المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكفاءة في النكاح معتبرة] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ٢

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

- ‌[نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌ مُدَّةِ الرَّضَاعِ

- ‌[يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌ طَلَاقٌ السُّنَّةِ

- ‌[طَلَاقُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ]

- ‌[تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[مُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[صِفَةُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْخَطَأِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ عَمْدًا]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِحْصَانِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْمُتَوَلِّدْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْمَاعِزِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَشْيَاء الَّتِي تَكْرَهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْيَمِينِ الْغَمُوسِ]

- ‌ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ

- ‌[الْيَمِينُ اللَّغْوِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْإِشْهَادِ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي]

- ‌[طَلَبُ الْوِلَايَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُقَسِّمِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ]

- ‌[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]

- ‌[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

- ‌[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[الْوَصِيَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ]

- ‌[قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ]

- ‌[الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [

- ‌الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]

- ‌[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمَحْدُودَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ أَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[مَسَائِلٌ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[حِسَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[الكفاءة في النكاح معتبرة]

إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ سَيَّاحًا لَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ أَوْ مَفْقُودًا لَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ أَوْ مُسْتَخْفِيًا فِي بَلَدٍ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِبِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَإِذَا اجْتَمَعَ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ فَالْجَدُّ أَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ أَوْ مِنْ أَبٍ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُزَوِّجَ وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ أَبُو الْأَبِ.

[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

قَوْلُهُ (وَالْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى تُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِمْرَارُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ كُفْءٌ ثُمَّ صَارَ فَاجِرًا لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ ثُمَّ الْكَفَاءَةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِحَقِّ النِّسَاءِ لَا لِحَقِّ الرِّجَالِ فَإِنَّ الشَّرِيفَ إذَا تَزَوَّجَ وَضِيعَةً دَنِيئَةً لَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ

؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفْرِشٌ لَا مُسْتَفْرَشٌ وَالْحَسِيبُ كُفْءٌ لِلنَّسِيبِ حَتَّى إنَّ الْفَقِيهَ يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَلَوِيِّ؛ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ فَوْقَ شَرَفِ النَّسَبِ حَتَّى إنَّ الْعَالِمَ الْعَجَمِيَّ كُفْءٌ لِلْعَرَبِيِّ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمُ الْفَقِيرُ كُفْءٌ لِلْغَنِيِّ الْجَاهِلِ وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي الْعَقْلِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا.

وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْعَقْلِ حَتَّى إنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَاقِلَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فَلَهُمْ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِضَرَرِ الْعَارِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ لَا كَابْنِ الْعَمِّ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَسُكُوتُ الْوَلِيِّ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّفْرِيقِ لَا يُبْطِلُ حَقَّهُ فِي الْفَسْخِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ حَتَّى تَلِدَ فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ أَنْ يُفَرِّقُوا كَيْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ عَمَّنْ يُرَبِّيهِ وَمَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَحُكْمُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْمِيرَاثِ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا وَالْفُرْقَةُ تَكُونُ فَسْخًا لَا طَلَاقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً لَزِمَهُ كُلُّ الْمُسَمَّى وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَوْ أَنَّهَا لَمَّا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ جَهَّزَهَا الْوَلِيُّ وَقَبَضَ مَهْرَهَا كَانَ رَاضِيًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَقْرِيرٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ ثُمَّ فَارَقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْأَوَّلِ لَا يَكُونُ رِضًا بِالثَّانِي وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ بِرِضَاهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْوَلِيِّ وَلَا لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ حَقُّ الْفَسْخِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْكَفَاءَةِ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَرْضَ.

