المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة رجل قتل رجلين ووليهما واحد فعفا الولي عن القصاص في أحدهما] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ٢

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

- ‌[نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌ مُدَّةِ الرَّضَاعِ

- ‌[يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌ طَلَاقٌ السُّنَّةِ

- ‌[طَلَاقُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ]

- ‌[تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[مُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[صِفَةُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْخَطَأِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ عَمْدًا]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِحْصَانِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْمُتَوَلِّدْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْمَاعِزِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَشْيَاء الَّتِي تَكْرَهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْيَمِينِ الْغَمُوسِ]

- ‌ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ

- ‌[الْيَمِينُ اللَّغْوِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْإِشْهَادِ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي]

- ‌[طَلَبُ الْوِلَايَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُقَسِّمِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ]

- ‌[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]

- ‌[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

- ‌[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[الْوَصِيَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ]

- ‌[قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ]

- ‌[الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [

- ‌الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]

- ‌[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمَحْدُودَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ أَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[مَسَائِلٌ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[حِسَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[مسألة رجل قتل رجلين ووليهما واحد فعفا الولي عن القصاص في أحدهما]

عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الثُّؤْلُولِ وَذَلِكَ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَدِيَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ لِأَنَّ حَقَّهُ الْيَدُ وَقَدْ اسْتَوْفَى النَّفْسَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَطْعِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) إذَا قَالَ لِرَجُلٍ اقْطَعْ يَدٌ وَذَلِكَ لِعِلَاجٍ كَمَا إذَا وَقَعَتْ فِيهَا أَكَلَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ لَا يَحِلُّ لَهُ قَطْعُهَا فِي الْحَالَيْنِ ثُمَّ لَوْ سَرَى إلَى النَّفْسِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ بِالْأَمْرِ وَإِنْ قَالَ لَهُ: اُقْتُلْنِي لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَالْحِجَامُ، وَالْخِتَانُ، وَالْبَزَّاغُ، وَالْفِصَادُ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ شَجَّ رَجُلًا شَجَّةً فَاسْتَوْعَبَتْ الشَّجَّةُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَهِيَ لَا تَسْتَوْعِبُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ فَالْمَشْجُوجُ بِالْخِيَارِ) إنْ شَاءَ (اقْتَصَّ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ يَبْتَدِئُ مِنْ أَيْ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ كَامِلًا) يَعْنِي يَأْخُذُ مِقْدَارَهَا طُولًا وَعَرْضًا وَكَذَا إذَا كَانَتْ الشَّجَّةُ لَا تَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الْمَشْجُوجِ وَهِيَ تَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمَشْجُوجُ أَيْضًا إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ قَدْرَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِيفَاءُ كَامِلًا لِلتَّعَدِّي إلَى غَيْرِ حَقِّهِ وَإِنْ شَجَّهُ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشُجَّهُ فِي مُؤَخِّرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ فِي اللِّسَانِ) هَذَا إذَا قَطَعَ بَعْضَهُ أَمَّا إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ فَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِي الذَّكَرِ إذَا قُطِعَ) لِأَنَّهُ يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ فَلَا يُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ يَجِبُ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الْحَشَفَةَ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مَعْلُومٌ كَالْمَفْصِلِ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا فَلَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ ذَلِكَ، وَالشَّفَةُ إذَا اسْتَقْصَاهَا بِالْقَطْعِ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ بَعْضَهَا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْمُسَاوَاةُ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا اصْطَلَحَ الْقَاتِلُ وَأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَوَجَبَ الْمَالُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) ثُمَّ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا حَالًّا وَلَا مُؤَجَّلًا فَهُوَ حَالٌّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ الْأَجَلَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الدَّمِ أَوْ صَالَحَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى عِوَضٍ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ مِنْ الْقِصَاصِ وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهُ سَقَطَ كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ وَعَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْآخَرِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ قِصَاصَانِ وَهُنَا الْوَاجِبُ قِصَاصٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا انْقَلَبَ حَقُّ الْبَاقِينَ مَالًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا تَعَذَّرَ بِغَيْرِ فِعْلِهِمْ انْتَقَلَ إلَى الْمَالِ وَأَمَّا الْعَافِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِفِعْلِهِ وَرِضَاهُ ثُمَّ مَا يَجِبُ لِلْبَاقِينَ مِنْ الْمَالِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَالْعَمْدُ لَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَيَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ الْقِصَاصِ فَقَتَلَهُ الْآخَرُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ أَوْ عَلِمَ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ: عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ سَقَطَ بِالْعَفْوِ فَصَارَ كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ أَبَاهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِعَفْوِ صَاحِبِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ دَمَهُ صَارَ حَرَامًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ إجْمَاعًا وَلَهُ عَلَى الْمَقْتُولِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِالْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا نَسَمَةً وَاحِدَةً فِي الِاثْنَيْنِ فَإِذَا عَفَا فِي أَحَدِهِمَا فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ الْقِصَاصَ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتَصَّ دُونَ بَعْضٍ.

