النهار، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحبُّ أن أُصلي فيه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبَّر وصففنا وراءه، فصلى ركعتين ثم سلم، وسلَّمنا حين سلَّم» رواه البخاري والنَّسائي وابن ماجة وأحمد. وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أمِّ حَرَام، فأقامني عن يمينه وأم حَرَامٍ خلفنا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وأم حرام هي خالة أنس. وعن ابن عباس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل يصلي، فقمت فتوضأت فقمت عن يساره، فجذبني فجرَّني فأقامني عن يمينه، فصلى ثلاث عشرة ركعة، قيامُه فيهن سواء» رواه أحمد والبخاري ومسلم.

‌الفصل الثاني عشر

صلاة الجماعة

‌حكم صلاة الجماعة وفضلها

صلاة الجماعة سنة مستحبة، وتتأكد أكثر إن كانت في المسجد، وهي ليست فرض عين ولا فرض كفاية كما يقول بذلك جماعات من الفقهاء، مستدلين على رأيهم بالأحاديث التالية:

ص: 154

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «ليس صلاةٌ أثقلَ على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوْهما ولو حَبْواً، لقد هممتُ أن آمر المؤذن فيقيم، ثم آمر رجلاً يؤم الناس، ثم آخذَ شُعَلاً من نار فأُحَرِّقَ على من لا يخرج إلى الصلاة بعد» رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن أبي شيبة.

2 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يُرخِّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء؟ فقال: نعم، قال: فأجب» رواه مسلم والنَّسائي.

3 -

عن ابن أم مكتوم «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجلٌ ضريرُ البصر شاسعُ الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أن أُصلي في بيتي؟ قال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم قال: لا أجد لك رخصة» رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد.

4 -

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من سمع النداء فلم يُجب فلا صلاة له إلا مِن عذر» رواه ابن حِبَّان والحاكم والبيهقي.

ص: 155

فنقول لهؤلاء إن هذه الأحاديث تُحمَل على التشديد على حضور صلاة الجماعة، وأنها وردت مورد الزَّجر، وأنَّ حقيقتُه غيرُ مرادة، وقد جاء التشديد بصيغٍ مختلفة. ثم إنَّ الحديث الأول جاء في المنافقين ولم يأت عامَّاً في المسلمين، فقوله في أول الحديث «ليس صلاةٌ أثقلَ على المنافقين» واضح الدلالة على ما نقول. ويزيد الأمرَ وضوحاً ما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «لقد رأيتُنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد عُلم نفاقه أو مريض، إن كان المريض لَيمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة

» رواه مسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة وأحمد من حديث طويل. وما رواه أبو عمير ابن أنس قال «حدثني عمومتي من الأنصار قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يشهدهما منافق، يعني العشاء والفجر» رواه ابن أبي شيبة. فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهدد المنافقين الذين لم يكونوا يشهدون الصلاة معه بقوله ذاك.

وأما الحديث الثاني فهو كالحديث الثالث، موضوعهما واحد، فما ينطبق على أحدهما ينطبق على الآخر. هذا الحديث يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص للأعمى أولاً بعدم حضور صلاة الجماعة، ثم عدل عن ذلك وأوقف الترخيص له، فلو كانت صلاة الجماعة واجبة لما رخَّص عليه الصلاة والسلام للأعمى بصلاة المنفرد وتَرْكِ صلاة الجماعة. أما لماذا عدل بعد ذلك عن الترخيص له، فإنه يُحمل على أنه آثر صاحبَه الأعمى هذا بفضيلة حضور صلاة الجماعة فشدد عليه في حضورها، وذلك لأن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتسابقون إلى الثواب والمندوبات، فلو رُخِّص لهذا الأعمى بترك صلاة الجماعة فلربما فُهم من ذلك أن صلاة الجماعة كصلاة المنفرد ولا ميزة لها، لهذا أمر عليه الصلاة والسلام هذا الصحابي بالتمسك بحضور صلاة الجماعة وشدَّد عليه في ذلك.

