الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
الْخَامِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .] (1) .
-
نفخة الْبَعْث، وخروجهم مُسْرِعين لِلْحسابِ
.
[قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} ذَكَرَ جلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ النَّفْخَةَ الْأَخِيرَةَ، والصُّور قَرْنٌ مِنْ نُورٍ يَنْفُخُ فِيهِ الْمَلَكُ نَفْخَةَ الْبَعْثِ، وَهِيَ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ، وَإِذَا نَفَخَهَا قَامَ جَمِيعُ أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ قُبُورِهِمْ، أَحْيَاءً إِلَى الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ.
وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا هُم مّنَ الأَجْدَاثِ} ، جَمْعُ جَدَثٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ الْقَبْرُ، وَقَوْلُهُ:{يَنسِلُونَ} ، أَيْ: يُسْرِعُونَ فِي الْمَشْيِ مِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَحْشَرِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً} ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} ، وَقَوله:{مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} ، أَيْ: مُسْرِعِينَ مَادِّي أَعْنَاقِهِمْ عَلَى أَشْهَرِ التَّفْسِيرَيْنِ (2) ، وَمن
(1) - 3/203 - 304، النَّحْل / 11 - 12، وَانْظُر الْمَوَاضِع التالية:(1/23 - 24)(الْمُقدمَة) ، (1/45 - 46)(الْبَقَرَة/21 -22) ، (1/68)(الْبَقَرَة/72 - 73)، (6/677: 680) (الصافات / 11) ، (7/210)(الزخرف / 11) ، (7/647)(ق/15)، (8/529) (نوح / 15: 18) ، (9/7: 9) (النبأ/ 1: 5) ، وَغَيرهَا الْكثير من الْمَوَاضِع
…
(2)
- قَالَ الْعَلامَة الشنقيطي (3/101)(إِبْرَاهِيم / 43) : [قَوْلُهُ تَعَالَى: {مُهْطِعِينَ} الْإِهْطَاعُ فِي اللُّغَةِ: الْإِسْرَاعُ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتُونَ مُهْطِعِينَ أَيْ مُسْرِعِينَ إِذَا دُعُوا لِلْحِسَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} . وَقَوْلِهِ: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} وَقَوْلِهِ: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْإِهْطَاعِ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْإِسْرَاعِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِدِجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُمْ
…
بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إِلَى السَّمَاعِ
أَي مُسْرِعين إِلَيْهِ] .
إِطْلَاقِ نَسَلَ بِمَعْنَى أَسْرَعَ، قَوْلُهُ تَعَالَى:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} ، وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
عَسَلَانُ الذِّئْبِ أَمْسَى قَارِبًا
…
بَرَدَ اللَّيْلُ عَلَيْهِ فَنَسَلْ
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يَقُومُونَ أَحْيَاءً عِنْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّه تَعَالَى؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاْرْضِ إِلَاّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِن كَانَتْ إِلَاّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذَا هُمْ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} ، وَهَذِهِ الصَّيْحَةُ هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ؛ كَقَوْلِه تَعَالَى:{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ الْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} ، أَيِ: الْخُرُوجِ مِنَ الْقُبُورِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} ، وَالزَّجْرَةُ: هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ. وَالسَّاهِرَةُ: وَجْهُ الْأَرْضِ وَالْفَلَاةُ الْوَاسِعَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
يَرْتَدْنَ سَاهِرَةً كَأَنَّ جَمِيمَهَا
…
وَعَمِيمَهَا أَسْدَافُ لَيْلٍ مُظْلِمِ
وَقَوْلُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ:
وساهرة يُضحي السراب مجلّلا
…
لأقطارها قد حببتها مُتَلَثِّمَا
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ الأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ} ، وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: