الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِهَتِهَا وَهُوَ إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَلَا الْحَدُّ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ فَقَذَفَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ سَقَطَ لِمَعْنًى فِي الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا يَحْتَرِزُ مِمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ إلَّا إنَّهَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ فَهَذِهِ لَا يَجِبُ بِقَذْفِهَا لِعَانٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَيُحَدَّ) ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حَقٌّ مُسْتَحِقٌّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيفَائِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ لِيَرْتَفِعَ الشَّيْنُ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ حَدَّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَاعَنَ وَجَبَ عَلَيْهَا اللِّعَانُ فَإِنْ امْتَنَعَتْ حَبَسَهَا الْحَاكِمُ حَتَّى تُلَاعِنَ أَوْ تُصَدِّقَهُ فَتَحِلَّ) يَعْنِي حَدَّ الزِّنَا قَالُوا هَذَا غَلَطٌ مِنْ النُّسَّاخِ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهَا إيَّاهُ لَا يَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَثَمَّ لَا تُحَدُّ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَهَاهُنَا أَوْلَى وَإِنْ صَدَّقَتْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لَا تُحَدُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُصَرِّحْ بِالزِّنَا وَالْحَدُّ لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ وَإِنَّمَا بَدَأَ فِي اللِّعَانِ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي.
(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَقَذَفَ امْرَأَتَهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اللِّعَانُ بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ فَيُصَارُ إلَى الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةَ، وَاللِّعَانُ خَلَفٌ عَنْهُ وَصُورَةُ كَوْنِ الزَّوْجِ كَافِرًا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فَقَذَفَهَا بِالزِّنَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ أَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَقَذَفَهَا ثَانِيًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْحَدِّ ثُمَّ تَلَاعَنَا.
وَقَالَ زُفَرُ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ إنَّمَا تَبْطُلُ بَعْدَ كَمَالِ الْحَدِّ وَعِنْدَ زُفَرَ تَبْطُلُ بِأَوَّلِ سَوْطٍ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ إذْ لَوْ كَانَ مَحْدُودًا فِي زِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ مَحْدُودَةٌ فِي قَذْفٍ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ زَانِيَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَذْفِهَا وَلَا لِعَانَ) ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ قَدْ صَحَّ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ مُوجِبُهُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَلَا مُحْصَنَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ صَدَقَتْهُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ خَرْسَاءَ.
[صِفَةُ اللِّعَانِ]
(قَوْلُهُ وَصِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقَاضِي بِالزَّوْجِ فَيَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ فَيَقُولَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) إلَى أَنْ قَالَ وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنَّمَا شُرِطَ الْإِشَارَةُ لِزَوَالِ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ غَيْرَهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَشْهَدُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ) يَعْنِي، وَهِيَ قَائِمَةٌ وَكَذَا الرَّجُلُ يُلَاعِنُ وَهُوَ قَائِمٌ وَفِي الْكَرْخِيِّ الْقِيَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَشْهَرُ وَأَبْلَغُ (قَوْلُهُ تَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا وَتَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] إنَّمَا ذُكِرَ الْغَضَبُ فِي جَانِبِهَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَسْتَعْمِلْنَ اللَّعْنَ كَثِيرًا فَيَكُونُ ذِكْرُ الْغَضَبِ أَدْعَى لَهُنَّ إلَى الصِّدْقِ ثُمَّ اللَّعْنُ يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ قَالَ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ أَوْ قَالَتْ هِيَ
ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ اللِّعَانُ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا الْتَعْنَا فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا) وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ حَتَّى يَقْضِيَ بِالْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَيُفَارِقَهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةٌ يَقَعُ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَيَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ زُفَرُ إذَا فَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقِ الْقَاضِي، وَلَوْ أَنَّهُمَا امْتَنَعَا مِنْ اللِّعَانِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ أَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَجْبَرَهُمَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّهَا جُنَّتْ بَعْدَمَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَلْتَعِنَ هِيَ سَقَطَ اللِّعَانُ وَلَا حَدَّ، وَلَوْ أَنَّهُمَا لَمَّا فَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ سَأَلَا الْقَاضِيَ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يُجِبْهُمَا إلَى ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ بَدَأَ بِلِعَانِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَلْتَعِنَ ثَانِيًا فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ، وَلَوْ أَنَّهُمَا الْتَعَنَا فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ أَوْ عُزِلَ وَنُصِبَ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ الثَّانِيَ يَسْتَقْبِلُ اللِّعَانَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْتَقْبِلُ، وَلَوْ قَذَفَهَا الزَّوْجُ فَلَمْ يَلْتَعِنَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ تَعَذَّرَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مَوْضُوعٌ لِقَطْعِ الْفِرَاشِ وَقَدْ انْقَطَعَ بِالطَّلَاقِ فَلَا مَعْنَى لِلِّعَانِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا تَلَاعَنَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَاقِيَةٌ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَأَخَذَتْهُ بِذَلِكَ الْقَذْفِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النِّكَاحَيْنِ يَنْفَرِدُ بِحُقُوقِهِ عَنْ الْآخَرِ وَاللِّعَانُ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَلَاعَنَا فِي نِكَاحٍ بِقَذْفٍ فِي نِكَاحٍ آخَرَ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ أَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ فَلِأَنَّ الْقَذْفَ أَوْجَبَ اللِّعَانَ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ زَالَتْ وَإِنْ قَذَفَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا تَلَاعَنَا لِقِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ سَقَطَ بِزَوَالِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ اللِّعَانِ الزَّوْجِيَّةُ وَقَدْ زَالَتْ بِالطَّلَاقِ وَإِذَا سَقَطَ اللِّعَانُ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْحَدِّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بَعْدَ الْإِبَانَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْفُرْقَةُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّهَا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْعِنِّينِ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي عِدَّتِهَا وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ إنْ كَانَ مُعْتَدَّةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَإِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا) لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَهُمَا يَقُولَانِ مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا دَامَا مُتَلَاعِنَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يَبْقَ التَّلَاعُنُ بَعْدَ الْإِكْذَابِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِوَلَدٍ نَفَى الْقَاضِي نَسَبَهُ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) وَيُشْتَرَطُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ الْعَلُوقِ إلَى حِينِ الْوَضْعِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً حِينَ الْعُلُوقِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَأَعْتَقَتْ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَلِقَتْ وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا ثُبُوتًا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَغَيُّرِ حَالِهَا؛ لِأَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، وَلَوْ نَفَى وَلَدَ الْحُرَّةِ فَصَدَّقَتْهُ فَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ ابْنُهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى نَفْيِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقٌّ لِلْوَلَدِ وَالْأُمُّ لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حُقُوقِ وَلَدِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلَاعِنَهَا مَعَ تَصْدِيقِهَا لَهُ فِي الْقَذْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَشْهَدَ بِاَللَّهِ إنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ وَقَدْ قَالَتْ إنَّهُ صَادِقٌ وَصُورَةُ اللِّعَانِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ أَنْ يَأْمُرَ الْحَاكِمُ الزَّوْجَ فَيَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُك بِهِ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ فَكَذَا فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ ذَكَرَ فِي اللِّعَانِ الْأَمْرَيْنِ ثُمَّ يَنْفِي الْقَاضِي نَسَبَ الْوَلَدِ وَيُلْحِقُهُ بِأُمِّهِ فَيَقُولُ قَدْ أَلْزَمْت الْوَلَدَ أُمَّهُ وَأَخْرَجْته مِنْ نَسَبِ الْأَبِ ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ مَا قَطَعَ نَسَبَهُ مِنْ الْأَبِ جَمِيعُ أَحْكَامِ نَسَبِهِ بَاقِيَةٌ مِنْ الْأَبِ سِوَى الْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ حَتَّى إنَّ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَا تُقْبَلُ وَدَفْعُ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ ابْنَةً فَتَزْوِيجُهُ لَهَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْوَلَدِ لِبِنْتِ الزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ غَيْرِ الْمُلَاعِنِ أَنْ يَدَّعِيَ
