المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كتاب القاضي إلى القاضي] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ٢

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

- ‌[نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌ مُدَّةِ الرَّضَاعِ

- ‌[يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌ طَلَاقٌ السُّنَّةِ

- ‌[طَلَاقُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ]

- ‌[تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[مُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[صِفَةُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْخَطَأِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ عَمْدًا]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِحْصَانِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْمُتَوَلِّدْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْمَاعِزِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَشْيَاء الَّتِي تَكْرَهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْيَمِينِ الْغَمُوسِ]

- ‌ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ

- ‌[الْيَمِينُ اللَّغْوِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْإِشْهَادِ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي]

- ‌[طَلَبُ الْوِلَايَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُقَسِّمِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ]

- ‌[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]

- ‌[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

- ‌[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[الْوَصِيَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ]

- ‌[قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ]

- ‌[الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [

- ‌الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]

- ‌[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمَحْدُودَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ أَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[مَسَائِلٌ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[حِسَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[كتاب القاضي إلى القاضي]

الْقَرْضِ أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ) لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ثَبَتَ غِنَاهُ وَإِنَّمَا يَحْبِسُهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا أَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَا يَحْبِسُهُ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُعَجَّلُ دُونَ الْمُؤَجَّلِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَحْبِسُهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ) كَعِوَضِ الْمَغْصُوبِ وَأَرْشِ الْجِنَايَاتِ.

(إذَا قَالَ: إنِّي فَقِيرٌ) إلَّا أَنْ يُثْبِتَ غَرِيمُهُ أَنَّ لَهُ مَالًا فَيَحْبِسُهُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ وَيَحْبِسُهُ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ يَسْأَلُ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ خَلَّى سَبِيلَهُ) لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْإِنْظَارَ إلَى الْمَيْسَرَةِ فَيَكُونُ حَبْسُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ظُلْمًا وَلَيْسَ تَقْدِيرُ مُدَّةِ حَبْسِهِ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِلَازِمٍ بَلْ التَّقْدِيرُ فِيهِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُضْجِرُهُ الْحَبْسُ الْقَلِيلُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُضْجِرُهُ الْكَثِيرُ فَفُوِّضَ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إفْلَاسِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ أَوْ قَبْلَ الْمُدَّةِ تُقْبَلُ فِي رِوَايَةٍ وَلَا تُقْبَلُ فِي أُخْرَى وَهِيَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَطَّلِعُ عَلَى إعْسَارِهِ وَلَا يَسَارِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ مَخْبُوءٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ فَلَا بُدَّ مِنْ حَبْسِهِ ثُمَّ إذَا حَبَسَهُ الْقَاضِي الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَسَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ بِإِعْسَارِهِ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحَبْسِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ بَلْ إذَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ثِقَةٌ عَمِلَ بِقَوْلِهِ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ بِأَنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْإِعْسَارَ وَقَالَ الطَّالِبُ: هُوَ مُوسِرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَبْسِ فَإِنْ دَخَلَ دَارِهِ لِحَاجَةٍ لَا يَتْبَعُونَهُ بَلْ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِرَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ لَا يُلَازِمُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا وَلَكِنْ يَبْعَثُ امْرَأَةً أَمِينَةً تُلَازِمُهَا.

(قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ الرَّجُلُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْهَا وَيُحْبَسُ أَيْضًا فِي دَيْنِ مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ وَلَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ لِمَوْلَاهُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ ظَالِمًا بِذَلِكَ وَالْحَبْسُ إنَّمَا هُوَ جَزَاءُ الظُّلْمِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُحْبَسُ وَالِدٌ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ) يَعْنِي لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُونَ وَإِنْ عَلَوْا لِأَجْلِ دَيْنِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْحَبْسَ نَوْعُ عُقُوبَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا الْوَلَدُ عَلَى وَالِدَيْهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] وَالْحَبْسُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إحْيَاءَ الْوَلَدِ وَالنَّفَقَةُ لَا تُسْتَدْرَكُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ إنَّمَا لَا يُحْبَسُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا كَانَ الْمَدْيُون صَغِيرًا وَلَهُ وَلِيٌّ يَجُوزُ لَهُ قَضَاءُ دُيُونِهِ وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ حَبَسَ الْقَاضِي الْوَلِيَّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ دُيُونِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْمَرْأَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) اعْتِبَارًا لِشَهَادَتِهَا.

