الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى.] (1) .
-
بعض صِفَات سيدنَا يحيى عليه السلام
-.
[اعْلَمْ أَنَّهُ هُنَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ {يايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً} . فَقَوْلُهُ {يايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ. أَيْ وَقُلْنَا لَهُ يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة، وَالْكتاب: التوارة، أَيْ خُذِ التَّوْرَاةَ بِقُوَّةٍ، أَيْ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ، وَذَلِكَ بِتَفَهُّمِ الْمَعْنَى أَوَّلًا حَتَّى يَفْهَمَهُ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ يَعْمَلَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ، فَيَعْتَقِدَ عَقَائِدَهُ، وَيُحِلَّ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمَ حَرَامَهُ، وَيَتَأَدَّبَ بِآدَابِهِ، وَيَتَّعِظَ بِمَوَاعِظِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جِهَاتِ الْعَمَلِ بِهِ. وَعَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَن المُرَاد بِالْكتاب هُنَا: التوارة، وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ.
وَقِيلَ: هُوَ كِتَابٌ أُنْزِلَ عَلَى يَحْيَى، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّمَةَ، وَقِيلَ: هُوَ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ. وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: إِنَّهُ التَّوْرَاةُ كَمَا قَدَّمْنَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ} أَيْ أَعْطَيْنَاهُ الْحُكْمَ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْمُرَادِ بِالْحُكْمِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ، مَرْجِعُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ الْفَهْمَ فِي الْكِتَابِ، أَيْ إِدْرَاكَ مَا فِيهِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ صَبِيًّا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ:{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} أَيِ الْفَهْمَ وَالْعِلْمَ وَالْجِدَّ وَالْعَزْمَ، وَالْإِقْبَالَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْإِكْبَابَ عَلَيْهِ، وَالِاجْتِهَادَ فِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ حَدَثٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الصِّبْيَانُ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا: اذْهَبْ بِنَا نَلْعَبُ، فَقَالَ: مَا لِلَّعِبِ خُلِقْنَا! فَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} .
(1) - 4/230 - 231، مَرْيَم / 5.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ رحمه الله فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَعْطَيْنَاهُ الْفَهْمَ بِكِتَابِ اللَّهِ فِي حَال صباه قبل بُلُوغه أَسْنَان للرِّجَال. وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ (1) وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ أَحَدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الصِّبْيَانَ قَالُوا لِيَحْيَى: اذْهَبْ بِنَا نَلْعَبُ. فَقَالَ: مَا لِلَّعِبِ خُلِقْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ} أَيِ الْحِكْمَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةَ ذُبْيَانَ:
وَاحْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الْحَيِّ إِذْ نَظَرَتْ
…
إِلَى حَمَامٍ سِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَالْحُكْمُ النُّبُوَّةُ، أَوْ حُكْمُ الْكِتَابِ، أَوِ الْحِكْمَةُ، أَوِ الْعِلْمُ
بِالْأَحْكَامِ. أَوِ اللُّبُّ وَهُوَ الْعَقْلُ، أَوْ آدَابُ الْخِدْمَةِ، أَوِ الْفِرَاسَةُ الصَّادِقَةُ، أَقْوَالٌ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي هُوَ أَنَّ الْحُكْمَ يُعْلَمُ النَّافِعُ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَذَلِكَ بِفَهْمِ الْكِتَابِ السَّمَاوِيِّ فَهْمًا صَحِيحًا، وَالْعَمَلِ بِهِ حَقًّا، فَإِنَّ هَذَا يَشْمَلُ جَمِيعَ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. وَأَصْلُ مَعْنَى «الْحِكَمِ» الْمَنْعُ، وَالْعِلْمُ النَّافِعُ، وَالْعَمَلُ بِهِ يَمْنَعُ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ مِنَ الْخَلَلِ وَالْفَسَادِ وَالنُّقْصَانِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {صَبِيّاً} أَيْ لَمْ يَبْلُغْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَقِيلَ: صَبِيًّا أَيْ شَابًّا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْكُهُولَةِ ذَكَرَهُ أَبُو حَيَّانَ وَغَيْرُهُ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. قِيلَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ ابْنُ سَبْعٍ، وَقِيلَ ابْنُ سَنَتَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَحَنَانًا} مَعْطُوفٌ عَلَى {الْحُكْمُ} أَيْ
(1) - تَفْسِير الطَّبَرِيّ (8/315) ، وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن فِيهِ انْقِطَاع ظَاهر.
