المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[على من يجب الجهاد] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ٢

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

- ‌[نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌ مُدَّةِ الرَّضَاعِ

- ‌[يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌ طَلَاقٌ السُّنَّةِ

- ‌[طَلَاقُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ]

- ‌[تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[مُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[صِفَةُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْخَطَأِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ عَمْدًا]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِحْصَانِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْمُتَوَلِّدْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْمَاعِزِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَشْيَاء الَّتِي تَكْرَهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْيَمِينِ الْغَمُوسِ]

- ‌ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ

- ‌[الْيَمِينُ اللَّغْوِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْإِشْهَادِ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي]

- ‌[طَلَبُ الْوِلَايَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُقَسِّمِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ]

- ‌[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]

- ‌[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

- ‌[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[الْوَصِيَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ]

- ‌[قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ]

- ‌[الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [

- ‌الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]

- ‌[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمَحْدُودَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ أَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[مَسَائِلٌ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[حِسَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[على من يجب الجهاد]

/ وَقَالَ عليه السلام «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَهَذَا إكْرَاهٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ السِّيَرِ]

[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

(كِتَابُ السِّيَرِ)

هُوَ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ فِي الْأُمُورِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِمَا يَخْتَصُّ بِسِيرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَغَازِيهِ وَالسِّيَرُ هَا هُنَا هُوَ الْجِهَادُ لِلْعَدُوِّ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] أَيْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ شَاقٌّ عَلَيْكُمْ وقَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وقَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] أَيْ لَا يَكُونَ شِرْكٌ {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] قَالَ رحمه الله (الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ فَرِيقٌ مِنْ النَّاسِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ) يَعْنِي إذَا كَانَ بِذَلِكَ الْفَرِيقِ كِفَايَةٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمْ كِفَايَةٌ فُرِضَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ الْعَدُوِّ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَحَدٌ أَثِمَ جَمِيعُ النَّاسِ بِتَرْكِهِ) لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْكُلِّ إلَّا أَنَّ فِي اشْتِغَالِ الْكُلِّ بِهِ قَطْعَ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بُطْلَانِ الزِّرَاعَةِ وَمَنَافِعِ الْمَعِيشَةِ

[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

قَوْلُهُ (وَقِتَالُ الْكُفَّارِ وَاجِبٌ عَلَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَبْدَءُونَا) لِأَنَّ قِتَالَهُمْ لَوْ وُقِفَ عَلَى مُبَادَأَتِهِمْ لَنَا لَكَانَ عَلَى وَجْهِ الدَّفْعِ وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ فِي الْمُسْلِمِينَ إذَا حَصَلَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ الْأَذِيَّةُ وَقِتَالُ الْمُشْرِكِينَ مُخَالِفٌ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ

[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا أَعْمًى وَلَا مُقْعَدٍ وَلَا أَقْطَعَ) لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا وَالْعَبْدُ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْمَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْحَجِّ وَالْجُمُعَةِ وَهُمَا مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ وَالْمَرْأَةُ يَسْقُطُ عَنْهَا فَرْضُ الْجُمُعَةِ فَسُقُوطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْهَا أَوْلَى وَالْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَالْأَقْطَعُ عَاجِزُونَ وَلِهَذَا سَقَطَ عَنْهُمْ فَرْضُ الْحَجِّ وَسَوَاءٌ كَانَ أَقْطَعَ الْأَصَابِعِ أَوْ أَشَلَّ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الْقِتَالِ إلَى يَدٍ يَضْرِبُ بِهَا وَيَدٍ يَتَّقِي بِهَا فَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ فِي الْقِتَالِ خَرَجَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِهِ

قَوْلُهُ (فَإِنْ هَجَمَ الْعَدُوُّ عَلَى بَلَدٍ وَجَبَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ الدَّفْعُ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَالْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَرْضَ عَيْنٍ وَمِلْكُ الْيَمِينِ وَرِقُّ النِّكَاحِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي حَقِّ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ دَارَ الْحَرْبِ فَحَاصَرُوا مَدِينَةً أَوْ حِصْنًا دَعَوْهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوهُمْ كَفُّوا عَنْ قِتَالِهِمْ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ قَوْلُهُ (وَإِنْ امْتَنَعُوا دَعَوْهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ) يَعْنِي فِي حَقِّ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ احْتِرَازًا عَنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16] قَوْلُهُ (فَإِنْ بَذَلُوهَا) أَيْ قَبِلُوهَا (فَلَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ) أَيْ يَكُونُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ كَدِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ قَوْلُهُ (وَإِنْ امْتَنَعُوا قَاتَلُوهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَعْذَرُوا إلَيْهِمْ فَأَبَوْا فَوَجَبَ قِتَالُهُمْ

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ) فَإِنْ قَاتَلُوهُمْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ أَثِمُوا وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمْ

