المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ٢

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

- ‌[نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌ مُدَّةِ الرَّضَاعِ

- ‌[يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌ طَلَاقٌ السُّنَّةِ

- ‌[طَلَاقُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ]

- ‌[تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[مُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[صِفَةُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْخَطَأِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ عَمْدًا]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِحْصَانِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْمُتَوَلِّدْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْمَاعِزِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَشْيَاء الَّتِي تَكْرَهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْيَمِينِ الْغَمُوسِ]

- ‌ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ

- ‌[الْيَمِينُ اللَّغْوِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْإِشْهَادِ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي]

- ‌[طَلَبُ الْوِلَايَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُقَسِّمِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ]

- ‌[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]

- ‌[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

- ‌[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[الْوَصِيَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ]

- ‌[قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ]

- ‌[الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [

- ‌الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]

- ‌[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمَحْدُودَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ أَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[مَسَائِلٌ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[حِسَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ

فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْنَثُ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَأَمَّا لَوْ انْصَبَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَحْنَثُ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ عُدِمَ شَرْطُ الْبِرِّ فَحَنِثَ

قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ ثُمَّ وَجَدَ فُلَانٌ بَعْضَهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةَ أَوْ مُسْتَحَقَّةً لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الزِّيَافَةَ عَيْبٌ وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ وَلِهَذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِهَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهَا الْبِرُّ الْمُتَحَقِّقُ، الزُّيُوفُ مَا رَدَّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَهِيَ دَرَاهِمُ فِيهَا غِشٌّ وَالنَّبَهْرَجَةُ مَا ضُرِبَ فِي غَيْرِ دَارِ الضَّرْبِ قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا حَنِثَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ، السَّتُّوقَةُ صُفْرٌ مُمَوَّهٌ بِالْفِضَّةِ وَهِيَ الْمُشَبَّهَةُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنِهِ عَبْدًا وَقَبَضَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَإِنْ وَهَبَ لَهُ الدَّيْنَ لَمْ يَبَرَّ لِعَدَمِ الْمُقَاصَّةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلُهُ وَالْهِبَةُ إسْقَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْبِرِّ

قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقْبِضَ جَمِيعَهُ مُتَفَرِّقًا) لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْكُلِّ لَكِنَّهُ بِوَصْفِ التَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَضَافَ الْقَبْضَ إلَى دَيْنٍ مَعْرُوفٍ مُضَافٍ إلَيْهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ وَلِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى جَمِيعِ دَيْنِهِ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ مُتَفَرِّقًا فَإِنْ أَخَذَ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ آخِذًا لِجَمِيعِهِ مُتَفَرِّقًا فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَخَذَ بَقِيَّتَهُ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ بَعْضَهُ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ لِأَنَّهُ عَدِمَ شَرْطَ الْبِرِّ وَلَوْ كَانَ قَالَ: إنْ قَبَضْت مِنْهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَمَضَى حَنِثَ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ أَخَذْت بَعْضَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ وَقَدْ فَعَلَ حَنِثَ مُتَفَرِّقًا لِأَنَّهُ عَدِمَ شَرْطَ الْبِرِّ وَإِنْ قَالَ: إنْ قَبَضْت الْيَوْمَ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ بَعْضَهُ وَأَخَذَ الْبَاقِيَ فِي آخِرِ النَّهَارِ حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ مُتَفَرِّقًا فِي الْيَوْمِ وَقَدْ أَخَذَهُ فَحَنِثَ وَلَوْ جَعَلَ يَزِنُهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ مُتَفَرِّقًا لِأَنَّهُ هَكَذَا تُسْتَوْفَى الدُّيُونُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَالَهُ عَلَيْهِ فَهَرَبَ أَوْ غَالَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَنَعَهُ إنْسَانٌ مِنْهُ أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مُفَارَقَتُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ: لَا يُفَارِقُنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقِّي فَوَجَدَ ذَلِكَ مِنْهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ فَحَنِثَ كَذَا فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَبَضَ دَيْنَهُ فِي وَزْنَيْنِ لَمْ يَتَشَاغَلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِعَمَلِ الْوَزْنِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْرِيقٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ قَبْضُ الْكُلِّ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَيَصِيرُ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَلِأَنَّ الدُّيُونَ هَكَذَا تُقْبَضُ قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّ الْبَصْرَةَ فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ) لِأَنَّ الْبِرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوٌّ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ: حَتَّى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْفَارِّ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِمَوْتِهَا قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ: إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَأْتِ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلَ الزَّوْجِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَلَمْ يَرِثْ الزَّوْجُ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالطَّلَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ الدَّعْوَى]

(كِتَابُ الدَّعْوَى) جَمْعُهَا دَعَاوَى وَالدَّعْوَى فِي اللُّغَةِ قَوْلٌ يَقْصِدُ بِهِ الْإِنْسَانُ إيجَابَ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ قَوْلٍ

ص: 209

لَا حُجَّةَ لِمُدَّعِيهِ عَلَى دَعْوَاهُ حَتَّى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ يُسَمَّى مُحِقًّا لَا مُدَّعِيًا وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُسَيْلِمَةَ مُدَّعٍ لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ مَعَهُ وَلَا يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُدَّعٍ لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى صِدْقِهِ وَكَذَا الْحَاكِمُ إذَا قَامَتْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ لَا يُقَالُ لِلطَّالِبِ أَنَّهُ مُدَّعٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَتِهَا وَيُقَالُ: كُلُّ مَنْ شَهِدَ عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُدَّعٍ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ أَنَّ مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُنْكِرٌ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ أَنَّ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ شَاهِدٌ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ أَنَّ مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُقِرٌّ قَالَ رحمه الله (الْمُدَّعِي مَنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ إذَا تَرَكَهَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا تَرَكَهَا) وَيُقَالُ الْمُدَّعِي هُوَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى بَاطِنًا لِيُزِيلَ بِهِ ظَاهِرًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَنْ ادَّعَى ظَاهِرًا وَقَرَّرَ الشَّيْءَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى الْمُنْكِرُ قَوْلُهُ (وَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى حَتَّى يُذَاكِرَ شَيْئًا مَعْلُومًا فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ) فَجِنْسُهُ أَنْ يَقُولَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَقَدْرُهُ أَنْ يَقُولَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ كَانَ مَجْهُولًا وَالْمَجْهُولُ لَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ نَكَلَ الْخَصْمُ فِيهِ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلِّفَ إحْضَارُهَا لِيُشِيرَ إلَيْهَا بِالدَّعْوَى) وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ حَتَّى يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ حَقُّهُ وَكَذَا فِي الِاسْتِحْلَافِ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ شَرْطٌ وَذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ فِي الْمَنْقُولِ لِأَنَّ النَّقْلَ مُمْكِنٌ وَالْإِشَارَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً ذَكَرَ قِيمَتَهَا) لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُعْرَفُ بِالْوَصْفِ وَقَدْ تَتَعَذَّرُ مُشَاهَدَةُ الْعَيْنِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ بَيَانِ الْقِيمَةِ ذِكْرُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى عَقَارًا حَدَّدَهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ أَوْ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ فِي يَدِهِ وَبِالْمُطَالَبَةِ يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَيَذْكُرُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا يُكْتَفَى بِذِكْرِهِ فَإِنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ يُكْتَفَى بِهِ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْأَكْثَرِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَكَمَا يُشْتَرَطُ التَّحْدِيدُ فِي الدَّعْوَى يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ حَقًّا فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) لِأَنَّ صَاحِبَ الذِّمَّةِ قَدْ حَضَرَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمُطَالَبَةُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِالْوَصْفِ لِيُعْرَفَ بِهِ قَوْلُهُ (فَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى سَأَلَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا قَضَى عَلَيْهِ

