الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصَابَ فَاسْتَحَقَّ الثَّنَاءَ بِاجْتِهَادِهِ، وَإِصَابَتِهِ، وَأَنَّ دَاوُدَ لَمْ يُصِبْ فَاسْتَحَقَّ الثَّنَاءَ بِاجْتِهَادِهِ، وَلَمْ يَسْتَوْجِبْ لَوْمًا وَلَا ذَمًّا بِعَدَمِ إِصَابَتِهِ، كَمَا أَثْنَى عَلَى سُلَيْمَانَ بِالْإِصَابَةِ فِي قَوْلِهِ:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ:{وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} فَدلَّ قَوْله {وَكُلاًّ آتَيْنَا} عَلَى أَنَّهُمَا حَكَمَا فِيهَا مَعًا، كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُكْمٍ مُخَالِفٍ لِحُكْمِ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ وَحْيًا لَمَا سَاغَ الْخِلَافُ، ثُمَّ قَالَ:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْهَا دَاوُدُ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ فِيهَا بِوَحْيٍ لَكَانَ مُفْهَمًا إِيَّاهَا كَمَا ترى، فَقَوله {وَكُلاًّ آتَيْنَا} مَعَ قَوْلِهِ {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَكُنْ بِوَحْيٍ بَلْ بِاجْتِهَادٍ، وَأَصَابَ فِيهِ سُلَيْمَانُ دُونَ دَاوُدَ بِتَفْهِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُ ذَلِكَ.
وَالْقَرِينَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَفَهَّمْنَاهَا} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَهَّمَهُ إِيَّاهَا مِنْ نُصُوصِ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الشَّرْعِ، لَا أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِيهَا وَحْيًا جَدِيدًا نَاسِخًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:{فَفَهَّمْنَاهَا} أَلْيَقُ بِالْأَوَّلِ مِنَ الثَّانِي، كَمَا ترى.] (1) .
فصل سيدنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد عليهما السلام
-
[قَوْله تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} . ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّهُ وَهَبَ سُلَيْمَانَ لِدَاوُدَ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ وَرِثَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ مَرْيَمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ زَكَرِيَّا {فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} أَنَّهَا وراثة علم وَدين لَا وراثة مَال.] (2) .
(1) - 4/650، 651، الْأَنْبِيَاء / 78، 79.
(2)
- 7/34، ص/30.