الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)
الشَّهَادَاتُ: وَاحِدُهَا «شَهَادَةٌ» ، وَتُطْلَقُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ، وَهِيَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الحَقَّ وَلَا تُوجِبُهُ؛ فَهِيَ الإِخْبَارُ بِمَا عَلَيْهِ بِلَفْظٍ خَاصٍّ.
وَ (تَحَمُّلُهَا فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ)، إِذَا قَامَ بِهَا مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ.
(وَأَدَاؤُهَا) أَيِ الشَّهَادَةِ: (فَرْضُ عَيْنٍ) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا (مَعَ القُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا، (بِلَا ضَرَرٍ) يَلْحَقُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ فِي ذَلِكَ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ الحَاكِمُ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى التَّبَذُّلِ فِي التَّزْكِيَةِ: لَمْ يَلْزَمْهُ.
(وَحَرُمَ أَخْذُ أُجْرَةٍ) عَلَى الشَّهَادَةِ (وَ) أَخْذُ (جُعْلٍ عَلَيْهَا) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً، لَكِنْ (لَا) يَحْرُمُ أَخْذُ (أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ لمُتَأذٍ بِمَشْيٍ) أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ رَبِّ الشَّهَادَةِ.
(وَ) حَرُمَ (أَنْ يَشْهَدَ) أَحَدٌ (إِلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ، أَوْ سَمَاعٍ، أَوِ اسْتِفَاضَةٍ عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِ العِلْمُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الاسْتِفَاضَةِ؛ (كَنَسَبٍ، وَمَوْتٍ، وَنِكَاحٍ، وَطَلَاقٍ، وَوَقْفٍ، وَمَصْرِفِهِ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ تَتَعَذَّرُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا غَالِبًا بِمُشَاهَدَتِهَا وَمُشَاهَدَةِ أَسْبَابِهَا، أَشْبَهَتِ النَّسَبَ.
(وَاعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِ مَشُهُودٍ بِهِ)؛ لِاخْتِلَافِ بَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِهِ؛ فَرُبَّمَا اعْتَقَدَ الشَّاهِدُ صِحَّةَ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
(وَيَجِبُ إِشْهَادٌ فِي نِكَاحٍ)؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، (وَيُسَنُّ فِي غَيْرِهِ) أَيِ النِّكَاحِ؛
مِنْ بَيْعٍ وَإِجَازَةٍ وَصُلْحٍ.
(وَشُرِطَ فِي شَاهِدٍ: إِسْلَامٌ، وَبُلُوغٌ، وَعَقْلٌ، وَنُطْقٌ، لَكِنْ تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ أَخْرَسَ) إِذَا أَدَّاهَا (بِخَطِّهِ، وَمِمَّنْ يُفِيقُ) أَحْيَانًا إِذَا تَحَمَّلَهَا وَأَدَّاهَا (حَالَ إِفَاقَتِهِ، وَعَدَالَةٌ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَهِي اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ فِي دِينِهِ وَاعْتِدَالِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ.
(وَيُعْتَبَرُ لَهَا) أَيْ لِلْعَدَالَةِ (شَيْئَانِ):
(الْأَوَّلُ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ) نَوْعَانِ: الأَوَّلُ (أَدَاءُ الفَرَائِضِ) أَيِ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَالجُمُعَةِ (بِرَوَاتِبِهَا) أَيْ سُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ فِي الأَصَحِّ، (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي:(اجْتِنَابُ المَحَارِمِ؛ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ) أَيْ يُدَاوِمَ (عَلَى صَغِيرَةٍ).
(الثَّانِي: اسْتِعْمَالُ المُرُوءَةِ) مِمَّا يُعْتَبَرُ لِلْعَدَالَةِ أَيِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهَا (بِفِعْلِ مَا يُزَيِّنُهُ وَيُجَمِّلُهُ) كَالسَّخَاءِ وَحُسْنِ المُجَاوَرَةِ، (وَتَرْكِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ)، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُصَافِعٍ وَمُتَمَسْخِرٍ وَمُغَنٍّ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ عَمُودَيِ النَّسَبِ لِبَعْضٍ) مِنْ وَالِدٍ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الأُمِّ، وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ وَلَدِ البَنِينِ وَالبَنَاتِ، (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (مَنْ يَجُرُّ بِهَا) أَيِ الشَّهَادَةِ (إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، أَوْ يَدْفَعُ بِهَا عَنْهَا) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ (ضَرَرًا، وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي غَيْرِ) عَقْدِ (نِكَاحٍ).
(وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ أَوْ غَمَّهُ فَرَحُهُ: فَهُوَ عَدُوُّهُ)، وَأَمَّا العَدَاوَةُ فِي الدِّينِ كَالمُسْلِمِ يَشْهَدُ عَلَى الكَافِرِ، وَالمُحِقِّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَشْهَدُ عَلَى المُبْتَدِعِ؛ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يَمْنَعُهُ مِنِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ فِي دِينِهِ.
(وَ) كُلُّ (مَنْ) قُلْنَا: (لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (لَهُ) كَعَمُودَيِ النَّسَبِ؛ فَإِنَّهَا (تُقْبَلُ