ص: 210

بِهَا) فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَهُوَ مُنْكِرٌ عِنْدَهُمَا فَيُسْتَحْلَفُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ بِمُنْكِرٍ فَلَا يُسْتَحْلَفُ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ فَيَقْضِيَ عَلَيْهِ أَوْ يُنْكِرَ فَيُسْتَحْلَفُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُنْكِرِ صَرِيحًا قَوْلُهُ (وَإِنْ أَنْكَرَ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ) لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ لَا يَحْلِفَ الْمُنْكِرُ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ قَوْلُهُ (فَإِنْ أَحْضَرَهَا قَضَى بِهَا وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينُ خَصْمِهِ اُسْتُحْلِفَ عَلَيْهَا) وَلَا يَسْتَحْلِفُهُ إلَّا بِمُطَالَبَتِهِ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ تَأْخِيرَ الْيَمِينِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْبَيِّنَةِ فَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَى سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَلِذَلِكَ وَقَفَتْ الْيَمِينُ عَلَى مُطَالَبَتِهِ ثُمَّ إذَا قَطَعَ الْقَاضِي الْخُصُومَةَ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَتْ فَإِذَا قُبِلَتْ هَلْ يَظْهَرُ كَذِبُهُ أَمْ لَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَظْهَرُ كَذِبُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَظْهَرُ وَالْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمَالَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا يَظْهَرُ كَذِبُهُ بِالْبَيِّنَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ وَجَدَ الْقَرْضَ ثُمَّ الْإِبْرَاءَ وَفِي الْجَامِعِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَقْرَضَهُ أَلْفًا قَبْلَ الْيَمِينِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ لَا يَحْنَثُ لِجَوَازِ أَنَّهُ وَجَدَ الْقَرْضَ ثُمَّ الْإِبْرَاءَ وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفًا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ يَحْنَثُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ الْيَمِينَ لَمْ يُسْتَحْلَفْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) مَعْنَاهُ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْتَحْلَفُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ أَنَّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَ الْمِصْرِ يُسْتَحْلَفُ إجْمَاعًا وَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ فَحَلَّفَهُ فَإِنْ حَلَفَ ثُمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ حَلَّفَهُ إجْمَاعًا فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ بَعْدَمَا حَلَفَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي عَلَى دَعْوَايَ فَحَلَّفَهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ ذَكَرَ الْخُجَنْدِيُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: لَا تُقْبَلُ وَفِي شَرْحِهِ تُقْبَلُ وَلَوْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي وَكُلُّ بَيِّنَةٍ لِي فَهِيَ زُورٌ بُهْتَانٌ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِإِقْرَارِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُمَا يَقُولَانِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ قَدْ نَسِيَهَا أَوْ تَكُونَ لَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُدَّعِي ثُمَّ عَلِمَ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ مَا سَبَقَ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ (لَا يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُرَدُّ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» قَوْلُهُ (وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) الْمُطْلَقُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا مِلْكُهُ وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْته أَوْ وَرِثْته لَا يَكُونُ دَعْوَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقْضِي بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ فَيَقْوَى الظُّهُورُ وَلَنَا أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لَا تُفِيدُنَا أَكْثَرُ مِمَّا تُفِيدُنَا يَدُهُ فَلَا مَعْنَى لِسَمَاعِهَا وَلِأَنَّ يَدَهُ قَدْ دَلَّتْ عَلَى الْمِلْكِ فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا وَإِظْهَارًا

قَوْلُهُ (وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلَزِمَهُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بَلْ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ قَضَى عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ النُّكُولُ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً كَقَوْلِهِ لَا أَحْلِفُ وَحُكْمًا بِأَنْ يَسْكُتَ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَخْرَسَ وَلَا أَصَمَّ ثُمَّ النُّكُولُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَذْلِ وَعِنْدَهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ النُّكُولَ يَثْبُتُ حُكْمُهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْوَكِيلِ وَهَؤُلَاءِ لَا يَصِحُّ بَذْلُهُمْ فَلَوْ كَانَ بَذْلًا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِقْرَارِ وَلَهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ بَرِيئًا فِي الظَّاهِرِ مِنْ الدَّعْوَى جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ بَيْنَ

ص: 211

إسْقَاطِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْتِزَامِ الْحَقِّ وَبَدَلِهِ فَلَمَّا اخْتَارَ إحْدَاهُمَا كَانَ بَاذِلًا لِمَا اخْتَارَهُ وَلِأَنَّ الْوَاهِبَ لَمَّا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَهَبَ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَهَبَ فَإِذَا وَهَبَ كَانَ بَاذِلًا لِمَا وَهَبَ وَلَا كَذَلِكَ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَرْكُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْكَذِبَ قَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنِّي أَعْرِضُ عَلَيْك الْيَمِينَ ثَلَاثًا فَإِنْ حَلَفْت وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِمَا ادَّعَاهُ فَإِذَا كَرَّرَ عَلَيْهِ الْعَرْضَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) هَذَا احْتِيَاطٌ فَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ مَرَّةً وَاحِدَةً جَازَ وَصُورَةُ الْعَرْضِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك هَذَا الْمَالُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ أَبَى يَقُولُ لَهُ: بَقِيَتْ الثَّالِثَةُ فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ قَضَيْت عَلَيْك بِالنُّكُولِ فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ قَالُوا: فَإِذَا حَلَفَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ قَضَى بِهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَشُرَيْحٍ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى نِكَاحًا لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِأَنَّ النُّكُولَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَذْلِ وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ بَذْلُهُ وَفَائِدَةُ الْيَمِينِ النُّكُولُ فَلِهَذَا لَمْ يُسْتَحْلَفْ فِيهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ لِأَنَّ هَذَا زَوْجِي وَقَدْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ فَلْيُطَلِّقْنِي لِأَتَزَوَّجَ وَالزَّوْجُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّهُ بِالطَّلَاقِ يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ فَمَاذَا يَصْنَعُ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: يَقُولُ الْقَاضِي لِلزَّوْجِ: قُلْ لَهَا إنْ كُنْت امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَصِيرُ مُقِرًّا النِّكَاحَ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِي النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ وَالرِّقِّ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالْحُدُودِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ النُّكُولُ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَذْلِ عِنْدَهُ وَهَذَا الْأَشْيَاءُ لَا يَصِحُّ بَذْلُهَا وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا قَالَ لَهَا: بَلَغَك النِّكَاحُ فَسَكَتَ فَقَالَتْ رَدَدْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا.

وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ هِيَ النِّكَاحَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ لَمْ يُسْتَحْلَفْ وَصُورَةُ الرَّجْعَةِ ادَّعَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ ادَّعَى هُوَ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَصُورَةُ الْفَيْءِ ادَّعَى الْمَوْلَى عَلَيْهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ فَاءَ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ هِيَ ادَّعَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصُورَةُ الرِّقِّ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَصُورَةُ الِاسْتِيلَادِ أَنْ تَقُولَ الْجَارِيَةُ: أَنَا أُمُّ وَلَدٍ لِمَوْلَايَ وَهَذَا ابْنِي مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا قَدْ مَاتَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَأَمَّا الْمَوْلَى إذَا ادَّعَى الِاسْتِيلَادَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُتَصَوَّرُ الدَّعْوَى مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا فِي الِاسْتِيلَادِ خَاصَّةً وَصُورَةُ الْوَلَاءِ ادَّعَى مَجْهُولٌ عَلَى مَعْرُوفٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ ادَّعَى الْمَعْرُوفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَصُورَتُهُ فِي النَّسَبِ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ بِأَنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي وَهُوَ يُنْكِرُ أَوْ يَدَّعِي هُوَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْحُدُودُ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا إلَّا فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فِيهَا لِأَجْلِ الْمَالِ وَصُورَتُهُ ادَّعَى عَلَى آخَرَ سَرِقَةً فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُقْطَعْ وَيَضْمَنُ الْمَالَ وَكَذَا اللِّعَانُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحُدُودِ وَصُورَتُهُ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَذَفَهَا وَأَرَادَتْ اسْتِحْلَافَهُ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ ثُمَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِي النِّكَاحِ يَعْنِي إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَالَ أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ وَجَبَ الِاسْتِحْلَافُ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَزِمَهُ نِصْفُ مَهْرِهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ لَهَا بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا إذَا قَصَدَ الْإِرْثَ وَالنَّفَقَةَ كَذَا فِي الْمُصَفَّى.

قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُسْتَحْلَفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ) وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النُّكُولَ عِنْدَهُمَا إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ يَجْرِي فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَكِنَّهُ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ وَاللِّعَانُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ وَأَمَّا دَعْوَى الْقِصَاصِ فَيُسْتَحْلَفُ فِيهَا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام اسْتَحْلَفَ فِي الْقَسَامَةِ فَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فَامْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْيَمِينِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ مُسْتَعْظَمَةٌ فَلَمْ يَحْكُمْ فِيهَا بِالنُّكُولِ يَعْنِي إذَا حَلَفَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَإِنْ نَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ إذَا نَكَلَ وَقَالَ زُفَرُ يُقْضَى عَلَيْهِ

ص: 212

بِالْقِصَاصِ وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّهُ إنْ حَلَفَ فِيهَا بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ

يُقْتَصُّ بِالنُّكُولِ فِي الْأَطْرَافِ

وَفِي النُّفُوسِ الْحُكْمُ بِالْخِلَافِ

يُحْبَسُ كَيْ يُقِرَّ أَوْ كَيْ يَقْسِمَا

وَبِالنُّكُولِ الْمَالُ قَالَا فِيهِمَا

قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى اثْنَانِ عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ بِهَا بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا ادَّعَيَا ذَلِكَ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَا تَارِيخَ مَعَهُمَا أَوْ كَانَ تَارِيخُهُمَا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقَ تَارِيخًا فَهِيَ لَهُ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا عِبْرَةَ لِلْوَقْتِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ التَّارِيخِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْضَى بِهَا لِلَّذِي لَمْ يُؤَرِّخْ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ ثَالِثٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قَضَى بِهَا لِلْخَارِجِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَا تَارِيخًا تَارِيخُ صَاحِبِ الْيَدِ أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى مِنْ الْخَارِجِ قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ لَمْ يُقْضَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ) لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِهِمَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاكَ قَوْلُهُ (وَرَجَعَ إلَى تَصْدِيقِ الْمَرْأَةِ لِأَحَدِهِمَا) فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْ أَحَدًا مِنْهُمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا فَإِنْ دَخَلَا بِهَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ مَاتَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَنِصْفُ مِيرَاثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هُوَ الْأَوَّلُ فَلَهَا الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى تَصْدِيقِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقَ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَصَاحِبُهَا أَوْلَى

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى رَجُلٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ) مَعْنَاهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ (وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ)(فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَاقِدٌ عَلَى الْجُمْلَةِ وَقَدْ سَلِمَ لَهُ نِصْفُهَا وَلَمْ يَسْلَمْ لَهُ الْبَاقِي فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ هَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا فَأَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا أَوْلَى وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ قُضِيَ بِهِ لِصَاحِبِ التَّارِيخِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَيَا تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ إذَا أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَوْلُهُ (فَإِنْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا أَخْتَارُ) أَيْ لَا أَخْتَارُ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهُ) هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَمَّا إذَا اخْتَارَ أَحَدُهُمَا التَّرْكَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ قَوْلُهُ (وَلَوْ ذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَارِيخًا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الشِّرَاءَ فِي زَمَانٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ عَلَى الثَّانِي الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ

ص: 213

لِأَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا وَمَعَ أَحَدِهِمَا قَبْضٌ فَهُوَ أَوْلَى) مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي يَدِهِ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ قَبْضِهِ دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ شِرَائِهِ فَإِنْ ذَكَرَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتًا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ شِرَاءَهُ كَانَ قَبْلَ شِرَاءِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ قَوْلُهُ (فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شِرَاءً وَالْآخَرُ هِبَةً وَقَبْضًا) مَعْنَاهُ مِنْ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَتَانِ وَيَتَنَصَّفُ (وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَا تَارِيخَ مَعَهُمَا فَالشِّرَاءُ أَوْلَى) لِأَنَّا إذَا لَمْ نَعْلَمْ تَارِيخَهُمَا حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الْعَقْدَيْنِ مَعًا وَإِذَا حَكَمْنَا بِهِمَا مَعًا قُلْنَا: عَقْدُ الشِّرَاءِ يُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ وَعَقْدُ الْهِبَةِ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ إلَّا بِانْضِمَامِ الْقَبْضِ فَسَبَقَ الْمِلْكُ فِي الْبَيْعِ الْمِلْكَ فِي الْهِبَةِ فَكَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ فَهُمَا سَوَاءٌ) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ: الشِّرَاءُ أَوْلَى مِنْ النِّكَاحِ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ تَصْحِيحَ الْبَيِّنَتَانِ مَا أَمْكَنَ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ: النِّكَاحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ عِوَضٍ فِي صِحَّتِهِ وَالْبَيْعُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْعِوَضِ فِي صِحَّتِهِ فَصَارَ عَقْدُ الْبَيْعِ مُنْعَقِدًا عَلَى الْمُسَمَّى وَالنِّكَاحُ مُنْعَقِدًا عَلَى غَيْرِ الْمُسَمَّى وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ قَائِمٌ وَهُوَ النِّكَاحُ وَقَدْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ فَرَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ النِّكَاحَ وَالْبَيْعَ يَتَسَاوَيَانِ فِي وُقُوعِ الْمِلْكِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَهُوَ كَالْبَيْعَيْنِ فَعَلَى هَذَا تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ نِصْفَ الْقِيمَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا رَهْنًا وَقَبْضًا وَالْآخَرُ هِبَةً وَقَبْضًا فَالرَّهْنُ أَوْلَى مِنْ الْهِبَةِ) يَعْنِي بِغَيْرِ عِوَضٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهَا بَيْعٌ انْتِهَاءً وَالْبَيْعُ أَوْلَى مِنْ الرَّهْنِ وَقَوْلُهُ فَالرَّهْنُ أَوْلَى هَذَا إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُمَا مِنْ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَا مِنْ اثْنَيْنِ فَهُمَا سَوَاءٌ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَالتَّارِيخِ فَصَاحِبُ التَّارِيخِ الْأَبْعَدِ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الْمَالِكَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَابَّةً أَوْ أَمَةً فَوَافَقَ سِنُّهَا أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ سِنَّ الدَّابَّةِ مُكَذِّبٌ لِأَحَدِهِمَا فَكَانَ مَنْ صَدَّقَهُ أَوْلَى

