الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} أَيْ لَمْ نَتْرُكْ، وَالْمُغَادَرَةُ: التَّرْكُ، وَمِنْهُ الْغَدْرُ؛ لِأَنَّهُ تَرْكُ الْوَفَاءِ وَالْأَمَانَةِ، وَسُمِّيَ الْغَدِيرُ مِنَ الْمَاءِ غَدِيرًا، لِأَنَّ السَّيْلَ ذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَمِنَ الْمُغَادَرَةِ بِمَعْنَى التَّرْكِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ فِي مَطْلَعِ مُعَلَّقَتِهِ:
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ
…
أَمْ هَلْ عَرَفْتِ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
وَقَوْلُهُ أَيْضًا:
غَادَرْتُهُ مُتَعَفِّرًا أَوْصَالُهُ
…
وَالْقَوْمُ بَيْنَ مُجَرَّحٍ وَمُجَدَّلِ
وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ أَنَّهُ حَشَرَهُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُمْ أَحَدًا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ:{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً} ، وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ، لِأَنَّ حَشْرَهُمْ جَمِيعًا هُوَ معنى أَنه لم يُغَادر مِنْهُم أحدا.] (1) .
-
بَيَان كَيْفيَّة الْعرض
.
[قَوْله تَعَالَى: {وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ صَفَا} ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْخَلَائِقَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ صَفًّا، أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ مُصْطَفِّينَ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: صَفًّا بَعْدَ صَفٍّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَفًّا وَاحِدًا وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ «صَفًّا» أَيْ جَمِيعًا، كَقَوْلِهِ {ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً} عَلَى الْقَوْلِ فِيهِ بِذَلِكَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَخَرَّجَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِنْدَهْ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ غَيْرِ فَظِيعٍ: يَا عِبَادِي، أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ، يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، أحضروا حجتكم ويسروا
(1) - 4/122- 123، الْكَهْف / 47.