ص: 257

فِي ذَلِكَ قَالَ الْيَنَابِيعُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الدَّعْوَةِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ فَاضَ وَاشْتَهَرَ فَمَا مِنْ زَمَانٍ أَوْ مَكَان إلَّا وَقَدْ بَلَغَهُ بَعْثَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدُعَاؤُهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْبَعْثِ إلَيْهِمْ وَتَرْكِهِ وَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ جَهْرًا وَخُفْيَةً قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ بَلَغَتْهُمْ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ أَيْ غَافِلُونَ وَنَعَمُهُمْ تَسْتَقِي عَلَى الْمَاءِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ قَوْلُهُ (فَإِنْ أَبَوْا اسْتَعَانُوا عَلَيْهِمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ النَّاصِرُ لِأَوْلِيَائِهِ وَالْمُدَمِّرُ لِأَعْدَائِهِ قَوْلُهُ (وَنَصَبُوا عَلَيْهِمْ الْمَجَانِيقَ) أَيْ يَنْصِبُونَهَا عَلَى حُصُونِهِمْ وَيَهْدِمُونَهَا كَمَا نَصَبَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ قَوْلُهُ (وَحَرَّقُوهُمْ) لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحْرَقَ الْبُوَيْرَةَ» وَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ فِيهِ نَخْلٌ.

قَوْلُهُ (وَأَرْسَلُوا عَلَيْهِمْ الْمَاءَ وَقَطَعُوا شَجَرَهُمْ وَأَفْسَدُوا زَرْعَهُمْ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ كَسْرَ شَوْكَتِهِمْ وَتَفْرِيقَ جَمْعِهِمْ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ بَنِي النَّضِيرِ وَأَمَرَ بِقَطْعِ نَخِيلِهِمْ وَحَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ وَأَمَرَ بِقَطْعِ كُرُومِهِمْ» قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ بِرَمْيِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ) يَعْنِي يَرْمِيهِمْ بِالنُّشَّابِ وَالْحِجَارَةِ وَالْمَنْجَنِيقِ لِأَنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ بِالذَّبِّ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلُ التَّاجِرِ وَالْأَسِيرِ ضَرَرٌ خَاصٌّ قَوْلُهُ (فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْأُسَارَى لَمْ يَكُفُّوا عَنْ رَمْيِهِمْ وَيَقْصِدُونَ بِالرَّمْيِ الْكُفَّارَ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ قَتْلِهِ فَإِنْ أَصَابُوا أَحَدًا مِنْ الصِّبْيَانِ أَوْ الْأُسَارَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ.

قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ وَالْمَصَاحِفِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ عَسْكَرٌ عَظِيمٌ يُؤْمَنُ مَعَهُمْ) لِأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ السَّلَامَةُ وَالْغَالِبُ كَالْمُتَحَقِّقِ وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْفِقْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَصَاحِفِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْعَجَائِزُ يَخْرُجْنَ فِي الْعَسْكَرِ الْعَظِيمِ لِإِقَامَةِ عَمَلٍ يَلِيقُ بِهِنَّ كَالطَّبْخِ وَالسَّقْيِ وَالْمُدَاوَاةِ فَأَمَّا الشَّوَابُّ فَمُقَامُهُنَّ فِي الْبُيُوتِ أَدْفَعُ لِلْفِتْنَةِ وَلَا يُبَاشِرْنَ الْقِتَالَ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهُنَّ لِلْمُبَاضَعَةِ وَالْخِدْمَةِ فَإِنْ كَانُوا لَا بُدَّ مُخْرَجِينَ فَالْإِمَاءُ دُونَ الْحَرَائِرِ وَقَدْ «كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجِهَادِ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ كُنْت أُصْلِحُ لَهُمْ الطَّعَامَ وَأُدَاوِي الْجَرْحَى وَأَقُومُ بِالْمَرْضَى وَكَذَلِكَ أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَاتَلَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْهُ» .

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا) لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضَ النِّسَاءِ لِلضَّيَاعِ وَالْفَضِيحَةِ وَخَوْفَ السَّبْيِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَكَذَلِكَ الْمَصَاحِفُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْ أَنْ تَنَالَهَا أَيْدِي الْكُفَّارُ فَيَسْتَخِفُّونَ بِهَا مُغَايَظَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ قَالَ عليه السلام -

ص: 258

«لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ»

قَوْلُهُ (وَلَا تُقَاتِلُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَلَا الْعَبْدُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَهْجُمَ الْعَدُوُّ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ

قَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَغْدِرُوا وَلَا يَغُلُّوا) الْغَدْرُ الْخِيَانَةُ وَنَقْضُ الْعَهْدِ وَالْخَفْرِ بِالْأَمَانِ وَالْغُلُولُ السَّرِقَةُ مِنْ الْمَغْنَمِ وَالْخِيَانَةُ فِيهِ بِأَنْ يُمْسِكَ شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَلَا يُظْهِرُهُ قَالَ عليه السلام الْغُلُولُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمِ وَالْغُلُولُ فِي اللُّغَةِ أَخْذُ الشَّيْءِ فِي الْخُفْيَةِ قَوْلُهُ (وَلَا يُمَثِّلُوا) وَهُوَ أَنْ يَقْطَعُوا أَطْرَافَ الْأُسَارَى أَوْ أَعْضَاءَهُمْ كَالْأُذُنِ وَالْأَنْفِ وَاللِّسَانِ وَالْأُصْبُعِ ثُمَّ يَقْتُلُوهُمْ أَوْ يُخَلُّوا سَبِيلَهُمْ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَقْطَعُوا رُءُوسَهُمْ وَيَشُقُّوا أَجْوَافَهُمْ وَيَقْطَعُوا مَذَاكِيرَهُمْ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا تُكْرَهُ الْمُثْلَةُ بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِمْ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهَا قَوْلُهُ (وَلَا يَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا مَجْنُونًا وَلَا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا أَعْمًى وَلَا مُقْعَدًا) لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ إلَّا إذَا قَاتَلُوا أَوْ حَرَّضُوا عَلَى الْقِتَالِ وَكَانُوا مِمَّنْ يُطَاعُ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمْ وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْخًا فَانِيًا يَعْنِي الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ فِي الْحَرْبِ أَمَّا إذَا كَانَ يُسْتَعَانُ بِرَأْيِهِ قُتِلَ ثُمَّ إذَا قُتِلَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا كَانَ عَمْدًا وَعَلَيْهِ الِاسْتِغْفَارُ.