قَوْلُهُ (وَالْكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ وَالْمَالِ) أَمَّا النَّسَبُ فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ وَلَيْسَتْ الْعَرَبُ أَكْفَاءٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَخَرُوا بِقُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا عِبْرَةَ لِفَضْلِ الْبَعْضِ مِنْهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى إنَّ الْهَاشِمِيَّةَ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ قُرَشِيٍّ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ، وَكَذَا سَائِرُ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ وَبَنَوْا بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءٍ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعْرَفُونَ بِالْخَسَاسَةِ قِيلَ: إنَّهُمْ يَسْتَخْرِجُونَ النِّقْيَ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَيَأْكُلُونَهُ قَالَ الشَّاعِرُ

إذَا قِيلَ لِلْكَلْبِ يَا بَاهِلِيُّ

عَوَى الْكَلْبُ مِنْ لُؤْمِ هَذَا النَّسَبِ

وَأَمَّا الْمَوَالِي فَبَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ سَوَاءٌ كَانُوا مَوَالِيَ قُرَيْشٍ أَوْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فَخَرَتْ بِهِ قُرَيْشٌ لَيْسَ هُوَ فِي مَوَالِيهِمْ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَوَالِيَ الْعَرَبِ أَكْفَاءٌ لِمَوَالِي قُرَيْشٍ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ مَوَالِي أَشْرَفِ الْقَوْمِ لَا يُسَاوِيهِ مَوَالِي الْوَضِيعِ حَتَّى إنَّ مَوْلَاةَ بَنِي هَاشِمٍ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ مَوَالِي الْعَرَبِ كَانَ لِمَوَالِيهَا التَّعَرُّضُ ثُمَّ الْمَوَالِي مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَصَاعِدًا فَهُوَ كُفْءٌ لِمَنْ لَهُ آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ.

وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ النَّسَبِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَأَبُو يُوسُفَ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِالْمَثْنَى وَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ التَّفَاخُرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْعَرَبُ فَمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ فَخْرَهُمْ بِالنَّسَبِ لَا بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْعَجَمِ وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ يَعْنِي الدِّيَانَةَ فَيُعْتَبَرُ أَيْضًا عِنْدَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ إلَّا إذَا كَانَ يُصْفَعُ وَيُسْخَرُ مِنْهُ أَوْ يَخْرُجُ

ص: 11

إلَى الْأَسْوَاقِ سَكْرَانَ وَتَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ قَوْلُهُ (وَتُعْتَبَرُ فِي الْمَالِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهَا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَمْلِكْهُمَا أَوْ يَمْلِكْ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ كُفْئًا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيفَائِهِ وَبِالنَّفَقَةِ قِوَامُ الِازْدِوَاجِ وَدَوَامُهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ دُونَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَجْرِي الْمُسَاهَلَةُ فِي الْمُهُورِ وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي الْغِنَى فَمُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى أَنَّ الْفَائِقَةَ فِي الْيَسَارِ لَا يُكَافِئُهَا الْقَادِرُ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاخَرُونَ بِالْغِنَى وَيَتَعَيَّرُونَ بِالْفَقْرِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لَهُ إذَا الْمَالُ غَادٍ وَرَائِحٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ مَذْمُومٌ فِي الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ (وَتُعْتَبَرُ فِي الصَّنَائِعِ أَيْضًا) وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ حَتَّى أَنَّ الْبَيْطَارَ يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَطَّارِ وَفِي رِوَايَةٍ هُمْ أَكْفَاءٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إلَّا الْحَائِكَ وَالْحَجَّامَ وَالدَّبَّاغَ وَالْكَنَّاسَ وَالْحَلَّاقَ فَإِنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ أَكْفَاءً لِسَائِرِ الْحِرَفِ وَيَكُونُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءً لِبَعْضٍ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَنَقَصَتْ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُتِمَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ يُفَارِقَهَا) .

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَذَا الْوَضْعُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ رَجَعَ مُحَمَّدٌ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى مُحَمَّدٍ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَتْ لَهُ لِي وَلِيّ لَا يُزَوِّجُنِي إلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ مِنِّي مَالًا كَثِيرًا فَقَالَ لَهَا مُحَمَّدٌ: اذْهَبِي فَزَوِّجِي نَفْسَكِ وَصُورَتُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الْوَلِيُّ فِي التَّزْوِيجِ وَلَمْ يُسَمِّ مَهْرًا فَعَقَدَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالثَّانِيَةِ أَنَّ السُّلْطَان إذَا أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ وَوَلِيَّهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ ثُمَّ إنَّهُ إذَا زَالَ الْإِكْرَاهُ وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ الْمَهْرِ دُونَ الْوَلِيِّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ الْفَسْخُ لِأَجْلِ التَّبْلِيغِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ (أَوْ يُفَارِقَهَا) وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي وَمَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ فَحُكْمُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْمِيرَاثِ قَائِمٌ ثُمَّ إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا.

قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَزَادَ فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا) وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ الْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ لَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا أَصْلًا وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا أَصْلُ النِّكَاحِ فَيَجُوزُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ سَوَاءٌ اخْتِيَارُ الْأَبِ مَجَانَةً أَوْ فِسْقًا أَمَّا إذَا عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَاَلَّذِي يُتَغَابَنُ فِيهِ فِي النِّكَاحِ مَا دُونَ نِصْفِ الْمَهْرِ كَذَا أَفَادَ شَيْخُنَا مُوَفَّقُ الدِّينِ رحمه الله وَقِيلَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ مَنْ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ فَزَوَّجَهُمَا الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ عَبْدًا أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَمَةً جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ) يَعْنِي إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ إجْمَاعًا قَالَ فِي النَّوَادِرِ إذَا زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَعْقِدَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى وَمَرَّةً

ص: 12

بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي التَّسْمِيَةِ نُقْصَانٌ فَلَا يَصِحُّ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إذَا سَمَّى فِيهِ مَهْرًا وَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ مَهْرًا)، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَقَدْ قَالُوا: إنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ مُنْعَقِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الزَّوْجُ أُخْتَهُ أَوْ أُمَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْأُخْرَى فَعِنْدَنَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ وَأَمَّا نَهْيُهُ عليه السلام عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ فَهُوَ الْخَالِي عَنْ الْمَهْرِ، وَهُوَ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ أَوْ يَتَزَوَّجَ بِرَقَبَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِرَقَبَتِهِ مَلَكَتْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ بِلَا مَهْرٍ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ نِكَاحٌ الشِّغَارِ.

قَوْلُهُ (وَأَقَلُّ الْمَهْرِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ) أَوْ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَالْمُعْتَبَرُ زِنَةُ سَبْعَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ زِنَةُ كُلِّ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةَ عَشْرَ قِيرَاطًا قَوْلُهُ (فَإِنْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ فَلَهَا عَشْرَةٌ) .

وَقَالَ زُفَرُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا خَمْسَةٌ وَعِنْدَ زُفَرَ يَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ كَمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَلَهَا الثَّوْبُ لَا غَيْرُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ يُسَاوِي ثَمَانِيَةً فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي عَشْرَةً فَلَهَا الثَّوْبُ وَدِرْهَمَانِ قَوْلُهُ (وَإِنْ سَمَّى عَشْرَةً فَمَا زَادَ فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا) ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فَلَهَا الْمُسَمَّى أَيْضًا، وَكَذَا إذَا قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهَا نَفْسَهَا كَمَوْتِهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَسْقُطُ مَهْرُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَقَتَلَتْ نَفْسَهَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ قَتَلَهَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهَا عَلَى نَفْسِهَا هَدَرٌ كَمَوْتِهَا وَإِنْ قَتَلَهَا مَوْلَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ مَهْرُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى بَالِغًا عَاقِلًا أَمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يَسْقُطُ إجْمَاعًا وَإِنْ قَتَلَ الْمَوْلَى زَوْجَهَا لَا يَسْقُطُ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ

وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ السَّيِّدِ

فَقَوْله يَسْقُطُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُوضٍ فَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَدَّهُ عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَالْخَلْوَةِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى) فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ مَا سَمَّى وَتَمَامُ خَمْسَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي نِصْفِ الْمُسَمَّى فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الطَّلَاقَ يُسْقِطُ نِصْفَ الْمَهْرِ وَيُبْقِي نِصْفَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُسْقِطُ جَمِيعَهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ نِصْفُهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُتْعَةِ وَصَحَّحَ هَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ وَفَائِدَتُهُ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَهَنَهَا بِهَا رَهْنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَهَا إمْسَاكُ الرَّهْنِ وَعَلَى الثَّانِي لَا.