الْوَلَدَ الْمَنْفِيَّ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَ الزَّوْجُ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ) بِأَنْ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فِيمَا رَمَيْتهَا مِنْ الزِّنَا (حُدَّ حَدَّ الْقَذْفِ وَحَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ حَرُمْت حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَذَفَ غَيْرَهَا فَحُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا زَنَتْ فَحُدَّتْ) ؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَتَصِيرُ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَصُورَتُهُ أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَقْتَ اللِّعَانِ أَوْ تَكُونُ مُحْصَنَةً ثُمَّ تَرْتَدَّ ثُمَّ تَلْحَقَ بِدَارَ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى وَتُسْلِمَ وَتَزْنِيَ فَحَدُّهَا فِي الْوَجْهَيْنِ الْجَلْدُ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ أَيْ زَنَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْجَلْدُ إلَّا أَنْ تَرْتَدَّ وَتَلْحَقَ وَتُسْبَى ثُمَّ تُسْلِمَ وَتَزْنِيَ وَرِوَايَةُ الْفَقِيهِ ابْنِ دَعَّاسٍ زَنَّتْ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قُذِفَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُمَا لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَلِأَنَّ الصَّغِيرَةَ يَسْتَحِيلُ مِنْهَا الزِّنَا وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونَةُ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهَا لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ
؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ اللِّعَانَ إلَى حَالَةٍ لَا يَصِحُّ مِنْهَا فِيهَا فِعْلُ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ زَنَيْت وَأَنْتِ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ كَانَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا لَهَا فِي الْحَالِ بِزِنًا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا وَإِنْ قَالَ لَهَا زَنَيْت قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك كَانَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَاذِفًا لَهَا فِي الْحَالِ بِزِنًا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت مِنْ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً كَانَ قَاذِفًا لَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ كَانَ سِنُّ الْقَائِلِ عِشْرِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَالَ لَهُ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ هَذَا
(قَوْلُهُ وَقَذْفُ الْأَخْرَسِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لِعَانٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِصَرِيحِ لَفْظِ الزِّنَا وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ فَهِيَ كَالْكِتَابَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لَيْسَ حَمْلُك مِنِّي فَلَا لِعَانَ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِقِيَامِ الْحَمْلِ فَلَمْ يَصِرْ قَاذِفًا (وَعِنْدَهُمَا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَاذِفٌ وَيُلَاعِنُ) ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُجُودَهُ عِنْدَ الْقَذْفِ قُلْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا فِي الْحَالِ صَارَ كَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ بِك حَمْلٌ فَلَيْسَ مِنِّي وَالْقَذْفُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ وُجُودَهُ عِنْدَ الْقَذْفِ فَلَا يُلَاعِنُ بِالشَّكِّ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ زَنَيْت، وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْ الزِّنَا تَلَاعَنَا وَلَمْ يَنْفِ الْقَاضِي الْحَمْلَ) ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِصَرِيحِ الزِّنَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَلَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِتَمَكُّنِ الِاحْتِمَالِ قَبْلَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِاسْتِحْقَاقِهِ لِلْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه السلام لَاعَنَ بَيْنَ هِلَالٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ حَامِلٌ وَأَلْحَقَ الْحَمْلَ بِأُمِّهِ» فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ قِيَامَ الْحَمْلِ وَحْيًا وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا نَفَى الرَّجُلُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فِي الْحَالِ الَّتِي يَقْبَلُ فِيهَا التَّهْنِئَةَ وَيَبْتَاعُ لَهُ آلَةَ الْوِلَادَةِ صَحَّ نَفْيُهُ وَلَاعَنَ بِهِ وَإِنْ نَفَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَاعَنَ وَثَبَتَ النَّسَبُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْلُودَ فِي فِرَاشِ الزَّوْجَةِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ وَالْفِرَاشُ ثَلَاثَةٌ قَوِيٌّ وَوَسَطٌ وَضَعِيفٌ فَالْقَوِيُّ فِرَاشُ الْمَنْكُوحَةِ يَثْبُتُ النَّسَبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ وَالضَّعِيفُ فِرَاشُ الْأَمَةِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِيهِ إلَّا بِالدَّعْوَةِ وَالْوَسَطُ فِرَاشُ أُمِّ الْوَلَدِ يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَيَنْتَفِي مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ وَإِذَا نَفَى وَلَدَ الزَّوْجَةِ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ هُوَ مِنِّي أَوْ هُوَ مِنْ الزِّنَا وَسَقَطَ اللِّعَانُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ أَبَدًا وَكَذَا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ وَلَمْ يَتَلَاعَنَا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا إذَا نَفَاهُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ صَحَّ نَفْيُهُ وَلَاعَنَ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْنِي مَا لَمْ يَظْهَرْ