الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الإِقْرَارِ)
الإِقْرَارُ: الاعْتِرَافُ بِالحَقِّ؛ مَأْخُوذٌ مِنَ المَقَرِّ وَهُوَ المَكَانُ؛ كَأَنَّ المُقِرَّ يَجْعَلُ الحَقَّ فِي مَوْضِعِهِ.
وَلَا (يَصِحُّ) الإِقْرَارُ إِلَّا (مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ، بِلَفْظٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ إِشَارَةٍ مِنْ أَخْرَسَ)، وَ (لَا) يَصِحُّ الإِقْرَارُ (عَلَى الغَيْرِ إِلَّا مِنْ وَكِيلٍ) بِهِ إِذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ، (وَ) إِلَّا مِنْ (وَلِيٍّ) عَلَى مُوَلِّيهِ، (وَ) إِلَّا مِنْ (وَارِثٍ) عَلَى مُورِثِهِ.
(وَيَصِحُّ) الإِقْرَارُ أَيْضًا (مِنْ مَرِيضٍ مَرَضَ المَوْتِ)، وَ (لَا) يَصِحُّ إِقْرَارُ مَرِيضٍ مَرَضَ المَوْتِ (لِوَارِثٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِجَازَةٍ، وَلَوْ صَارَ) الوَارِثُ المُقَرُّ لَهُ (عِنْدَ المَوْتِ أَجْنَبِيًّا).
(وَ) عَلَى هَذَا (يَصِحُّ) الإِقْرَارُ (لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ صَارَ عِنْدَ المَوْتِ وَارِثًا)؛ لِمَا سَبَقَ؛ فَمَنْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ، فَحَدَثَ لَهُ ابْنٌ، أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ: لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارٌ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ وَلِمُقِرٍّ ابْنٌ فَمَاتَ الابْنُ قَبْلَ المُقِرِّ: صَحَّ الإِقْرَارُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِعْطَاءٌ كَإِقْرَارٍ)، فَلَوْ أَعْطَاهُ - وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ -: صَحَّ الإِعْطَاءُ وَإِنْ صَارَ عِنْدَ المَوْتِ وَارِثًا؛ لِعَدَمِ التُّهَمَةِ إِذْ ذَاكَ - ذَكَرَ هَذِهِ فِي «التَّرْغِيبِ» وَوَافَقَهُ الحَجَّاوِيُّ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ العِبْرَةَ فِي العَطِيَّةِ بِحَالَةِ المَوْتِ كَالوَصِيَّةِ، عَكْسُهُ الإِقْرَارُ، فَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الوَرَثَةِ -.
(وَإِنْ أَقَرَّتْ) أَيِ امْرَأَةٌ (أَوْ وَلِيُّهَا بِنِكَاحٍ) عَلَى نَفْسِهَا (لَمْ يَدَّعِهِ) أَيِ النِّكَاحَ (اثْنَانِ: قُبِلَ) إِقْرَارُهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا، وَلَا تُهَمَةَ فِيهِ.
(وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ صَبِيٍّ لَهُ عَشْرٌ) مِنَ السِّنِينَ (أَنَّهُ بَلَغَ بِاحْتِلَامٍ)، وَمِثْلُهُ جَارِيَةٌ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ.
(وَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَقَالَ) فِي جَوَابِهِ: («نَعَمْ»، أَوْ) قَالَ: («بَلَى»، وَنَحْوَهُمَا) كَـ: «صَدَقْتَ» ، أَوْ «أَجَلْ» ، (أَوِ «اتَّزِنْهُ»، أَوْ «خُذْهُ»: فَقَدْ أَقَرَّ، لَا) إِنْ قَالَ: («خُذْ»، أَوِ «اتَّزِنْ» وَنَحْوَهُ، وَلَا يَضُرُّ الإِنْشَاءُ فِيهِ).
(وَ) لَوْ قَالَ: («لَهُ عَلِيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي»، أَوْ)«لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (ثَمَنُ خَمْرٍ» وَنَحْوَهُ: يَلْزَمُهُ الأَلْفُ).
