الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهُوَ نَاقِلٌ تِلْكَ الْبُشْرَى لِقَوْمِهِ عَمَّا قَبْلَهُ.
كَمَا قَالَ: {مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ} وَمَنْ قَبْلَهُ نَاقِلٌ عَمَّنْ قَبْلَهُ، وَهَكَذَا حَتَّى صَرَّحَ بِهَا عِيسَى عليه السلام، وَأَدَّاهَا إِلَى قومه.] (1) .
-
النَّبِي صلى الله عليه وسلم هُوَ دَعْوَة إِبْرَاهِيم عليه السلام وَمن ذُريَّته
.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ} لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَنْ هَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِي أَجَابَ اللَّه بِهَا دُعَاءَ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا أَيْضًا هَذَا الرَّسُولَ الْمَسْؤُولَ بَعَثَهُ فِيهِمْ مَنْ هُوَ؟ وَلَكِنَّهُ يُبَيِّنُ فِي سُورَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّ تِلْكَ الْأُمَّةَ الْعَرَبُ، وَالرَّسُولَ هُوَ سَيِّدُ الرُّسُلِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:{هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} ؛ لِأَنَّ الْأُمِّيِّينَ الْعَرَبُ بِالْإِجْمَاعِ. وَالرَّسُولَ الْمَذْكُورَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم إِجْمَاعًا. وَلَمْ يُبْعَثْ رَسُولٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ إِلَّا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ (2) أَنَّهُ هُوَ الرَّسُولُ الَّذِي دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عُمُومَ رِسَالَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْأسود والأحمر.] (3) .
-
معرفَة أهل الْكتاب ليَوْم مولده
.
قَالَ صَاحب التَّتِمَّة رحمه الله: [قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
(1) - 8/180: 182، الصَّفّ / 6، وَانْظُر أَيْضا (9/ 414، 415)(الْبَيِّنَة / 5) .
(2)
- لم أَقف عَلَيْهِ فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ، وَسبق تَخْرِيجه آنِفا.
(3)
- 1/73 - 74، الْبَقَرَة / 128 - 129.
رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} . أَجْمَلَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ فَصَّلَهَا فِيمَا بَعْدَهَا {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً} .
وَفِي هَذَا قِيلَ: إِنَّ الْبَيِّنَةَ هِيَ نَفْسُ الرَّسُولِ فِي شَخْصِهِ، لِمَا كَانُوا يَعْرِفُونَهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ:{وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ} ، وَقَوْلِهِ:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ} .
فَكَأَنَّ وُجُودَهُ صلى الله عليه وسلم بِذَاتِهِ بَيِّنَةٌ لَهُمْ.
وَلِذَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُمْ عَرَفُوا يَوْمَ مَوْلِدِهِ بِظُهُورِ نَجْمِ نَبِيِّ الْخِتَانِ (1) إِلَى آخَرِ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، وَكَذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَعْرِفُونَهُ عَنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَبِمَا كَانَ مُتَّصِفًا بِهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ كَمَا قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ عِنْدَ بَدْءِ الْوَحْيِ لَهُ وَفَزَعِهِ مِنْهُ:«كَلَّا واللَّه لَنْ يُخْزِيَكَ اللَّه، واللَّه إِنَّكَ لَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ» إِلَى آخِرِهِ (2)، وَقَوْلِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ:«واللَّه مَا رَأَيْتُهُ لَعِبَ مَعَ الصِّبْيَانِ وَلَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ كِذْبَةً» (3) إِلَخْ. وَقَدْ لَقَّبُوهُ بِالْأَمِينِ، وَحَادِثَةُ شَقِّ الصَّدْرِ فِي رضاعه، بل وَقبل ذَلِكَ فِي قِصَّةِ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّه، لَمَّا تَعَرَّضَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ تُرِيدُهُ لِنَفْسِهَا، فَأَبَى. وَلَمَّا تَزَوَّجَ وَدَخَلَ بِآمِنَةَ أُمِّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لقيها بعد
(1) - أخرجه ابْن إِسْحَاق فِي سيرته (ص/62) من حَدِيث حسان بن ثَابت رضي الله عنه بِنَحْوِهِ، فَقَالَ:" والله إِنِّي لغلام يافع ابْن سبع سِنِين أَو ابْن ثَمَان سِنِين اعقل كل مَا سَمِعت إِذْ سَمِعت يَهُودِيّا وهُوَ على أطمه بِيَثْرِب يصْرخ: يَا معشر يهود فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالُوا: وَيْلَكَ مَا لَكَ؟ قَالَ: " طلع نجم أَحْمد الَّذِي يبْعَث بِهِ اللَّيْلَة " وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن فِيهِ جَهَالَة الرَّاوِي عَن يحيى بن عبد الله.
(2)
- أخرجه البُخَارِيّ (4/1894)(4670) ، وَمُسلم (1/139)(160) من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها مطولا بِهِ.
(3)
- لم أَقف عَلَيْهِ مُسْندًا، وَإِنَّمَا نَقله الشَّيْخ عَطِيَّة رحمه الله عَن الألوسي فِي تَفْسِيره (30/161) .