وَآتَيْنَاهُ حَنَانًا مِنْ لَدُنَّا. وَالْحَنَانُ: هُوَ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَالْعَطْفِ وَالشَّفَقَةِ. وَإِطْلَاقُ الْحَنَانِ عَلَى الرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَنَانَكَ وَحَنَانَيْكَ يَا رَبِّ، بِمَعْنَى رَحْمَتَكَ. وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَبِنْتَ الْحَارِثِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو
…
لَهُ مُلْكُ الْعِرَاقِ إِلَى عُمَانِ
وَيَمْنَحُهَا بَنُو شَمَجَى بْنِ جَرْمٍ
…
مَعِيزَهُمُ حَنَانَكَ ذَا الْحَنَانِ
يَعْنِي رَحْمَتَكَ يَا رَحْمَنُ. وَقَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ:
أَبَا مُنْذِرٍ أَفْنَيْتَ فَاسْتَبْقِ بَعْضَنَا
…
حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
وَقَوْلُ مُنْذِرِ بْنِ دِرْهَمٍ الْكَلْبِيِّ:
وَأَحْدَثُ عَهْدٍ مِنْ أَمِينَةَ نَظْرَةٌ
…
عَلَى جَانِبِ الْعَلْيَاءِ إِذْ أَنَا وَاقِفُ
فَقَالَتْ حنان مَا أَتَى بك هَا هُنَا
…
أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنْتَ بِالْحَيِّ عَارِفُ
فَقَوْلُهُ «حَنَانٌ» أَيْ أَمْرِي حَنَانٌ.
أَيْ رَحْمَةٌ لَكَ، وَعَطْفٌ وَشَفَقَةٌ عَلَيْكَ وَقَوْلُ الْحُطَيْئَةِ أَوْ غَيْرِهِ:
تَحَنَّنْ عَلَيَّ هَدَاكَ الْمَلِيكُ
…
فَإِنَّ لِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالَا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ لَّدُنَّا} أَيْ مِنْ عِنْدِنَا، وَأَصَحُّ التَّفْسِيرَاتِ فِي قَوْلِهِ «وَزَكَاةً» أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ أَوْ أَعْطَيْنَاهُ زَكَاةً، أَيْ طَهَارَةً مِنْ أَدْرَانِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي بِالطَّاعَةِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِمَا يُرْضِيهِ: وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى إِطْلَاقِ الزَّكَاةِ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ رحمه الله فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ «وَزَكَاةً» الزَّكَاةُ: التَّطْهِيرُ وَالْبَرَكَةُ وَالتَّنْمِيَةُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ. أَيْ جَعَلْنَاهُ مُبَارَكًا لِلنَّاسِ يَهْدِيهِمْ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: زَكَّيْنَاهُ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ كَمَا يُزَكِّي الشُّهُودُ إِنْسَانًا. وَقِيلَ «زَكَاةً» صَدَقَةً عَلَى أَبَوَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ
قُتَيْبَةَ. انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ. وَهُوَ خِلَافُ التَّحْقِيقِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ. وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا، مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى: وَأَعْطَيْنَاهُ زَكَاةً أَيْ طَهَارَةً مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي بِتَوْفِيقِنَا إِيَّاهُ لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ فِي الْآيَةِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، رَاجِعٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ هُوَ الَّذِي بِهِ الطَّهَارَةُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَكَانَ تَقِيّا} أَيْ مُمْتَثِلًا لِأَوَامِرِ رَبِّهِ مُجْتَنِبًا كُلَّ مَا نَهَى عَنْهُ؛ وَلِذَا لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ، وَلَمْ يُلِمَّ بِهَا، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. وَفِي نَحْوِ ذَلِكَ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَرْفُوعًا، إِمَّا بِانْقِطَاعٍ، وَإِمَّا بِعَنْعَنَةِ مُدَلِّسٍ: وَإِمَّا بِضَعْفِ وَاوٍ، كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا مَعْنَى «التَّقْوَى» مِرَارًا وَأَصْلُ مَادَّتِهَا فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَبَرّا بِوالِدَيْهِ} الْبَرُّ بِالْفَتْحِ هُوَ فَاعِلُ الْبِرِّ بِالْكَسْرِ كَثِيرًا أَيْ وَجَعَلْنَاهُ كَثِيرَ الْبِرِّ بِوَالِدَيْهِ، أَيْ مُحْسِنًا إِلَيْهِمَا، لَطِيفًا بِهِمَا، لَيِّنَ الْجَانِبِ لَهُمَا. وَقَوْلُهُ «وَبَرًّا» مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ «تَقِيًّا» ، وَقَوْلُهُ «وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا» أَيْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَكْبِرًا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ وَطَاعَةِ وَالِدَيْهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ، مُتَوَاضِعًا لِوَالِدَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَالْجَبَّارُ: هُوَ كَثِيرُ الْجَبْرِ، أَيِ الْقَهْرِ لِلنَّاسِ، وَالظُّلْمِ لَهُمْ، وَكُلُّ مُتَكَبِّرٍ عَلَى النَّاسِ يَظْلِمُهُمْ: فَهُوَ جَبَّارٌ، وَقَدْ أُطْلِقَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى شَدِيدِ الْبَطْشِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} وَعَلَى مَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الْقَتْلُ فِي قَوْلِهِ: {أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَاّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِى الأَرْضِ} . وَالظَّاهِر أَن قَوْله: «عصياً» فعول قبلت فِيهِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ عَلَى الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ: الَّتِي عَقَدَهَا ابْنُ مَالِكِ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:
إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا
…
وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا
فَيَاءُ الْوَاوِ اقْلِبَنَّ مُدْغِمَا
…
وَشَذَّ مُعْطًى غَيْرُ مَا قَدْ رُسِمَا
فَأَصْلُ «عَصِيًّا» عَلَى هَذَا «عَصُويًا» كَصَبُورٍ، أَيْ كَثِيرَ الْعِصْيَانِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ فَعِيلًا وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا، قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً} قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَسَلَامٌ عَلَيْهِ أَيْ أَمَانٌ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهَا التَّحِيَّةُ الْمُتَعَارَفَةُ، فَهِيَ أَشْرَفُ مِنَ الْأَمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ مُتَحَصَّلٌ لَهُ بِنَفْيِ الْعِصْيَانِ عَنْهُ وَهُوَ أَقَلُّ دَرَجَاتِهِ، وَإِنَّمَا الشَّرَفُ فِي أَنْ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي الْإِنْسَانُ فِيهَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَالْحَاجَةِ، وَقِلَّةِ الْحِيلَةِ وَالْفَقْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمِ الْحَوْلِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَطِيَّةَ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَرْجِعُ الْقَوْلَيْنِ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ مَعْنَى سَلَامٌ، التَّحِيَّةُ، الْأَمَانُ، وَالسَّلَامَةُ مِمَّا يَكْرَهُ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ الْأَمَانُ. يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْأَمَانَ مِنَ اللَّهِ. وَالتَّحِيَّةُ مِنَ اللَّهِ مَعْنَاهَا الْأَمَانُ وَالسَّلَامَةُ مِمَّا يَكْرَهُ. وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ قَوْلَهُ {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ} تَحِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ لِيَحْيَى وَمَعْنَاهَا الْأَمَانُ وَالسَّلَامَةُ. وَقَوْلَهُ: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} مُبْتَدَأٌ، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ وَهُوَ نَكِرَةٌ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةَ بِالسَّلَامِ الَّتِي هِيَ وَقْتُ وِلَادَتِهِ، وَوَقْتُ مَوْتِهِ، وَوَقْتُ بَعْثِهِ، فِي قَوْله {يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ} ، لِأَنَّهَا أَوْحَشُ مِنْ غَيْرِهَا. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَوْحَشُ مَا يَكُونُ الْمَرْءُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: يَوْمَ يُولَدُ فَيَرَى نَفْسَهُ خَارِجًا مِمَّا كَانَ فِيهِ وَيَوْمَ يَمُوتُ فَيَرَى قَوْمًا لَمْ يَكُنْ عَايَنَهُمْ. وَيَوْمَ يُبْعَثُ فَيَرَى نَفْسَهُ فِي مَحْشَرٍ عَظِيمٍ. قَالَ: فَأَكْرَمَ اللَّهُ فِيهَا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فَخَصَّهُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ فِيهَا. رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ رحمه الله قَالَ: إِنْ عِيسَى وَيَحْيَى الْتَقَيَا فَقَالَ لَهُ عِيسَى: اسْتَغْفِرْ لِي، أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي. فَقَالَ الْآخَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي، أَنْتَ