(وَ) إِنْ قَالَ: «(لَهُ) عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ» ، (أَوْ) قَالَ:(«كَانَ عَلِيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ»: فَـ) هُوَ مُنْكِرٌ، وَالقَوْلُ (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَيُعْمَلْ بِهَا، (وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَزَاهُ لِسَبَبٍ: فَلَا، وَإِنْ) أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ وَ (أَنْكَرَ سَبَبَ الحَقِّ) المُوجِبِ لِلأَلِفِ، (ثُمَّ ادَّعَى الدَّفْعَ بِبَيِّنَةٍ: لَمْ يُقْبَلْ).
(وَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضٍ أَوْ إِقْبَاضٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِنَّ، ثُمَّ أَنْكَرَ) المُقِرُّ، (وَلَمْ يَجْحَدْ إِقْرَارَهُ) الصَّادِرَ مِنْهُ بِالقَبْضِ أَوِ الإِقْبِاضِ، (وَلَا بَيِّنَةَ) تَشْهَدُ بِذَلِكَ، (وَسَأَلَ إِحْلَافَ خَصْمِهِ) عَلَى ذَلِكَ:(لَزِمَهُ).
(وَمَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ، ثُمَّ أَقَرَّ) البَائِعُ أَوِ الوَاهِبُ أَوِ المُعْتِقُ (بِذَلِكَ) المَبِيعِ أَوِ المَوْهُوبِ أَوِ المَعْتُوقِ أَنَّهُ كَانَ (لِغَيْرِهِ: لَمْ يُقْبَلْ) إِقْرَارُهُ عَلَى مُشْتَرٍ أَوْ مُتَّهِبٍ أَوْ عَتِيقٍ؛ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ، وَلَمْ يَنْفَسِخْ بَيْعٌ وَلَا غَيْرُهُ، (وَيَغْرَمُهُ) أَيْ بَدَلَ مَا أَقَرَّ بِهِ (لِمُقَرٍّ لَهُ).
(وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ) مَا بِعْتُهُ وَنَحْوُهُ (مِلْكِي) حِينَ البَيْعِ وَنَحْوِهِ، (ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدُ: قُبِلَ) قَوْلُهُ (بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا) أَيِ البَيِّنَةِ (بِنَحْوِ: قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِي).
(وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ مُقِرٍّ) عَنْ إِقْرَارِهِ (إِلَّا فِي حَدٍّ لِلَّهِ) تَعَالَى.
(وَإِنْ) أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ، وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ، فَـ (قَالَ:«لَهُ عَلِيَّ شَيْءٌ» ، أَوْ كَذَا، أَوْ مَالٌ عَظِيمٌ وَنَحْوُهُ، وَأَبَى تَفْسِيرَهُ: حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ، وَيُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِأَقَلِّ مَالٍ)؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مَالٍ، (وَ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِكَلْبٍ مُبَاحٍ) كَكَلْبِ صَيْدٍ، وَ (لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِمَيْتَةٍ، أَوْ خَمْرٍ، أَوْ قِشْرِ جَوْزَةٍ وَنَحْوِهِ)؛ كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
(وَ) إِنْ قَالَ: (لَهُ) عِنْدِي (تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ) لَهُ عِنْدِي (سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ: يَلْزَمُهُ الأَوَّلُ) فَقَطْ.
(وَإِقْرَارٌ بِشَجَرٍ لَيْسَ إِقْرَارًا بِأَرْضِهِ)، فَلَا يَمْلِكُ غَرْسَ مَكَانِهَا لَوْ ذَهَبَتْ، وَلَا أُجْرَةَ مَا بَقِيَتْ، وَثَمَرَتُهَا لِمُقِرٍّ لَهُ.
(وَ) إِقْرَارٌ (بِأَمَةٍ لَيْسَ إِقْرَارًا بِحَمْلِهَا)؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمُوَافَقَةٌ لِلأَصْلٍ.
(وَ) إِقْرَارٌ (بِبُسْتَانٍ يَشْمَلُ أَشْجَارَهُ) أَيِ البُسْتَانِ.
(وَإِنِ) اتَّفَقَ اثْنَانِ عَلَى عَقْدٍ وَ (اِدَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ العَقْدِ، وَ) ادَّعَى (الْآخَرُ فَسَادَهُ فَـ) القَوْلُ (قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) بِيَمِينِهِ؛ لأَنَّهُ الأَصْلُ.