قَوْلُهُ (فَإِنْ)(ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ وَاحِدٍ) مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ (وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى تَارِيخَيْنِ)(فَالْأَوَّلُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ فِي وَقْتٍ لَا مُنَازَعَةَ لَهُ فِيهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ آخَرَ وَذَكَرَا تَارِيخًا فَهُمَا سَوَاءٌ) لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ لِبَائِعَيْهِمَا فَيَصِيرَا كَأَنَّهُمَا حَضَرَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَقَوْلُهُ وَذَكَرَا تَارِيخًا فَهُمَا سَوَاءٌ يَعْنِي تَارِيخًا وَاحِدًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ وَقَوْلُهُ فَهُمَا سَوَاءٌ وَيُخَيَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ وَقَّتَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا وَلَمْ تُؤَقِّتْ الْأُخْرَى قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ تَوْقِيتَ إحْدَاهُمَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَقْدَمَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا أَنَّ الْمِلْكَ لَا يُتَلَقَّى إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا حَكَمَ بِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَقَدَّمَهُ شِرَاءٌ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ أَقْدَمَ تَارِيخًا كَانَ أَوْلَى) هَذَا عِنْدَهُمْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَكَأَنَّهُمَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ.

(وَإِنْ أَقَامَ

ص: 214

الْخَارِجُ وَصَاحِبُ الْيَدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَيِّنَةً بِالنِّتَاجِ فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ أَنَّهُ تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ تُقْبَلُ عِنْدَ ابْنِ أَبَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ النَّسْجُ فِي الثِّيَابِ الَّتِي لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) كَغَزْلِ الْقُطْنِ (وَكُلُّ سَبَبٍ فِي الْمِلْكِ لَا يَتَكَرَّرُ) كَالْأَوَانِي إذَا كُسِرَتْ لَا تَعُودُ وَأَمَّا الَّتِي تَتَكَرَّرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلْخَارِجِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ مِثْلُ الثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ مِنْ الشَّعْرِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَإِنْ أَشْكَلَ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ وَكُلُّ مَا يُصْنَعُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالزُّجَاجِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ وَإِنْ كَانَ حُلِيًّا قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْحُلِيَّ يُصَاغُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى قَوْلُهُ (فَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَصَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْأُولَى إنْ كَانَتْ أَثْبَتَتْ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ فَهَذَا تَلْقَى مِنْهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْآخَرِ وَلَا تَارِيخَ مَعَهُمَا تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ) أَيْ تَسَاقَطَتَا وَبَطَلَتَا وَتُرِكَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: اقْضِ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَاجْعَلْ الْخَارِجَ هُوَ الَّذِي اشْتَرَاهُ آخِرًا فَيَكُونُ لَهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَرْبَعَةِ كَشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ قَوْلُهُ (وَمَنْ ادَّعَى قِصَاصًا عَلَى غَيْرِهِ فَجَحَدَ اُسْتُحْلِفَ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ نَكَلَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ فِيهِمَا) لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ عِنْدَهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْقِصَاصُ وَيَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَطْرَافَ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ قِيلَ: لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أُمِرَ بِمُلَازَمَتِهِ) كَيْ لَا يَذْهَبَ حَقُّهُ وَقَوْلُهُ حَاضِرَةٌ أَيْ فِي الْمِصْرِ حَتَّى لَوْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ لَا يَكْفُلُ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَامِلِ وَالْوَجِيهِ وَالْحَقِيرِ

ص: 215

مِنْ الْمَالِ وَالْخَطِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ لِلتَّكْفِيلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: يُؤْمَرُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمُلَازَمَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ أَسْقَطَ الْمُلَازَمَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَقِيَتْ الْمُلَازَمَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ غَرِيبًا عَلَى الطَّرِيقِ فَيُلَازِمُهُ مِقْدَارَ مَجْلِسِ الْقَاضِي) وَكَذَا لَا يَكْفُلُ إلَّا إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْصَرِفٌ إلَيْهِمَا أَيْ إلَى أَخْذِ الْكَفِيلِ وَالْمُلَازَمَةِ لِأَنَّ فِي الْمُلَازَمَةِ وَأَخْذِ الْكَفِيلِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةَ ضَرَرٍ بِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَا ضَرَرَ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ وَقَوْلُهُ بِمُلَازَمَتِهِ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِمُلَازَمَةِ الْمَنْعِ مِنْ الذَّهَابِ لَكِنْ يَذْهَبُ الطَّالِبُ مَعَهُ وَيَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ فَإِذَا انْتَهَى إلَى بَابِ دَارِهِ وَأَرَادَ الدُّخُولَ يَسْتَأْذِنُهُ الطَّالِبُ فِي الدُّخُولِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ دَخَلَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ يَحْبِسُهُ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ ثُمَّ إذَا لَازَمَ الْمُدَّعِي غَرِيمَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلَازِمَهُ بِغُلَامِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُلَازِمُهُ بِنَفْسِهِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ وَحْدَهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى

قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي أَوْ غَصَبْته مِنْهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي) وَكَذَا إذَا قَالَ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ وَلَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: تَنْدَفِعُ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً انْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ قَدْ يَدْفَعُ مَالَهُ إلَى مُسَافِرٍ يُودِعُهُ إيَّاهُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَيَحْتَالُ لِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ فَإِذَا اتَّهَمَهُ الْقَاضِي لَا يَقْبَلُهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُ مَالَ إنْسَانٍ وَيَدْفَعُهُ فِي السِّرِّ إلَى مَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُودِعَهُ إيَّاهُ عَلَانِيَةً وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودَ حَتَّى إذَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يُقِيمُ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُودَعُ فُلَانٍ الْغَائِبِ لِيَدْفَعَ الْخُصُومَةَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِذَا اتَّهَمَهُ الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ عَدْلًا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا كَانَ يَدَّعِي الْفِعْلَ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ كَمَا إذَا قَالَ: غَصَبْت مِنِّي هَذَا الشَّيْءَ أَوْ سَرَقْته فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَدْفَعُ الْخُصُومَةَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْوَدِيعَةِ وَإِنْ قَالَ: غُصِبَ مِنِّي عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ انْدَفَعَتْ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: ابْتَعْته مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَهُوَ خَصِيمٌ) لِأَنَّهُ لَمَّا زَعَمَ أَنَّ يَدَهُ يَدُ مِلْكٍ اعْتَرَفَ بِكَوْنِهِ خَصْمًا بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: سُرِقَ مِنِّي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ) هَذَا قَوْلُهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تَنْدَفِعُ لِأَنَّهُ يَدَّعِ الْفِعْلَ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ: غُصِبَ مِنِّي عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ ذِكْرَ الْفِعْلِ يَسْتَدْعِي الْفَاعِلَ لَا مَحَالَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِي يَدِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ دَرْءًا لِلْحَدِّ شَفَقَةً عَلَيْهِ وَإِقَامَةً لِحِسْبَةِ السَّتْرِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ: سَرَقْت بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهِ فَلَا يُحْتَرَزُ عَنْ كَشْفِهِ قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ)(الْمُدَّعِي: ابْتَعْته مِنْ فُلَانٍ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ (وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ)(سَقَطَتْ الْخُصُومَةُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُمَا تَوَافَقَا عَلَى أَصْلِ الْمِلْكِ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَيَكُونُ وُصُولُهَا إلَى ذِي الْيَدِ مِنْ جِهَتِهِ فَلَمْ تَكُنْ يَدُهُ يَدَ خُصُومَةٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِهَا

قَوْلُهُ (وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ

ص: 216

تَعَالَى دُونَ غَيْرِهِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ» قَوْلُهُ (وَيُؤَكَّدُ بِذِكْرِ أَوْصَافِهِ) يَعْنِي بِدُونِ حَرْفِ الْعَطْفِ مِثْلُ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحِيمُ الرَّحْمَنُ مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك وَلَا قِبَلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَأَمَّا بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ كَانَ أَيْمَانًا ثَلَاثًا وَإِنْ شَاءَ الْقَاضِي لَمْ يُغَلِّظْ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ وَقِيلَ: لَا يُغَلِّظُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِالصَّلَاحِ وَيُغَلِّظُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ: يُغَلِّظُ فِي الْخَطِيرِ مِنْ الْمَالِ دُونَ الْحَقِيرِ مِنْ الْمَالِ قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِالطَّلَاقِ وَلَا بِالْعَتَاقِ) وَقِيلَ: فِي زَمَانِنَا إذَا أَلَحَّ الْخَصْمُ سَاغَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ مُبَالَاةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَكَثْرَةِ الِامْتِنَاعِ بِسَبَبِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ نَكَلَ لَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ لِأَنَّهُ نَكَلَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الشَّاهِدُ كَاذِبٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يُحَلِّفُهُ وَكَذَا لَا يَحْلِفُ الشَّاهِدُ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ وَلَيْسَ مِنْ إكْرَامِهِمْ اسْتِحْلَافُهُمْ قَوْلُهُ (وَيُسْتَحْلَفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالنَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَالْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحْلَفُ أَحَدٌ إلَّا بِاَللَّهِ خَاصَّةً وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ غَيْرُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إلَّا بِاَللَّهِ لِأَنَّ ذِكْرَ النَّارِ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعْظِيمًا لَهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُذْكَرَ بِخِلَافِ الْكِتَابَيْنِ لِأَنَّ كُتُبَ اللَّهِ مُعَظَّمَةٌ وَيُسْتَحْلَفُ الْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْوَثَنَ قَوْلُهُ (وَلَا يَحْلِفُونَ فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَحْضُرَهَا قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ

قَوْلُهُ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْ هَذَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَجَحَدَهُ اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا بَيْعٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْت) لِأَنَّهُ قَدْ يُبَاعُ الشَّيْءُ ثُمَّ يُقَالُ فِيهِ أَوْ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ قَوْلُهُ (وَيُسْتَحْلَفُ فِي الْغَصْبِ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك رَدَّ هَذِهِ الْعَيْنِ وَلَا رَدَّ قِيمَتَهَا وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا غَصَبْت) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَصَبَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَكَذَا دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا أَوْدَعَك وَلَا أَعَارَك وَلَكِنْ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك رَدَّ هَذِهِ الْعَيْنِ وَلَا رَدَّ قِيمَتِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقِيمَةَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِتَعَدٍّ مِنْهُمَا قَوْلُهُ (وَفِي النِّكَاحِ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ) هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَسْتَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ وَإِنَّمَا اُسْتُحْلِفَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَبَانَتْ مِنْهُ أَوْ خَالَعَهَا فَإِذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ يَقُولُ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ امْرَأَتُك فَهِيَ طَالِقٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ التَّرْكِ وَقَضَاءِ الْإِلْزَامِ أَنَّ فِي قَضَاءِ الْإِلْزَامِ إذَا ادَّعَى ثَالِثٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ بِخِلَافِ قَضَاءِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِدُونِ التَّلَقِّي مِنْهُ فَإِذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ يَقُولُ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُولُ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ امْرَأَتَك فَهِيَ طَالِقٌ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: نَعَمْ وَالْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِنْ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ لَا تُسْتَحْلَفُ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ

ص: 217

الْبَيِّنَةَ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَيْضًا لِأَنَّ إنْكَارَهَا لِلنِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْ النُّشُوزِ قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقْتُهَا) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ اسْتَرْجَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ

قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبُعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ لَا يُزَاحِمُ صَاحِبَ الْجَمِيعِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَانْفَرَدَ بِهِ صَاحِبُ الْجَمِيعِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا) لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَمِيعِ يَدَّعِي سَهْمَيْنِ وَصَاحِبَ النِّصْفِ يَدَّعِي سَهْمًا فَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَدَّعِيهِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ قَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا سَلِمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ نِصْفُهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ) وَهُوَ الَّذِي فِي يَدِ شَرِيكِهِ (وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ) وَهُوَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَمَعْنَاهُ قَضَاءُ تَرْكٍ لَا قَضَاءُ إلْزَامٍ وَقِيلَ: قَضَاءُ إلْزَامٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا فَبَيِّنَةُ صَاحِبِ الْجَمِيعِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَقُبِلَتْ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَبَيِّنَةُ صَاحِبِ النِّصْفِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ إذْ النِّصْفُ فِي يَدِهِ حَكَمْنَا لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَبَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ فِي يَدِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ صَاحِبَ الْجَمِيعِ يَأْخُذُ نِصْفَهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي يُتْرَكُ فِي يَدِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى مُدَّعِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ وَيَدَّعِي أَنَّ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ نَفْسِهِ لَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَى مُدَّعِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَمِيعِ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَيَحْلِفُ مُدَّعِي النِّصْفِ فَإِذَا حَلَفَ تَرَكَ الدَّارَ فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى لَهُ

(مَسْأَلَةٌ) دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ يَدَّعِي جَمِيعَهَا وَالثَّانِي ثُلُثَيْهَا وَالثَّالِثُ نِصْفَهَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ فَتَكُونُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنَّا نُسَمِّي مُدَّعِيَ الْكُلِّ الْكَامِلَ وَمُدَّعِيَ الثُّلُثَيْنِ اللَّيْثَ وَمُدَّعِيَ النِّصْفَ النَّصْرَ فَتُجْعَلُ الدَّارُ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى الثُّلُثَيْنِ وَالنِّصْفِ فَيَكُونُ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ سَهْمَانِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى الْكَامِلِ وَاللَّيْثِ عَلَى مَا فِي يَدِ نَصْرٍ فَالْكَامِلُ يَدَّعِي كُلَّهُ وَاللَّيْثُ يَدَّعِي نِصْفَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: حَقِّي الثُّلُثَانِ وَبِيَدِي الثُّلُثُ بَقِيَ لِي الثُّلُثُ نِصْفُهُ فِي يَدِ الْكَامِلِ وَنِصْفُهُ فِي يَدِ نَصْرٍ.

وَمَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ فَالنِّصْفُ لِلْكَامِلِ بِلَا مُنَازَعَةٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ مُنْكَسِرٌ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي سِتَّةٍ يَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ وَيَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى الْكَامِلِ وَنَصْرٍ عَلَى مَا فِي يَدِ اللَّيْثِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَالْكَامِلُ يَدَّعِي كُلَّهُ وَنَصْرٌ يَدَّعِي رُبُعَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: حَقِّي النِّصْفُ سِتَّةٌ مَعِي مِنْهُ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ بَقِيَ السُّدُسُ سَهْمَانِ سَهْمٌ فِي يَدِ اللَّيْثِ وَسَهْمٌ فِي يَدِ الْكَامِلِ فَسَلِمَ ثَلَاثَةٌ لِلْكَامِلِ وَتَنَازَعَا فِي سَهْمٍ فَانْكَسَرَ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ يَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَيَجْعَلُ فِي يَدِ كُلٍّ وَاحِدٍ ثَمَانِيَةً ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى الْكَامِلِ وَاللَّيْثِ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الَّتِي فِي يَدِ نَصْرٍ فَأَرْبَعَةٌ سَلِمَتْ لِلْكَامِلِ بِلَا مُنَازَعَةٍ لِأَنَّ اللَّيْثَ لَا يَدَّعِي إلَّا سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ الْكُلِّ بِثَمَانِيَةٍ مِنْهَا فِي يَدِهِ وَأَرْبَعَةٍ فِي يَدِ نَصْرٍ وَأَرْبَعَةٍ فِي يَدِ الْكَامِلِ فَبَقِيَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأُخْرَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمُنَازَعَةِ فَيَحْصُلُ لِلْكَامِلِ سِتَّةٌ وَلِلَّيْثِ سَهْمَانِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى الْكَامِلِ وَنَصْرٍ عَلَى مَا فِي يَدِ اللَّيْثِ فَنَصْرٌ يَدَّعِي رُبُعَ مَا فِي يَدِهِ سَهْمَيْنِ فَالسِّتَّةُ سَلِمَتْ لِلْكَامِلِ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي سَهْمَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ فَحَصَلَ لِلْكَامِلِ سَبْعَةٌ وَلِنَصْرٍ سَهْمٌ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى اللَّيْثِ وَنَصْرٍ عَلَى مَا فِي يَدِ الْكَامِلِ فَاللَّيْثُ يَدَّعِي نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ أَرْبَعَةً وَنَصْرٌ يَدَّعِي لِأَرْبَعٍ مَا فِي يَدِهِ سَهْمَيْنِ وَفِي الْمَالِ سِعَةٌ فَأَخَذَ اللَّيْثُ أَرْبَعَةً وَنَصْرٌ سَهْمَيْنِ وَيَبْقَى لِلْكَامِلِ سَهْمَانِ.

فَإِذَا حَصَلَ لِلْكَامِلِ مِمَّا فِي يَدِ نَصْرٍ

ص: 218

سِتَّةٌ وَمِمَّا فِي يَدِ اللَّيْثِ سَبْعَةٌ وَمَعَهُ سَهْمَانِ صَارَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الدَّارِ وَحَصَلَ لِلَّيْثِ مِنْ نَصْرٍ سَهْمَانِ وَمِنْ الْكَامِلِ أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَهُوَ رُبُعُ الدَّارِ وَحَصَلَ لِنَصْرٍ مِنْ اللَّيْثِ سَهْمٌ وَمِنْ الْكَامِلِ سَهْمَانِ فَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ ثُمُنُ الدَّارِ وَبِالِاخْتِصَارِ تَكُونُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فَخَمْسَةُ أَثْمَانِهَا لِلْكَامِلِ وَرُبُعُهَا لِلَّيْثِ وَثُمُنُهَا لِنَصْرٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا تَقْسِيمُ الدَّارِ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ فَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا وَوَجْهُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ دَعْوَى الْكَامِلِ وَاللَّيْثِ عَلَى نَصْرٍ فَالْكَامِلُ يَدَّعِي كُلَّهُ وَاللَّيْثُ نِصْفَهُ وَأَقَلُّ مَالٍ لَهُ نِصْفُ اثْنَانِ فَالْكَامِلُ يَضْرِبُ بِكُلِّهِ سَهْمَيْنِ وَاللَّيْثُ بِنِصْفِ سَهْمٍ وَعَالَتْ إلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى الْكَامِلِ وَنَصْرٍ عَلَى اللَّيْثِ فَالْكَامِلُ يَدَّعِي كُلَّهُ وَنَصْرٌ يَدَّعِي رُبُعَهُ وَمَخْرَجُ الرُّبُعِ أَرْبَعَةٌ يَضْرِبُ هَذَا بِرُبُعِهِ وَهَذَا بِكُلِّهِ فَعَالَتْ إلَى خَمْسَةٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ دَعْوَى اللَّيْثِ وَنَصْرٍ عَلَى الْكَامِلِ فَاللَّيْثُ يَدَّعِي نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَنَصْرٌ يَدَّعِي رُبُعَهُ وَذَلِكَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَيَجْعَلُ مَا فِي يَدِهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَفِيهِ سَبْعَةٌ فَنِصْفُهُ سَهْمَانِ لِلَّيْثِ وَرُبُعُهُ سَهْمٌ لِنَصْرٍ يَبْقَى الرُّبُعُ لِلْكَامِلِ فَحَصَلَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسَةٌ وَكُلُّهَا مُتَبَايِنَةٌ فَاضْرِبْ الثَّلَاثَةَ فِي الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ فِي الْخَمْسَةِ يَكُونُ سِتِّينَ وَالدَّارُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَاضْرِبْ السِّتِّينَ فِي ثَلَاثَةٍ تَكُونُ مِائَةً وَثَمَانِينَ يَكُونُ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتُّونَ فَمَا فِي يَدِ نَصْرٍ ثُلُثُهُ لِلَّيْثِ عِشْرُونَ وَثُلُثَاهُ لِلْكَامِلِ أَرْبَعُونَ وَاَلَّذِي فِي يَدِ اللَّيْثِ خُمُسُهُ لِنَصْرٍ وَهُوَ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْكَامِلِ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ.