خَيْرٌ مِنِّي. فَقَالَ عِيسَى: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي، سَلَّمْتُ عَلَى نَفْسِي وَسَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ. وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ قَالَ: انْتَزَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فِي التَّسْلِيمِ فَضْلَ عِيسَى بِأَنْ قَالَ إِدْلَالُهُ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَكَانَتُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي اقْتَضَتْ ذَلِكَ حِينَ قُرِّرَ وَحُكِيَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ أَعْظَمُ فِي الْمَنْزِلَةِ مِنْ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلِكُلٍّ وَجْهٌ. انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَلام الله على يحيى فِي قَوْله {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ} أَعْظَمُ مِنْ سَلَامِ عِيسَى عَلَى نَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} كَمَا هُوَ ظَاهر.
هَذَا هُوَ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ صِفَاتِ يَحْيَى، وَذَكَرَ بَعْضَ صِفَاتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، كَقَوْلِهِ فِي «آلِ عِمْرَانَ» :{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} وَمَعْنَى كَوْنِهِ {مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ} أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِعِيسَى، وَإِنَّمَا قِيلَ لِعِيسَى كَلِمَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَدَهُ بِكَلِمَةٍ هِيَ قَوْلُهُ «كُنْ» فَكَانَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} . وَقَالَ: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} . وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ} وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِكَلِمَةٍ الْكِتَابُ، أَيْ مُصَدِّقًا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَالْكَلِمَةُ فِي الْقُرْآنِ تُطْلَقُ عَلَى الْكَلَامِ الْمُفِيدِ، كَقَوْلِه:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} ، وَقَوْلِهِ:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} ، وَقَوْلِهِ:{كَلَاّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَبَاقِيَ الْأَقْوَالِ: تَرَكْنَاهُ لِظُهُورِ ضَعْفِهِ. وَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا. وَقَوْلُهُ «وَسَيِّدًا» وَزْنُ السَّيِّدِ بالميزان الصرفي فيعل
وأصل مادته (س ود) سَكَنَتْ يَاءُ الْفَعِيلِ الزَّائِدَةِ قَبْلَ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ الْعَيْنِ، فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً عَنِ الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ: * إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا *
الْبَيْتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ آنِفًا. وَأَصْلُهُ مِنَ السَّوَادِ وَهُوَ الْخلق الْكثير. فالسيد من يطعيه، وَيَتَّبِعُهُ سَوَادٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عَيْنَ الْمَادَّةِ وَاوٌ أَنَّكَ تَقُولُ فِيهِ: سَادَ يَسُودُ بِالْوَاوِ، وَتَقُولُ سَوَّدُوهُ إِذَا جَعَلُوهُ سَيِّدًا. وَالتَّضْعِيفُ يَرُدُّ الْعَيْنَ إِلَى أَصْلِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ:
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ سَيِّدِ عَامِرٍ
…
وَفَارِسَهَا الْمَشْهُورَ فِي كُلِّ مَوْكِبِ
فَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ وِرَاثَةٍ
…
