الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووقع عند ابن حِبَّان وابن خُزيمة لفظ «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو جالس بعدما دخل في السن» - وعن أنس بن مالك قال «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما انصرف من الصلاة أقبل إلينا بوجهه فقال: أيها الناس إني إمامُكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالقعود، ولا بالانصراف
…
» رواه ابن خُزيمة ومسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أما يخشى أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد أن يحوِّل الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار؟» رواه أبو داود والبخاري ومسلم والنَّسائي والترمذي. وهذا التحذير الشديد باحتمال إيقاع عقوبة المسخ دليل أكيد على حُرمة مسابقة المأموم للإمام.
وكما أُمر المصلون بأن يتابعوا إمامهم في الصلاة، فقد أُمروا أيضأ بأن يتابعوه في القيام للصلاة عند الإقامة، فلا يسبقوه في الوقوف، بل ينتظرون قدومه إلى المسجد ووقوفه للصلاة، فلا يقفون حتى يقف الإمام، فعن أبي قتادة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أًقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» رواه مسلم وأحمد وابن حِبَّان وابن خُزيمة. وفي رواية لأبي داود وابن حِبَّان «
…
حتى ترَوْني قد خرجت» .
والأوْلى للمأموم عقب التسليم أن لا يسرع في الانصراف، بل ينتظر قليلاً ريثما ينصرف الإمام قبله، أو يُمْكِن للإمام في حالة السهو أن يتدارك ما كان قد نسيه في الصلاة، فيستأنفها ويسجد للسهو فيسجد المأموم معه، فعن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم حضَّهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة» رواه أبو داود.
تنعقد الجماعة بإمام ومأموم واحد
تنعقد الجماعة باثنين: إمامٍ ومأمومٍ واحدٍ ولو كان المأموم صبياً، وتنعقد في الفريضة كما تنعقد في النافلة دون فارق بينهما، وإذا كان المأموم واحداً وجب أن يقف إلى يمين الإمام دون أن يتقدم عنه أو يتأخر، ولا يصح الوقوف إلى يسار الإمام، فإن فعل أثم ولكن تظل صلاته مقبولة. ولا يجب على الإمام أن ينوي الإمامة، فلو صلى أحدٌ منفرداً ثم جاء شخص فوقف حذاءه مؤتمَّاً به انعقدت له صلاة جماعة رغم أن الإمام لم ينو الإمامة ابتداءً، لا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال «بتُّ عند خالتي ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت أصلي معه فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي. ووقع في رواية ثانية لمسلم من طريق ابن عباس بلفظ «.. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدي فجعلني مِن شقِّه الأيمن» . فهنا كانت صلاةُ جماعة من إمام ومأمومٍ صبي، فابن عباس رضي الله عنه كان آنذاك صبياً ابن عشر سنين، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه «مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وأنا مختون، وقد قرأت المُحْكَم من القرآن» رواه أحمد. وعن ابن عباس أيضاً قال «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقمتُ إلى جنبه عن يساره، فأخذني فأقامني عن يمينه، وقال ابن عباس: وأنا يومئذ ابن عشر سنين» رواه أحمد. ويدل الحديث إضافةً إلى ما سبق على أن الإمام لا يجب عليه أن ينوي لصلاة الجماعة عند الابتداء، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، فالتحق ابن عباس بصلاته، فأقرَّه واستمر يصلي به جماعة. ويدل على ذلك بشكل أوضح ما جاء في رواية ثانية عند أحمد بلفظ «.. فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا عرف أني أريد أن أُصلي بصلاته لفت يمينه فأخذ بأُذُني فأدارني حتى أقامني عن يمينه
…
» .
وأوضح من الحديثين ما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: ألا رجلٌ يتصدق على هذا فيصلي معه؟» ورواه أيضاً الترمذي وابن خُزَيمة وابن حِبَّان والحاكم. كما يدل الحديث الأول على أن المأموم إن كان وحده وقف عن يمين الإمام دون أن يتأخر أو يتقدم، فالحديث يقول «فأقامني عن يمينه» . ويقول لفظ لمسلم «فجعلني من شِقِّه الأيمن» . دون أن يذكر تقديماً أو تأخيراً، يشهد لهذا الفهم ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرَّني فجعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته خنست، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي: ما شأني أَجعلك حذائي فتخنُسُ؟ فقلت: يا رسول الله أَوَ ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟ قال فأعجبته، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً
…
» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي. قوله خنست: أي تأخرت قليلاً عن محاذاته. فالرسول صلى الله عليه وسلم أوقف ابن عباس حذاءه أي عن يمينه دون تقديم أو تأخير، وذلك لأنها هي السُّنَّة المشروعة، وبالفعل وقف ابن عباس حذاءه، ثم بدا لابن عباس أن يتأخر قليلاً عن محاذاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما حصل منه ذلك سأله صلى الله عليه وسلم عن السبب، فأجابه بجواب أعجبه وهو أنه لا ينبغي لأحد أن يصلي حذاءه، بل يتأخر عنه قليلاً لأنه رسول، والرسول يقدَّم على غيره. وهذا الجواب من ابن عباس، وهذا الإعجاب به من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعني أن السُّنة المشروعة هي ما فعل ابن عباس، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوقفه إلى جواره، وفي العديد من الروايات المروية أن ابن عباس وقف إلى جواره ولم يتأخر، ثم إن جابر بن عبد الله رضي