ص: 126

حَتَّى يَجْتَمِعُوا فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا لَمْ يَقْتُلْ الْقَاتِلَ حَتَّى يَحْضُرُوا جَمِيعًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ قَدْ عَفَا وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ اسْتَوْفَى مَعَ غَيْبَتِهِ اسْتَوْفَاهُ مَعَ قِيَامِ الشُّبْهَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ قَدْ عَفَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَفَا لَأَظْهَرَ الْعَفْوَ وَمَنْ عَفَا مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقِصَاصِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ امْرَأَةً فَعَفَا زَوْجُهَا فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقِصَاصِ لِأَنَّ الدَّمَ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا اُقْتُصَّ مِنْ جَمِيعِهِمْ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ سَبْعَةَ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَتَلُوا رَجُلًا فَقَتَلَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَحَضَرَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِينَ قُتِلَ بِجَمَاعَتِهِمْ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قُتِلَ لَهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ) لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا قُتِلَ بِجَمَاعَةٍ صَارَ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَتَلَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَمَاتَ سَقَطَ الْقِصَاصُ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَطَعَ رَجُلَانِ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الْيَدَ تَتَبَعَّضُ فَيَصِيرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آخِذًا لِبَعْضِهَا وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ بِخِلَافِ النَّفْسِ لِأَنَّ الْإِزْهَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ (. قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ) يَعْنِي نِصْفَ دِيَةِ جَمِيعِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ دِيَةَ الْيَدِ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَا إذَا جَنَى رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْوَاحِدِ فِيهِ الْقِصَاصُ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ قَلَعَا سِنَّهُ أَوْ قَطَعَا يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ وَعَلَيْهِمَا الْأَرْشُ نِصْفَانِ وَكَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْعَدَدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ هَذَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِمْ الْأَرْشُ عَلَى عَدَدِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِينَ وَإِنْ كَثُرُوا.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَطَعَ وَاحِدٌ يُمْنًى رَجُلَيْنِ فَحَضَرَا فَلَهُمَا أَنْ يَقْطَعَا يَمِينَهُ وَيَأْخُذَا مِنْهُ نِصْفَ الدِّيَةِ يَقْتَسِمَانِهَا نِصْفَيْنِ) يَعْنِي يَأْخُذَانِ مِنْهُ دِيَةَ يَدٍ وَاحِدَةٍ يَقْتَسِمَانِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَبَقِيَ لَهُ الْبَعْضُ فَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ إلَى الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَطَعَ يَدَهُ وَلِلْآخِرِ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ) يَعْنِي نِصْفَ دِيَةِ جَمِيعِ الْإِنْسَانِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ قَطْعُ يَدِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ لِأَنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ الْيَدِ وَإِنَّمَا سَقَطَ حَقُّهُ عَنْ بَعْضِهَا بِالْمُزَاحَمَةِ فَإِذَا غَابَ الْآخَرُ فَلَا مُزَاحَمَةَ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِظَارُ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَجُوزُ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ دِيَةُ يَدِهِ وَإِذَا عَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ وَكَانَ لِلثَّانِي أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ وَإِنْ ذَهَبَتْ يَدُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا تَعَيَّنَ فِيهِ الْقِصَاصُ فَاتَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَالَ اقْطَعُوهُ ثُمَّ اُقْتُلُوهُ وَإِنْ شَاءَ قَالَ اُقْتُلُوهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ مَعْنَاهُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ ثُمَّ يَقْتُلَهُ وَعِنْدَهُمَا يَقْتُلُهُ وَسَقَطَ حُكْمُ الْيَدِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ لَزِمَهُ الْقَوَدُ) .

وَقَالَ زُفَرُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ يُلَاقِي حَقَّ الْمَوْلَى بِالْإِبْطَالِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ وَلَنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِنَفْسِهِ فَقِيلَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى وَكَانَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إلَى أَنْ يَعْتِقَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ رَمَى رَجُلًا عَمْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ السَّهْمُ إلَى آخَرَ فَمَاتَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ، وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ إحْدَاهُمَا عَمْدٌ وَمُوجَبُهَا الْقِصَاصُ، وَالثَّانِيَةُ خَطَأٌ وَمُوجَبُهَا الدِّيَةُ وَمَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ كَانَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

ص: 127