وَإِذَا لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْسَرُوا وَيُحْمَلُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتْرُكُونَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ النِّسَاءَ إذَا تُرِكْنَ تَقَوَّى بِهِمْ أَهْلُ الْحَرْبِ وَكَذَا الصِّبْيَانُ يَبْلُغُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَكَذَا الْمَعْتُوهُ وَالْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَمَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا يُتْرَكُونَ فِي دَارٍ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُمْ يَطَئُونَ النِّسَاءَ فَيَنْسِلُونَ وَفِي ذَلِكَ تَكْثِيرُ عَدَدِ الْكُفَّارِ، وَأَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يُقَاتِلُ وَلَا رَأْيَ لَهُ وَلَا هُوَ مِمَّنْ يُلَقِّحُ فَإِنْ شَاءُوا أَسَرُوهُ وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْكُفَّارِ فِيهِ لَا بِرَأْيِهِ وَلَا بِنَسْلِهِ وَكَذَا الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا يُرْجَى وِلَادَتُهَا إنْ شَاءُوا أَسَرُوهَا وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهَا وَيَجُوزُ قَتْلُ الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالصَّحِيحِ وَكَذَا يَجُوزُ قَتْلُ الْأَخْرَسِ وَالْأَصَمِّ وَأَقْطَعِ الْيَدِ الْيُسْرَى وَأَقْطَعِ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِيَمِينِهِ وَيُمْكِنُ الْآخَرَ أَنْ يُقَاتِلَ رَاكِبًا وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا قَاتَلَتْ يَجُوزُ قَتْلُهَا لِأَنَّهَا إذَا قَاتَلَتْ صَارَتْ كَالرَّجُلِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ فِي الْحَرْبِ) لِأَنَّ مَنْ لَهُ رَأْيٌ يُسْتَعَانُ بِرَأْيِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِمُقَاتَلَتِهِ فَلِهَذَا يُقْتَلُ قَوْلُهُ (أَوْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِلْكَهُ) لِأَنَّ فِي قَتْلِهَا تَفْرِيقًا لِجَمْعِهِمْ وَكَذَا إذَا كَانَ مِلْكُهُمْ صَبِيًّا صَغِيرًا فَأَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ الْوَقْعَةَ وَكَانَ فِي قَتْلِهِ تَفْرِيقَ جَمْعِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَقْتُلُوا مَجْنُونًا) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ فَيُقْتَلُ دَفْعًا لِشَرِّهِ إلَّا أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يُقْتَلَانِ إلَّا مَا دَامَا يُقَاتِلَانِ وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ أَبَاهُ الْحَرْبِيَّ بِالْقَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] ؛ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَفِي قَتْلِهِ مُنَاقَضَةٌ لِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَالِجَهُ لِيَقْتُلَهُ غَيْرُهُ كَمَا إذَا ضَرَبَ قَوَائِمَ فَرَسِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ قَصَدَ الْأَبُ قَتْلَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الدَّفْعُ فَأَمَّا مَنْ سِوَى الْوَالِدَيْنِ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ الْحَرْبِيِّينَ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبَغْيِ وَالْخَوَارِجِ فَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَالْأَبِ سَوَاءٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ رضي الله عنه قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَذَلِكَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قَتَلَ أَخَاهُ عُبَيْدَةَ بْنَ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَذَا عُمَرُ رضي الله عنه قَتَلَ خَالَهُ الْعَاص بْن هِشَامٍ يَوْمَ بَدْرٍ

قَوْلُهُ (وَإِذَا رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُصَالِحَ أَهْلَ الْحَرْبِ أَوْ فَرِيقًا مِنْهُمْ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ بِهِ) لِأَنَّ الْمُوَادَعَةَ جِهَادٌ إذَا كَانَتْ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ دَفْعُ الشَّرِّ حَاصِلٌ بِهِ وَقَدْ وَادَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ بِأَنْ يَكُونُوا أَقْوَى مِنْ الْكُفَّارِ فَلَا يَجُوزُ مُصَالَحَتُهُمْ وَمُوَادَعَتُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد: 35] أَيْ لَا تَضْعُفُوا عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ وَتَدْعُوهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ بِمَا وَعَدَكُمْ اللَّهُ مِنْ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا

ص: 259

وَالْكَرَامَةِ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَأَنْتُمْ الْغَالِبُونَ وَاَللَّهُ مَعَكُمْ بِالْعَوْنِ وَالنَّصْرِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَطْلُبَ الْمُسْلِمُونَ مُوَادَعَةَ الْمُشْرِكِينَ إذَا خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ الْمُسْلِمُونَ مَالًا عَلَى ذَلِكَ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ مَالًا لِدَفْعِ ضَرَرِهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ» .

