الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا فِي دِينِهِمْ: فَهُوَ الْغُلُوُّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم، صِيَانَةً لِلتَّوْحِيدِ، مِنْ سُؤَالِ غَيْرِ اللَّه.
وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْكَثِيرَ مِنْ هَؤُلَاءِ يَتْرُكُونَ مَصَالِحَ دُنْيَاهُمْ مِنْ زِرَاعَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ، وَيَطُوفُ بِتِلْكَ الْأَمَاكِنِ تَارِكًا وَمُضَيِّعًا مَنْ يَكُونُ السَّعْيُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ.
مِمَّا يَلْزَمُ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ، أَنْ يُرْشِدُوا الْجَهَلَةَ مِنْهُمْ، وَأَنْ يُبَيِّنُوا لِلنَّاسِ عَامَّةً خَطَأَ وَجَهْلَ أُولَئِكَ، وَأَنَّ الرَّحِيلَ لِتِلْكَ الْقُبُور لَيْسَ من سنة الرُّسُل صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَلَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَلَا مِنْ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ، وَلَا مَنْ عَمَلِ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ رحمهم الله.
وَإِنَّمَا كَانَ عَمَلُ الْجَمِيعِ زِيَارَةَ مَا جَاوَرَهُمْ مِنَ الْمَقَابِرِ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ، وَالِاتِّعَاظِ بِحَالِهِمْ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِمَا صَارُوا إِلَيْهِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ، لِاتِّبَاعِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالِاقْتِفَاءِ بآثار سلف الْأمة، آمين.] (1) .
فصل: يَوْم الْقِيَامَة
-
بعض أَسْمَائِهِ
.
[سمى يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ فِيهِ لَهُ جَلَّ وَعَلَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} .](2)
(1) - 9/473: 478، التكاثر / 2.
(2)
- 5/42، الْحَج / 6:9.
وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة رحمه الله: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} . وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ (1)، وَقَالَ: كَالطَّامَّةِ وَالصَّاخَّةِ، وَالْآزِفَةِ، وَالْقَارِعَةِ. اهـ. أَيْ وَكَذَلِكَ الصَّاخَّةُ وَالسَّاعَةُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَثُرَتْ أَسْمَاؤُهُ، أَوْ كَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ: كَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ الْمُسَمَّى.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْمُتَرَادِفَاتِ، فَإِنَّ لِكُلِّ اسْمٍ دَلَالَةً عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ بِهِ.
فَالْوَاقِعَةُ لِصِدْقِ وُقُوعِهَا، وَالْحَاقَّةُ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهَا، وَالطَّامَّةُ لِأَنَّهَا تَطِمُ وَتَعُمُّ بِأَحْوَالِهَا، وَالْآزِفَةُ مِنْ قُرْبِ وُقُوعِهَا أَزِفَتِ الْآزِفَةُ مِثْلُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، وَهَكَذَا هُنَا.
قَالُوا: الْقَارِعَةُ: مِنْ قَرْعِ الصَّوْتِ الشَّدِيدِ لِشِدَّةِ أَهْوَالِهَا.
وَقِيلَ: الْقَارِعَةُ اسْمٌ لِلشِّدَّةِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: تَقُولُ الْعَرَبُ: قَرَّعَتْهُمُ الْقَارِعَةُ وَفَقَّرَتْهُمُ الْفَاقِرَةُ، إِذَا وَقَعَ بِهِمْ أَمْرٌ فَظِيعٌ.
قَالَ ابْن أَحْمَر:
وقارعة من الأيامِ لَوْلَا
…
سبيلهم لزاحت عنْدك حِينا
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ} ، وَهِيَ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِد الدَّهْر.
وَقَوْلُهُ: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} ، تَقَدَّمَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا جَاءَ وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهُ يُدْرِيهِ وَمَا جَاءَ وَمَا يُدْرِيكَ لَا يُدْرِيهِ.
(1) - انْظُر: 7 / 761، الْوَاقِعَة / 1، 2.