وَاَلَّذِي فِي يَدِ الْكَامِلِ نِصْفُهُ لِلَّيْثِ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ وَرُبُعُهُ لِنَصْرٍ وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ الرُّبُعُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَجَمِيعُ مَا حَصَلَ لِلَّيْثِ خَمْسُونَ مَرَّةً عِشْرُونَ وَمَرَّةً ثَلَاثُونَ وَجَمِيعُ مَا حَصَلَ لِنَصْرٍ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مَرَّةً اثْنَا عَشَرَ وَمَرَّةً خَمْسَةَ عَشَرَ وَجَمِيعُ مَا حَصَلَ لِلْكَامِلِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ مَرَّةً أَرْبَعُونَ وَمَرَّةً ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَبَقِيَ مَا فِي يَدِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ سَبْعَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ اثْنَانِ وَوَجْهُهُ أَنَّك تَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثَانِ وَنِصْفٌ وَأَقَلُّهُ سِتَّةٌ فَاللَّيْثُ يَدَّعِي أَرْبَعَةً وَنَصْرٌ يَدَّعِي ثَلَاثَةً وَلَا مُنَازَعَةَ لَهُمَا فِي الْبَاقِي وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَهُمَا لِلْكَامِلِ وَنَصْرٌ لَا يَدَّعِي إلَّا ثَلَاثَةٌ فَخَلَا عَنْ مُنَازَعَتِهِ سَهْمٌ اسْتَوَتْ فِيهِ مُنَازَعَةُ الْكَامِلِ وَاللَّيْثِ فَيَكُونُ سَهْمٌ بَيْنَهُمَا فَانْكَسَرَ فَضَرَبْنَا اثْنَيْنِ فِي سِتَّةٍ يَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ فَاللَّيْثُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَنَصْرٌ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعَةٌ سَلِمَتْ لِلْكَامِلِ وَسَهْمَانِ بَيْنَ اللَّيْثِ وَالْكَامِلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمٌ وَتَبْقَى سِتَّةٌ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمْ فِيهَا فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمَانِ فَأَصَابَ الْكَامِلُ سَبْعَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ مَرَّةً أَرْبَعَةٌ وَمَرَّةً سَهْمٌ وَمَرَّةً سَهْمَانِ وَأَصَابَ اللَّيْثُ ثَلَاثَةً مَرَّةً سَهْمَانِ وَمَرَّةً سَهْمٌ وَأَصَابَ النَّصْرُ سَهْمَانِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ لِلْكَامِلِ سِتَّةٌ وَلِلَّيْثِ أَرْبَعَةٌ وَلِنَصْرٍ ثَلَاثَةٌ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكَامِلَ يَضْرِبُ بِالْكُلِّ وَهُوَ سِتَّةٌ لِأَنَّ الدَّارَ قُسِّمَتْ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى الثُّلُثَيْنِ وَالنِّصْفِ فَاللَّيْثُ يَضْرِبُ بِأَرْبَعَةٍ وَهُوَ الثُّلُثَانِ وَالنَّصْرُ بِالنِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَالْكَامِلُ يَضْرِبُ بِسِتَّةٍ فَصَارَ الْجَمِيعُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا أَلْفًا فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا أَصَابَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْكَامِلِ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَلْفٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَطَرِيقُهُ أَنْ تُقَسَّمَ الْأَلْفُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ يَخْرُجُ الْقِسْمُ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ فَاضْرِبْ ذَلِكَ فِي سَبْعَةِ نَصْرٍ خَمْسُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ وَإِنْ شِئْت قُلْت: سَبْعَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ نِصْفُهَا وَنِصْفُ سُدُسِهَا فَخُذْ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ الْأَلْفِ تَجِدْهُ كَذَلِكَ وَعَلَى اللَّيْثِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَوَجْهُهُ أَنَّك تَضْرِبُ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ وَثُلُثًا وَهِيَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْقِسْمِ فِيمَا فِي يَدِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ تَصِحُّ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَإِنْ شِئْت قُلْت: بِيَدِهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَهِيَ رُبُعُهَا فَخُذْ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ الْأَلْفِ وَعَلَى نَصْرٍ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَوَجْهُهُ أَنْ تَضْرِبَ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ بِيَدِهِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَثُلُثٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت: بِيَدِهِ سُدُسُ اثْنَيْ عَشَرَ فَخُذْ مِنْ الْأَلْفِ سُدُسَهَا تَجِدْهُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا اقْسِمْ الْأَلْفَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَصِحُّ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ وَاثْنَا عَشَرَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَتَضْرِبُ سِهَامَ الْكَامِلِ وَالنَّصْرِ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى الْكَامِلِ

ص: 219

أَرْبَعُمِائَةٍ وَوَاحِدٌ وَسِتُّونَ وَسَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ وَعَلَى نَصْرٍ نِصْفُهُ مِائَتَانِ وَثَلَاثُونَ وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ تَضْرِبُ سِهَامَ اللَّيْثِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا يَكُونُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ

قَوْلُهُ (وَإِذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَذَكَرَا تَارِيخًا وَسِنُّ الدَّابَّةِ يُوَافِقُ أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى) لِأَنَّ الْحَالَ يَشْهَدُ لَهُ فَيَتَرَجَّحُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَأَمَّا إذَا كَانَ سِنُّهَا يُخَالِفُ الْوَقْتَيْنِ بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُ الْفَرِيقَيْنِ وَتُتْرَكُ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ كَانَتْ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ سَقَطَ التَّوْقِيتُ وَصَارَ كَأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا إذَا ادَّعَيَاهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ مَحْكُومًا بِهَا وَلَيْسَ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَتَسَاوَيَا فِيهَا فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِبَيِّنَتِهِ وَمَعَهُ الْيَدُ فَهُوَ أَوْلَى

قَوْلُهُ (وَإِذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا فَالرَّاكِبُ أَوْلَى) لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ أَظْهَرُ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفَهُ فَالرَّاكِبُ فِي السَّرْجِ أَوْلَى لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَالِكَ الدَّابَّةِ يَرْكَبُ عَلَى السَّرْجِ وَيُرْدِفُ غَيْرَهُ مَعَهُ فَكَانَ أَوْلَى قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا سَوَاءٌ وَأَمَّا إذَا كَانَا جَمِيعًا رَاكِبَيْنِ عَلَى السَّرْجِ فَهُمَا سَوَاءٌ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَا بَعِيرًا وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا فَصَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى) وَكَذَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا حِمْلٌ وَلِلْآخَرِ كَوْرٌ مُعَلَّقٌ فَصَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ قَوْلُهُ (وَإِذَا تَنَازَعَا قَمِيصًا أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ فَاللَّابِسُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَظْهَرُ تَصَرُّفًا وَلَوْ تَنَازَعَا فِي بِسَاطٍ أَحَدُهُمَا جَالِسٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ وَكَذَا إذَا كَانَ ثَوْبٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَطَرَفٌ مِنْهُ فِي يَدِ آخَرَ فَهُمَا سَوَاءٌ قَوْلُهُ (وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْهُ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ بِهَا وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى) لِأَنَّ مُثْبِتَ الزِّيَادَةِ مُدَّعٍ وَنَافِيَهَا مُنْكِرٌ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُنْكِرِ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ لِلْإِثْبَاتِ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قِيلَ: لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ وَقِيلَ: لِلْبَائِعِ إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا اسْتَحْلَفَ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى

ص: 220

دَعْوَى الْآخَرِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ مُنْكِرٌ قَوْلُهُ (يَبْتَدِئُ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي) هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَشَدُّهُمَا إنْكَارًا لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ أَوَّلًا بِالثَّمَنِ قَوْلُهُ (فَإِذَا حَلَفَا فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا طَلَبَا ذَلِكَ أَمَّا بِدُونِ الطَّلَبِ فَلَا يَفْسَخُ قَوْلُهُ (فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ) لِأَنَّهُ يُجْعَلُ بَاذِلًا فَلَمْ تَبْقَ دَعْوَاهُ مُعَارِضَةً دَعْوَى الْآخَرِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ فِي اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودِ بِهِ قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ الْخِيَارَ وَالْأَجَلَ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ تَعَارُضَ الشَّرْطِ وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْعَوَارِضِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الْعَقْدُ مِنْهُ وَالْخِيَارُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ قَدْ افْتَرَقَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْخِيَارِ فِي الْحَالَيْنِ هَذَا كُلُّهُ إذَا اخْتَلَفَا وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ بِيَدِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ) مَعْنَاهُ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ قَوْلُهُ (مَعَ يَمِينِهِ) يَعْنِي إذَا طَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ سَلِمَ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا قَالَ الْبَائِعُ قَوْلُهُ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ) أَيْ يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ بَعْدَ التَّحَالُفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ (إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَتْرُكَ حِصَّةَ الْهَالِكِ) فَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْحَيِّ وَقِيمَةِ الْهَالِكِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) ثُمَّ إذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا مَعًا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى

قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَتْ: بِأَلْفَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَبَيِّنَةُ الزَّوْجِ تَنْفِي ذَلِكَ فَالْمُثْبِتَةُ أَوْلَى قَوْلُهُ (

ص: 221

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَلَكِنْ يُحْكَمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ قَضَى بِمَا قَالَ الزَّوْجُ) يَعْنِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ أَكْثَرَ قَضَى بِمَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ) أَيْ مَعَ يَمِينِهَا أَيْضًا قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِمَّا اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَقَلُّ مِمَّا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ قَضَى لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ قِيمَةُ الْبُضْعِ وَإِنَّمَا سَقَطَ ذَلِكَ بِالتَّسْمِيَةِ فَإِذَا اخْتَلَفَا فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لَهُ رَجَعَ إلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْتَنْكَرِ قِيلَ: هُوَ أَنْ يَدَّعِيَ مَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَنْكَرٌ فِي الشَّرْعِ وَقَالَ الْإِمَامُ خواهر زاده: هُوَ أَنْ يَدَّعِيَ مَهْرًا لَا يَتَزَوَّجُ مِثْلُهَا عَلَيْهِ عَادَةً كَمَا لَوْ ادَّعَى النِّكَاحَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسْتَنْكَرُ مَا دُونَ نِصْفِ الْمَهْرِ فَإِذَا جَاوَزَ نِصْفَ الْمَهْرِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَرًا

(قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا) مَعْنَاهُ اخْتَلَفَا فِي الْبَدَلِ أَوْ فِي الْمُبْدَلِ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَنْفَعَةِ بُدِئَ بِيَمِينِ الْمُؤَجِّرِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنَافِعِ فَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِيهَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْفَضْلِ نَحْوَ أَنْ يَدَّعِيَ هَذَا شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةٍ يَقْضِي بِشَهْرَيْنِ بِعَشَرَةٍ

قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَحَالَفَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ وَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَاضِي قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ) مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ فِيهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ سَاعَةً فَيَصِيرُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا

قَوْلُهُ (وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبُ فِي مَالِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فَإِذَا لَمْ يَتَحَالَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ مَعَ يَمِينِهِ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَتَحَالَفَانِ) ثُمَّ تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ قَوْلُهُ (وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ) كَالْعِمَامَةِ وَالْخُفِّ وَالْكُتُبِ وَالْقَوْسِ وَالْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ قَوْلُهُ (وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ) كَالْوِقَايَةِ وَالْخَلْخَالِ وَالدُّمْلُجِ وَالْخَرَزِ وَثِيَابِ الْحَرِيرِ قَوْلُهُ (وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرَّجُلِ) كَالسَّرِيرِ وَالْحَصِيرِ وَالْآنِيَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ

ص: 222

الرَّجُلَ يَتَوَلَّى آلَةَ الْبَيْتِ وَيَشْتَرِيَهَا فَكَانَ أَظْهَرَ يَدًا مِنْهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُ مَعَ الْآخَرِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهَا) لِأَنَّ الْيَدَ لِلْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَدْفَعُ لِلْمَرْأَةِ مَا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا وَالْبَاقِي لِلرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَأْتِي بِالْجِهَازِ مِنْ بَيْتِ أَهْلِهَا ثُمَّ فِيمَا عَدَاهُ لَا مُعَارِضَ لَهُ لِظَاهِرِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَالطَّلَاقُ وَالْمَوْتُ سَوَاءٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا كَانَ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرَّجُلِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَالطَّلَاقُ وَالْمَوْتُ سَوَاءٌ لِقِيَامِ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا حُرَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا فَالْمَتَاعُ لِلْحُرِّ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ يَدَهُ أَقْوَى وَلِلْحَيِّ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْمَيِّتِ فَخَلَتْ يَدُ الْحَيِّ عَنْ الْمُعَارِضِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْخُصُومَاتِ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ

زَوْجَانِ مَأْذُونٌ وَحُرٌّ خُصَمَا

وَفِي مَتَاعِ الْبَيْتِ قَدْ تَكَلَّمَا

فَذَاكَ لِلْحُرِّ وَقَالَا لَهُمَا

قَوْلُهُ (وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ بَاعَهَا فَهُوَ ابْنُ الْبَائِعِ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ) هَذَا اسْتِحْسَانٌ.

وَقَالَ زُفَرُ: دَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ أَنَّهُ عَبْدٌ فَكَانَ فِي دَعْوَاهُ مُنَاقِضًا وَلَنَا أَنَّ اتِّصَالَ الْعَلُوقِ بِمِلْكِهِ شَهَادَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى كَوْنِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الزِّنَا وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَةُ أُسْنِدَتْ إلَى وَقْتِ الْعَلُوقِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَيَفْسَخُ الْبَيْعَ لِأَنَّ بَيْعَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ قَوْلُهُ (فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَ دَعْوَةِ الْبَائِعِ أَوْ بَعْدَهُ فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَسْبَقُ لِاسْتِنَادِهَا إلَى وَقْتِ الْعَلُوقِ وَهَذِهِ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ اتِّصَالُ الْعَلُوقِ فِي مِلْكِهِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ بِالنِّكَاحِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعَلُوقَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حَقِيقَةُ الْعِتْقِ وَلَا حَقُّهُ وَهَذِهِ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي ادَّعَاهُ قَبْلَ دَعْوَةِ الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُمْكِنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَمَةُ فِي مِلْكِهِ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ أَقَرَّ بِمُمْكِنٍ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ الْحَبَلِ فَإِذَا ادَّعَاهُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ قُبِلَ مِنْهُ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ مَعْنَى لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ وَهُوَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ (وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى الْبَائِعِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ هُنَا دَعْوَةُ مِلْكٍ لَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ الْعَلُوقَ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَإِذَا كَانَتْ دَعْوَةُ مِلْكٍ فَدَعْوَةُ الْمِلْكِ كَعَتَاقٍ مُوَقَّعٍ وَعِتْقُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْفُذُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ دَعْوَتُهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ: وَإِذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَبَطَلَ الْمَبِيعُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَالْأُمُّ أُمُّ وَلَدٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّصْدِيقِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَتُهُ لِأَنَّ النَّسَبَ

ص: 223