وَفِي الْمُصَفَّى إذَا رَهَنَهَا بِالْمُسَمَّى وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهُوَ رَهْنٌ بِالنِّصْفِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ نَخْلٍ فَحَدَثَ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً حَادِثَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَزَوَالِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَ أَوْ مُنْفَصِلَةً حَادِثَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَكَانَ ذَلِكَ الْحُدُوثُ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ الْمَرْأَةُ الْأَصْلَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ يَتَنَصَّفَانِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَتَنَصَّفُ وَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ كِلَاهُمَا يَتَنَصَّفَانِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ صَارَتْ الْمَرْأَةُ قَابِضَةً بِذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ حَكَمَ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا إذَا قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الْأَصْلَ وَحَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِهَا إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ كَالسِّمَنِ وَزَوَالِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ امْتَنَعَ التَّنْصِيفُ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ سَلَّمَهُ إلَيْهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَمْتَنِعُ التَّنْصِيفُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ امْتَنَعَ التَّنْصِيفُ إجْمَاعًا وَكَانَ الْأَصْلُ وَلِزِيَادَةٍ لَهَا وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ سَلَّمَهُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إجْمَاعًا وَالْأَصْلُ

ص: 13

بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إجْمَاعًا أَيْضًا.

قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا) ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ هِيَ قَوْلُهُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا) وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ ثُمَّ إذَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا إشَارَة إلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] .

قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ وَالْفَرْقُ أَنَّ دُخُولَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ فَلَا يُمْلَكُ إلَّا بِعِوَضٍ وَخُرُوجُهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهَا مِثْلُ وَزْنِهِ خَلًّا وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ قِيمَتُهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا فَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْخَلِّ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْبَاقِي مِنْهُمَا إذَا سَاوَى عَشْرَةً دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْبَاقِي وَقِيمَةُ الْآخَرِ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الدَّنَّيْنِ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا أَحَدُهُمَا خَمْرٌ فَلَهَا الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهَا الْبَاقِي وَمِثْلُ ذَلِكَ الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الشَّاةِ الْمَسْلُوخَةِ فَإِذَا هِيَ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ مَتْرُوكَةُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَوْ مَيْتَةٌ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا قِيمَتُهَا لَوْ كَانَتْ ذَكِيَّةً وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْلُوخَتَيْنِ فَإِذَا إحْدَاهُمَا مَيْتَةٌ فَعِنْدَهُمَا الْبَاقِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهَا الْبَاقِي، وَقِيمَةُ الْأُخْرَى وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْحُرِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْمَيْتَةِ فَإِذَا هِيَ ذَكِيَّةٌ فَلَهَا ذَلِكَ إجْمَاعًا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ دُونَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مَالٌ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَلَالِ مِنْهُمَا وَالْمُشَارُ إلَيْهِ حَلَالٌ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَمْرِ فَإِذَا هُوَ خَلٌّ فَلَهَا ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَلَالِ مِنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى تَسْمِيَةِ مَهْرٍ فَهُوَ لَهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا) ، وَكَذَا إذَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَامَ مَقَامَ فَرْضِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا نِصْفُ الْفَرِيضَةِ قَوْلُهُ (وَإِنْ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ) يَعْنِي إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّيَادَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ هِيَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ إنْ قَبَضَتْهَا صَحَّتْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهَا لَمْ تَصِحَّ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] وَقَدْ تَرَاضَيَا بِالزِّيَادَةِ وَإِذَا صَحَّتْ الزِّيَادَةُ تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَتَنَصَّفُ مَعَ الْأَصْلِ قَوْلُهُ (وَإِنْ حَطَّتْ عَنْهُ مِنْ مَهْرِهَا صَحَّ الْحَطُّ) ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا وَالْحَطُّ يُلَاقِي حَقَّهَا وَكَذَا إذَا وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهَا أَبٍ وَلَا غَيْرِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا وَهَبَتْ مِلْكَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَقَصُرَتْ عَنْ مَهْرِهَا فَإِنَّ لَهُمْ الِاعْتِرَاضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْأَمْهَارَ مِنْ حَقِّهِمْ وَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ

