الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبُو يُوسُفَ فِي السَّيْفِ لَهُ النَّصْلُ دُونَ الْجَفْنِ وَفِي السَّرْجِ لَهُ الدَّفَّتَانِ وَالرِّكَابَانِ دُونَ اللِّبْدِ وَالْمِيثَرَةِ وَهِيَ قُطْنٌ مَحْشُوٌّ يُتْرَكُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ وَفِي الْمُصْحَفِ لَهُ الْمُصْحَفُ دُونَ الْغِلَافِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُنْفَصِلَةٌ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ كَمَنْ أَوْصَى بِدَارٍ لَا يَدْخُلُ فِيهَا الْمَتَاعُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِأَنَّ الْغِلَافَ تَابِعٌ لِلْمُصْحَفِ كَجَفْنِ السَّيْفِ عَلَى أَصْلِهِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِمِيزَانٍ فَلَهُ الْكِفَّتَانِ وَالْعَمُودُ وَاللِّسَانُ وَلَيْسَ لَهُ الصَّنَجَاتُ وَلَا التَّخْتُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمِيزَانِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَكْمُلُ إلَّا بِالْجَمِيعِ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ هِيَ مُنْفَصِلَةٌ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِنْطَةٍ فِي جَوَالِقَ فَلَهُ الْحِنْطَةُ دُونَ الْجَوَالِقِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ فَلَهُ الْقَوْصَرَّةُ وَالتَّمْرُ لِأَنَّ الْقَوْصَرَّةَ تَدْخُلُ فِي بَيْعِ التَّمْرِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْجَوَالِقِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَسَلٍ فِي زِقٍّ أَوْ بِسَمْنٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ بِزَيْتٍ فِي إنَاءٍ لَمْ تَدْخُلْ الْآنِيَةُ وَإِنَّمَا لَهُ الْعَسَلُ وَحْدَهُ وَالسَّمْنُ وَحْدَهُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ ثِيَابِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَاهَا وَبَقِيَ ثُلُثُهَا وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الثِّيَابِ) هَذَا إذَا كَانَتْ الثِّيَابُ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الثِّيَابَ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً لَا يُقَسَّمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَالْبَاقِي مِنْهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقِسْمَةِ فَلَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَاقِي فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُوصَى لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَهُ مَالٌ عَيْنٌ وَدَيْنٌ فَإِنْ خَرَجَتْ الْأَلْفُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ دُفِعَتْ إلَى الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ دَفَعَ إلَيْهِ ثُلُثَ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَخَذَ ثُلُثَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَلْفَ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ وَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْعَيْنِ بَخْسٌ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ فِي الْعَيْنِ فَضْلًا عَلَى الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِالْحَمْلِ إذَا وُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ أَمَّا الْوَصِيَّةُ لَهُ فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِخْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ إلَّا أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لَهُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مَحْضٌ وَلَيْسَتْ بِاسْتِخْلَافِ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لِيُمَلِّكَهُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إذَا عُلِمَ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ بَابَ الْوَصِيَّةِ وَاسِعٌ لِحَاجَةِ الْمَيِّتِ وَعَجْزِهِ وَلِهَذَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالثَّمَرَةِ فَلَأَنْ تَصِحُّ فِي الْمَوْجُودِ أَوْلَى وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ بِمَا فِي بَطْنِ دَابَّتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا عُلِمَ وُجُودُهُ فِي الْبَطْنِ وَمَعْرِفَةُ وُجُودِهِ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصِي وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حَدَثَ بَعْدَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْعِدَّةِ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ يُعْتَبَرُ إلَى سَنَتَيْنِ فَكَذَلِكَ فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ يُعْتَبَرُ إلَى سَنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْعِدَّةِ يُعْتَبَرُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي الْجَارِيَةِ وَالدَّابَّةِ سَوَاءٌ وَإِنْ أَوْصَى بِالْجَارِيَةِ لِرَجُلٍ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ جَازَ إلَّا إذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ حِينَئِذٍ تَكُونُ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ
[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ أَوْصَى بِهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ فَقَدْ جَعَلَ الْجَارِيَةَ وَصِيَّةً وَمَا فِي بَطْنِهَا مِيرَاثًا وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِيمَا فِي الْبَطْنِ وَلِأَنَّ اسْمَ الْجَارِيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ لَفْظًا لَكِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْإِطْلَاقِ تَبَعًا فَإِذَا أَفْرَدَ الْأُمَّ بِالْوَصِيَّةِ صَحَّ إفْرَادُهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ إفْرَادُ الْحَمْلِ بِالْوَصِيَّةِ فَجَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَمَا لَا فَلَا وَلَوْ أَوْصَى بِرَقَبَةِ الْجَارِيَةِ لِإِنْسَانٍ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ فَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَلَدِ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهَا لِإِنْسَانٍ وَبِخِدْمَتِهَا وَغَلَّتِهَا لِآخَرَ فَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ وَالْغَلَّةِ عَادَ الْمِلْكُ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ دُونَ وَرَثَةِ الْمُوصَى
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ
الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ قَبِلَ وَهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ فَهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ) لِأَنَّ الْأُمَّ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ أَصَالَةً وَالْوَلَدَ تَبَعًا حِينَ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا فَإِذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالتَّرِكَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُبْقَاةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا دُيُونَهُ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ فَيَكُونَانِ لِلْمُوصَى لَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشَّرْطَ فِي الْهِدَايَةِ وَصَوَابُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَوْلُهُ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَا وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ذَكَرَ فِي الْكَرْخِيِّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ ضَرَبَ بِالثُّلُثِ وَأَخَذَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا وَلِهَذَا اسْتَحَقَّهُمَا الْمُوصَى لَهُ إذَا خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجَا جَمِيعًا مِنْ الثُّلُثِ ضَرَبَ فِيهِمَا بِالْحِصَّةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمِّ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ الْوَلَدِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْأُمِّ وَالْوَلَدُ يَدْخُلُ مَعَهَا عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْأُمِّ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَدِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ الْخِلَافُ عَلَى عَكْسِ هَذَا فَجُعِلَ قَوْلُهُمَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلَهُمَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ لَهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَمَةٌ تُسَاوِي ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَأَوْصَى بِالْأَمَةِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْأُمُّ وَثُلُثُ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَهَذَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ ضِدُّ مَا فِي الْقُدُورِيِّ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ثُلُثًا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ صَحَّتْ فِي الْأُمِّ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُفْسَخَ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ صِحَّتِهَا وَلِأَنَّ الْأُمَّ أَصْلٌ وَالْوَلَدَ تَبَعٌ وَالتَّبَعُ لَا يُزَاحِمُ الْأَصْلَ فَلَوْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِيهِمَا جَمِيعًا تَنْتَقِضُ الْوَصِيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَهُمَا أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ تَبَعًا فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا بِالِانْفِصَالِ هَذَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهَا فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ خَالِصِ مِلْكِهِ لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ فِيهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ
(قَوْلُهُ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً وَيَجُوزُ بِذَلِكَ أَبَدًا) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِبَدَلٍ وَبِغَيْرِ بَدَلٍ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَجُوزُ مُؤَقَّتًا وَمُؤَبَّدًا وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ سُلِّمَ إلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ وَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الْوَرَثَةُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ خَدَمَ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الثُّلُثِ وَحَقَّهُمْ فِي الثُّلُثَيْنِ وَهَذَا إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ أَجْزَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ خِدْمَتِهِ عَلَى الْمُهَايَأَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِسُكْنَى الدَّارِ إذَا كَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ تُقَسَّمُ عَيْنُ الدَّارِ أَثْلَاثًا لِلِانْتِفَاعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقِسْمَةُ بِالْأَجْزَاءِ وَهُوَ أَعْدَلُ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا زَمَانًا وَذَاتًا وَفِي الْمُهَايَأَةِ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا زَمَانًا ثُمَّ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا إذَا أَجَازَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فَإِذَا أَجَازَ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقَّهُ إلَى الْعِوَضِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَ إلَى الْوَرَثَةِ) لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْجَبَ الْحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ فَلَوْ انْتَقَلَ إلَى وَارِثِ الْمُوصَى لَهُ اسْتَحَقَّهَا ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكِ الْمُوصِي مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ إيجَابَهَا تَعَلَّقَ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ الْقَبُولُ وَمِنْ شَرْطِ الْقَبُولِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ عُدِمَ هَذَا
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ) لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَنْتَظِمُ الْكُلَّ انْتِظَامًا وَاحِدًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ وَلَدٌ مِنْ صُلْبِهِ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَدُ الِابْنِ الذُّكُورُ
دُونَ الْإِنَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ الْإِنَاثُ وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا جَمِيعًا كَمَا فِي وَلَدِ الصُّلْبِ فَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ وَإِنْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الذُّكُورَ يَنْفَرِدُونَ بِذَلِكَ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ الْإِنَاثَ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ اسْمُ الْبَنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ يَدْخُلُونَ مَعَ الذُّكُورِ وَيَكُونُونَ سَوَاءً وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ اسْمَ الْبَنِينَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] فَالْخِطَابُ مُتَنَاوِلٌ لِلْكُلِّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِبَنِي فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَنَاتٌ مُنْفَرِدَاتٌ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ شَيْءٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْمِ لِلذُّكُورِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةٍ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى سَبْعَةٍ لَهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ فَرِيقٍ سَهْمَانِ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ جِنْسَانِ وَالْمَذْكُورُ لَفْظُ الْجَمْعِ وَأَدْنَاهُ فِي الْمِيرَاثِ اثْنَانِ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَكَانَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ اثْنَانِ وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَيَتَنَاوَلُ الْأَدْنَى كَمَا إذَا قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اُعْتُبِرَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ وَاحِدٌ.
وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ وَالْمَسَاكِينَ فَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ ثُلُثُهُ لِفُلَانٍ وَثُلُثَاهُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَوْ أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يُصْرَفُ إلَّا إلَى مَسَاكِينَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْبَائِسِ وَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يُجْعَلُ الثُّلُثُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ لِلْبَائِسِ وَهُوَ الزَّمِنُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا جُزْءٌ وَجُزْءٌ لِلْمِسْكِينِ وَهُوَ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى الْأَبْوَابِ وَجُزْءٌ لِلْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَطُوفُ عَلَى الْأَبْوَابِ وَلَا يَسْأَلُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُجْعَلُ عَلَى جُزْأَيْنِ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ وَاحِدٌ وَالْبَائِسُ وَاحِدٌ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكَتْك مَعَهُمَا فَلَهُ ثُلُثُ كُلِّ مِائَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَرْبَعِ مِائَةٍ وَلِآخَرَ بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْكُلِّ لِتَفَاوُتِ الْمَالَيْنِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى مُسَاوَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِتَنْصِيفِ نَصِيبِهِ عَمَلًا بِاللَّفْظِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى لَفْظِ الْوَرَثَةِ عُلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ التَّفْضِيلَ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَإِنْ أَوْصَى لِعَقِبِ فُلَانٍ فَالْعَقِبُ عِبَارَةٌ عَمَّنْ وُجِدَ مِنْ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ الْإِنْسَانِ فَأَمَّا فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلَيْسُوا بِعَقِبٍ لَهُ وَعَقِبُ وَلَدِهِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَوَلَدُ وَلَدِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ أَيْضًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ وَلَدُ الْإِنَاثِ لِأَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ لَيْسُوا بِعَقِبٍ لَهُ وَإِنَّمَا هُمْ عَقِبٌ لِآبَائِهِمْ وَيُقَدَّمُ وَلَدُ الصُّلْبِ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى أَلَا تَرَى أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ عَقِبٌ لِآبَائِهِمْ وَآبَاؤُهُمْ عَقِبٌ لِجَدِّهِمْ فَإِنْ عُدِمَ الْآبَاءُ فَالْعَقِبُ وَلَدُ الْوَلَدِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِذَا عَمْرٌو مَيِّتٌ فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِزَيْدٍ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا يُزَاحِمُ الْحَيَّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِدَارٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ فَلِلْحَيِّ نِصْفُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ لِلْحَيِّ إلَّا بِنِصْفِ الثُّلُثِ وَنِصْفُهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَا حَيَّيْنِ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ فِي حِصَّتِهِ وَانْتَقَلَ ذَلِكَ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَلِلْحَيِّ نِصْفُ الثُّلُثِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي كَانَ نَصِيبُهُ مَوْرُوثًا عَنْهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَزَيْدٌ مَيِّتٌ كَانَ لِعَمْرٍو نِصْفُ الثُّلُثِ) لِأَنَّ كَلِمَةَ بَيْنَ كَلِمَةُ تَقْسِيمٍ وَاشْتِرَاكٍ فَقَدْ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَسَكَتَ كَانَ لَهُ كُلُّ الثُّلُثِ وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي بَيْنَ فُلَانٍ وَسَكَتَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الثُّلُثَ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إذَا أَوْصَى بِعَبْدِهِ سَالِمٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَإِنْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِعَمْرٍو وَلِزَيْدٍ إنْ كَانَ فَقِيرًا نَظَرْت إنْ كَانَ زَيْدٌ وَقْتَ الْمَوْتِ فَقِيرًا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا وَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَتْ حِصَّتُهُ وَانْتَقَلَ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَلِعَمْرٍو نِصْفُ الثُّلُثِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا مَالَ لَهُ ثُمَّ اكْتَسَبَ مَالًا اسْتَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ مَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عَقْدُ اسْتِخْلَافٍ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَ
الْمَوْتِ وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَهَلَكَ ثُمَّ اكْتَسَبَ مَالًا لِمَا بَيَّنَّا (مَسَائِلُ) إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا وَكَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الثُّلُثِ وَأَرَدْت قِسْمَةَ الثُّلُثِ بَيْنَهُمْ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ تَجْمَعَ الْوَصَايَا كُلَّهَا ثُمَّ تَنْظُرُ إلَيْهَا وَإِلَى الثُّلُثِ وَإِلَى نُقْصَانِهِ مِنْ الْوَصَايَا فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ مِثْلَ نِصْفِ الْوَصَايَا نَقَصْت مِنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ نِصْفَهَا وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ مِثْلَ ثُلُثِ الْوَصَايَا نَقَصْت مِنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ ثُلُثُهَا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَكُونُ الْعَمَلُ مِثَالُهُ إذَا بَلَغَتْ الْوَصَايَا أَلْفَ دِرْهَمٍ لِأَحَدِهِمْ مِائَةٌ وَلِآخَرَ مِائَتَانِ وَلِآخَرَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَلِآخَرَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ خَمْسُمِائَةٍ فَالنُّقْصَانُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ إلَى مَبْلَغِ الْوَصَايَا مِثْلُ نِصْفِ الْوَصَايَا خَمْسُمِائَةٍ فَيَنْقُصُ مِنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ نِصْفُهَا فَلِصَاحِبِ الْمِائَةِ خَمْسُونَ وَلِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ مِائَةٌ وَلِصَاحِبِ الثَّلَاثِمِائَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَلِصَاحِبِ الْأَرْبَعِمِائَةِ مِائَتَانِ وَعَلَى هَذَا فَقِسْ.
وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِرُبْعِ مَالِهِ وَلِثَالِثٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا بِالثُّلُثِ وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ الْمَالِ أَحَدَ عَشَرَ كَانَ جَمِيعُهُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ اثْنَا عَشَرَ فَالْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ كَأَنَّهُ لَمْ يُوصَ لَهُ إلَّا بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ فَتُعْطِيهِ ثُلُثَ اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ وَهِيَ النِّصْفُ وَذَلِكَ سِتَّةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَةَ فَيَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَصْلِهِ وَإِنْ أَجَازُوا لَا نَصَّ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بَيْنَهُمَا أَسْدَاسٌ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ وَالسُّدُسُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ لَا مُنَازَعَةَ لَهُ فِي الثُّلُثَيْنِ فَسَلَّمَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ وَاسْتَوَيَا فِي الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ هَذَا قَبِيحٌ فَإِنَّ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ مِثْلُ نَصِيبِهِ عِنْدَ عَدَمِهَا بَلْ يَجِبُ لَهُ الرُّبْعُ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ هُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ فِي الْيَنَابِيعِ وَتَخْرِيجُ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ أَنْ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ أَوَّلًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الثُّلُثِ سَاقِطَةُ الْعِبْرَةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثُّلُثَيْنِ فَنَقُولُ أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى الثُّلُثِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ فَانْكَسَرَ فَأَضْعِفْهُ فَيَكُونُ سِتَّةً فَصَارَ الثُّلُثُ سَهْمَيْنِ بَيْنَهُمَا وَبَقِيَ أَرْبَعَةٌ فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي كُلَّهَا وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِي مِنْهَا سَهْمًا لِيَصِيرَ لَهُ مَعَ السَّهْمِ الْأَوَّلِ ثُلُثُ الْجَمِيعِ فَسَلَّمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي السَّهْمِ الْبَاقِي فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَانْكَسَرَ فَأَضْعِفْ السِّتَّةَ تَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ تِسْعَةٌ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ الرُّبْعُ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا صَارَ اثْنَيْ عَشَرَ قُسِّمَ ثُلُثُهُ بَيْنَهُمَا أَوَّلًا نِصْفَيْنِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ صَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي كُلَّهَا وَالْآخَرُ لَا يَدَّعِي مِنْهَا إلَّا سَهْمَيْنِ لِيَكْمُلَ لَهُ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَلَا مُنَازَعَةَ لَهُ فِي السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ فَسُلِّمَتْ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ وَبَقِيَ سَهْمَانِ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِمَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِهِمَا إلَّا أَنَّ التَّخْرِيجَ مُخْتَلِفٌ فَعِنْدَهُ بِالْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَهُمَا بِالْعَوْلِ وَتَخْرِيجُ قَوْلِهِمَا أَنْ نَقُولَ اجْتَمَعَ وَصِيَّةٌ بِالْكُلِّ وَوَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ فَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَجْلِ الثُّلُثِ فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي كُلَّهَا وَالْآخَرُ يَدَّعِي سَهْمًا فَتَعُولُ إلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمٌ وَلِلْآخِرِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ فَنَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالِانْتِفَاعِ دُونَ الْوَرَثَةِ فَصَارَ فِي حُكْمِ الْمَالِكِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.