قَوْلُهُ (فَإِنْ صَالَحَهُمْ مُدَّةً ثُمَّ رَأَى أَنَّ نَقْضَ الصُّلْحِ أَنْفَعَ نَبَذَ إلَيْهِمْ وَقَاتَلَهُمْ) أَيْ طَرَحَ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ فَسَخَ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْغَدْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ يَبْلُغُ فِيهَا خَبَرُ النَّبْذِ إلَى جَمِيعِهِمْ وَيُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مَلِكُهُمْ بَعْدَ عِلْمِهِ مِنْ إنْفَاذِ الْخَبَرِ إلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَنْتَفِي الْغَدْرُ وَقَدْ كَانَ «النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَاهَدَ جَمَاعَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَنْظُرَ فِي عُهُودِهِمْ فَيُقِرَّ مَنْ كَانَ عَهْدُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى عَهْدِهِ إلَى أَنْ تَمْضِيَ وَيَحُطَّ مَنْ كَانَ عَهْدُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيَرْفَعَ عَهْدَ مَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَالَ تَعَالَى {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1] إلَى تَمَامِ عَشْرِ آيَاتٍ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه إلَى مَكَّةَ وَمَعَهُ هَذِهِ الْعَشْرُ الْآيَاتُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ النَّحْرِ حَيْثُ مُجْتَمَعُهُمْ وَيَنْبِذَ إلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مُتَوَجِّهًا إلَى مَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَا يُبَلِّغُ عَنْك إلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِك فَبَعَثَ عَلِيًّا رضي الله عنه إلَى أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ لَهُ كُنْ أَنْتَ الَّذِي تَقْرَأُ الْآيَاتِ فَسَارَ حَتَّى لَحِقَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فِي الطَّرِيقِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الشِّرْكِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ قَامَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْكُمْ فَقَالُوا بِمَاذَا قَالَ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَحُجَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ. وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَإِنَّ أَجَلَهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَإِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنْهُمْ ثُمَّ قَرَأَ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1] {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] إلَى آخِرِ الْآيَاتِ» وَالْبَرَاءَةُ هِيَ رَفْعُ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} [التوبة: 2] أَيْ فَسِيرُوا فِيهَا عَلَى الْمَهْلِ وَأَقْبِلُوا وَأَدْبِرُوا آمَنِينَ غَيْرَ خَائِفِينَ مِنْ قَتْلٍ وَلَا أَسْرٍ وَلَا نَهْبٍ إلَى أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّكُمْ وَإِنْ أُجِّلْتُمْ هَذِهِ الْمُدَّةَ فَلَنْ تُعْجِزُوا اللَّهَ {وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} [التوبة: 2] فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أَيْ وَإِعْلَامٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى النَّاسِ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] بَرِيءٌ مِنْهُمْ {فَإِنْ تُبْتُمْ} [التوبة: 3] مِنْ الشِّرْكِ {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [التوبة: 3] مِنْ الْإِقَامَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَعْرَضْتُمْ {فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [التوبة: 3] وقَوْله تَعَالَى {إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1] وَهْم حَيٌّ مِنْ كِنَانَةَ عَاهَدَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنْ لَا يُمَالِئُوا عَلَيْهِ عَدُوًّا وَلَا يَأْتِي الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَذًى فَلَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا مِمَّا عَاهَدْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمَالِئُوا عَلَيْكُمْ عَدُوًّا وَكَانَ بَقِيَ لَهُمْ مِنْ عَهْدِهِمْ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ فَأَمَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ إلَى مُدَّتِهِمْ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] أَيْ إذَا مَضَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ الَّتِي حُرِّمَ الْقِتَالُ فِيهَا بِالْعَهْدِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] وَامْنَعُوهُمْ مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ {وَاقْعُدُوا} [التوبة: 5] لِقِتَالِهِمْ كُلَّ طَرِيقٍ يَأْخُذُونَ فِيهِ إلَى الْبَيْتِ أَوْ إلَى التِّجَارَةِ وَهَذَا أَمْرٌ بِتَضْيِيقِ السُّبُلِ عَلَيْهِمْ وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ هِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَلَيْسَتْ هِيَ الْأَرْبَعَةُ الْحُرُمُ الْمَعْرُوفَةُ