ص: 14

حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّهَا تُلْحِقُ بِهِمْ الشَّيْنَ بِذَلِكَ وَيَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَهَبَ صَدَاقَ أَمَتِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ مَهْرَ مُكَاتَبَتِهِ وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا خَلَا الزَّوْجُ بِامْرَأَتِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا تُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ إنَّمَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي الْوَطْءِ وَالْعِدَّةُ تَجِبُ لِلِاحْتِيَاطِ وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ تُسْلِمَ نَفْسَهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ لَا مِنْ جِهَةِ الطَّبْعِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَالْفَاسِدَةُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَانِعٌ إمَّا طَبْعًا وَإِمَّا شَرْعًا فَالطَّبْعُ أَنْ يَكُونَا مَرِيضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَرَضًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ أَوْ بِهَا رَتْقٌ أَوْ مَعَهُمَا ثَالِثٌ وَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ أَنْ يَكُونَا مُحْرِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إحْرَامَ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ صَائِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَوْمَ فَرْضٍ وَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ أَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ إنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ لَا تَمْنَعُ الْخَلْوَةَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهَا بِالْفِطْرِ يَسِيرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقَضَاءُ لَا غَيْرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رَمَضَانُ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلِهَذَا سَوَّوْا بَيْنَ حَجِّ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ نَفْلَ الصَّوْمِ كَفَرْضِهِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ صَحِيحَةٍ) حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَدَمِ الدُّخُولِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَرَضِ مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ أَوْ يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ بِالرَّجُلِ أَوْ بِالْمَرْأَةِ وَالصَّلَاةُ كَالصَّوْمِ فَرْضُهَا كَفَرْضِهِ وَنَفْلُهَا كَنَفْلِهِ وَقِيلَ سُنَّةُ الْفَجْرِ وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ سَوَاءٌ كَانَ الْحَجُّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَكَذَا إذَا كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ أَيْ مِنْ الدَّمِ وَفَسَادِ النُّسُكِ وَالْقَضَاءِ وَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا وَلَبِثَتْ مَعَهُ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ أَوْ هُوَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا لَا تَكُونُ هَذِهِ خَلْوَةً مَا لَمْ يَعْرِفْهَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَلَوْ خَلَا بِهَا وَهُنَاكَ إنْسَانٌ يَعْقِلُ حَالَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ وَأَمَّا النَّائِمُ فَيُؤَثِّرُ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ النَّوْمُ، وَهُوَ مُنْتَبِهٌ فَلَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ مَعَهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَإِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَعْمَى أَوْ عَمْيَاءَ إنْ كَانَا يَقِفَانِ عَلَى حَالِهِمَا لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ وَإِنْ لَمْ يَقِفَا صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ إنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا جَارِيَةُ الرَّجُلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَصِحُّ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا جَارِيَةُ الْمَرْأَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا تَصِحُّ وَإِنْ خَلَا بِهَا وَمَعَهَا كَلْبُ أَحَدِهِمَا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ إنْ كَانَ لَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَآهَا سَاقِطَةً تَحْتَ رَجُلٍ يَصِيحُ وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ صَحَّتْ.

وَإِنْ خَلَا بِهَا فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ صَحْرَاءَ فَلَيْسَ بِخَلْوَةٍ وَإِنْ خَلَا بِهَا فِي الْحَمَّامِ إنْ كَانَ نَهَارًا لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا صَحَّتْ وَإِنْ خَلَا بِهَا عَلَى سَطْحٍ لَا حِجَابَ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا صَحَّتْ وَإِنْ خَلَا بِهَا فِي مَحْمِلٍ عَلَيْهِ سَتْرٌ مَضْرُوبٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إنْ أَمْكَنَ الْوَطْءُ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَصِحُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ أَمْكَنَهُ وَطْؤُهَا صَحَّتْ قَالَ فِي الْفَتَاوَى كُلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ فِيهِ الْخَلْوَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَنْ الْجِمَاعِ حَقِيقَةً فَطَلَّقَهَا كَانَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ خَلْوَةَ الْمَرِيضِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ، وَكَذَا خَلْوَةُ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّهَمَانِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ هِيَ مَرِيضَةً مُدْنَفَةً لَا تُجَامَعُ أَوْ صَغِيرَةً لَا تُجَامَعُ، ثُمَّ إنَّ أَصْحَابَنَا أَقَامُوا الْخَلْوَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْكِيدُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى وَتَأْكِيدُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةُ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَثُبُوتُ النَّسَبِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةُ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةُ الْبَنَاتِ وَحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ يَعْنِي الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَخَلَا بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ، وَكَذَا لَمْ يُقِيمُوا الْخَلْوَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الرَّجْعَةِ وَالْمِيرَاثِ وَأَمَّا وُقُوعُ طَلَاقٍ آخَرَ فَقَدْ قِيلَ لَا يَقَعُ وَقِيلَ يَقَعُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَفِي الْبَزْدَوِيِّ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ فَإِنَّهُ كَالطَّلَاقِ

ص: 15

قَبْلَ الدُّخُولِ فِي حُكْمِ الْبَيْنُونَةِ وَفِي الْكَرْخِيِّ تُوجِبُ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ الْعِدَّةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَلَا يُبِيحُ الْوَطْءَ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا خَلَا الْمَجْبُوبُ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَعِنْدَهُمَا لَهَا نِصْفُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ إجْمَاعًا احْتِيَاطًا وَالْمَجْبُوبُ هُوَ الَّذِي اُسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وَخُصْيَتَاهُ أَيْ قُطِعُوا وَأَمَّا الْعِنِّينُ إذَا خَلَا بِامْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَوَانِعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَبَ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ إجْمَاعًا، وَكَذَا الْخَصِيُّ أَيْضًا وَلَوْ خَلَا بِالرَّتْقَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرَّتْقَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُتَعَذِّرٌ وَالْعِدَّةُ إنَّمَا تَجِبُ لِلِاحْتِيَاطِ.

قَوْلُهُ (وَتُسْتَحَبُّ الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إلَّا مُطَلَّقَةً وَاحِدَةً: وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا) فَالْمُتْعَةُ لَهَا وَاجِبَةٌ إلَّا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا وَهَذَا الْكَلَامُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِبُّ لَهَا الْمُتْعَةَ عَلَى قَوْدِ هَذَا الْكَلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ الْمُطَلَّقَاتُ أَرْبَعٌ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ وَمُطَلَّقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ الْمُتْعَةُ لَهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَمُطَلَّقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ أَيْضًا الْمُتْعَةُ لَهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَمُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ لَا تَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ وَلَا تُسْتَحَبُّ قَالَ الْكَرْخِيُّ الْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الْمَرْأَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ الْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ وَمَهْرُ الْمَرْأَةِ عَلَى قَدْرِهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ فَيَكُونُ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ فَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ هَذَا النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَعِنْدَنَا لَيْسَ هَذَا بِنِكَاحِ الشِّغَارِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ الْحُرِّ نَمَاءٌ مِنْهُ كَوَلَدِهِ وَلِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ أَوْ يَكُونُ مَهْرًا لَمْ تَكُنْ مَنَافِعُهُ مَهْرًا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَنَافِعُهُ مَهْرًا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا قِيمَةُ خِدْمَتِهِ سَنَةً وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ فَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فَتَعْلِيمُهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ إلَّا مَالًا؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ إنَّمَا هُوَ الِابْتِغَاءُ بِالْمَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] وَالتَّعْلِيمُ لَيْسَ بِمَالٍ وَأَمَّا خِدْمَةُ الْعَبْدِ فَهِيَ مَالٌ لِتَضَمُّنِهِ تَسْلِيمَ رَقَبَتِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ حُرَّةً بِإِذْنِ مَوْلَاهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً جَازَ) وَلَهَا خِدْمَتُهُ سَنَةً؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَالًا فَيَجِبُ بِتَسْلِيمِهَا مَا هُوَ مَالٌ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُ نَمَاءٌ مِنْهُ كَوَلَدِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْمَجْنُونَةِ أَبُوهَا وَابْنُهَا فَالْوَلِيُّ فِي نِكَاحِهَا ابْنُهَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَبُوهَا) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْجَدُّ وَالِابْنُ