ص: 156

وأما الحديث الرابع فيُحمَل على أنَّ المراد منه لا صلاة كاملة، وليس نفي الصلاة بالكلية. والمعلوم في علم أصول الفقه أن إعمال الدليلين خير من إهمال أحدهما، وأن القول بعدم تعارض الأدلة أولى من القول بتعارضها. ذلك أن عندنا جملة من الأحاديث تدل على ما ذهبنا إليه من عدم وجوب صلاة الجماعة، فإذا فهمنا الأحاديث الثلاثة هذه على أنها دالة على فرضية صلاة الجماعة، فإننا سنضطر للقول بتعارض الأدلة والقول بإهمال قسم منها، وهذا ما لا يصح اللجوء إليه إلا عند عدم إمكانية الجمع والتوفيق بينها، والإمكانية هنا ممكنة ومتوفرة بما سبق ذكرُه، وهذه الأحاديث هي:

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً» رواه أحمد والبخاري ومسلم.

2 -

عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح فقال: أشاهدٌ فلانٌ؟ قالوا: لا، قال: أشاهدٌ فلان؟ قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبواً على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى» رواه أبو داود وأحمد والنَّسائي.

3 -

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام» رواه البخاري ومسلم.

ص: 157

4 -

عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال «حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح أو الفجر، قال: ثم انحرف جالساً أو استقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس فقال: ائتوني بهذين الرجلين، قال: فأُتيَ بهما ترعد فرائصُهما، فقال: ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ قالا: يا رسول الله إنَّا قد كنا صلينا في الرحال، قال: فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه، فإنها له نافلة» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي والترمذي والدارمي.

الحديث الأول جعل صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد بخمس وعشرين مرة، فلو كانت صلاة المنفرد غير مقبولة ولا جائزة لما قيل ما قيل، وهذا واضح الدلالة على صحة صلاة المنفرد. والحديث الثاني يقول «إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده» ولا يقال هذا القول لو كانت صلاة المنفرد غير جائزة، وهذا أيضاً واضح الدلالة على صحة صلاة المنفرد. والحديث الثالث يقول «الذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام» فاعتبر صلاة الجماعة أعظم أجراً من صلاة المنفرد، وهذا يعني اشتراكهما في الأجر، وإلا لما كانت هذه المفاضلة. أما الحديث الرابع فقوله «إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فلْيصلها معه فإنها له نافلة» . فقوله «إذا صلى أحدكم في رحله» وقوله «فلْيصلِّها معه فإنها له نافلة» يدلان على أنَّ صلاة المنفرد قد قُبِلت، فإن صلاها بعدئذٍ في المسجد مع الإمام جماعة فإن صلاة الجماعة تكون نافلة، وهذا من أوضح الدلالات على صحة صلاة المنفرد، إذ لو كانت صلاة الجماعة واجبة عليه وصلاةُ المنفرد غيرَ مقبولةٍ لاعتُبِرت صلاة المسجد هي الصلاة المفروضة المؤداة وليس الصلاة في الرحل، وهذا ظاهرٌ جداً.

ص: 158

لكل ما سبق أقول: إنَّ القول بعدم التعارض بين الأدلة هنا أولى من القول بوجود التعارض، وعلى هذا تُحْمَلُ الأحاديث الأربعة الأولى على أنها تعني مطلق الحث، ولا تفيد وجوباً ولا فرضاً.

أما فضل صلاة الجماعة فإن أحاديث كثيرة قد جعلتها تَفْضُل صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجةً أو جزءاً أو صلاةً، على اختلاف في الروايات، أذكر منها ما يلي:

1-

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تَفْضُل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءاً، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر، ثم يقول أبو هريرة: فاقرأوا إن شئتم: إنَّ قرآن الفجرِ كان مشهوداً» رواه البخاري ومسلم وابن ماجة والنَّسائي وأحمد.

2-

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمساً وعشرين درجة..» رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.

3-

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «فضلت صلاة الجماعة على صلاة الفذِّ خمساً وعشرين» رواه أحمد والنَّسائي. قوله صلاة الفذِّ: أي صلاة المنفرد.

4-

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من رجل يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يأتي مسجداً من المساجد، فيخطو خطوة إلا رُفع بها درجة أو حُطَّ بها عنه خطيئة، وكتبت له بها حسنة، حتى إن كنا لنقاربُ بين الخُطا، وإنَّ فضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة.