قَوْلُهُ (فَإِنْ بَدَءُوا بِخِيَانَةٍ قَاتَلَهُمْ وَلَمْ يَنْبِذْ إلَيْهِمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَصِيرُونَ نَاقِضِي الْعَهْدِ وَإِذَا كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ عَلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَمَضَى الْوَقْتُ فَقَدْ بَطَلَ الْعَهْدُ بِغَيْرِ نَبْذٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُغِيرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَقَّتَ يَبْطُلُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ دَخَلَ إلَيْنَا بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ فِي دَارِنَا فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَعُودَ إلَى مَأْمَنِهِ وَلَا يَحِلُّ دَمُهُ وَلَا سَبْيُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] قَوْلُهُ (وَإِذَا خَرَجَ عَبِيدُهُمْ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ أَحْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَزُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخُرُوجِ إلَيْنَا مُرَاغِمِينَ لِمَوَالِيهِمْ وَكَذَا إذَا أَسْلَمُوا هُنَاكَ وَلَمْ يَخْرُجُوا إلَيْنَا وَظَهَرْنَا عَلَى دَارِهِمْ كَانُوا أَحْرَارًا وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَحَدٍ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ حُكْمِيٌّ

ص: 260

قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَأْكُلُوا مِمَّا وَجَدُوهُ مِنْ الطَّعَامِ) كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الشَّيْخُ ذَلِكَ بِالْحَاجَةِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي رِوَايَةٍ يُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَجُوزُ تَنَاوُلُهَا لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي طَعَامِ خَيْبَرَ «كُلُوا وَاعْلِفُوا وَلَا تَحْمِلُوا» وَكَذَا لَا يَبِيعُوا مِنْهُ بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ.

قَوْلُهُ (وَيَسْتَعْمِلُوا الْحَطَبَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْتَعْمِلُوا الطِّيبَ قَوْلُهُ (وَيَدْهُنُوا بِالدُّهْنِ) يَعْنِي الدُّهْنَ الْمَأْكُولَ مِثْلَ السَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَالْخَلِّ وَهُوَ السَّلِيطُ، وَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ كَالْبَنَفْسَجِ وَدُهْنِ الْوَرْدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَدْهُنُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلزِّينَةِ فَهُوَ كَالثِّيَابِ وَإِنْ دَخَلَ التُّجَّارُ مَعَ الْعَسْكَرِ لَا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَعْلِفُوا دَوَابَّهُمْ إلَّا بِالثَّمَنِ لِأَنَّ التَّاجِرَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَإِنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ عَلَفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِيهِ، وَأَمَّا الْعَسْكَرُ فَلَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوا عَبِيدَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَصِبْيَانَهُمْ لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ فَكَانُوا مِثْلَهُمْ، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَأْكُلُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ دَخَلَ النِّسَاءُ لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَالْمَرْضَى أَكَلْنَ وَعَلَفْنَ وَأَطْعَمْنَ رَقِيقَهُنَّ لِأَنَّ لَهُنَّ حَقًّا فِي الْغَنِيمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُرْضَخُ لَهُنَّ فَصِرْنَ كَالرِّجَالِ وَلَوْ أَنَّ الْعَسْكَرَ ذَبَحُوا الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْإِبِلَ فَأَكَلُوا اللَّحْمَ رَدُّوا الْجُلُودَ إلَى الْمَغْنَمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي الْأَكْلِ وَالْعَلَفِ فَهِيَ كَالثِّيَابِ قَوْلُهُ (وَيُقَاتِلُونَ بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ السِّلَاحِ كُلُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ قِسْمَةٍ) يَعْنِي إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِأَنْ انْقَطَعَ سَيْفُهُ أَوْ انْكَسَرَ رُمْحُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِلَاحٌ وَكَذَا إذَا دَعَتْهُ حَاجَةٌ إلَى رُكُوبِ فَرَسٍ مِنْ الْمَغْنَمِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَإِذَا زَالَتْ الْحَاجَةُ رَدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنْ الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ شَيْئًا لِيَقِيَ بِهِ دَابَّتَهُ وَثِيَابَهُ وَسِلَاحَهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام إيَّاكُمْ وَرِبَا الْغُلُولِ وَلِأَنَّ هَذَا انْتِفَاعٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَكِنْ لَيَصُونَ ثِيَابَهُ وَفَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَمْ يَسْتَقِرَّ لِلْغَانِمِينَ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَتَمَوَّلُونَهُ) يَعْنِي لِكَيْ يَتَمَوَّلُوهُ حَتَّى لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِطَعَامٍ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا يَبِيعُهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ «وَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَلْ أَحَدٌ أَحَقُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ قَالَ لَا حَتَّى السَّهْمِ يَأْخُذُهُ أَحَدُكُمْ مِنْ جَنْبِهِ فَلَيْسَ هُوَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيهِ وَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبَرَةً مِنْ سَنَامِ بَعِيرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ هَذِهِ مِنْ غَنَائِمِكُمْ فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ وَمَا دُونَ ذَلِكَ وَمَا فَوْقَهُ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَارٌ وَشَنَارٌ»

قَوْلُهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحْرَزَ بِإِسْلَامِهِ نَفْسَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا قَوْلُهُ (وَكُلُّ مَالٍ هُوَ فِي يَدِهِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» .