أَبَى اللَّهُ أَنْ أَسَمْوَ بِأُمٍّ وَلَا أَبِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
وَإِنَّ بِقَوْمٍ سَوَّدُوكَ لِحَاجَةٍ
…
إِلَى سَيِّدٍ لَوْ يَظْفَرُونَ بِسَيِّدِ
وَشُهْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ تَكْفِي عَنْ بَيَانِهِ. وَالْآيَةُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى إِطْلَاقِ السَّيِّدِ عَلَى مَنْ سَادَ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» الْحَدِيثَ (1) . وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا جَاءَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه لِلْحُكْمِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ» (2) وَالتَّحْقِيقُ فِي معنى قَوْله «حصوراً» أَنَّهُ الَّذِي حَصَرَ نَفْسَهُ عَنِ النِّسَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِتْيَانِهِنَّ تَبَتُّلًا مِنْهُ، وَانْقِطَاعًا لِعِبَادَةِ الله، وَكَانَ ذَلِك
(1) - أخرجه البُخَارِيّ (3/1328)(3430) ، وَأَبُو دَاوُد (2/627)(4662)، وَالتِّرْمِذِيّ (5/658) (3773) وَقَالَ: حسن صَحِيح، وَالنَّسَائِيّ (3/107)(1410) ، وَأحمد (5/37) ، كلهم مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه.
(2)
- أخرجه البُخَارِيّ (3/1107)(2878) ، وَمُسلم (3/1388)(1768) مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه.
جَائِزًا فِي شَرْعِهِ، وَأَمَّا سُنَّةُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَهِيَ التَّزْوِيجُ وَعَدَمُ التَّبَتُّلِ. أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَصُورَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَأَنَّهُ مَحْصُورٌ عَنِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ عِنِّينٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِتْيَانِهِنَّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ الْعُنَّةَ عَيْبٌ وَنَقْصٌ فِي الرِّجَالِ، وَلَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى يُثْنَى عَلَيْهِ بِهَا. فَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَصُورَ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فِي الْمَيْسِرِ كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ:
وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالْكَأْسِ نَادَمَنِي
…
لَا بِالْحَصُورِ وَلَا فِيهَا بِسَوَّارِ
قَوْلٌ لَيْسَ بِالصَّوَابِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ. بَلْ مَعْنَاهَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ إِطْلَاقُ الْحَصُورِ عَلَى ذَلِكَ صَحِيحًا لُغَةً. وَقَوْلُهُ «وَنَبِيًّا» عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ بِالْهَمْزَةِ مَعْنَاهُ وَاضِحٌ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنَ النَّبَأِ وَهُوَ الْخَبَرُ الَّذِي لَهُ شَأْن، لِأَن الْوَحْي خبر لهشأن يُخْبِرُهُ اللَّهُ بِهِ. وَعَلَى قِرَاءَةٍ بِالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَاهُ كَمَعْنَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ، إِلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ أُبْدِلَتْ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِيهَا لِلْيَاءِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَعَلَى هَذَا فَهُوَ كَالْقِرَاءَتَيْنِ السَّبْعِيَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ {إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} بِالْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هُوَ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ مِنَ النَّبْوَةِ بِمَعْنَى الِارْتِفَاعِ لِرِفْعَةِ النَّبي وَشَرَفِهِ. وَالصَّالِحُونَ: هُمُ الَّذِينَ صَلَحَتْ عَقَائِدُهُمْ، وَأَعْمَالُهُمْ. وَأَقْوَالُهُمْ، وَنِيَّاتُهُمْ، وَالصَّلَاحُ ضِدُّ الْفَسَادِ. وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْيَى بِالصَّلَاحِ مَعَ مَنْ وَصَفَ بِذَلِكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» فِي قَوْلِهِ:{وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} .] (1) .
(1) - 4/245: 254، مَرْيَم / 12:15.