ص: 16

وَكَذَلِكَ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الِابْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا زَوَّجَهَا ابْنُهَا ثُمَّ عَقَلَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ وَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَيَنْبَغِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا ابْنُهَا وَعَقَلَتْ أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ عِنْدَهُ وَإِنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ فَلَهَا الْخِيَارُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُمَا) وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَمَلَكَ النِّكَاحَ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه السلام «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ» أَيْ زَانٍ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّزْوِيجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِأَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْكَسْبِ وَذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ حَتَّى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَتَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهَا، وَكَذَا الْمَأْذُونُ لَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالنِّكَاحُ لَيْسَ مِنْهَا وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ لَا يَمْلِكُ النِّكَاحَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ مَدْيُونٍ فَيَجُوزُ نِكَاحُهُ، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا يَمْلِكَانِ تَزْوِيجَ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقَفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَيَجُوزُ لِلْمَوْلَى إجْبَارُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا إجْبَارَ فِي الْعَبْدِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِكُرْهٍ مِنْهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا فَالْعَبْدُ لَا خِيَارَ لَهُ وَلِلْأَمَةِ الْخِيَارُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُكْرِهَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَلَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهَا نَفَذَ الْعَقْدَ بِالْعَتَاقِ وَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَكَذَا إذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ إنْ كَانَ بَعْضُهَا يَحِلُّ لَهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ وَالِامْتِنَاعِ كَانَ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ وَلَا خِيَارَ لَهَا، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَتَقَ صَحَّ نِكَاحُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْإِذْنِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِإِطْلَاقِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَهُوَ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ تَزْوِيجًا صَحِيحًا بَعْدَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ وَفَائِدَتُهُ أَيْضًا إذَا دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ عَلَى الْفَسَادِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ فَالْمَهْرُ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهِ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ وَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ وَقِيلَ يَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى الْجَائِزِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَلَا عُرْفَ فِي الْفَاسِدِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَالْمَهْرُ دَيْنٌ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ) أَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ فَيَسْعَوْنَ فِي الْمَهْرِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الرَّقَبَةِ وَمَا لَزِمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى أُتْبِعُوا بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَوَّأَهَا بَيْتَ الزَّوْجِ وَلَكِنَّهَا تَخْدُمُ الْمَوْلَى وَيُقَالُ لِلزَّوْجِ مَتَى ظَفِرْتَ بِهَا وَطِئْتهَا) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الِاسْتِخْدَامِ بَاقٍ وَصُورَةُ التَّبْوِئَةِ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِذَا بَوَّأَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ فَإِنْ عَادَ فَبَوَّأَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ إذَا بَوَّأَهَا فَكَانَتْ تَخْدُمُ الْمَوْلَى أَحْيَانَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لَمْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَلَهَا النَّفَقَةُ سَوَاءٌ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى مَعَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ نَفْسِهَا لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى فِي اسْتِخْدَامِهَا وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا بَائِنًا وَقَدْ كَانَ الْمَوْلَى بَوَّأَهَا مَعَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا الْمَوْلَى تَخْدُمُهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الزَّوْجِ وَيَأْخُذُ النَّفَقَةَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي تَبْوِئَةِ الزَّوْجِ يَوْمَ طَلَّقَ فَأَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُبَوَّأَهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ لَمْ تَجِبْ وَفِي قَوْلِ زُفَرَ تَجِبُ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا ارْتَدَّتْ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ثُمَّ إذَا أَسْلَمَتْ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ ثُمَّ الْأَمَةُ إذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا وَجَاءَتْ بِأَوْلَادِ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا

ص: 17