الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ، وَالْمُسَمَّى عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِاللَّعِبِ. نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلامَة والعافية.] (1) .
-
يَوْم الْقِيَامَة يدعى كل أنَاس بإمامهم
.
[قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ «بِإِمَامِهِمْ» هُنَا كِتَابُ أَعْمَالِهِمْ.
وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُلَّ شىْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ} ، وَقَوْلُهُ:{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ، وَقَوْلُهُ:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} ، وَقَوْلُهُ:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً} وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ كَثِيرٍ. لِدَلَالَةِ آيَةِ «يس» الْمَذْكُورَةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهَا ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ، وَعَزَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكِ وَالْحسن.
وَعَن قَتَادَة وَمُجاهد: أَن المُرَاد «بِإِمَامِهِمْ» نَبِيُّهُمْ، وَيَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ، وَقَوْلُهُ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيداً} ، وَقَوْلُهُ {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ} ،
وَقَوْلِهِ: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِىءَ بِالنَّبِيِّيْنَ وَالشُّهَدَآءِ} .
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: وَفِي هَذَا أَكْبَرُ شَرَفٍ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ إِمَامَهُمُ النَّبي صلى الله عليه وسلم.
(1) - 8/443 - 444، الحاقة / 19.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: {بِإِمَامِهِمْ} أَيْ بِكِتَابِهِمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِمْ مِنَ التَّشْرِيعِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ: ابْنُ زَيْدٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} أَيْ نَدْعُو كُلَّ قَوْمٍ بِمَنْ يَأْتَمُّونَ بِهِ، فَأَهْلُ الْإِيمَانِ أَئِمَّتُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، وَأَهْلُ الْكُفْرِ أَئِمَّتُهُمْ سَادَتُهُمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ مِنْ رُؤَسَاءِ الْكَفَرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} ، وَهَذَا الْأَخِيرُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
فَقَدْ رَأَيْتَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَا يَشْهَدُ لَهَا مِنْ قُرْآنٍ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا:{فَمَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} مِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى تَرْجِيحِ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ كَثِيرٍ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كِتَابُ الْأَعْمَالِ.
وَذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ كِتَابَهُمْ بأيمانهم يقرؤونه وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا.
وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ} إِلَى قَوْلِهِ {وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يالَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَة.
وَقَول من قَالَ: إِن المُرَاد «بِإِمَامِهِمْ» كَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ «أُمَّهَاتُهُمْ» أَيْ يُقَالُ: يَا فلَان بن فُلَانَةٍ قَوْلٌ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «يُرْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ فَيُقَالُ هَذِه غدرة فلَان بن فلَان» (1) .] (2) .
(1) - أخرجه البُخَارِيّ (5/2285)(5823) ، وَمُسلم (3/1359)(1735) .
(2)
- 3/560: 562، بني إِسْرَائِيل /71.