(قَوْلُهُ أَوْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ فَهُوَ مُحْرَزٌ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا صَحِيحَةً مُحْتَرَمَةً فَهِيَ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ إذْ يَدُ مُودِعِهِ يَدٌ لَهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي يَدِ حَرْبِيٍّ فَهُوَ فَيْءٌ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَيْسَ لَهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ قَوْلُهُ (فَإِنْ ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ فَعَقَارُهُ فَيْءٌ) لِأَنَّ الْعَقَارَ بُقْعَةٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً فَكَانَتْ غَنِيمَةً وَالزَّرْعُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْصُودٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَقَارِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ مَا كَانَ مَنْقُولًا فَهُوَ لَهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَلَا يَكُونُ فَيْئًا إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ يُقَاتِلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَاتَلَ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى، وَأَمَّا مَا كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالزَّرْعِ غَيْرِ الْمَحْصُودِ فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْمَنْقُولُ وَغَيْرُ الْمَنْقُولِ سَوَاءٌ وَلَا يَكُونُ فَيْئًا قَوْلُهُ (وَزَوْجَتُهُ فَيْءٌ) لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ حَرْبِيَّةٌ لَا تَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ (وَحَمْلُهَا فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِأُمِّهِ فَهُوَ كَعُضْوٍ مِنْهَا بِدَلِيلِ

ص: 261

أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ فَقُلْنَا هُوَ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلْأَبِ فِي الْإِسْلَامِ وَرَقِيقٌ فِي الْحُكْمِ تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالْمُسْلِمُ قَدْ يَكُونُ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ فَإِنَّهُ حُرٌّ لِانْعِدَامِ الْجُزْئِيَّةِ قَوْلُهُ (وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ حَرْبِيُّونَ وَلَا تَبَعِيَّةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى حُكْمِ أَنْفُسِهِمْ وَمَنْ قَاتَلَ مِنْ عَبِيدِهِ فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَمَرَّدَ عَلَى مَوْلَاهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَصَارَ تَبَعًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَاع السِّلَاحُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى قِتَالِنَا لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْحَرْبِ وَكَذَا الْحَدِيدُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ السِّلَاحِ وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَيْنَا وَكَذَا لَا يُبَاع مِنْهُمْ رَقِيقُ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا فَاشْتَرَى سِلَاحًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِهِ إلَيْهِمْ قَوْلُهُ (وَلَا يُفَادَوْنَ بِالْأُسَارَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي لَا يُفَادَى أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ بِأُسَارَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةَ الْكُفَّارِ عَلَيْنَا وَدَفْعَ شَرِّ حَرْبِهِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِنْفَاذِ أَسِيرِنَا قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَادَى بِهِمْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيصَ الْمُسْلِمِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ، وَأَمَّا مُفَادَاةُ أُسَارَى الْمُشْرِكِينَ بِمَالٍ نَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعُونَةِ لَهُمْ بِمَا يَخْتَصُّ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ فَصَارَ كَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْهُمْ بِالْمَالِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ اسْتِدْلَالًا بِأُسَارَى بَدْرٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَادَى الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْفَانِيَةُ بِالْمَالِ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى مِنْهُمَا الْوَلَدُ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَلَا يُفَادَى بِهِمْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ لَا قِتَالَ فِيهِ وَلَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ فَلَيْسَ فِي رَدِّهِ إلَيْهِمْ مَعُونَةٌ لَهُمْ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِي رَدِّهِمْ مَعُونَةٌ لَهُمْ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ يَبْلُغُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَالنِّسَاءَ يَلِدْنَ فَيَكْثُرُ نَسْلُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ إذَا أَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ فَطَلَبُوا مُفَادَاتَهُ بِالْمَالِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةً لَهُمْ بِمَا يَخْتَصُّ بِالْقِتَالِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ)(الْمَنُّ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْأُسَارَى بِأَنْ يُطْلِقَهُمْ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَلَا جِزْيَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ حَقُّ الِاسْتِرْقَاقِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَأَمَّا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي الطَّبَرَانِيَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ قَوْلُهُ (وَإِذَا)(فَتَحَ الْإِمَامُ بَلَدًا عَنْوَةً) أَيْ قَهْرًا (فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ) كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ) كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه بِسَوَادِ الْعِرَاقِ بِمُوَافَقَةِ الصَّحَابَةِ وَقِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَسِّمَهَا عِنْدَ حَاجَةِ الْغَانِمِينَ وَأَنْ يَتْرُكَ قِسْمَتَهَا عِنْدَ عَدَمِ حَاجَتِهِمْ وَهَذَا فِي الْعَقَارِ أَمَّا فِي الْمَنْقُولِ فَلَا يَجُوزُ الْمَنُّ بِرَدِّهِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ (وَهُوَ فِي الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ) إلَّا أَنْ يُسْلِمُوا لِأَنَّ فِي قَتْلِهِمْ حَسْمَ مَادَّةِ الْفَسَادِ إذَا رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لِمَا يَخَافُ مِنْ غَدْرِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ) سَوَاءٌ أَسْلَمُوا أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا إذَا كَانُوا مِمَّنْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ الْعَرَبِ وَأَيُّ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمُوا وَقَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَإِنْ قَسَّمَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ بَاعَهُمْ حُرِّمَتْ دِمَاؤُهُمْ فَإِنْ قَتَلَهُمْ قَاتِلٌ غَرِمَ قِيمَتَهُمْ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا قَتَلَهُمْ خَطَأً لِأَنَّ الْقِسْمَةَ وَالْبَيْعَ تَقْرِيرٌ لِلرِّقِّ فِيهِمْ وَإِسْقَاطٌ لِحُكْمِ الْقَتْلِ

