الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ} ، لَا مُنَافَاةَ فِيهِ بَيْنَ عُمُومِ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَخُصُوصِ الْمُتَّقِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} لِأَنَّ الْهُدَى الْعَامَّ لِلنَّاسِ هُوَ الْهُدَى الْعَامُّ، وَالْهُدَى الْخَاصُّ بِالْمُتَّقِينَ، هُوَ الْهُدَى الْخَاصُّ كَمَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْموضع، وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى.] (1) .
-
بَيَان الرضي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}
.
قَالَ صَاحب التَّتِمَّة رحمه الله: [ {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} جَاءَ مُؤَكَّدًا بِاللَّامِ وَسَوْفَ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُعْطِيهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ إِتْمَامِ الدِّينِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّه، وَالنَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ.
وَالْجُمْهُورُ: أَنَّهُ فِي الْآخِرَةِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، إِلَّا أَنَّهُ فُصِّلَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ
، فَأَعْظَمُهَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:{عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا} .
وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ بَيَانُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَهُوَ الَّذِي يَغْبِطُهُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى حِينَ يَتَخَلَّى كُلُّ نَبِيٍّ، وَيَقُولُ:«نَفْسِي نَفْسِي، حَتَّى يَصِلُوا إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: أَنَا لَهَا أَنَا لَهَا» إِلَخْ (2) .
وَمِنْهَا: الْحَوْضُ الْمَوْرُودُ، وَمَا خُصَّتْ بِهِ أُمَّتُهُ غُرًّا مُحَجَّلِينَ، يردون عَلَيْهِ الْحَوْض.
(1) - 7/125: 127، فصلت / 17.
(2)
- أخرجه البُخَارِيّ (6/2727)(7072) ، وَمُسلم (1/180)(193) من حَدِيث أنس رضي الله عنه.
وَمِنْهَا: الْوَسِيلَةُ، وَهِيَ مَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ عَالِيَةٌ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ وَاحِدٍ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ:«إِذْ سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عليَّ وَسَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَاّ لِعَبْدٍ وَاحِدٍ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ» (1) .
وَإِذَا كَانَتْ لِعَبْدٍ وَاحِدٍ فَمَنْ يَسْتَقْدِمُ عَلَيْهَا، وَإِذَا رَجَا رَبَّهُ أَنْ تَكُونَ لَهُ طَلَبَ مِنَ الْأُمَّةِ طَلَبَهَا لَهُ، فَهُوَ مِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّهَا لَهُ، وإلَاّ لَمَا طَلَبَهَا وَلَا تَرَجَّاهَا، وَلَا أَمَرَ بِطَلَبِهَا لَهُ. وَهُوَ بِلَا شَكٍّ أَحَقُّ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ، إِذِ الْخَلْقُ أَفْضَلُهُمُ الرُّسُلُ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا، كَمَا فِي الْإِسْرَاءِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَمِنْهَا: الشَّفَاعَةُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ مَنْ تفتح لَهُ الْجنَّة، وَأَن رضواناً خَازِنَ الْجَنَّةِ يَقُولُ لَهُ: أُمِرْتُ أَلَّا أَفْتَحَ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ» (2) .
وَمِنْهَا: الشَّفَاعَةُ، الْمُتَعَدِّدَةُ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ:«لَا أَرْضَى وَأَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي فِي النَّارِ» (3) أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا شَفَاعَتَهُ، وَيُورِدَنَا حَوْضَهُ. آمِينَ.
وَشَفَاعَتُهُ الْخَاصَّةُ فِي الْخَاصِّ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِهَا مَا كَانَ فِيهِ.
وَمِنْهَا: شَهَادَتُةُ عَلَى الرُّسُلِ، وَشَهَادَةُ أُمَّتِهِ عَلَى الْأُمَمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذِهِ بِلَا شَكٍّ عَطَايَا مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لحبيبه وَصفيه الْكَرِيم، صلوَات الله
(1) - أخرجه مُسْلِمٍ (1/288)(384) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه.
(2)
- أخرجه مُسلم (1/188)(197) من حَدِيث أنس رضي الله عنه.
(3)
- لم أَقف عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أورد الْقُرْطُبِيّ وَغَيره من الْمُفَسّرين أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} قَالَ: " إِذا وَالله لَا أرْضى وَوَاحِد من أمتِي فِي النَّار ".