الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجوز أنْ يأتمَّ المقيم بالمسافر وهو الأصل، كما يجوز أن يأتمَّ المسافر بالمقيم، فإذا أمَّ المسافر وفرغ من الركعتين - أي من صلاته المقصورة - وسلَّم أتمَّ المقيمون خلفه صلاتهم الرباعية منفردين، أما إذا أمَّ المقيم المسافر فإن المسافر خلفه يُتِمُّ صلاته الرباعية ولا يفارق الإمام. فعن سالم بن عبد الله عن أبيه «أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْرٌ» رواه مالك وعبد الرزاق والطحاوي. قوله قومٌ سَفْر: أي قوم مسافرون. وعن صفوان بن عبد الله قال «جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف، فقمنا فأتممنا» رواه عبد الرزاق ومالك والطحاوي. وعن موسى بن سلمة قال «كنا مع ابن عباس بمكة فقلت: إذا كنا معكم صلينا أربعاً، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال: سُنَّةُ أبي القاسم صلى الله عليه وسلم» رواه أحمد. وفي لفظ آخر عن ابن عباس رضي الله عنه «أنه سُئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً إذا ائتمَّ بمقيم؟ فقال: تلك السُّنَّة» رواه أحمد. وهذا الحديث الأخير يأخذ حكم الرفع أي الاتصال بالرسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله «تلك السُّنة» وعن نافع «أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعاً، فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين» رواه مالك. وروى مالك عن نافع «أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليالٍ يقصر الصلاة، إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته» .
اقتداء المفترض بالمتنفل وبالعكس
يجوز لمن يريد صلاة الفريضة ووجد رجلاً يصلي نافلة أن يأتمَّ به وتصح صلاته، فعن جابر بن عبد الله «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة» رواه مسلم والبخاري وأحمد. ورواه الشافعي والدارقطني وعبد الرزاق والبيهقي بزيادة «هي له تطوُّع ولهم مكتوبةٌ العشاءَ» وهذه رواية الشافعي «عن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبي العشاء، ثم ينطلق إلى قومه فيصليها، هي له تطوَّع وهي لهم مكتوبةٌ العشاءَ» يذكر هذا الحديث أن قوم معاذ كانوا يصلون صلاة العشاء المفروضة خلف معاذ الذي كان يصلي بهم نافلة، لأنه يكون قد صلى العشاء خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء في فصل [صلاة أهل الأعذار] بحث [صلاة الخوف] البند (2) الحديث التالي «عن أبي بَكْرة أنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصلى ببعض أصحابه ركعتين ثم سلم فتأخروا، وجاء آخرون فكانوا في مكانهم، فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فصار للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان ركعتان» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي وابن حِبَّان والدارقطني.
وجه الاستدلال بهذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد صلى الصلاة المفروضة ركعتين بقسم من المسلمين، وأتمَّ الصلاة بالتسليم، فلما صلى بالقسم الثاني ركعتين أخريين فإنه إنما صلى بهم هاتين الركعتين نافلة، في حين أنهم هم صلوهما فريضة، بمعنى أن القسم الثاني من المسلمين قد صلوا الفريضة مؤتمِّين برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي نافلة.