الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالله تَعَالَى أعلم.] (1) .
-
سيدنَا آدم عليه السلام رَسُول، وَنَبِي مُكَلم
.
[قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذَا الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّه مِنْهُمْ وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ مِنْهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْلِهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ، وَقَوْلُهُ:{إِنْى اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: {مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} ، يَعْنِي مُوسَى وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ آدَمُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي «صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ» ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه (2) .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّه عَنْهُ تَكْلِيمُ آدَمَ الْوَارِدُ فِي «صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ» يُبَيِّنُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} ، وَأَمْثَالُهَا مِنَ الْآيَاتِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةِ الْمَلَكِ، وَيَظْهَرُ مِنْ
هَذِهِ الْآيَةِ نَهْيُ حَوَّاءَ عَنِ الشَّجَرَةِ عَلَى لِسَانِهِ، فَهُوَ رَسُولٌ إِلَيْهَا بِذَلِكَ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} ، مَا نَصُّهُ: وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَن آدَمَ أَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ نَبِيٌّ
(1) - 4/568، طه / 115.
(2)
- أخرجه ابْن حبَان فِي "صَحِيحه"(2/76)(361) ، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية (1/166) من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن هِشَام بن يحيى بن يحيى الغساني عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي ذَر مطولا بِهِ وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا فإبراهيم بن هِشَام بن يحيى بن يحيى الغساني فال عَنهُ أَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة: كَذَّاب، وَقَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ: مَتْرُوك. وَقد صحّح الشَّيْخ الألباني رحمه الله فِي الصَّحِيحَة (2668) الحَدِيث بِلَفْظ: (كَانَ آدم نَبيا مكلما وَكَانَ بَينه وَبَين نوح عشرَة قُرُون وَكَانَت الرُّسُل ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة عشر) .
مُكَلَّمٌ» (1)، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ تَكْلِيمَ آدَمَ كَانَ فِي الْجَنَّةِ، فَعَلَى هَذَا تَبْقَى خَاصِّيَّةُ مُوسَى اهـ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى} ، فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ آدَمَ كَانَ هُوَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيَّامَ حَيَاتِهِ، بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ، وَالرَّسُولُ مِنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى وَلَدِهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا وَهُوَ، الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، بِقَوْلِهِ:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى} ، أَيْ: رُسُلٌ اهـ مَحَلُّ الْحُجَّةِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ
وَفِيهِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ كَثِيرٍ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ «صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ» التَّصْرِيحُ بِأَنَّ آدَمَ رَسُولٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ مَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوَّلُ الرُّسُلِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ} ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِلْجَمْعِ إِلَّا مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ آدَمَ أُرْسِلَ لِزَوْجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَنُوحٌ أَوَّلُ رَسُولٍ أُرْسِلَ فِي الْأَرْضِ، وَيَدُلُّ لِهَذَا الْجَمْعِ مَا ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وَغَيْرِهِمَا، وَيَقُولُ:«وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّه إِلَى أهل الأَرْض» الحَدِيث (2) .
(1) - وَهَذَا جُزْء مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه السَّابِق، وَفِيه:(قلت: يَا رَسُول الله كم الْأَنْبِيَاء؟ قَالَ: مائَة ألف وَعِشْرُونَ ألفا، قلت يَا رَسُول الله: كم الرُّسُل من ذَلِك؟ قَالَ: ثَلَاث مائَة وَثَلَاثَة عشر جما غفيرا، قَالَ قلت يَا رَسُول الله من كَانَ أَوَّلهمْ قَالَ آدم قلت يَا رَسُول الله: أَنَبِي مُرْسل؟ قَالَ: نعم، خلقه الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه وَكَلمه قبلا) وَقد سبق بَيَان ضعفه بِطُولِهِ، إِلَّا أَن الشَّيْخ الألباني رحمه الله فِي الصَّحِيحَة (6/361 - 364) ذكر لَهُ متابعات عِنْد أبي نعيم وَلم يسق - أَي الشَّيْخ الألباني - لَفظهَا، وَمَال إِلَى تَقْوِيَة الحَدِيث بِطُولِهِ، إِلَّا أَن الِاسْتِدْلَال بذلك على ثُبُوت أَجْزَائِهِ غير مُسَلَّم، وَقد تتبع شَيخنَا أَبُو الْهَيْثَم - حفظه الله - الْأَلْفَاظ الَّتِي سَاقهَا صَاحب الْحِلْية، وَمَال إِلَى عدم ثُبُوت الزِّيَادَة الَّتِي تثبت أَن سيدنَا آدم عليه السلام كَانَ رَسُولا، وَعِنْدِي أَنه على فرض ثُبُوت هَذِه الزِّيَادَة فَإِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِم إِثْبَات أَنه رَسُول، بل الرسَالَة هُنَا بالنعنى اللّغَوِيّ، وَالله أعلم.
(2)
- أخرجه البُخَارِيّ (3/1215)(3162) ، وَمُسلم (1/184)(194) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.