ص: 262

عَنْهُمْ فَصَارَ الْقَاتِلُ جَانِيًا كَمَنْ قَتَلَ عَبْدَ غَيْرِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْأَصْلِ شُبْهَةٌ وَالْقِصَاصُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَسِيرُ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمَ حُرِّمَ دَمُهُ وَقُسِّمَ فِي الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ عُقُوبَةٌ عَلَى الْكُفْرِ فَيَرْتَفِعُ بِالْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُنَافِي الِاسْتِرْقَاقَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمْ أَحْرَارًا ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ) إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُهُمْ وَإِنَّمَا لَهُمْ الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمُوا لَا يَقْتُلُهُمْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُمْ تَوْفِيرًا لِلْمَنْفَعَةِ بَعْدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ وَهُوَ الْأَخْذُ بِخِلَافِ إسْلَامِهِمْ قَبْلَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ الْعَوْدَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَعَهُ مَوَاشٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَقْلِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ذَبَحَهَا وَحَرَقَهَا) لِأَنَّ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ يَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَلَا غَرَضَ أَصَحُّ مِنْ كَسْرِ شَوْكَةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَأَمَّا تَحْرِيقُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ فَلِقَطْعِ مَنْفَعَةِ الْكُفَّارِ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيقُهَا قَبْلَ الذَّبْحِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَلَا يَعْقِرُهَا؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ قَوْلُهُ (وَلَا يَعْقِرُهَا وَلَا يَتْرُكُهَا) مَعْنَاهُ لَا يَعْقِرُهَا وَلَا يَتْرُكُهَا مَعْقُورَةً وَلَا يَتْرُكُهَا ابْتِدَاءً بِدُونِ الْعَقْرِ فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ لَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَلَا يَعْقِرُهَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَعْقِرُهَا وَقَوْلُهُ وَلَا يَتْرُكُهَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَتْرُكُهَا مِنْ غَيْرِ عَقْرٍ وَلَا ذَبْحٍ وَمَا كَانَ مِنْ سِلَاحٍ يُمْكِنُ تَحْرِيقُهُ حَرَقَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ تَحْرِيقُهُ كَالْحَدِيدِ فَإِنَّهُ يَدْفِنُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ يُكَسِّرُ آنِيَتَهُمْ وَأَثَاثَهُمْ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَيُرَاقُ جَمِيعُ أَدْنَانِهِمْ وَجَمِيعُ الْمَائِعَاتِ مُغَايَظَةً لَهُمْ، وَأَمَّا السَّبْيُ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى نَقْلِهِمْ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ الرِّجَالَ إذَا لَمْ يُسْلِمُوا وَيَتْرُكُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالشُّيُوخَ فِي أَرْضٍ مُضَيِّعَةٍ لِيَهْلِكُوا جُوعًا وَعَطَشًا وَكَذَا إذَا وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُمْ يَقْطَعُونَ ذَنَبَ الْعَقْرَبِ وَيَكْسِرُونَ أَنْيَابَ الْحَيَّةِ وَلَا يَقْتُلُونَهُمَا قَطْعًا لِضَرَرِهِمَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَإِبْقَاءً لِنَسْلِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَقْسِمُ غَنِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يُخْرِجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ الْكَرَاهَةُ لَا عَدَمُ الْجَوَازِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا بَأْسَ بِقِسْمَتِهَا هُنَاكَ

قَوْلُهُ (وَالرِّدْءُ وَالْمُبَاشِرُ سَوَاءٌ) الرِّدْءُ الْمُعِينُ النَّاصِرُ يُقَالُ فُلَانٌ رِدْءُ فُلَانٍ إذَا كَانَ يَنْصُرُهُ وَيَشُدُّ ظَهْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ مُوسَى عليه السلام {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} [القصص: 34] أَيْ عَوْنًا وَالْمُبَاشِرُ هُوَ الَّذِي يُبَاشِرُ الْقِتَالَ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِزُوا الْغَنِيمَةَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ شَارَكُوهُمْ فِيهَا) هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ قَوْلُهُ (وَلَا حَقَّ لِأَهْلِ سُوقِ الْعَسْكَرِ فِي الْغَنِيمَةِ إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا) وَكَذَا لَا يُسْهِمُ لِلتَّاجِرِ وَلَا لِلْأَجِيرِ فَإِنْ قَاتَلَ التَّاجِرُ مَعَ الْعَسْكَرِ أُسْهِمَ لَهُ إنْ كَانَ فَارِسًا فَفَارِسٌ أَوْ رَاجِلًا فَرَاجِلٌ وَكَذَا الْأَجِيرُ إنْ تَرَكَ خِدْمَةَ صَاحِبِهِ وَقَاتَلَ مَعَ الْعَسْكَرِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْخِدْمَةَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ عَلَى نِيَّةِ الْقِتَالِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ سَوَاءٌ قَاتَلَ أَمْ لَا وَمَنْ دَخَلَ لِغَيْرِ الْقِتَالِ لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ وَمَنْ دَخَلَ لِيُقَاتِلَ فَلَمْ يُقَاتِلْ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ سَهْمُهُ إنْ كَانَ فَارِسًا فَفَارِسٌ أَوْ رَاجِلًا فَرَاجِلٌ وَكَذَا إذَا دَخَلَ مُقَاتِلًا فَأُسِرَ ثُمَّ تَخَلَّصْ قَبْلَ إخْرَاجِ الْغَنِيمَةِ فَلَهُ سَهْمُهُ