[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

(قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي الْحُقُوقِ إذَا شَهِدَ بِهَا عِنْدَهُ) يُرِيدُ بِهِ مِنْ قَاضِي مِصْرٍ إلَى قَاضِي آخَرَ وَمِنْ قَاضِي مِصْرٍ إلَى قَاضِي رُسْتَاقَ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ قَاضِي الرُّسْتَاقِ إذَا وَرَدَ عَلَى قَاضِي مِصْرٍ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَأَمَّا شَرْطُ الشَّهَادَةِ فَلِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَّا بِهَا وَقَوْلُهُ إذَا شَهِدَ بِهَا عِنْدَهُ يَعْنِي بِالْحُقُوقِ وَيَرْوِي بِهِ عِنْدَهُ أَيْ بِالْكِتَابِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا أَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ.

وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ إذَا كَانَ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ قَاضِيَانِ جَازَ كِتَابُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ كِتَابِهِ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لَا يُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّ كِتَابَهُ يَقُومُ مَقَامَ خِطَابِهِ

ص: 243

وَخِطَابُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ كِتَابُهُ بِمَنْزِلَةِ خِطَابِهِ لِأَنَّ خِطَابَهُ قَدْ بَطَلَ وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ فَقَرَأَهُ ثُمَّ مَاتَ الْكَاتِبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ عُزِلَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوَّلًا أَوْ عُزِلَ وَوَلِيَ غَيْرُهُ الْقَضَاءَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْكِتَابَ لِأَنَّهُ كَتَبَ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَاتَ الْخَصْمُ يَنْفُذُ الْكِتَابُ عَلَى وَرَثَتِهِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى خَصْمٍ حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ وَكُتِبَ بِحُكْمِهِ) صُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ يَكْتُبُ هَذَا الْقَاضِي كِتَابًا إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَهُ فَيَأْخُذُهُ بِالْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدُوا بِغَيْرِ حَضْرَةِ خَصْمٍ لَمْ يُحْكَمْ) أَيْ إنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَقَوْلُهُ وَكَتَبَ بِالشَّهَادَةِ لِيَحْكُمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِهَا وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِهَا لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ كَانَ كِتَابُهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فِي إثْبَاتِ الْحَقِّ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِأَنَّ الْكِتَابَ يُشْبِهُ الْكِتَابَ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ لِيَعْرِفُوا مَا فِيهِ) أَوْ يُعْلِمَهُمْ بِهِ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ بِدُونِ الْعِلْمِ (ثُمَّ يَخْتِمُهُ بِحَضْرَتِهِمْ وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِمْ) كَيْ لَا يُتَوَهَّمَ التَّغْيِيرُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ عِلْمَ مَا فِي الْكِتَابِ وَالْخَتْمِ بِحَضْرَتِهِمْ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا وَكَذَا حِفْظُ مَا فِي الْكِتَابِ أَيْضًا عِنْدَهُمَا شَرْطٌ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ شَرْطًا وَالشَّرْطُ أَنْ يُشْهِدَهُمْ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَخَتْمُهُ وَاخْتَارَ السَّرَخْسِيُّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَفْتَحُهُ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَمَّا فِي الْكِتَابِ وَيَقُولُ هَلْ قَرَأَهُ عَلَيْكُمْ وَهَلْ خَتَمَهُ بِحَضْرَتِكُمْ فَإِنْ قَالُوا: لَا أَوْ قَرَأَهُ عَلَيْنَا وَلَمْ يَخْتِمْهُ بِحَضْرَتِنَا أَوْ خَتَمَهُ بِحَضْرَتِنَا وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْنَا لَا يَفْتَحُهُ وَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ قَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ بِحَضْرَتِنَا فَتَحَهُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا وَصَلَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَقْبَلْهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْمَشْهُودِ لَهُ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ وَالشَّهَادَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمُدَّعٍ وَخَصْمٍ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا سَلَّمَهُ الشُّهُودُ إلَيْهِ نَظَرَ إلَى خَتْمِهِ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ فَضَّهُ حِينَئِذٍ وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمَهُ مَا فِيهِ) وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ أَيْ فِي مَجْلِسٍ يَصِحُّ حُكْمُهُ فِيهِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي

ص: 244

شَاهَانْ وَقَوْلُهُ وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقُولُوا: ذَلِكَ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي قَبِلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا: قَرَأَهُ عَلَيْنَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) لِأَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالشُّبْهَةِ وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي شُبْهَةٌ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَاضِي وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَلَّدَ الْقَضَاءَ دُونَ التَّقْلِيدِ فِيهِ فَصَارَ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَهُ كَالْوَكِيلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا إذَا قِيلَ: لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَهُنَا إذَا قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: وَلِّ مَنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ وَمِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْقَاضِي فِي مَعْنَى الْوَكِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي جُعِلَ إلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا فِيمَا جُعِلَ إلَيْهِ فَإِنْ قَضَى الْمُسْتَخْلَفُ بِمَحْضَرِ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ قَضَى الْمُسْتَخْلَفُ فَأَجَازَ الْأَوَّلُ جَازَ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ حَضَرَ رَأْيَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الشَّرْطُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقُضَاةَ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِ الْأُمَرَاءِ وَلَا الْأُمَرَاءُ وَالْقُضَاةُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابٌ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ بَاقُونَ وَلَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي حُكْمُ حَاكِمٍ آخَرَ أَمْضَاهُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ أَوْ الْإِجْمَاعَ أَوْ يَكُونَ قَوْلًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ) مُخَالَفَةُ الْكِتَابِ مِثْلُ الْحُكْمِ بِحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَالْحُكْمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَمُخَالَفَةُ السُّنَّةِ كَحِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَوْلُهُ وَالْإِجْمَاعُ مِثْلُ تَجْوِيزِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى غَائِبٍ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ مِنْ الْخَصْمِ فَيَشْتَبِهُ وَجْهُ الْقَضَاءِ وَلِأَنَّ الْغَائِبَ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ لَهُ فَكَذَا لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) كَالْوَكِيلِ أَوْ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ وَإِذَا حَكَّمَ رَجُلَانِ رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ جَازَ إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ بِصِفَةِ الْحَاكِمِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ كَافِرًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صَبِيًّا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَالْحُكْمِ حَتَّى لَوْ كَانَ وَقْتَ التَّحْكِيمِ عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ أَوْ صَبِيًّا فَبَلَغَ أَوْ كَافِرًا فَأَسْلَمَ وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عُمَرَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنهما مُخَاصَمَةٌ فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا زَيْدَ بْنُ ثَابِتٍ فَأَتَيَاهُ فَخَرَجَ إلَيْهِمَا فَقَالَ زَيْدٌ لِعُمَرَ هَلَّا بَعَثْت إلَيَّ فَآتِيك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحُكْمُ فَأَلْقَى لِعُمَرَ وِسَادَةً فَقَالَ عُمَرُ هَذَا أَوَّلُ الْجَوْرِ وَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ زَيْدٌ لِأُبَيٍّ لَوْ أَعْفَيْت عَنْهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ يَمِينٌ لَزِمَتْنِي بَلْ أَحْلِفُ فَقَالَ أُبَيٌّ بَلْ نُعْفِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهَا وَنُصَدِّقُهُ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَكُونُ قَاضِيًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا حَكَّمَاهُ لِفِقْهِهِ وَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفِقْهِ فِيهِمْ حَتَّى رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَخْتَلِفُ إلَيْهِ وَيَأْخُذُ بِرِكَابِهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ وَقَالَ هَكَذَا أُمِرْنَا بِأَنْ نَصْنَعَ بِفُقَهَائِنَا فَيُقَبِّلُ زَيْدٌ يَدَهُ وَيَقُولُ هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَصْنَعَ بِأَشْرَافِنَا وَأَمَّا

ص: 245