5-

وعنه رضي الله عنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال «صلاة الجمع تَفْضُلُ على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين ضعفاً، كلها مثل صلاته» رواه أحمد والبزَّار والطبراني.

ص: 159

وانفرد ابن عمر رضي الله عنه برواية السبع والعشرين، فعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «صلاة الجماعة تَفْضُلُ صلاةَ الفذِّ بسبع وعشرين درجة» رواه البخاري ومسلم وأحمد ومالك والنَّسائي. ولم تُرو عن صحابي غيره هذه الرواية إلا ما نُسب لأبي هريرة عند أحمد في رواية، فإنه ذكر السبع والعشرين، وفي سندها شريك القاضي، وفي حفظه ضعف، إضافةً إلى أنَّ هذه الرواية مخالفة لجميع الروايات الصحيحة المنقولة عن أبي هريرة القائلة بالخمس والعشرين. فالروايات القائلة بالخمس والعشرين أكثر، فهي أولى بالأخذ. قال الترمذي (عامَّةُ مَن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قالوا «خمس وعشرين» إلا ابن عمر فإنه قال بـ «سبع وعشرين» ) .

وإنَّ من فضل صلاة الجماعة أن ثوابها يفضل ثواب التَّصدق بشاتين اثنتين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال «لو أن أحدكم يعلم أنه إذا شهد الصلاة معي كانت له أعظم من شاة سمينة أو شاتين لفعل، فما يصيب من الأجر أفضل» رواه أحمد.

وإن فضل الجماعة فضل كبير وثواب عظيم خاصة صلاتي الفجر والعشاء، فمن صلى العشاء جماعةً فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى العشاء والفجر جماعةً فكأنما قام الليل كله، فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله» رواه مسلم والبخاري والترمذي والدارمي وأحمد.

ص: 160

وصلاة الجماعة في الفلاة أو العراء أعظم أجراً، فهي تبلغ خمسين درجة أي الضعف، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده خمساً وعشرين درجة، وإن صلاها بأرض فلاةٍ فأتمَّ وضوءها وركوعها وسجودها بلغت صلاته خمسين درجة» رواه ابن أبي شيبة وابن حِبَّان. ورواه الحاكم وأبو داود بلفظ «الصلاة في الجماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة، فإذا صلاها في الفلاة فأتمَّ ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة» .

ص: 161

والصلاة في المسجد البعيد أعظم ثواباً من الصلاة في المسجد القريب، وذلك أن الثواب يزداد بزيادة الخطى، فكل خطوة من يمينه ترفعه درجة، وكل خطوة من يساره تحط عنه خطيئة، فقد مر قبل قليل حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عند أحمد ومسلم وأبي داود والنَّسائي وابن ماجة وجاء فيه «

ثم يأتي مسجداً من المساجد فيخطو خطوة إلا رُفع بها درجة، أو حُطَّ بها عنه خطيئة، وكُتبت له بها حسنة حتى إنْ كنا لنقارب بين الخطا

» . وعن سعيد بن المسيِّب قال «حضر رجلاً من الأنصار الموتُ فقال: إني مُحدِّثكم حديثاً ما أحدثكموه إلا احتساباً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حطَّ الله عز وجل عنه سيئة، فلْيُقَرِّب أحدكم أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض صلى ما أدرك، وأتم ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتمَّ الصلاة كان كذلك» رواه أبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الأبعدُ فالأبعدُ من المسجد أعظمُ أجراً» رواه أبو داود وأحمد وابن ماجة والحاكم. وقد مرَّ حديث أبي موسى قبل قليل عند البخاري ومسلم وفيه «أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى

» . وهذه الخطوات التي تزيد الحسنات وتمحو السيئات تُحتسب في الذهاب وفي الإياب من المسجد وليس في الذهاب فحسب، فعن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من راح إلى مسجد الجماعة، فخطوة تمحو سيئة وخطوة تكتب حسنة ذاهباً وراجعاً» رواه أحمد وابن حِبَّان والطبراني.

ص: 162