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَمِنَ رَجُلٌ حُرٌّ أَوْ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ كَافِرًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ صَحَّ أَمَانُهُمْ) أَمَّا أَمَانُ الرَّجُلِ لِوَاحِدٍ فَلِقَوْلِهِ عليه السلام -

ص: 263

«الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» أَيْ أَقَلُّهُمْ وَهُوَ الْوَاحِدُ وَمَعْنَى تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ أَنَّ دَمَ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ سَوَاءٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَيْ يُقَاتِلُونَ مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَمَّا أَمَانُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ جَائِزٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ «زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّنَتْ زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ وَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَانَهَا» فَقَالَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْت وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْت وَرُوِيَ أَنَّ «أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَجَازَتْ حَمَوَيْنِ لَهَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَهُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فَتَفَلَّتَ أَخُوهَا عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلَيْهِمَا لِيَقْتُلَهُمَا وَقَالَ أَتُجِيرِينَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ وَاَللَّهِ لَا تَقْتُلُهُمَا حَتَّى تَقْتُلَنِي قَبْلَهُمَا ثُمَّ أَغْلَقَتْ دُونَهُ الْبَابَ وَمَضَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيت مِنْ ابْنِ أَبِي وَأُمِّي وَذَكَرَتْ لَهُ الْقِصَّةَ فَقَالَ مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ قَدْ أَجَرْنَا مِنْ أَجَرْت وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْت» قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ فَيَنْبِذُ إلَيْهِمْ الْإِمَامُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَلْحَقُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ وَهَنٌ وَمَذَلَّةٌ كَانَ لِلْإِمَامِ نَقْضُهُ فَيَنْبِذُ إلَيْهِمْ كَمَا إذَا أَمَّنَهُمْ الْإِمَامُ بِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ وَالْمُرَاهِقُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يَبْلُغَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ كَالْبَالِغِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعُقُودَ وَالْأَمَانُ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَمَانُ ذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ تَقْوِيَةَ الْكُفَّارِ وَإِظْهَارَ كَلِمَتِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ وَلَا الْأَسِيرِ وَلَا التَّاجِرِ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ) وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا لَا يَجُوزُ أَمَانُهُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَضْطَرُّونَ إلَى مَا يُرِيدُهُ الْكُفَّارُ لِيَتَخَلَّصُوا بِذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَمَانُ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي الْقِتَالِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ فَهُمْ آمِنُونَ مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْوِلَايَةَ فَصَارَ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ أَمَانُهُ) أَذِنَ لَهُ فِي الْقِتَالِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إذَا قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ الْأَمَانَ الْأَمَانَ فَقَالَ رَجُلٌ حُرٌّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ لَا تَخَافُوا وَلَا تَذْهَلُوا أَوْ عَهْدٌ اللَّهِ وَذِمَّتُهُ أَوْ تَعَالَوْا وَاسْمَعُوا الْكَلَامَ فَهَذَا كُلُّهُ أَمَانٌ صَحِيحٌ

قَوْلُهُ (وَإِذَا غَلَبَ التُّرْكُ عَلَى الرُّومِ فَسَبَوْهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا) يَعْنِي أَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ وَاسْتَرَقُّوا أَوْلَادَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَ ذَلِكَ وَإِنْ قُطِعَ حَقُّ الْأَوَّلِينَ عَنْهَا فَصَارَتْ مَالًا لَهُمْ وَكَذَا إذَا غَلَبَ الرُّومُ عَلَى التُّرْكِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَالتُّرْكِيُّ حَرْبِيٌّ مِثْلُ الرُّومِيِّ قَوْلُهُ (فَإِنْ غَلَبْنَا عَلَى التُّرْكِ حَلَّ لَنَا مَا نَأْخُذُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَلَا يَمْنَعُ صُلْحُنَا مَعَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَلَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُمْ مَلَكْنَاهُ فَكَذَا إذَا غَلَبْنَاهُمْ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا وَأَحْرَزُوهَا بِدَرَاهِم مَلَكُوهَا) اعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ إذَا غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ثُمَّ عِنْدَنَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْلِمُوا وَيَغْلِبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَلَا سَبِيلَ لِأَصْحَابِهَا عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» وَإِنْ غَلَبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَاسْتَنْفَذُوهَا مِنْ أَيْدِيهمْ فَإِنْ جَاءَ أَرْبَابُهَا فَوَجَدُوهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا وَهُوَ قَوْلُهُ (فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فَوَجَدُوهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهِيَ لَهُمْ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ وَجَدُوهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِالْقِيمَةِ إنْ أَحَبُّوا) ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا لَا يَأْخُذُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا

ص: 264