الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقف الرجال في المقدمة صفاً واحداً أو أكثر، ثم يقف الصبيان خلفهم، ثم تقف النساء خلف الصبيان، وإذا كان صبي واحد فقط وقف في صف الرجال، أما إن كان الصبيان اثنين فأكثر فالأفضل والسُّنَّة هي أن يخرجوا من صف الرجال ويكوِّنوا من أنفسهم صفاً منفصلاً خلف الرجال، والنساء يشكِّلن صفاً خلف الجميع. وإذا لم تكن سوى امرأة واحدة فإنها تقف وحدها خلف الصفوف، فإن دخلت في صف الصبيان فقد خالفت السُّنة، ولكن صلاتها صحيحة، فعن عبد الرحمن بن غَنْم قال: قال أبو مالك الأشعري لقومه «أَلا أُصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فصف الرجال ثم صف الولدان ثم صف النساء خلف الولدان» رواه أحمد وأبو داود والبيهقي. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تطوعاً، قال: فقامت أم سُلَيْم وأم حرام خلفنا، قال ثابت: لا أعلمه إلا قال: وأقامني عن يمينه، فصلينا على بساط» رواه أحمد وأبو داود. ومرَّ قبل قليل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في بحث [أين يقف الواحد وأين يقف الاثنان فصاعداً] وفيه [وصففت أنا واليتيم وراءه] . مما يدل على أن الصبي إن كان وحده دخل في صفِّ الرجال.
صلاة الرجل وحده خلف الصفوف
إذا اكتملت الصفوف جاز للرجل المنفرد أن يصلي خلف الصفوف وحده، ولا يلزمه جذب شخص من الصف الذي أمامه ليصلي معه مُكوِّناً معه صفاً، وكل ما رُوي من أحاديث تأمر المصلي وحده أن يجذب إليه أحداً من الصف الذي أمامه هي ضعيفة أو واهية لا تصلح للاحتجاج، فمثلاً روى وابصة ما يلي «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى خلف الصفوف وحده، فقال: أيها المصلي وحده ألا وصلت إلى الصف، أو جررت إليك رجلاً فقام معك؟ أعد صلاتك» رواه البيهقي والطبراني، وقال البيهقي [تفرد به السري بن إسماعيل وهو ضعيف] وعن ابن عباس «أن النبي- صلى الله عليه وسلم أمر الآتي وقد تمَّت الصفوف أن يجتذب إليه رجلاً يقيمه إلى جنبه» رواه الطبراني بإسناد قال الحافظ ابن حجر: واهٍ. وممن قال بمشروعية الجذب الشافعي وعطاء وإبراهيم النخعي، ذكر ذلك ابن المنذر.
وذهب مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهُوَيه والأوزاعي إلى عدم مشروعية الجذب، وهو الصحيح، وذلك لأن جذب شخص من صفٍّ مكتمل يقطع ذلك الصف ويُحدث فيه خللاً وذلك حرامٌ لا يجوز، فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من وصل صفاًّ وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله» رواه النَّسائي وابن خُزيمة وأحمد وأبو داود والحاكم. فالمسلمون مأمورون بوصل الصفوف وإكمالها لا بقطعها. ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «
…
وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» رواه البخاري من طريق أبي هريرة، ورواه مسلم وأحمد والدارقطني. وحالتنا هذه هي حالة عذر وعدم استطاعة، فلا إثم عندئذ، فالمصلي وحده إن لم يجد فُرجة فهو معذور، ولا إثم عليه، وصلاته وحده خلف الصفوف مشروعة وصحيحة. وقد ذكر ابن المنذر أن الحسن البصري ومالكاً والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي يقولون بعدم بطلان الصلاة منفرداً، بشكل مطلق دون تقييدها بأي عذر، ونحن لا نقول ذلك بشكل مطلق، وإنما نقيده بعذر عدم الاستطاعة لامتلاء الصفوف.
أما إن كان الصف غير مكتمل فقد لزمه الدخول فيه، ولم يَجُز له أن يصلي منفرداً خلف الصفوف، لأن الأصل بطلان الصلاة منفرداً خلف الصفوف، فعن وابصة بن معبد «أن رجلاً صلى خلف الصف وحده، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة» رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة. ورواه ابن حِبَّان ولفظه «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره فأعاد الصلاة» . ورواه أبو داود إلا أنه ذكر «فأمره أن يعيد الصلاة» . وعن علي بن شيبان «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف، فوقف حتى انصرف الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبل صلاتك، فلا صلاة لرجلٍ فردٍ خلف الصف» رواه أحمد وابن ماجة وابن خُزَيمة وابن حِبَّان. فصلاة المنفرد خلف الصف وحده باطلة، وتجب عليه إعادتها لصريح النص في ذلك.